مصر والأردن: ملكيّون أكثر من إسرائيل!

مصر والأردن: ملكيّون أكثر من إسرائيل!

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٠ أغسطس ٢٠١٨

بات سفر الفلسطينيين عبر كل من الأردن ومصر يخضع للمعايير الإسرائيلية، سواء كان الإسرائيلي حاضراً على طرفٍ من المعبر، كما الحال في الحدود الفلسطينية ــــ الأردنية، أو غائباً كما حال معبر رفح الذي غادره منذ 2005، أو حتى في مطارات القاهرة وعمّان! ولعلّ قضية الجوازات «المصفّرة» التي صدر بشأنها قرار مصري أخير، ويتعامل معها الأردن بسلبية كبيرة، وخاصة إذا كان حاملها من غزة، أثارت هذا الملف مجدداً، لكنّ المبادئ المعتمدة، القديمة والمستجدّة، هي إسرائيلية المضمون، فيما تكون الاستثناءات محدودة ومرهونة برزمة من الأوراق التي تثبت أن حامل هذا الجواز لا مكان يعود إليه سوى غزة أو الضفة!
 
رام الله | بات سفر الفلسطينيين عبر كل من الأردن ومصر يخضع للمعايير الإسرائيلية، سواء كان الإسرائيلي حاضراً على طرفٍ من المعبر، كما الحال في الحدود الفلسطينية ــــ الأردنية، أو غائباً كما حال معبر رفح الذي غادره منذ 2005، أو حتى في مطارات القاهرة وعمّان! ولعلّ قضية الجوازات «المصفّرة» التي صدر بشأنها قرار مصري أخير، ويتعامل معها الأردن بسلبية كبيرة، وخاصة إذا كان حاملها من غزة، أثارت هذا الملف مجدداً، لكنّ المبادئ المعتمدة، القديمة والمستجدّة، هي إسرائيلية المضمون، فيما تكون الاستثناءات محدودة ومرهونة برزمة من الأوراق التي تثبت أن حامل هذا الجواز لا مكان يعود إليه سوى غزة أو الضفة!
لعلّ المعابر «الفلسطينية» مع العالم تمثّل أكبر نموذج عن «الملهاة المأسوية»، لما فيها من مفارقات تعجز الأنظمة السياسية التقليدية عن استيعابها. فمثلاً، يمرّ المسافر الفلسطيني من الضفة المحتلة إلى العالم عبر «معبر الكرامة» (الجانب الفلسطيني)، لينتقل بعده إلى «جسر اللنبي» (الجانب الإسرائيلي)، ومن ثمّ إلى «جسر الملك حسين» (الجانب الأردني) ليحصل على ثلاثة أختام عبور في طريق واحدة. في هذه الحالة، إن لم يكن هناك منع جنائي أو أمني فلسطيني على المسافر يعبر من عند السلطة، لكن قد يرجعه الإسرائيليون أو يعتقلونه لسبب أمني. الأكثر مأساة عليه أن يسمح العدو بمروره، لكن يعيده الأردنيون لأسباب أمنية! في هذا الوقت، تسير حقائب الفلسطينيين في طريق منفصلة، ما يعني أن على «المُرجع» أن يتسلّم حقيبته في «الأمانات» عند عودتها بعد شهر، لأنها سوف تصل إلى المملكة الأردنية من دونه، وهو سيُعاد إلى الضفة.
 
