علم الأرقام والأعداد

علم الأرقام والأعداد

افتتاحية الأزمنة

الخميس، ٣ يونيو ٢٠١٠

ارتبط هذا العلم بالنشأة الأولى، ومعه ظهرت الرؤى الروحية، تمسك بها بعد أن أحاطته الأسطورة كما أحاطت الأديان وتغلغلت به، جاذبة إياه إلى عوالم الخيال الساحرة، ليعيش بين الحقيقة العلمية والسحر والحقائق الدينية، فتارة نجده روحانياً، وتارة نجده علمياً رياضياً جبرياً هندسياً، وتارة أخرى يتمسك به العرافون والسحرة، فنقول عنه إنه الرقم أو العدد السحري، ونحن نقول إنه علم كوني، وبما أن الكون بدأ من خلية وانقسمت كانقسام البويضة ضمن نظام خاص متناهي الدقة، وبما أن العقل متحرض بفعل الذبذبات من ذبذبة انبثق عنها كامل الحياة، حيث تكاثر عدد جزئياتها محددة طبقة الوعي، واضعة إياه على السلم الذي رسم درجاته ذات العقل، ليسير على درجاته عدداً لا محدوداً، فالواحد الذي ولَّد النقطة، وأسقطها على الصفر، وإرادته خلق الأعداد بتسلسل دقيق، يأخذ بنا إلى أن الواحد هو أساس النقطة والصفر، فبدونه لا صفر ولا نقطة، إذاً هو البداية أرادها مفتوحة ولم يضع لها نهاية، هي قصة الأعداد والأرقام والخلق، نبحث فيها، رغم  مرور الكثرة من جمهرة العلماء والباحثين عنها، كان هذا من آلاف السنين مرت بل ملايين وربما مليارات أرقام بها أعداد طويت خلالها أمم وحضارات موغلة في القدم، فمن إنسان جاوا الآسيوي (4500000 سنة) إلى إنسان نياندرتال الأوروبي (4000000 سنة)، إلى لوسي الإنسانة الإفريقية (3500000 سنة)، إلى ذلك الأحمر الهندي، إلى الإنسان الشرق أوسطي (5000000سنة)، كل هذا انضوى تحت لواء الأرقام والأعداد؛ التي مع إشراقة كل صباح يوم جديد تمنحنا فرصة اكتشاف وجودنا ومناقشته وتحليله، ذلك الإنسان القديم يدعونا إليه، يجذبنا بحضوره المتألق في عقلنا، يطالبنا بمحاورته، وأنه موجود ولا يمكن نسيانه أو اختزاله برقم أو عدد أو تاريخ أو تأريخ، مجرد أن نقول: تاريخ أو تأريخ ينبغي أن نعلم أن الرقم والعدد حاضر فيهما بقوة، وأعتقد أن أحداً لم يستطع معرفة بدء الخليقة حتى اللحظة، أو بدء التاريخ، وعلى الرغم من الاجتهادات الكبرى القادمة من بحوث العلماء في الشرق والغرب والوسط والشمال والجنوب، ما هي إلا محاولات تأريخية تحاول أن تكون شواهد على العبقرية والإبداع في العقل البشري، الذي دفع الإنسان للظهور الباحث عن التمايز، والذي احتاجها ليقود ذاته والكون المحيط به، وكان له التجلي من المنطق الذي تمتع به نطقاً متكوناً من مفردات الكلام؛ المتحول فيما بعد إلى علم لغوي، وفي هذا المحور المهم عرفنا أن تكوين اللغة لا يتم إلا من خلال الحرف والعدد، وبما أننا لم نعرف غيرنا نحن الإنسان الممتلكين لميزة العقل؛ والتي بها تم تمايزنا عن باقي الموجودات بواسطة لغة اللسان، ومنها اشتقت اللغات وظهرت من خلالها الأمم، عليه نقول إن اللغة متكونة من حرف وعدد لا يمكن فصلهما، بكون الحرف ساكناً ما لم تحسب له قيمة عددية، أي يوجد معه رقم يعطيه القيمة، ومثالنا على ذلك (س = الصفر لا قيمة لها ولا معنى، س = ستين حملت القيمة والمعنى وتحركت)، وبما أن الإنسان مفرد عاقل، ومن الإشارة الأولى التي عرف بها أنه موجود متمايز ومميَّز وانتبه لوجود الآخر؛ وقال: أنا وأنت وهو ونحن وهي لغة العد، رسم الصورة الأولى للأعداد على شكل خانات، وأطلق عليها علم الخانات الحسابي، لتستمر كما هي منذ آلاف السنين الموغلة في القدم وحتى اللحظة، وإلى ما سيأتي من الزمان رمزاً أصيلاً بدأ الإنسان به.
