ترامب يُثبِت جَهلَهُ بالتَّاريخِ والجُغرافيا بإزالَتِه القُدس المُحتلَّة

ترامب يُثبِت جَهلَهُ بالتَّاريخِ والجُغرافيا بإزالَتِه القُدس المُحتلَّة

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٣ أغسطس ٢٠١٨

يَعتقِد الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب أنّ نقل سفارة بِلاده إلى القُدس المُحتلَّة، والاعتراف بِها كعاصِمَةٍ أبديّةٍ لدَولة الاحتلال الإسرائيليّ، بَل ولليَهود في مُختَلف أنحاء العالم، يَعني أنّها لم تَعُد مَوضوعًا قابِلاً للبَحث على مائِدَة المُفاوضات، وأنّ وَضعَها النِّهائيّ قَد حُسِم، مِثلَما قال في آخرِ تغريداتِه على مَوقِع “تويتر”.
إنّ هذا الاعتقاد الخاطِئ يَكشِف عن جَهلِ صاحِبِه بالتَّاريخِ والجُغرافيا وكُل قِيَم العدالةِ والإنسانيّة، فهَذهِ المَدينة التي تَضُم معالم إسلاميّة ومَسيحيّة هِي مِن أطهَر المعالم الدينيّة على الكُرةِ الأرضيّة، لا يُقَرِّر مَصيرَها ساكِن البيت الأبيض وصِهره جاريد كوشنر وتابِعُه جيسون غرينبلاث، وأنّما الأُمَّتين العَربيّة والإسلاميّة وبِدعمِ كُل أحرارِ العالم.
لا نَعرِف عن أيِّ مُفاوضاتٍ يَتحدَّث الرئيس ترامب عندما يقول بأنّ المدينة المُقدَّسة لم تَعُد مَطروحةً على مائِدتها بعد قرار تَهويدِها، فالشَّعبُ الفِلسطينيّ لم يَعُد يَثِق بِه، ولا بحُكومَتِه، وأي عمليّة سلميّة يُلوِّحون بِها لن تَبدأ، ولا يَجِب أن تَبدأ إلا بَعد سحب هذا الاعتراف فَورًا.
كيف يُمكِن أن يَثِق الشَّعب الفِلسطينيّ برئيسٍ لا يَحترِم توقيعه، ويَنسحِب من اتِّفاقاتٍ التزَمَت بِها دولته، ويَنحاز بالكامِل إلى الإرهاب الإسرائيليّ، ولا تَرُف لَهُ جِفنٌ وهُوَ يَرى حُلفاءه في تَل أبيب وقد وَلَغوا في دَمِ الأطفالِ والمُقعَدين على حُدود قِطاع غزّة؟
الغُزاة الصَّليبيّون وقَعوا في الخَطأ نَفسِه، واعتقدوا أنّ احتلالَهُم للقُدس المُحتلَّة قد حَسَمَ هَويّتها لصالِح مُعتقداتِهم، وتَكبَّدوا هَزيمةً كُبرَى، ورَكِبوا البَحر هَربًا للنَّجاةِ بجُلودِهم عائِدين من حَيثُ أتوا، ودَفَعوا ثَمنًا غالِيًا.
الشَّعب العَربيّ الفِلسطينيّ سيَنتصِر حتمًا ويُقيم دَولته المُستقلِّة وعاصِمتها القُدس المُحَرَّرة على تُرابِه الوَطنيّ كامِلاً دُونَ نُقصانٍ، ونَتَمنَّى أن يأتِي هذا الانتصار والرئيس ترامب على قَيدِ الحياة، وأمَلنا في اللهِ كَبير.
هل شاهَد ترامب وُجوه أطفال الشَّعب الفِلسطينيّ الطَّافِحة بالعَزيمةِ والغَضب والإيمان بالنَّصر، هل شاهَد إرادَة المُقاومة والصُّمود على وَجه شُهدَاء الكَراسِي المُتحَرِّكة، هل تابَع الفَتيات والنِّساء المُسعِفات وبُطولاتهن على حُدود قِطاع غزّة لا يُرهِبُهنَّ رَصاص القَنّاصة من حُلفائِه الإسرائيليين، ألَم يَلْمِس حالةَ الرُّعب التي يَعيشها مُستوطِنو غِلاف غزّة من الطَّائِرات الورقيّة والبَلوّنات الحارِقة؟ فكيف لو امتلك هَؤلاء أسباب القُوّة وسَيمتلكونَها حَتْمًا في يَوْمٍ ما.
هذا الشَّعب يَستَحِق الحياة الكَريمة في دَولَتِه وعاصِمتها القُدس كامِلة، وعَلم فِلسطين يُرفرِف فَوقَ مآذِنها وأبراجِ كَنائِسها.
“رأي اليوم”