لأننا سوريون

لأننا سوريون

افتتاحية الأزمنة

السبت، ٣٠ مايو ٢٠١٥

نقول سورية وطننا، ونحن مواطنوها بالأصالة، علاقة لا تتم، إلا عندما يكون هناك ثقافة الاتحاد بين البشر والحجر، هل يمكن لأي إنسان، أن يحمل لقب مواطن، من دون أن يكون له وطن؟ حتى الأجناس الأخرى من الحيوان والنبات، مهما هاجرت، أو جرت محاولات استنباتها أو تهجينها، تبقَ جذورها أوطانها،  تعرف بها، وهنا يكون، أنَّ لأيّ إنسانٍ يمتلك طموحاً وتطلعات، ويحمل بين جنباته مبادرات، لابدَّ أن يكون له وطن، يعرف به، يعود ليعرِّف عنه، وبما أنَّ للتحولات بنّائيها، وللتاريخ منعطفاته المربكة والخطرة، المريحة والمخلِّدة، ومن خلالها تكون مسارات الأمم، وتتحدد شخصيتها وهويتها، التي تحضر من أفكار أبنائها، وإنجازات الحاملين لهمومها أصحاب الوطنية الواقعية، نقول سورية وطننا، رسالة أمل قوية، ومسار دافع وكبير، نحياه، يحفز هممنا، يبثُّ الطاقة في جوهرنا، يحيطنا بهالة المكانات والإمكانات، ليس معيباً أن نعود، لنتعلم معنى الوطني، ونتشرّب المواطنة والوطنية، ولنبحث في الكيفية التي يبني بها الآخر مواطنيه، ولا ضير إن استفدنا من تجاربه، ولنسأل أنفسنا عن البرامج، التي تقدم للأجيال في عالم الشمال برمّته، الياباني، الروسي، الصيني، الأوروبي، الأمريكي، وكيف به لا يطلب اللجوء أو الهروب إلى عالم الجنوب أو خيانة عوامله، لنراقب كيف يتحركون في العالم، وكيف تستقبلهم عوالم الجنوب المختلفة، وكيف يتحدثون معنا عن أوطانهم، كيف يخدمونها، بكل ما أوتوا من قوى، كيف يعملون لها، كيف يحافظون عليها، كيف يصطادون الخبرات والخيرات والجيد من ثقافات شعوبنا، وكيف أنّ أوطانهم هدفهم الأول والأخير، رغم كل المغريات، التي قد تجعل دولة ما تفكر بالاستعانة بهم، أين نحن من هذه الفلسفة العميقة والعلمية، التي تمنح المرء جين الانتماء والولاء والأداء؟ أين نحن من هذا العلم، وتملّك هذه الثقافة وذاك الانتماء، رغم أن سوريتنا، لا يمكن أن تغادرنا، حتى وإن حاولنا مغادرتها؟ هل ننتبه لنظريّة البناء الوطني الموروث الثقافي الحداثوي.
صحيح أن لكلِّ إنسان تراثه، ومن دونه يبقى منفياً، في داخله، مهما عاش، وجال ضمن بهرجة الحياة ومباهجها، هذا التراث الضامن لقوة التماسك الفردي والاجتماعي، وأهم عامل تنموي، ومنه تلد، وتنمو، وتتكاثر قيمة وقوة الرسائل الفكرية والحضارية، الممهورة بلغة الأصالة والتحضر الدائم، والمولد الرئيس للثقة، بين الإنسان وذاته، وبين مجتمعه وجغرافيته وحدوده، التي تمنحه مفاتيح الحياة الكريمة الآمنة والأمينة، وبها تفتح بواباتها، نتفقد خرائطها بين الحين والآخر، نحيا معها المأساة والملهاة، كوميديا إلهية، وتراجيديا الجغرافيا الحياتية، التي تأخذ شكل المزيج الواقع أحياناً بينهما، فنغدو كأهل الأعراف المنتظرين والمتطلِّعين، بين هنا وهناك، سورية وطني، كما لكلِّ إنسانٍ وطن.
من هذه اللحظة.. علينا أن نتجه إلى بناء أبنائنا؛ فالوطنية والوطن لحمة مهمة، وعروة وثقى، إن وصلنا لتجذيرها، تتحول إلى رمزٍ حقيقيٍّ، تتآلف قلوب المواطنين، بأثيرها المحدث للإنعاش، حيث يتدخل في الأزمات، ويسأل: إنني الوطن؛ فأين أنتم مني؟ أيُّ مستقبل تصبونه لي؟ ماذا تفعلون بي في هذه اللحظات؟ إلى أين تريدون، أن تذهبوا بوجودي إلى الوراء أكثر من ذلك؟!
يقول وطني كفى، لا أحتاج إلى تفاؤل مفرط، ولا إلى تشاؤم مرعب، أو مخيف، ألقوا إليّ طوق النجاة، فما زال بإمكاني إن صعدت، أن آخذ بيدكم، فسبل الازدهار بعد النجاة من الغرق متوافرة، المناهضون لوجودنا معاً، يعرفون تماماً، ما يفعلون، يملؤهم التقهقر والانحطاط والإحباط نتاج إيماننا بالوطن، فلنحمل معاً الإيمان بالوطن، إن آمنّا حقيقة، بأننا مواطنون، وبأسرع وقت نلتئم، كي لا نفتقد سيادتنا وكرامتنا وعزّتنا.   
أربعة أعوامٍ ونيِّفٍ من الدمار والهمجية والوحشية،  تكفي أم إنكم تريدون المزيد، من خلالها  تنافرنا بحثاً عن بقاء بقايا وطن ومواطن، نقاوم التقسيم والتهجير، من أجل الوصول إلى مجتمع إنساني علمي وروحي في آن، سرنا في خمسة أعوام، تنادي عن التكامل السياسي، قبل أي تكامل، بعيداً عن شعارات الحرية والديمقراطية والدينية، رأي واحد فقط، يجمعنا ضمن سؤال واحد، نكون فيه، أو لا نكون؛ هل نحن سوريون؟ وهل وطننا سورية؟ أم إنَّ علينا، أن نبقى وطناً في أوطان، بدءاً من وطننا سورية، وصولاً إلى باقي الأوطان، التي تقبلنا، أم لا تقبلنا، على ما نحن، تريدنا في النتيجة أدوات.
كنا أحراراً وأسياداً رغم الأخطاء، لا ديون على وطن، ولا ديان يطالب مواطناً، إنه الوطن؛ برأيكم ما السَّبيل للخلاص؟ ألا تستحق سورية الوطن؟ أليس علينا مناقشة الأفكار؟ ألا ينبغي دعوة جميع المواطنين مع المفكرين والفلاسفة؟! 
د.نبيل طعمة