الفلاح في حسابات البيدر.. بين مرمى التاجر والتدخل الخجول للسورية للتجارة!

الفلاح في حسابات البيدر.. بين مرمى التاجر والتدخل الخجول للسورية للتجارة!

أخبار سورية

الأربعاء، ٧ يونيو ٢٠٢٣

محمد العمر
 
تتواصل معاناة الفلاح في تسويق محصوله بشكل متكرر في كل موسم، خاصة في ظل وجود فوائض إنتاجية وقدرة شرائية ضعيفة من المواطن، ليكون مصير أي محصول زراعي للحلقات الوسيطية التي تأخذ الإنتاج بسعر متدن، أو لمؤسسات التدخل كالسورية للتجارة التي بالكاد تغطي جزءاً من تكاليف الفلاح، ولكن تبقى هذه الأخيرة حسب قول المنتجين أفضل من حلقات السمسرة، فهي على الأقل تحقق توازناً في معادلة الإنتاج والتسويق وترضي المستهلك والفلاح معاً.
 
وفر
 
ويشير الفلاحون اليوم أن السورية للتجارة باستجرارها المحاصيل الزراعية وما تقدمه في هذا الجانب من عبوات بلاستيكية وتأمين وسائل النقل، يوفّر عليهم مبالغ جيدة تتراوح بين 15 و20 بالمئة على الكميات التي يتم تسويقها من الإنتاج  خاصة أن تكاليف الصناديق ارتفعت وأجور شحن البضاعة اختلفت عن العام الماضي بكثير، ولكن هناك أمور يجب أن تعالجها السورية للتجارة كالسعر المنخفض للمحصول وزيادة التسويق بكميات إنتاجية أكبر.. ويبقى تدخلها -حسب قولهم- أرحم من احتكار التجار وسطوتهم بفرض أسعار متدنية ليست منسجمة مع الواقع، ليطالب المنتجون السورية للتجارة برفع أسعار المحاصيل المستجرة من قبلها  كونها تعتبر منخفضة، وبالكاد تغطي التكاليف، حيث أنها لا تعطي المزارع هامش ربح جيد، ناهيكم عن استجرار كميات قليلة لا تفي بالعملية التسويقية!.
 
ويتساءل الفلاح مثلاً في مادة البطاطا عن كيفية تسويق إنتاجه الوفير هذا الموسم خاصة أن الأسعار على أرض الواقع متدنية ولا تكاد تغطي التكلفة المدفوعة، مما جعلهم يتعرضون لخسائر ضخمة حين يتم بيعها للأسواق بسعر 800 و900 ليرة وتكلفتها تتجاوز 1300 ليرة للكيلو الواحد، كذلك الثوم فهو خاسر حين يباع بأقل من ألف ليرة بالسوق، سيما أن تكلفته تبلغ أكثر من 2500 ليرة سورية، ووجد الفلاحون في فتح باب التصدير من الوفرة الموجودة لمحصولي الثوم والبطاطا متنفساً لتغطية جزء من الخسائر كون الأسعار ارتفعت قليلا بعد فتح التصدير.
 
دور إيجابي
 
مدير السورية للتجارة في دمشق سامي هليل بدوره  أكد أن المؤسسة تلعب دوراً ايجابياً في دعم الأسواق من خلال عاملين أساسيين هما الدور الوسيط عبر الشراء من الفلاح مباشرة، والبيع بسعر أقل من السوق كدعم للمستهلك، وأشار هليل إلى أن هذا التدخل بدون وساطة يوفر على الفلاح كثيراً من العناء والنفقات يبدأ من تأمين العبوات والصناديق وتوفير أجور النقل والشحن عبر الآليات التابعة للمؤسسة وينتهي عند الكمسيون الذي  تأخذه أسواق الهال من الفلاح، لافتاً إلى أنه يتم توفير نسبة جيدة للفلاح من المال في الكيلو الواحد عندما تأخذه السورية للتجارة مما ينعكس بشكل إيجابي أيضاً على المستهلك بسبب توفير المادة له بسعر منافس ومنخفض عن السوق.
 
وأوضح هليل أن الأسعار الموضوعة للفلاح بالشراء مباشرة تتم دراستها من قبل المؤسسة وتحدد لاحقاً لتكون مناسبة في البيع، فالهدف من هذا التدخل هو تأمين المادة بأسعار معتدلة ومنافسة للسوق المحلية، لافتاً إلى أن أسعار الخضار والفواكه  تشهد حالياً انخفاضاً ملحوظا في جميع صالات المؤسسة السورية للتجارة مقارنة مع الأسواق ولاسيما البندورة والخيار والبطاطا والكوسا والباذنجان والفول والبازلاء.
 
ما يهم المزارع!
 