وبما أنه رافق الإنسان، أي العدد منذ البدء الذي لا نعلم عنه شيئاً؛ إلا من خلال وروده ضمن المقدسات، أي في التأريخ القريب قبل وبعد الميلاد مباشرة، أما التاريخ، ذلك البعيد ندقق فيه، فنعلم أنه بدأ عدداً أي قبل فهم الرقم، وأن أول عدٍّ بدأه كان على أصابعه وتأمله بها، ومن ثم الحيوان، والكواكب، والفواكه، والنجوم الذي سمّي قديماً نظام العد العشري المتحول إلى أنظمة عدّ في العصر الحديث، حيث منه حدث التطور مع النظام الستيني المتكون من ستين رمزاً، والذي مازال متبعاً حتى الآن في قياس الزوايا، وحساب المثلثات وقياس الزمن، فكان منهما علوم الرياضيات القديمة والحديثة وعلم الجبر والهندسة، أما الرقم فكان صورة العدد المضاف إلى الأعداد، فالأرقام محصورة ضمن العشرة 0-1-2-3-4-5-6-7-8-9)). من هنا ننطلق لنبيِّن الفرق بين العدد والرقم، فالرقم صورة العدد، أي بمعنى أن الرقم رمز يشار إليه للعدد فمثلاً (1) عدد و(11) رقم يتكون من عددين أو أكثر وكذلك (22) أو (777) المتكون من أعداد السبعة، أي أنه تدوين المنظور في العقل حسابياً، فالرقم يشير إلى عدد من الأعداد لا ينتهي، ولا يمكن أيضاً تخيل نهاية له، فالعقل الذي تفكَّر به وأبدعه رغم اتساع مساحته، لم يستطع حصره أو تحديد أيِّ عدد بأنه نهاية، بل من الممكن أن يقول: إنه رقم كبير به أعداد كثيرة، وأن أول نظام رياضي حسابي وجد وما زال معمولاً به هو النظام العشري من خلال الأصابع العشر، وصيده وإنجابه وحروبه التي ربط حياته بغرائزه ورغباته المادية واللامادية، كما أن النشأة الأولى وشعوره بضرورة التمايز ضمن الإنسان أي الأسرة والقبيلة وحاجته للتملك والسلطة، دعاه لإدراك المنطق الحسابي (العددي )، كما أن حاجته لفهم مواسم الزراعة والأمطار وجريان السيول وفيضان الأنهار، وتطلعه إلى الشمس والقمر كقوى مفردة لم يعرف غيرها، ومتابعته للكواكب؛ أدى به كل ذلك إلى إبداع الفهم الحسابي وتدوين أزمان حدوث كل ذلك، وحساب الأيام الفاصلة بينها، وحينما ربط الكثير من العلماء الأرقام بالكتابة وظهورها، أي ربط علم التدوين بعلم الحساب حيث كان يتم على الرُقم الطينية نقول: إن العدَّ والعدد بدأا قبل ذلك بكثير.
كانت الأرقام والأعداد تكتب لغوياً، أي ضمن سياق اختراع الكتابة، ولدى جميع اللغات، أي (واحد – اثنان – ثلاثة) وفي كثير من اللغات، إلى أن اجتهد العلماء قديماً، ومازال اجتهادهم يسري حول نشأة الأعداد والأرقام، فأياً كانت أرقاماً عربية، أم هندية، أم عربية هندية، أم سيرلانكية أم لاتينية، فقد بدأت على شكل رموز استخدمت للتعبير عن الأعداد، ولا شك أن تصاميم كتابتها تحمل الكثير من المعاني، وأياً كان مبدعها فهو إنسان أنجزها بكونه يحتاجها، وأيضاً خلاق، وحتى القائلين إن إنشاءها تم على طريقة الزوايا فـ (1) زاوية واحدة والـ (2) زاويتان والـ (3)، وهذه الأرقام هي عربية على الرغم من أننا نكتب بالعربية الهندية التي يستخدمها العرب والمسلمون (0- 1-2-3-4-5-6-7-8-9). والأرقام اللاتينية (I - II – III – IV – V –VI –VII – VIII –IX) التي لم يدخل فيها الصفر كاعتراف نهائي إلا في القرن السادس عشر وبعد انتهاء الجدل الكبير حوله، وذلك الهندية بينما أبدع العرب الصفر المدور الفارغ (0) وأخذ عنه، وبه سنبدأ الأرقام محللين معانيها وحضورها، أما الأرقام الهندية المستعملة الآن في الهند فهي (० – १ – २ – ३ – ४ -५ - ७ – ८ – ९)، وهناك الأرقام الهندية العربية الشرقية وهناك التاميلية، وأيضاً كان لدى الهنود الحمر العدّ بالرسوم، كما الصين وجنوب شرق آسيا، وفي العصر الحديث الذي نعيشه أضيف نظامان للعد: العد الثنائي والعد السداسي عشر، إن النظام الثنائي يستند إلى أساس رقم اثنين، حيث يتمثل بالرمزين 0 و1 وينوب عنه صح وخطأ، وتشغيل وإطفاء، إنه يشبه العد العشري الشائع باستخدامه الخانات، ويختلف عنه بأنه ينتقل من خانة إلى أخرى، كل رقمين وليس كل عشرة أرقام، هذا يعني أن كل خانة في النظام الثنائي تحمل قيمة من اثنتين لا من عشر، خُصص هذا النظام للحاسوب ويستخدم في كافة أنظمة العالم الحاسوبية.أما نظام العد السداسي عشر: فتأخذ فيه الخانة الواحدة 16 قيمة، أي تتغير الخانة الواحدة بعد 16 رقم مقابل 10بالنسبة للنظام العشري، و2 بالنسبة للنظام الثنائي، و8 بالنسبة للنظام الثماني.
مما تقدم نجد ضرورة شرح بناء الأرقام التي شكلت الأعداد أساساً لها، وأعطتها القيمة في الظهور، فكانت سبباً رئيساً من أسباب حضور الإنسان العلمي والروحي، لقد ظهر الرقم في كامل تاريخ العبادات المقدس؛ الوضعي والثقافي والسماوي، فالإله واحد والشمس واحدة، والقمر واحد وكوكبنا الحي واحد، وقد ارتبط بمصير الحياة الروحية اليومية وحساباتها، بل وتقسيماتها ومواقيت العبادات فيها، اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية، لا بل أكثر من ذلك ارتبط إلى حد كبير بالفكر الديني، والمتجسد بالخير والشر، وحسابات النجاح والفشل، والنحس والسعد، والبقاء والفناء، أيضاً دخل الرقم في المفاهيم الفكرية والعقائدية، وبناء المجتمعات وظهور الحضارات، وحساب المناخ، وبناء الجيوش، وقياس الزمن والمؤن والمادة، وقبل أن ندخل على أنظمة التقويم المعتمدة عالمياً نبحث فيها وكيف تم اعتمادها، أرى من الضروري الدخول على ماهية الأعداد في النظام العشري، وأبدأ من الصفر.
