قمم "ضرار": ما الذي تريده السعودية من قمم مكّة؟

قمم "ضرار": ما الذي تريده السعودية من قمم مكّة؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٠ مايو ٢٠١٩

 على وقع المتغيّرات الإقليمية بدءاً من صفقة القرن وليس انتهاءً بالتوتّر الإيراني الأمريكي في المنطقة، وبعد العملية النوعية للجيش اليمني في العمق السعودي، تستضيف السعودية الدورة الـ14 للقمة الإسلامية العادية لمنظمة لتعاون الإسلامي بمدينة مكة المكرمة في 31 مايو الحالي برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز وتحت شعار: (قمة مكة: يداً بيد نحو المستقبل).

لم تكتفِ السعودية هذه المرّة بقمّة منظمة التعاون الإسلامي، بل وجّه الملك السعودي، السبت، دعوة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي وقادة الدول العربية، لعقد قمتين خليجية وعربية طارئتين في مكة المكرمة، في 30 مايو الحالي، أي قبل يوم واحد فقط من القمة الإسلاميّة.

هناك ثلاثة عناوين رئيسة لهذه القمم الثلاث، الأولى هي إيران، الثانية العدوان على اليمن، والثالثة صفقة القرن، ونعتقد أن تركّز كل قمّة من القمم الآنفة الذكر على أحد المواضيع بغية تحقيق أهداف الرياض المرجوّة.

إن هذه القمم تستدعي الإشارة إلى التالي:

أوّلاً: فيما يتعلّق باليمن، ما حصل من استهداف للمنشآت النفطية السعودية جاء في إطار الرد على جرائم العدوان، وضمن سياسة الصبر الاستراتيجية التي أعلنها زعيم حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي في العام الأول للعدوان.

وبالتالي، إن إمعان العدوان في قتل أبناء الشعب اليمني ونهب ثرواته وحصاره وانتهاك سيادته يعني استمرار الرّد المشروع بعمليات نوعية تعكس مستوى ما وصلت إليه القدرة العسكرية للجيش واللجان الشعبية في إطار تنفيذ الاستراتيجية الدفاعية، فقد ولّى ذلك الزمن الذي كانت فيه دول العدوان ترتكب الجرائم دون أن يكون هناك رد مناسب وقاس، فدماء وأرواح اليمنيين ليست رخيصة.

ثانياً: لا نستبعد أن تكون قمم 30 أيار (الجامعة العربية ومجلس التعاون) قد تمّت بإيعاز أمريكي حيث تسعى واشنطن اليوم لاستنفاد كل أوراقها في الضغط على طهران لثنيها عن موقفها الرافض للمفاوضات.

ما تسعى إليه واشنطن اليوم من خلال هذه الجلسة هو رفع الصوت السعودي ضد طهران عبر بوابة منظمة التعاون والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي بغية إرهاب طهران، لكنّ الأخيرة التي لم تأبه في يوم من الأيام بالتهديدات الأمريكية، ولن تعير قرار قمّة مكة المرتقبة أي اهتمام، لاسيما أن السعودية اعتادت على مهاجمة طهران عبر بيانات الجامعة العربية، ومجلس التعاون.

ثالثاً: إن اختيار السعودية لمدينة مكّة لعقد القمة ليس صدفة، بل تسعى السعودية للظهور بمظهر الدولة المُعتدى عليها من أطهر بقاع الأرض، والجميع يعلم مدى رمزية هذه الأرض المقدسة لدى المسلمين.

ربما تغفل السعودية عن أنها متورّطة بقتل الآلاف من اليمنيين وتشريد الملايين، وربّما غاب عنها أنها لم تراع حرمة الأشهر الحرم، وغاب عنها أنها تدفع من أموال المسلمين التي يحجون بها إلى مكة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشراء السلاح وإعادة استخدامه في قتل المسلمين أنفسهم.

رابعاً: ستعمد السعودية إلى إظهار إيران على أنها العدو الأول للسعودية، والمسلمين، وهذه الدعوة لا تتصل بالخلاف القائم بين طهران والرياض فحسب، بل ترتبط أيضاً بصفقة القرن التي تعدّ أحد أسباب التوتر الحاصل في المنطقة بشكل عام، والخليج الفارسي على وجه الخصوص، فقد تحدّثت معلومات ليل الأحد أن البيت الأبيض سيعلن عن القسم الأول من "خطته للسلام" في الشرق الأوسط، وقال البيت الأبيض إن واشنطن ستعقد ورشة اقتصادية بالبحرين الشهر المقبل للتشجيع على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية، وفقاً لما قاله مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية لـCNN.. لذلك، لا نستبعد أن تثني السعودية على هذه الخطوة، وتعلن دعمها اقتصادياً للقضية الفلسطينية بغية تصفيتها سياسياً بعد إعلان الصفقة قريباً.

خامساً: فيما يتّصل أيضاً بصفقة القرن، إن قمم مكّة هي الأخطر استراتيجياً على القضية الفلسطينية، ولا سيّما أنها تُعقد في ظل توترات إقليمية كبرى وانشغال العالم العربي بالكثير من الأزمات بدءاً من السودان وليس انتهاءً في ليبيا.

قد تعمد قمة مكة الإسلاميّة لتقديم الدعم للشعب الفلسطيني عبر الورشة الاقتصادية، ولكن هذه الورشة الاقتصادية هي مقدّمة طبيعية لورشة سياسية أخرى تهدف لإنهاء القضية الفلسطينية، وتطبيق صفقة القرن التي ستصطدم بواقع الشعوب حتى وإن عمدت الأنظمة إلى دعمها، لا نستبعد إطلاق الخطابات الرنانة في قمة مكة دعماً للقضية الفلسطينية، ولكن ما يجري تحت الطاولة هو العكس تماماً، وبالتالي فإن المستفيد الأكبر على هذا الصعيد هو الكيان الإسرائيلي.

سادساً: قد يعتقد البعض أن السعودية ستعمد إلى توجيه ضربة قوية لليمن، وهذا الأمر غير واقعي، فأقصى ما يمكنها فعله قد فعلته.

اليوم، لا تمتلك السعودية سوى ورقة الحصار الاقتصادي والمزيد من الجرائم بحق الشعب اليمني بغية الضغط على أنصار الله، لكن المعادلة قد تغيّرت، فقد أكد مصدر بوزارة الدفاع اليمنية أن عملية التاسع من رمضان تأتي تدشيناً لعمليات عسكرية قادمة تستهدف من خلالها القوات المسلحة بنك أهداف للعدوان يضم 300 هدف حيوي وعسكري، وقال المصدر في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن العملية هي الأولى التي تستهدف بها قواتنا المسلحة أول هدف في قائمة الأهداف المعلن عنها في مارس الماضي ليبقى ضمن بنك الأهداف  299 هدفاً، وبالتالي كل جريمة سيرتكبها العدوان بحق الشعب اليمني ستقابل بردّ.

في الختام، إن هذه القمم التي تنعقد في أطهر الأراضي الإسلامية تصبّ بشكل رئيس في مصلحة الإسرائيليين والأمريكيين، وتعيدنا إلى مسجد ضرار الذي أمر الله بهدمه.