يمكن أن يسمح الجانب الإسرائيلي بمرور الفلسطيني، لكن الأردنيين يعيدونه
 
ربما يبدو المشهد في الضفة مفهوماً لجهة أن الاحتلال حاضر، وخاصة أن استعمال وصف الضفة الغربية دون قرنها بـ«المحتلة» بعيد عن الواقع الميداني والاقتصادي، إضافة إلى أن «العنصرية» الأردنية الرسمية (كما يسميها الفلسطينيون) تجاه الفلسطينيين عموماً والغزيين خصوصاً تعود إلى عقود من إدارة سيئة للعلاقات بين شعبين مفترض أنهما امتداد جغرافي وتاريخي واحد. ومن الأمثلة التي يفيد بها شهود عدة، أن بعض الذين كانوا يقطنون غزة ونقلوا سكنهم (نفوسهم) إلى الضفة، مع ما يتبع ذلك من تغيير في الأوراق الرسمية لدى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهو طبعاً أمر صعب جداً، ولا سيما تغيير خانة في الهوية الشخصية من غزة إلى رام الله (مثلاً)، ترفض عمّان دخولهم إليها، لمجرد أن مكان ميلادهم هو غزة، وصاروا جراء ذلك يحتاجون إلى «تنسيق مخابرات» من أجل عبورهم إلى مطار «الملكة علياء»!
«الأنموذج» الضفاوي، بهذه الأمثلة وغيرها، لا يكاد يبين أمام معاناة الغزيين المستجدة، إذ لا تكفي طريقة التعامل الأردنية الرسمية مع الغزيين حتى المولودين في أراضي المملكة ــــ ولهذه قصتها ــــ ولا الحصار الإسرائيلي (المشدد) والمصري (المخفف)، حتى تأتي السلطة (الطرف الأضعف في المعادلة السياسية في المنطقة) لتفرض هي الأخرى رزمة متنوعة من العقوبات على القطاع وصلت إلى حدّ رفض تصديق الأوراق الثبوتية الصادرة عنها نفسها إذا كان صاحبها من غزة، ومنع كثيرين من الحصول على جواز سفر. أيضاً يحتاج الغزي الذي لا يحمل «هوية خضراء» إلى واسطة كبيرة جداً من أجل الحصول على جواز سفر «مصفّر»، أي بلا رقم هوية، يُصطلح عليه أيضاً «جواز للاستعمال الخارجي».
وبينما تفاقمت أزمة الغزيين من أصحاب «الجواز المصفّر»، تحاول عمّان منذ مدة تحويل وجود اللاجئين ذوي الأصول الغزية لديها إلى إقامات يجب تجديدها، وهو مشروع جُمّد بسبب الاعتراضات، لكنه لا يزال على طاولة الحكومة التي لا تمنحهم منذ عقود سوى جوازات مؤقتة عمرها سنتان، وتمنعهم من أدنى الحقوق مثل رخصة العمل وشغل الوظائف. حتى هذا الجواز يجب على حامله أن يجدده شخصياً. فلو دخل إلى فلسطين، يصعب عليه أي توكيل لأي قريب بأي درجة من أجل تجديده في حال انتهائه، لأنه من غزة، كما أنه لا يستطيع الاعتماد على السفارة الأردنية في رام الله لهذه المهمة، لأنه في كل تجديد يحتاج إلى مقابلة شخصية لدى جهاز المخابرات!
 
الجوازات المصفّرة: حتى دخول السجن يحتاج واسطة!
قبل أسبوع أو أقل، تناقلت وسائل إعلام وشبكات تواصل اجتماعي إعلاناً مصرياً حول منع مرور حاملي الجواز الفلسطيني «المصفّر» (اكتسب هذا الاسم لأن خانة الهوية فيه تبدأ بثلاثة أصفار أو صفرين)، وكذلك حملة الوثائق الأردنية المؤقتة، وحتى المصرية التي تصدرها القاهرة بنفسها، قبل أن يُنشر تعميم «توضيحي» حمل استدراكاً في جانبين: الأول أن المنع لا يشمل الوثائق المصرية، والثاني أن من خرج قبل هذا التعميم من غزة بواسطة جواز أردني مؤقت أو فلسطيني «مصفّر» يلزمه للعودة أوراق تثبت أنه قاطن في القطاع منذ أكثر من عشر سنوات، ولديه أقارب «درجة أولى»، كما يجب أن يحضر هويات قرابته «الخضراء» الأصلية. وقد أُنذر هؤلاء بأنه سيسمح لهم هذه المرة بالعودة إلى غزة، لكن لن يُؤذن لهم بالسفر مجدداً إلا في حال حصولهم على هويات خضراء، وفق إفادات حصلت عليها «الأخبار». وبالنسبة إلى الذين يحملون هذا الجواز ولم يسافروا بعد، أُرسل تحذير إلى الجانب الفلسطيني بأنهم سوف يرجعون مباشرة من الجانب المصري في معبر رفح إذا قرروا السفر خارج غزة.
أما كيف يعلم المصريون والأردنيون في مطاراتهم أن هذا الجواز «مصفّر»، فلا توجد إجابة واضحة عن ذلك، وخاصة أنه يتطابق مع الجواز نفسه لمن يحمل الهوية الخضراء، باستثناء التغير في طريقة كتابة رقم الهوية، والأخيرة ليست دليلاً كافياً، لأنه بمجرد أن يُسحب «باركود الباسبور» على أجهزة المطارين يظهر مباشرة أن صاحب هذا الجواز لا يحمل هوية «خضراء»، وهو ما لا يستطيع المسافرون معرفة كيفيته، وحتماً لن يجيب المصريون أو الأردنيون أو السلطة نفسها عنه. ثمة دليل آخر تشرحه مصادر وشهود هو أن حامل الجواز «المصفّر» كان عندما يخرج من غزة لا يعرف ضباط الأمن المصريون أن جوازه «للاستعمال الخارجي»، أولاً لأنه لا يُطالب بهويته الشخصية، وثانياً لأنه لا توجد أجهزة مثل التي في المطار هناك، ولذلك استطاع عدد من هؤلاء المغادرة. تضيف المصادر: «يبدو أن التقنية الموجودة نقلت في المطار إلى معبر رفح خلال الأسبوعين الماضيين... أيضاً استحدث نظام "بصمة العين" في المعبر قبل أربعة أشهر»، أي قبيل إعلان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، فتح المعبر لثلاثة أشهر بداية الصيف الجاري. وتؤكد تلك المصادر أن «ملاحظات تنبيهية وصلت إلى السلطة الفلسطينية وكذلك المصريين حول تنقّل عدد من غير حاملي الهويات الخضراء، وهو ما أدى إلى هذه الإجراءات». 
 