الصفر منشأ الأعداد بكونه الأرضية الخالية من وجود أي شيء، وعلى الرغم من الخلط بينه وبين النقطة، وهذا ما دعاني لإيضاحه وشرح ضرورة وجوده كمؤسس في علم العدد، ومهمة الصفر الكبرى تمنحنا أسباب الحضور من خلال الوظيفتين اللتين يتمتع بهما فهو صورة اللاشيء (الفراغ)، وفي ذات الوقت الحاضنة المنبتة للنقطة بكون الصفر مسحَ وإفناءَ كل شيء، والنقطة بناء وإنبات كل شيء، فحينما تدخل النقطة على الصفر يبدأ الظهور والولادة والنبات والإنبات أي أنه يقبل التأسيس وأرضية الأساس، ولم تكن الحضارات لتتطور وتظهر لولا وجود مفهوم عدد الصفر السحري، ولذلك كان أول الأعداد وأكثرها شهرة وأشدها تبسيطاً ولا يمكن الاستغناء عنه، فبدونه لم تكن العشرة لتكتمل وتعود إلى منشئها صفر واحد، فمعه يبدأ كل شيء وبه ينتهي كل شيء، ولا يمكن أن تستمر الأعداد بدونه، حينما أبدع العرب ترقيم العدد أنجزوا الصفر على شكل دائرة صغيرة،- فكما ذكرت- بأنه قادم من الخلو والفراغ على الرغم من اعتمادهم على النقطة الهندية التي تمثل الصفر في الأعداد الهندية، وأن اعتماد العالم لصفر الدائرة هو اعتماد علمي بكونه مفهوماً عالمياً (o) (0).
هل الصفر كمية أو مساحة أو حجم، وبما أنه لا يقبل القسمة ولا الضرب به ولا الجمع، وحينما نضرب كمية به؛ هل يصبح لها معنى بكون الكمية معنى، والصفر لا معنى له بكونه مسح كل شيء، وقسمة عدد ليس صفراً على صفر عملية غير منطقية أي ليس لها معنى، وتقسيم الصفر على ذاته أي صفر تقسيم صفر كمية لها معنى، وفي ذات الوقت غير معينة، وإذا أردنا تعيينها فعلينا أن نستخدم النهايات، لذلك يعتبر جدلية من جدليات العقل المفكر والناقد، يناقشه الإنسان بكونه لا يستطيع نفي ذاته أو إثبات وجوده، أهي من الصفر قدمت أم من النقطة أم من الواحد، من هنا نبحث في نشأته وهل وُلد بعد النقطة التي ظهرت من الهيولى المسؤولة من الواحد المنجز لكل ذلك؟ فإذا كان الواحد الكلي الأزلي هو المسؤول فيكون إنجازه للصفر قبل تقديمه للنقطة التي دخلت عليه كي تنجب الواحد من الأجناس الحية، فبدون نقطة وصفر لم يكن ليظهر الواحد المادي والواحد الإنساني، والواحد الحيواني والواحد النباتي، عليه نجد أن جدلية الخلق الروحاني قامت من الصفر نقطة الواحد الموجدة للكون الحي، وجدلية الخلق العلمي قامت من ثنائية الصفر واحد، التي ساعدت في تسهيل ظهور وتطور المعادلات الجبرية والرياضية الحسابية والهندسية، إضافة لكونه بداية لتأسيس المراتب العشرات: والمئات والآلاف والملايين، ويظهر عند إتمام عمليات الطرح والجمع ويجلس على اليمين أو على اليسار، ويُعتقد أن السومريين هم من أوجدوا الصفر في رُقمهم الطينية، أي قبل خمسة آلاف عام من الميلاد، كما ظهر في الكتابة الهندية في الألف الأولى قبل الميلاد، وأيضاً وجد في ذات الوقت لدى الصينيين ولدى أمريكا اللاتينية، إن دخول الصفر على يمين أي عدد يمنح العدد عشرة أضعافه 0 – 1 (10) و(70) ووقوعه على يساره يصغر نسبة بحسب قيمة العدد (02) أو (08 ).
الصورة الإغريقية للصفر كانت ( )، عند العرب كُتب الصفر كدائرة في داخلها نقطة ( )، في  787م إيطاليا، أدخل الخبير الإيطالي ليوناردو دو بيز (LEONARDE DE PESE) }1170- 1250{ م. الصّفر تحت اسم (ZEPHIRUM )، واستعملته إيطاليا حتى القرن الخامس عشر، ثمّ تبدّل الاسم إلى (ZEPHIRO)، وتحوّلت اللفظة إلى (Zero) ابتداءً من العام 1491م. وفي فرنسا تحوّلت اللفظة من (CIFRE) إلى (CHIFRE) ثمّ إلى (CHIFFRE)، وفي ألمانيا تبدّلت من (ZIFFER) أو (ZIFFRA)، واليوم تستعمل (Die null)، وفي إنكلترا استعملت لفظة (Cipher)، وحلّت محلّها لاحقاً لفظة (Zero)، وفي البرتغال تعني لفظة (CIFRA) الصّفر بمعنى (Zero)، وفي إسبانيا تحمل (CIFRA) معنى (CHIFFRE)، كما تعني لفظة (Cero) الصّفر أي (Zero).
