اختبارات

اختبارات

افتتاحية الأزمنة

الثلاثاء، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٦

نجريها ونخضعها ضمن مسيرتنا الحية التي تشير إلى أن في حياة كل رجل وامرأة تحديات نمارس معها مماحكات التحدي، ننفذها، نجرؤ عليها، نجتازها بقوتنا، أو نتراجع عنها نتاج ضعفنا، أطالب كل واحد منا، ذكراً كان أم أنثى أن يقف مستقيماً من دون اعوجاج، ويجري على وجوده عنواننا مما قام به، أو أنه يستعد للقيام بشيء ما، مثالاً نضربه، أنا أحب، ولكنني لم أعشق في حياتي لماذا؟
ما الفرق بين الحب والعشق والكراهية والانتظام والتغيير؟ أنا أكذب ولست مضطراً لفعل الكذب، أهي طبيعة كسبية، أم إنها جينٌ وراثي، أم اضطرار أمام الصدق؟ 
أنا أدخن وأريد الإقلاع عن التدخين، أيمكن لي أن أتخذ قراراً كهذا؟ من منا لا يحب النساء، وهل من أحد يستطيع الابتعاد عنهن، لأن الغرام وجد لهن. 
أنا لست مخلصاً في عملي، لأن الضغوط الحياتية أكبر مني، أفكر في ذلك دائماً، والأنثى كذلك تحلم بفارسها، فهل وصلت إليه، أم بقي خيالاً يداعب أحلامها، حتى وهي متزوجة، كم تبقى لي من الحياة، لا ضير في هذه المحاكاة إذا كانت الغاية الإسراع في الوصول إلى الأهداف الجيدة.
الشجاعة تعني أن تخترق خوفك المسكون فيك واختراق الرهبة والقشعريرة المنتشرة على جسدك، حاور فكرك في المسموح والممنوع، في الحلال والحرام، أغلق عينيك لحظة أن تغدو مسطحاً، وتأمل أن كل شيء حولك مسطح، فوقك، تحتك، حتى وإن كنت واقفاً، تأمل ذلك من أجل أن توجد ثقباً، تخترق منه بالنظر الوجود الخفي ورؤية الحياة وراء كل ذلك، لماذا أنت فاشل، ناجح، متقوقع على ذاتك، واقف من دون تقدم، متراجع، كم سراً تحمل بين جنباتك، وما الذي يحتويه صندوقك الأسود، حاول أن تخرج ما فيه من دون أن يراك أحد، جرِّب وارمِ كل شيء بعد ذلك، كي تبدأ من حيث أنت وصلت، هل نتوقف عن لوم الآخرين؟ فما الذي نخشاه من لومنا لأنفسنا؟ وكيف نتعامل مع أحزاننا وأفراحنا؟ لماذا تنبض قلوبنا، وبماذا تهمس لنا عقولنا؟ 
اعلموا أيها السادة والسيدات، وهنا أعكس المقدمات التي تمسكنا بها زمناً لا يستهان به لأنها خاطئة، فآدم أولاً وحواء ثانياً، وفي المنطق أنهما نبتا من الأرض، أو هبطا من الجنان معاً، وسارا معاً، فكيف بنا نقدم السيدات على الرجال؟ معادلة ينبغي تصحيحها، لأنه يساكنها سراً، ويتزوجها علانيةً، ويبحث عنها كي يقوم عليها أو تقوم عليه من باب القوامة، فالتصميم الأزلي تمَّ من أجل أن يدخل المفتاح في القفل، وإذا ضاع القفل، أو أنه لم يكن موجوداً فلا حاجة للمفتاح.
ممَّ تخاف أيها الإنسان؟ من الفقر، من المرض، من الموت، من البحث عن الغنى، من فائض الغنى، من القوة، من الضعف، كل ذلك متوافر أمامك، اعلم أنك أنت الذي تختار واحدة أو مفردة أو حالة من كل ذلك، وأنت وحدك بإرادتك تتمسك بها، ولا تريد أبداً التنازل عنها.
هل جربت مرة أن تقوِّم أداءك السلبي والإيجابي؟ لا تخف، فالذي يخاف لا يحب، والذي يحب لا يخاف، الخوف عبودية، والحبُّ حرية، والحذر واجب، والخطيئة فعل إنساني، أنتَ ربُّ أسرة وربُّ عمل، وأنتِ أم أسرة وربة منزل وربة تاريخية، وإذا الإنسان بجزأيه امتلك الربوبية فلمن نتجه؟ طبعاً لا بدَّ من وجود ربٍّ لكل هؤلاء الأرباب، وطبعاً هو ذكر، ولماذا لأنه رب مجهول.