 
يوجد أكثر من 35 ألف طلب «لم شمل» عالق (أي بي أيه )
 
بمراجعة مصادر فلسطينية في معبر رفح، قال بسام عبد الله من المكتب الإعلامي للمعبر، إن «الموضوع بدأ منذ ما يقارب الشهر ونصف الشهر، وبناءً على توضيح من الجانب المصري عمّمنا كمكتب إعلامي لإدارة المعبر أن حاملي الجوازات المصفرة من الصعب دخولهم، سواء كان الجواز صادراً من غزة أو رام الله... شدد الجانب المصري (في المعبر) على أنه لن يتعامل معهم إطلاقاً، وربما لن يتعاملوا معه أصلاً في مطار القاهرة». وأضاف عبد الله: «عممنا أيضاً أن على الجوازات المزدوجة والوثائق والجوازات العربية والأجنبية أن تكون سارية المفعول ليتمكن حاملوها من السفر عبرها... مصر حرة في أراضيها، ولديها حرية في تحديد كل ما هو في نطاق سيادتها، وهذه سياسة خاصة بها».
حاولت «الأخبار» الحصول على تأكيد أو حتى توضيح من السفارة الفلسطينية لدى القاهرة، لكن العاملين فيها رفضوا التعليق على الأمر، بل وصفوه بأنه «حسّاس» ولا يريدون الحديث بشأنه، علماً بأن حسابات إعلامية عدة محسوبة على القيادي المفصول من حركة «فتح» محمد دحلان، الذي لديه علاقات جيدة بمصر وقوية بالإمارات، سعت إلى ترويج التعميم المصري، والتركيز على «قصور» سفارة السلطة في مصر عن فعل شيء تجاه هذه القضية، أو تجاه الصعوبات التي لا تزال تواجه المسافرين الغزيين (راجع العدد نفسه).
ووفق إفادة أحد حملة الجواز «المصفّر»، فإنه أعيد إلى الأردن ولم يسمح له بالعبور إلى غزة رغم أنه كان يحمل تأشيرة من السفارة المصرية لدى عمّان على جوازه، ولم يستطع العودة إلا بعدما أجرى تنسيقاً عبر أحد الفصائل الفلسطينية. وفي المرة الثانية، قابله ضابط المخابرات المصري في المطار، قائلاً له: «أوعا تفتكر رح نسمح للاجئين يرجعوا لفلسطين بهاي الطريقة... هالمرة نفدت، بس ما تحاول تخرج من غزة، روح عالمقبرة بسرعة لحّق قبل ما يسكّر المعبر».
وفي حالة أخرى، كما أفادت مصادر من معبر رفح (الجانب الفلسطيني) فإن فلسطينياً من الأردن (نازح لا يحمل هوية خضراء) تخطى عمره 70 سنة، ومعه زوجته التي تحمل هوية، أعيق مرورهما إلى غزة شكاً في أن تكون السيدة هي زوجته (قرابة من الدرجة الأولى)، ولم يسمح لهما بالدخول إلا بعدما أرسلت الأوراق التي تؤكد ذلك.
 