نتجه من الصفر إلى العدد واحد أول الأعداد بعد الصفر والذي يحمل زاوية حادة، نتطلع إلى الأعلى، حيث ظهر من النقطة التي نزلت على الصفر، فكان العمودي الأول بعد الكلي الأزلي والذي يطلق عليه الأحد، بكونه لا يقبل التثنية وتعني الفريد، والوحيد أو الذي لم يزل وحده وليس معه آخر، بينما الواحد العددي تسلسلي إنجابي يقبل الولادة والتكاثر فكانت منه كامل الأعداد والأرقام، وعليه يكون الواحد الكلي واحداً لكليته، أما الواحد التسلسلي فهو كما ذكرنا يقبل الانقسام والتحول إلى أكثر أو أقل، أي يمكن تكرار الواحد العددي ولا يمكن تكرار الواحد الكلي حتى ذهنياًً لا يمكن قسم الواحد الكلي بينما يمكن فعل ذلك في الواحد العددي الرياضي الجبري الهندسي، هنا نُخضع الواحد العددي إلى مفهوم المعقول كموجود والعلة والإمكان كمعلوم، ندخله ضمن مفاهيم الماهية وهل تقبل التعريف البديهي أو الاستثنائي مركّب ومعقد من خلال قبول الذهن لها لمحاكمة أو خضوعه للمحاكمة، فالواحد العددي واضح في الذهن بينما الواحد الكلي مفهوم قابل للنقاش يحتمل المعقول واللامعقول، لذلك أثار جدلية الوجود والواجد والموجود، وعليه نعتبر أن الواحد العقلي مفهوم من المفاهيم الذهنية غير قابل للتثنية أي للتكاثر، أما الواحد العددي فهو الكثير، ومنه نطلق على الواحد الأحد البعيد الذي يخضع للتصور، بينما الواحد العددي كثير وحقيقة مشاهدة الواحد إنسان، والأحد الواحد (إله)، وعليه كان الواحد ليس فقط أساساً كونياً، بل هو أساس حياتي اجتماعي اقتصادي سياسي، وبالتدقيق نلاحظ أن أساس كل تجمع يبدأ من الواحد وكل بناء يبدأ من الواحد، وأي قيادة لا بد أن يكون لها واحد: كقائد الطائرة، وكابتن السفينة وسائق السيارة، ورب الأسرة ورب العمل وقائد الجيش، ورئيس الدولة والأمير والملك والإمبراطور، وله علاقة بالتبادل مع الواحد الأحد فالذي كوَّن الكون الروحي واحد أحد والذي كوَّن الكون المادي ووسائط حياته واحد متسلسل متكاثر عمودي متحرك رسمه على شاكلته، بعد أن تأمل حضوره الإنساني حيث أوجد منه العدد (1) وضعه أول الأرقام، عليه يكون الواحد له القيادة في المحورين الواحد الروحي والواحد المادي والذي على رغم تكاثره الكثير وانقسامه الذي يؤكد حقيقة وجوده، وبه نعد الموجود والكثير الذي يظهر في شكل أقسام تتحول إلى واحد منقسم لنفس التقسيم.
نتجه إلى الرقم (2) في مجموعة الرموز كوكب (القمر) والذي يحمل زاويتين بمقدار 45ْ متعاكستين، يحمل لغة الأنثوي وفي كل لغات العالم الحديثة والقديمة يحمل هذه الصفة، ووجوده بجانب الواحد مجتمعاً إليه ظهر من خلال تأمل الثنائيات الجسدية، عينين أذنين شفتين يدين، وهكذا أيضاً الشمس والقمر، والشرق والغرب، والليل والنهار، والأب والأم والروح والجسد، كما ويتمثل من خلال تقاطع الأفقي مع العمودي، أي الإنسان العمودي مع بصره وسمعه الأفقي ومسيرة حياته، وبشكل أدق أي أن العمودي من الأرض إلى السماء والأفقي من الجوهر إلى المظهر، ومن المظهر إلى الآخر، ويعتبر العدد اثنان أساس العملية التكوينية، كما أنه رمز الخير والشر والحرب والسلم، واليسار واليمين والشمال والجنوب، فاثنان قادمة من ثنى الواحد وانعطافه نحو التواضع، أي يحمل لغة الآخر بمعنى الثاني الذي يليه ومعه يحدث التزاوج أو الزوجية، كما أنه يمثل المادية الأخلاقية في الوحدة الجسدية والطبيعة الثنائية، الإله والإنسان والتحديد واللاتحديد، أي الروح والمادة، مستخدمين لغة الواحد التسلسلي الذي لا يمكن له أن يعيش بمفرده ومعه أنجب رقم (3 )، وفي مجموعة الرموز هو أكبر الكواكب السيارة (المشتري) مظهراً المثلث في شكله الأول، وثلاث زوايا متعاكسة متراكبة فوق بعضها 30 ْ لكل زاوية، ففيه تكمن التعبير عن البداية، كونه خطاً من خطوط القوة الرئيسة التي تمر عبر كل الأعداد من (9-3 )، وهو أيضاً صاحب الصلة الخاصة لكل ثالث في المجموعة (9-6-3 )، ومعه تظهر معادلة الثنائية المنجبة فلكل علاقة ثنائية نتيجة جديدة، فعلاقة الأرض بالسماء أنجبت الإنسان وعلاقة الأب والأم أنجبت الأولاد، أي أن الخلية الأولى لم تكن لتكتمل وتسير الحياة لولا هذه الثلاثية، فالميلاد والحياة والموت، والأب والابن وروح القدس، والجدلية المادية القائمة على الفرضية، والنقيضة والمحصلة، والثلاثية الهندية قبل الميلاد بآلاف السنين، والإله أبراهما إله الخلق والتكوين، والإله فيشنو إله البقاء، والإله سيفنا إله الدمار، والثلاثية المقدسة في روما القديمة قبل الميلاد، جوبيتر إله السماء وجونو إله حماية المرأة ومنيرفا إله الحكمة، وذرتا هيدروجين مع ذرة أوكسجين تعطينا الماء، وثلاثة أقسام للأذن، وثلاثة أقسام للسان، وثلاثة أنواع لخلايا الدم، وثلاث طبقات للرحم، وثلاثة عظام لأصابع اليد والقدم عدا الإبهام، وثلاث عضلات للجسم ويتألف العظم من ثلاث طبقات، والشمس والقمر والأرض، والماء والهواء والتراب، والإنسان والحيوان والنبات، وموسى وعيسى ومحمد، والتوحيد على ثلاث مراتب: المبتدئون (العامة يوحدون) (لا إله إلا الله) والمتوسطون (الخاصة يوحدون) (لا إله إلا أنت) وخاصة الخاصة (الكمَّل) (يسمعون التوحيد لا إله إلا أنا) رقم عدد فيه التكوين والتوحيد رئيس في محور الحياة لا يمكن تجاوزه بكونه أول خلية كاملة.