تعالوا نبحث عنه، الأطفال وحدهم يسألون بجرأةٍ أين الربّ؟ ما شكله وما ماهيته؟ ووحدهم يبحثون عن التصالح معه من دون خوف أو رهبة منه، إنهم وحدهم يخافوننا لكوننا أرباباً، ولا يخافونه لأنه ربُّ الأرباب، لذلك أجد أن علينا أن نحبِّبَهم فينا أولاً، فيحبونه تلقائياً، اسألوا أنفسكم بماذا وكيف نجيبهم عنه؟
أساطير القادمين إلى الحياة لا نذكرهم أمام الأولين الذين غادروا بعيداً أو قريباً منا، نستحضر الماضي من دون أن ندري، أو نتدارس المستقبل بعين الماضي ذاتها، والزمن هل ثابت أم متحرك، هل حاولنا البحث فيه، وأننا نحن الزمن الذي يتحرك؛ أي إننا نحن عقارب الساعة الثابتة أبداً من دون حراك، من أجل أن نعلم أين أصبحنا، ولدنا أطفالاً، وغدونا شباباً، وأصبحنا رجالاً ونساءً، وذهبنا إلى الكهولة، وبعدها إلى الشيخوخة، تبدلت هاماتنا وقاماتنا وحركتنا النشطة إلى مسير هادئ، بتنا أكثر هيبةً ووقاراً ورزانةً وتفكراً وافتكاراً مما كنا عليه، فأين نحن من كل ذلك، وإلى أين ذاهبون؟ والسؤال الأدق: ما ماهية كل ما فعلناه أو أنجزناه، أعلناه أو أخفيناه، هل يمتلك الغني ذاكرة فقره، والقوي بدايات ضعفه، وبأنَّ الأستاذ كان تلميذاً، والمفكر كم نعته الآخرون بالغباء، والمتديّن وبدايات جهله، والقائد ودرجات صعوده.
إلى أين أيها الإنسان أنت سائر؟ كيف بك تتعامل مع وجودك، وهل تفكرت بأنه لا يمكن لك أن تقتل، أو تسرق، أو تغتصب إلا بعد أن تقتل نفسك، وتسرق ذاتك، وتغتصب حضورك.
لمن تصلي، لمن تصوم، ولمن تحجّ، ألا ينبغي أن نعلم لمن؟ هل اللـه يحتاج منا ذلك؟ أم إنها حاجات وجدت بغاية تطهير أنفسنا بها، وتمسكنا بأدائها، تحولنا إلى صالحين اجتماعياً وإنسانياً، فهل نحن على ذلك، أم إننا نبقيها لله، نقدمها له من دون أن نقدم لأنفسنا، فترانا واقعين دائماً في الخطيئة، نرتكبها بحق بعضنا، ومن ثمَّ نرميها على الإله، لندرك أن ما نصنعه هو من صنعنا، وما نفعله هو نتاج أفعالنا، والذي نعزوه إليه، ونرميه عليه، هو ذاك المنتج الرديء الذي أنتجناه من خوفنا وضعفنا، فحينما نكون أقوياء لا نرى الضعفاء، ولحظة أن نصل إلى الضعف، نحسد ونغار من الأقوياء، نحن بشر، والبشر عرَّفته كثيراً فيما مضى بأنه بدء شرٍّ وشراهية، وعدم الاكتفاء من لغة أريد التي لا تنتهي إلا بالنهاية المحتومة، فكم نحتاج إلى القناعة التي تحاول أن توقفنا عندها، والكل يتجاوزها بالتغافي، والغافل عنها محكوم لا محالة.
اختبارات ذاتية، الضرورة تدعونا لإجرائها والتوقف عند نتائجها بين الفينة والأخرى، أو حينما يسمح العقل بالقيام بها، طبعاً بعد أن ندرك أن ثقتنا بالله تؤدي إلى ثقته فينا، تعالوا نختبر ذلك.
د. نبيل طعمة
مع احترامي وتقديري لجريدة الوطن السورية قد قامت بحذف الكلمات الملونة التي غايتنا منها إيجاد مصارحات بنيوية أدع لكم التأمل فيها 
شكراً لكم قرائي الاعزاء وشكراً لصحيفة الوطن السورية التي قدمتني إليكم 
إنها مادة اختبارات فكرية قابلة للنقاش