تعليق لمّ الشمل: العقاب الجماعي مستمرّ
من هم أصحاب الجوازات المصفّرة؟ حملة هذه الجوازات هم ضحايا ملف «لمّ الشمل» المعلقة، وذلك عائد إلى أن مجمل اتفاقات التسوية بين السلطة والعدو الإسرائيلي تربط شؤون الفلسطينيين العامة والخاصة بسلطات الاحتلال، فلا تصدر شهادات الميلاد أو الهويات الشخصية أو جوازات السفر إلا بالمرور جزئياً أو كلياً على إسرائيل.
ومنذ عودة السلطة عام 1994، بدأت ملفات «لمّ الشمل» للعائلات الفلسطينية التي يكون فيها الزوج مثلاً حاملاً هوية خضراء وزوجته لا (من أي مناطق السلطة: الضفة وغزة، أو القدس)، أو العكس، إلى أن جاءت المرحلة الأولى من رئاسة بنيامين نتنياهو الحكومة الإسرائيلية (1996-1999)، وحينذاك كانت «الشؤون المدنية» التابعة للسلطة قد أنجزت معاملات الأعوام ما بين 1994-1998، ثم بقيت معاملات 1999 و2000 معلقة إلى درجة أن من كان قد حصل على موافقة مبدئية ولم يستخرج الهوية جُمّدت له. وبعد ذلك، تراكمت الطلبات حتى السنة الجارية.
في هذا السياق، يقول مدير «الدائرة الإعلامية للشؤون المدنية» وليد وهدان، إن «ملف لم الشمل معلق من الجانب الإسرائيلي، وللأسف الشديد يتم استغلال معاناة المواطنين المقدمين إلى معاملات لمّ الشمل لأغراض وأهداف سياسية»، مضيفاً: «آخر دفعة صدرت كانت عام 2000، إذ تمت الموافقة على آلاف الطلبات بحكم وجود مفاوضات بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية». ويشرح وهدان أن بنيامين نتنياهو قرر تجميد هذا الملف تماماً، وحتى الآن «ترفض إسرائيل البحث فيه أو حتى الحديث... لدينا أكثر من 35 ألف طلب في غزة والضفة، وهناك أشخاص لا يستطيعون التنقل بين محافظة وأخرى في الضفة، لأنهم في العرف الإسرائيلي «مخالفون». ويضيف: «في كل مرة يحدث فيها لقاء على مستوى عالٍ مع الجانب الإسرائيلي يفتح الأمر، ويكون ردهم بأن هذا الملف يحتاج قراراً سياسياً... إسرائيل تستغل هذا الملف كمبادرة نحو المفاوضات، وبدلاً من أن يعطونا شيئاً جديداً يساوموننا على ملفات مثل لمّ الشمل».
يشدد المصريون على منع حملة «الجوازات المصفرة» من دخول فلسطين
 
أما عن القرار المصري الأخير بشأن الجوازات المصفرة، فيقول: «شخصياً لا علم لديّ بالقرار الذي إن صح وجوده فإنه يضع المزيد من العقبات أمام حركة المواطنين خارج غزة»، مستغرباً من «الدوافع التي جعلت الجانب المصري يقدم على هذا القرار... على الجهات الفلسطينية ذات العلاقة أن تتحرك لمعالجة الأمر». وسؤاله عن كون هذا القرار تمهيداً لتوطين الفلسطينيين في بلدان هجرتهم، قال وهدان: «مسألة التوطين على المستوى العربي تم تجاوزها، فالفلسطيني أينما كان (ومهما حمل من وثائق أو جوازات) يطالب بحقه في العودة إلى وطنه؛ هذا الهاجس لدى الفلسطيني ليس قائماً وهو أمر محسوم».
من الجدير ذكره أن حالات كثيرة من الزواج في الضفة والقدس ومناطق 48 محكوم عليها بالتعب، وربما الفشل نتيجة الإجراءات الإسرائيلية في هذا الملف الذي قلصت إسرائيل استحقاقاته شيئاً فشيئاً، فبينما سمحت في الثمانينيات للأزواج ممن لديهم هويات فلسطينية بتقديم طلبات استقدام للزوجات، فإن ذلك توقف تماماً عام 2000 مع اندلاع الانتفاضة الثانية.
 