إن الفكر العددي تطور مع نشأة الأمم الأولى بعد فهمها للواحد العمودي، والاثنان من فكرة الثني والثلاثة الولادة من الاثنين، فهو علامة الخلق واكتمال الديانات السماوية الثلاث الموسوية والمسيحية والإسلامية، كما أنه سر التثليث في الأقاليم الثلاثة، كما أنها تمثل أعمدة دور البنائين الثلاثة الحكمة والقوة والجمال، وفي أسطورة قوم عابر: إن آدم مد يده إلى الثمرة المنهي عنها في الساعة الثالثة، وطرده الرب الإله من الجنة بعد ثلاث ساعات، وحينما ظهر في فردوس الأرض كانت حواء خليلة الملاك صموئيل، بينما كان آدم ينام بين ذراعي (ليليت )، ومن ثلاثية الحب هذه آدم حواء آدم ليليت حواء صموئيل خلقت الإنسانية، وليليت بحسب الميثولوجيا امرأة خلقت من تراب مثل آدم قبل أن تخلق حواء من ضلعه وقد نشب خلاف بين آدم وليليت وتركته يعيش على هواه، ويقال أن قابيل وهابيل تقاتلا فيما بينهما للحصول على ليليت باعتبار أنها لا تمت بصلة القربى حيث أن ليليت تمثل الحب اللاشرعي.
ننتقل إلى الرقم (4) والذي به أربع زوايا تشكل قاعدة أي بناء مربع أو مستطيل أو هرم بكونه ارتكازاً، إنه جمع الجهات الأربع الشمال والجنوب والشرق والغرب، كما الأمام والخلف واليمنى والشمال، والطباع الأربع، المائي والهوائي والناري والترابي، وكامل المخلوقات لها أربعة أطراف يدان وقدمان، وفصول الحياة أربعة ربيع وصيف خريف وشتاء، كما ويمثل في مجموعة الرموز الكوكب السيار أورانوس، وفي المسيحية أربعة أناجيل، وانتقلت روما من الوثنية إلى المسيحية في القرن الرابع، وفي عيد الفصح اليهودي توضع أربع كؤوس من النبيذ على الطاولة، وتُملأ كأس إليا ولا يتذوقها أحد بانتظار عودته بكونه مسيحهم المنتظر، وعند المسلمين الخلفاء أربعة والأئمة أربعة والأشهر الحرم أربعة والكتب المقدسة أربعة والمذاهب الفقهية أربعة، وأنهار الفردوس في جنة العقل أربعة والملائكة الرئيسة أربعة جبريل – ميكائيل – عزرائيل – إسرافيل، والأبعاد أربعة الطول والعرض الارتفاع والزمن، ويقسم اليوم إلى أربع فترات الصباح والظهيرة والمساء والليل، والمذاقات أربعة الحلو والحامض والمالح والمر والسلطات أربع سياسية وتنفيذية وتشريعية وقضائية، والعمليات الحسابية أربع الجمع الطرح الضرب القسمة وحالات المادة أربع صلبة سائلة غازية بلازما، وأربع زمر لدم الإنسان (A- B – O- AB )، ويتألف القلب من أربع حجرات، وتقام الألعاب الأولمبية كل أربع سنوات، وللصليب أربعة أطراف أي يجمع خط الطول مع خط العرض، وقديماً أطلق على الملوك وعلى الأباطرة لقب أسياد الشموس أربعة أو أسياد أرباع الأرض، وتنظيم الجيوش على أربع مقدمة ومؤخرة وميمنة وميسرة. ننتقل إلى قبضة اليد خمسة أصابع (5)، وخمس زوايا والنجمة العالمية خماسية، وقارات العالم خمس، والمحيطات خمسة، ويمثل العدد 5 في مجموعة الرموز الكوكب (عطارد)، وكتب موسى أسفاره الخمسة في طور سيناء، وتنصح الكنيسة بخمسة أفعال قبل المناولة (القربان الطاهر): الأمل الرغبة التواضع المحبة والإيمان وهي الأفعال المقدسة الخمسة: الماء المبارك والخبز المكرس وبركة الكاهن وقبلة السلام وإشارة الصيد، وللمسلمين خمس صلوات ومناسك حجهم خمسة: الصفا والمروة ومنى ومزدلفة وعرفة، رقم (5) قوي ويعني القوة والبطش والشدة، ننتقل إلى الرقم السادس (6) ست زوايا أنثوي الشكل والمضمون، وفي أغلب لغات العالم يعني الجنس رمز الحب، ومعه يظهر المكعب السداسي الوجه، ولا يوجد شكل كامل إلا بستة وجوه، وفي اليوم السادس خلق الله الإنسان على صورته، وخلقه ذكراً وأنثى، ولذلك كان رقماً عدداً ناقصاً فالكمال للسبعة وهو يسعى إليه ولن يصل إليه، كما أنه من أجمل الأعداد، لقد صلب المسيح في اليوم السادس من الأسبوع (الجمعة) وأسلم الروح في الساعة السادسة، وكان على جلجامش كي يصل إلى سر الخلود ألاّ ينام ستة أيام وست ليال لكنه حاول ولم ينجح، أما زرادشت فقد أسس لست خصال حميدة، واعتقد الفرس بوجود ست أرواح مقدسة خيِّره تقابلها ست أرواح شريرة، كما أنهم يعتقدون بأن الله خلق العالم في ست مراحل ويحتفلون بستة أعياد رئيسة تستند إلى المبادئ المانوية، إن لرب الحرب في الهند القديمة ستة وجوه، كما أن خاتم سليمان السحري شكل من ستة أضلع على شكل مثلثين متداخلين، إن العدد (6) بين الرموز هو كوكب (الزهرة). أما رقم سبعة فهو رقم الكمال لا يقبل القسمة على ذاته منجباً في هذه العملية الواحد، لذلك نجد فيه سر الحياة، وسبع زوايا (7) وفي مجموعة الرموز كوكب (نبتون)، لقد آمنت الحضارات الروحية به واعتمدته تشكيلاً حياتياً فهو مجموع الطباع الأربع الماء والهواء والنار والتراب والأنواع الثلاثة الإنسان والحيوان والنبات، وعليه كان عدد أيام الأسبوع سبع والسماوات سبع والأرضين سبع، عدد سبعة مجموع (روح) في علم حساب الحرف والرقم، وكلمة روح قيمتها العددية (214) فإذا جمعنا 4+1+2 تشكلت السبعة التي فيها سر الروح، والنفوس سبع (الأمَّارة – اللوامة – الملهمة – الشاقة – الراضية – المرضية – المطمئنة)، وفي علم الفلك الأفلاك السبعة، والخَلق تم في سبعة أيام، والطيف شكل من سبعة ألوان، والحواس السبع (السمع – النظر – اللمس – الشم – الذوق – الناطقة – العاقلة) والسلم الموسيقي سبع درجات (دو- ري – مي – فا – صول – لا – سي) وأشكال الخط الكلاسيكي سبعة (الثلث – النسخ – الرقعة – الفارسي – الديواني – الجلي ديواني – الكوفي)، والطواف مرات سبع والسعي سبعة أشواط وجمرة العقبة سبع حصيات، ورؤى زرادشت في عزلته قبل أن يعلن رسالته سبع وتعاليم ماني لاتباعه أن يصوموا سبعة أيام من كل شهر، وحكماء اليونان سبعة، وإن سبعة ملوك حكموا روما القائمة على سبعة تلال، والأرواح سبع وسبّع الشيء أي طهَّره، وسبع عجاف وسبع سمان، وسبع شداد، والسبع المثاني ومثلها مثل حبة أنبت سبع سنابل، واكتمال الجنين يكون في الأشهر السبعة (نطفة – علقة – مضغة – عظم – لحم – دم – جنين)، ومنافذ الوجه سبعة، والمعلقات سبع وعجائب الدنيا السبع، وليالي الحسوم سبع، وعقارب الساعة الزمنية الكبرى سبعة (عقرب اليوم – عقرب الأسبوع – عقرب الشهر – عقرب السنة – عقرب القرن – عقرب الألفية – عقرب الأبد) والدوائر فوق الضوئية المكتشفة من خلال الساعة الزمنية سبع، وحروف اللغة العربية من مضاعفات السبعة.
العدد (8) إنه رمز التجدد، يظهر بعد رقم التكوين السابق، هو رقم السيطرة والتحكم أي القيادة، وحينما تريد اختبار فعالية ودقة أي شاشة رقمية فعليك أن تستخدم الرقم ثمانية، للتأكد أن جميع الخلايا الضوئية سليمة، كما أنه مصدر لجميع الأرقام تجده في الساعات أو الحاسبات أو الميزان أو الآلات الإلكترونية والتي تعمل بالأرقام، إنه تشكيلة هندسية إلكترونية، وهو مصدر جميع الأرقام من صفر حتى تسعة، كما أنه سقف الاعداد الزوجية، وبالمرور على رقعة الشطرنج الرياضة الفكرية نجدها مكونة من ثماني خانات طولاً وثماني خانات عرضاً، وهندسة المسجد الأقصى بثمانية أضلاع، كما أن الأوكسجين يحمل العدد الذري ثمانية، ونظرية المثمن الذرية والمتعلقة بالربط الكيميائي بين الذرات لا تستكمل إلا بوجود الثمانية، وأن زمن وصول شعاع الضوء إلى غلاف الأرض يستغرق ثماني دقائق، إنه قادم من الزوايا الثماني الكاملة على شكل مربعين متراكبين، رمزاً للتجدد، في مجموعة الرموز، كوكب (زحل)، لقد كان اليهود يمارسون الختان في اليوم الثامن من ولادة الذكور، وسمّى الإغريق رقم ثمانية عدد العدالة بسبب قسمته المتساوية للأعداد المزدوجة، تقول الميثولوجيا الاسكندنافية إن الإله الخالق يملك حصاناً له ثماني قوائم، كما تؤمن الميثولوجيا الإفريقية أن هناك ثمانية آلهة خلقوا الكون في القرآن الكريم (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية).