 
«اتفاق المعابر» 2005
وقعت السلطة الفلسطينية مع العدو الإسرائيلي في الخامس عشر من تشرين الثاني 2005 اتفاقاً عرف باسم «اتفاق المعابر»، وضعت فيه «الشروط والضوابط والمعايير التي تنظّم آلية الحركة والمرور على المعابر من الأراضي الفلسطينية المحتلة وإليها، سواء بين مصر وغزة عبر معبر رفح البري، أو بين إسرائيل وغزة عبر معبري إيرز وكرم أبو سالم، أو بين غزة والضفة». 
وكان هذا الاتفاق برعاية «مبعوث اللجنة الرباعية الخاص بخطة الفصل وموظفيه و/أو منسق الأمن الأميركي وموظفيه (طرف ثالث)»، وقد شمل الاتفاق معبر رفح، والمعبر الرابط بين غزة والضفة، والحركة عبر الضفة، وميناء غزة والمطار والجمارك. فيما يتعلق برفح، كان يفترض العمل وفق معايير دولية (بروتوكول باريس) بشرط وجود الطرف الثالث، أي الأوروبيين. وكان من الشروط أن ينحصر استخدام «رفح» في حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية، مع استثناء لغيرهم ضمن الفئات المتفق عليها، لكن مع إشعار مسبق للحكومة الإسرائيلية وموافقة الجهات العليا في السلطة الفلسطينية. وبينما كانت الفصائل الفلسطينية، ولا سيما «حماس»، ترفض تشغيل المعبر وفق هذه الاتفاقية، تشرف السلطة على إدارته منذ تشرين الثاني الماضي (2017) نتيجة اتفاق مع «حماس» على تسليمه.
 
جوازات كثيرة لشعب واحد
 
 
 
سبّب تشتّت الشعب الفلسطيني وتهجيره عن أرضه الكثير من الصعوبات والتعقيدات التي تضاف إلى سجل القضية الفلسطينية؛ أبرزها تعدد الأوراق الثبوتية التي يحملها الفلسطيني كلٌّ وفق المكان الذي هُجّر إليه عقب نكبة 1948، ثم نزوح 1967، وغيرها من المراحل. فهناك من يحمل وثائق سفر كالوثيقة المصرية واللبنانية والسورية والعراقية. هذه الوثيقة لا ترتقي إلى مرتبة جواز السفر، إذ لا يعترف بها عدد من دول العالم وخاصة إن كانت مكتوبة بخط اليد، ويعاني حاملها الكثير من العقبات في التنقل. حتى مصر، مُصدرة الوثيقة، لا تسمح بدخول حملتها دون تأشيرة من سفارتها، وربما ترفض السفارات المصرية منح هذه التأشيرة للعودة إلى «البلد الحاضن» إن لم يكن من يحملها مصري الأم أو يملك إقامة غير منتهية في البلاد.
أما من ذهبوا إلى الأردن عام 1948 وحتى نهاية سنوات فك الارتباط، فقد حصلوا على جوازات برقم وطني صلاحيتها خمس سنوات. وبموجب هذا الجواز، يحق لزوجة حامله الحصول على الجنسية الأردنية وكذلك أولاده. أما المرأة حاملته، فلا تمنح زوجها أو أولادها إياه إن لم يكونوا مثلها. أيضاً أصدرت عمان الجواز المؤقت لفئتين: الأولى سكان القدس ومدته 5 سنوات وبلا رقم وطني، والثاني لذوي الأصول الغزية ومدته سنتان. وسمحت الأردن لحاملي الجواز المؤقت (الفلسطيني وغيره) بتغييره من سنتين إلى خمس (برقم وطني) شرط أن يكون المستفيد مستثمراً وأن يودع لدى الحكومة الأردنية مبلغاً كبيراً من المال ولا يسحبه إلا بعد مدة معينة. وأخيراً، هناك من يحمل جواز سفر فلسطينياً برقم وطني (هوية خضراء)، وهؤلاء ممن لا يزالون يعيشون في غزة والضفة. وكل حملة الوثائق السابقة، يحق لهم استصدار جواز شبيه به (لكن دون رقم هوية) مخصص لـ«الاستعمال الخارجي»، لكن حمله في دول الطوق يسبّب مشكلات لأصحاب الوثائق، لأنهم يلزمون عند التصريح به بوجود إقامة عليه من الدولة التي هم فيها، وكانوا يضطرون إليه لأن بعض الدول (الخليجية تحديداً) لم تكن تمنحهم إقامات عمل على وثائق السفر.