جعل الفينيقيون السيارات السبع المعروفة عندهم بعولاً أي آلهة، وأطلقوا عليها اسم كبيريم (KABIRIM)، جمع كبير، ومعناه القدير، وكان عددهم عند الفينيقيين ثمانية، أي الكواكب السيارة السبعة مع العالم المكون من مجموعها، وسمُّوا أبا هذه الآلهة زاديق (ZADIK) ومعناه البار وجعلوا الكبير الثامن وهو كناية عن مجموع أفلاك الكواكب، كوكب القطب الشمالي، وكانوا يتخذونه هادياً في أسفارهم، وسمُّوه أشمون (ASHMOUN) أي الثامن، وكانت الحيَّة مثالا له ولباقي الآلهة الكوكبية، لاعتقادهم أنها تمثل بتعرُّجها حركة الكواكب في الأفق، وكانوا يربُّون حيَّات في هياكل أشمون تلعق جراح من تشفّع بها فتبرئها، وكان من معتقداتهم أن أشمون وسائر الكبيريم أوجدوا عقاقير الطب، وإلى ذلك يُعزى ما ذكره النبي دانيال في نبوءته عن التّنِّين في هيكل بابل. عبدت مصر ثمانية هياكل مقدسة. يرمز الثمانية إلى الشر، فاعتقدت بابل أن الدورة الحياتية تنتهي في العدد سبعة، فهو عدد الكمال، وما زاد عن ذلك فهو زيف سببه قوّة الشر، وتعبيراً عن هذا الاعتقاد، كانوا يرمزون إلى الثمانية بأشكال مختلفة تمثل الشر، مثل التّنِّين، أو مخلوقات غريبة ذات ثمانية أطراف.
 يعتبر البراهمة الثمانية عدداً مقدساً، ويؤمن الهنود بالإلهة الأم، وهي أم ذات ثماني أذرع، تربض فوق أسد وتقتل أطفالها باستمرار، وفي الوقت نفسه تمنحهم الحياة وتُعمي بصائرهم ثم تمنحهم المعرفة، وتطلق الميثولوجيا اسم لوكابالاس (LOKAPALACE) على الآلهة الفيديّين الذين يعتبرون أرواحاً حارسة لدى البراهماتيين، وهم حرّاس الجهات الثماني في العالم، وتصور الأيقونوغرافيا الإله شيفا بثمانية أشكال، وترسم أيضاً الإله فيشنو بأذرعه الثماني التي تطابق الحراس الثمانية للفضاء. ويعتقد الهنود بوجود ثمانية كواكب حول الشمس، وبثمانية فيلة يحملون الأرض، وبثماني جُهنَّمات حارّة، وثماني جُهنَّمات باردة، تحوط كل جهنّم كبيرة 16 جهنّم صغيرة (8 × 2). وفي الهند يقود العريس عروسه بعد حفلة الزواج إلى منزل شيخ الضيعة، ولا يعود لاسترجاعها إلا في اليوم الثامن.
وفي البوذيّة، يقع عيد ميلاد بوذا في مساء اليوم الثامن من الشهر الرابع من السنة القمرية، وبقي بوذا ثماني سنوات خارج قصره العائلي، وتصوره الأيقونوغرافيا يجلس على عرش من اللوتس يرسل ثمانية شعاعات، وأصبحت زوجة فيزاكا (VISAKA) تلميذته بعدما أعلنت عن ثماني رغبات: أن تخيّط ثياباً ضدّ المطر للرّهبان، وأن تصنع طعاماً للرهبان الأجانب، وطعاماً للرهبان الذين يمرّون مرور الكرام، وطعاماً للمرضى، وطعاماً للذين يهتمّون بالمرضى، ودواء للمرضى، وتوزع الأرزّ يومياً، وتوزع ثياب حمام الرهبان. وتَعرف البوذية ثماني درجات كهنوتيّة، وثمانية نذور، والوصايا البوذية الثماني هي: لا تقتل - لا تسرق - لا تتبع الثَّروة - لا تكذب - لا تَسكر - لا تأكل كما تشاء - ابتعد عن الشَّهوة الجسديَّة - ابتعد عن التَّزيّن.
 ومن أجل الوصول إلى النِّيرفانا عليك أن تسلك ثماني طرق نبيلة كي تتحرر من الشهوات. وتقسم اليوغا ثمانية أقسام، ويقال أن رماد جثَّة بوذا قُسِّم ثمانية أقسام.
 وطالب بوذا أتباعه بسلوك الطريق ذي الثماني شعب التي تعلّم القواعد الثماني للحياة وهي:
1- الإيمان بالحق: وهو الإيمان بأنّ الحقيقة هي الهادي للإنسان.
2- القرار الحق: بأن يكون المرء هادئاً دائماً لا يفعل أذى بأي مخلوق.
3- الكلام الحق: بالبعد عن الكذب والنّميمة وعدم استخدام اللفظ الخشِن.
4- السّلوك الحق: بعدم السّرقة والقتل وفعل شيء يأسف له المرء فيما بعد أو يخجل منه.
5- العمل الحق: بالبعد عن العمل السَّيّء مثل التَّزييف، وتناول السّلع المسروقة وعدم اغتصاب المرء لما ليس له.
6- الجهد الحق: بالسّعي دائماً إلى كل ما هو خير والابتعاد عمّا هو شرّ.
7- التَّأمَّل الحق: بالهدوء دائماً وعدم الاستسلام للفرح أو الحزن.
8- التَّركيز الحق: وهذا لا يكون إلا باتباع القواعد السابقة وبلوغ المرء مرحلة السلام الكامل.
نصل إلى العدد الأخير في منظومة الأعداد العشرية والتي نطلق عليها الأرقام بعد تدوينها جمعاً أو طرحاً تقسيماً أو ضرباً، (9) رقم مادي يسمى رقم الولادة فهو يمثل الإنسان وحقيقة دخوله إلى عالم المادة، وشعارها رقم عدد قابل للتحديث بشكل دائم، فإذا كان العدد (7) هو عدد الكمال والسر، فإن (9) عدد التمام، فالنظام العشري وفي خلقة الجنين التي تقتضي معه الولوج على الحياة، فهو نقيض العدد الروحي بكونه دنيوي يحمل قوة الطبيعة المنظورة، وفي مجموعة الرموز هو كوكب (المريخ )، إن مجمع الآلهة هيلوبوليس أي حلقة أوزيريس تتألف من تسعة آلهة الإله اتمو الإله شو الإله تفنوت الإله سب الإله نوت الإله أوزيريس الإله إزيس الإله سث الإله نختيس، كما أن ولادة أدونيس ابن أحد ملوك جبيل سيزاس كانت من ابنته حينما اضطجعت مع أبيها وهو في حالة سكر، وعند افتضاح أمر حملها طلب أبوها قتلها فهربت الفتاة واتجهت مستغيثة بالآلهة التي حولتها إلى شجرة بخور، ومنه كان حرق البخور في عبادة أدونيس وبعد تسعة أشهر انبثق أدونيس من قشرة جذع الشجرة، ويقال أيضاً أن خنزيراً برياً شق الجذع بنابه فولد الطفل أدونيس، وأن فيثاغورث تغنى بالعدد تسعة، فوضع نشيده الشهير الذي اعتبر رمزاً للحركة، كما أن هوميروس في الإلياذة أكد أن التسعة أكثر الأعداد تماماً ويقبل القسمة إلى ثلاث ثلاثات، أي إلى ثلاث وحدات أو تكوينات، وعندما تناقش ذوس مع هيرا حول فعل الحب وتذوق اللذة الجنسية واحتكامهما إلى تيريزياس الذي تذوق التجربة الجنسية حينما كان امرأة وتحول إلى رجل، فقال: إن المرأة لديها تسعة أضعاف متعة الرجل، كما أن مينوس بقي تسع سنوات يستوحي تعاليمه من ذوس وجمع هيرودوتس علومه ومعلوماته حول الحضارات القديمة في تسعة كتب، عن الإله براهما، الأعداد تسعة والكواكب تسعة والجسم الإنساني مدينة ذات تسعة أبواب إشارة إلى الفتحات التسع في جسم الإنسان، إن السماء الصينية في الأسطورة تتألف من تسعة حقول و9999 زاوية وينحي الصينيون أمام إمبراطورهم تسع مرات كما أن ربة الشمال (تومو) الصينية هي أم لتسعة أبناء كانوا أقدم حكام الأرض، وقصرها مركز النظام النظمي تدور حولها كامل النجوم، الأسطورة الاسكندينافية تعتبر هيرمود الابن السريع لأودين الواصل إلى هيل في تسعة أيام، لينقذ أخاه بالدر حيث أخبرته أن على العالم أن يبكي أخاه كي يعود، وبكى العالم إلا لوكي المتنكر بزي امرأة فلم ينجُ، وأيضاً في اسكندينافية ولد الإله (هيمداللر) من تسع أمهات، تتحدث حضارة الأزتيك عن تسعة عوالم أرضية وتسع آلهات ليلية، وتسعة سهول في جهنم، كما أن قبائل المايا تعتبر أن التسعة هو العدد المقدس للإله القمر عندما يكون بدراً، وفي الأسطورة الروسية يضع سكان البوريات تسع شجرات يعتلي زعيمهم قمة الأشجار التسع ويؤمنون بوجود شجرة العالم حيث يبقى زعيمهم معلقاً عليها تسع ليال يحكي لهم عن السماوات التسع في حسابات الجمل والأعداد المختصة بالفلك، وإذا أردت أن تعرف خيانة زوجتك لها فسمِّ اسم الرجل المتهم وزوجتك وأسقط ما تحصل من اسمها بعد جمعه 9 - 9 فإن بقي 1 فيكون حادثها وإن بقي 2 يكون ضمّها دون تقبيل، وإن بقي 3 يطلبها وتتمنع، وإن بقي 4 فهي تطلبه وهو يتمنع وإن بقي 5 فإنه دخل بها وإن بقي 6 كانت له بمثابة الزوجة، وإن بقي 7 فإنه أغار عليها بقوة وسرعة، وإن بقي 8 يكون قد هرب منها وإن بقي 9 فهو روحاني يخاف على إيمانه منها.
إذاً العدد 9 هو نهاية الأعداد العشرية، فحينما تنتقل إلى 10 تكون قد عدت إلى بدء التكوين، أي إلى (1 – 0) لتبدأ من جديد أو تستمر رياضياً أو زمنياً أو عمرياً، كانت غايتنا من هذا الاستعراض لعلم العدد والرقم هو فهم وحدة فلسفة التكوين الفكري الذي لا انفصال له، وكل من يحاول أن يقول إن هذا قبل ذاك، وذاك قبل هذا هو أقرب إلى الخطأ والخطيئة من الصح المنشود إنسانياً، فصورة الإنسان القديم صورة لم ندركها، إنما نسج حولها الكثير من الإبداع الخيالي والتصوري، وأقحم في التاريخ الذي أعيد كتابته كتأريخ وكل على هواه، هذا نسبه إليه ومن أعماق أعماق التاريخ أسطورة وأساطير وقصصاً من الأولين، إلى ما سيأتي من الزمن، هذا الماضي المنسوج بدقة، أبدعه إنسان حسابي رياضي عاقل وجاهل، ومهم أن نعود إليه دائماً وأبداً فهو الذي يمسك بنا من الخلف، يمنع عنا السقوط في الهاوية، فإن تخلينا عنه فنحن سائرون إلى هلاك لندرسه دائماً وأبداً ونتدارسه لنختلف معه أو نتفق ضمن حوارية راقية، ننفض عنه الغبار والتراكم الأسطوري لنظهره عالماً ننشده لعلمه العظيم، والذي لولاه لما تفكرنا ولما كان لنا أبعاد نسير إليها كمفكرين يجذبنا التفكير فيه.

د.نبيل طعمة