إن ما يهم المزارع بنهاية الموسم حسب رئيس غرفة زراعة دمشق الدكتور بشار الملك هو تسويق إنتاجه والحصول على أرباح تغطي تكاليف الإنتاج دون خسائر، مبيناً أن تكاليف الإنتاج تزداد يومياً من محروقات وأسمدة وأجور عمال للأرض، وكل هذه الأسباب ستؤثر بشكل رئيسي على المستهلك وعلى المزارع، ويخشى المنتج بالتالي من أن يحصل  فائض وعدم قدرة على تصريف محصوله.
 
وأشار الملك إلى أن الفلاح أمامه خيار التسويق للمؤسسة السورية كتخفيف من استغلال حلقات البيع الأخرى كالسماسرة والشقيعة، حيث أن المؤسسة السورية  تستجر المحاصيل من المزارعين مباشرة وتقوم بتخزينها في مراكز التخزين والتبريد التابعة لها وتطرح المواد المستجرة من الفلاح  في وقت الذروة، لتكون بمتناول المواطن وبأسعار ملائمة  كمحصول البطاطا الذي استجرته المؤسسة في وقته وخزنته في مراكزها ولقي آثاراً ايجابية على السوق وكانت أسعاره مستقرة إلى اليوم حول 1500 ليرة سورية، لافتاً إلى أن دعم الفلاح والشراء منه سيسهم بشكل كبير بإعطائه حقه، إضافة إلى ما ينعكس على الأسعار في الأسواق ويخفضها.
 
لو تدخلت!
 
يرى الخبير الاقتصادي والزراعي محمد القاسمي أن العملية التسويقية هي ما تواجه الفلاح اليوم، حيث بات الهاجس الوحيد له ضمان بيع محصوله دون خسائر، مبينا أن الدور المناط بالسورية للتجارة اليوم يجب أن يكون أكبر من ذلك، فهناك -حسب قوله- صلاحيات ممنوحة للسورية للتجارة لاستخدام دورها بالشكل الأمثل لاستجرار الخضار والمنتجات الزراعية من المزارعين  دون عوائق  وذلك عبر تفعيل تدخلها الإيجابي بالأسواق لمصلحة المنتج والمستهلك وزيادة عدد منافذ البيع والتوسع بجميع المناطق، واليوم هناك توصية من اللجنة الاقتصادية بتكليف وزارة التجارة الداخلية باستجرار المنتجات من المزارعين عبر المؤسسة السورية ومنها مادتي البطاطا والثوم لطرحها بشكل مباشر في صالات ومنافذ المؤسسة بأسعار منافسة، وتخزينها أيضاً بكميات تتوافق مع الطاقة التخزينية وحسب الإمكانيات.
 
وأشار القاسمي إلى أن هناك مليارات الليرات تمنح كسلف مالية سنوياً للسورية للتجارة لتمكينها من استجرار بعض المواد المدعومة وتقديمها للمواطنين، فضلاً عن منح أولويات تمويل التوريدات إلى مكونات السلة الغذائية وقوائم الأدوية ومدخلات العملية الإنتاجية على وجه التحديد، لافتا إلى أنه على السورية للتجارة أمام هذه الامتيازات القيام  بدور أشمل، وأن تعمل على مبدأ التعاقد مع المزارعين من بداية الإنتاج في الحقل، الأمر الذي ينعكس على العملية الإنتاجية الزراعية ويحسن من استثمارها بالشكل الجيد.
 
ولو تدخلت السورية للتجارة في شراء المحاصيل الزراعية بالوقت المناسب حسب الخبير التنموي أكرم عفيف، لأنقذت الفلاح من وقوعه بالخسائر المتتالية، لكنها تتدخل للأسف متأخرة، وإن تدخلت، فهي بشكل خجول، فمثلا محصول الثوم  لو أخذته كثوم أخضر من الحقل وباعته بشكل مباشر لاستفادت واستفاد الفلاح بتصريف الإنتاج دون خسائر، فشحن الإنتاج بسيارات تابعة للسورية للتجارة دون تحميل الفلاح أية تكلفة أو عناء، ومن ثم طرحها في الصالات والمنافذ التابعة للفرع في دمشق وبغيرها من المراكز بأسعار منافسة ينشط العمل الزراعي ويحل مشكلة التسويق والتحديات الأخرى،  مشيراً إلى أن المطلوب من السورية للتجارة أيضاً دراسة تكاليف الإنتاج قبل تحديد السعر، مع منح المزارع هامش ربح لتحفيزه على الاستمرار بالزراعة.
 
ايجابي!
 
فالدور الذي تقوم به المؤسسة السورية للتجارة كما يقول أمين سر جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها عبد الرزاق حبزة هو إيجابي ويحقق الغاية المرجوة منه، لكنها بهذه الصفة من التدخل تحتاج للدعم الحكومي الأشمل فيما يتعلق بزيادة عدد مراكز التخزين والتبريد وتأمين حوامل الطاقة سواء لمراكز التخزين أو تأمين سيارات النقل التي تعتبر حجر الأساس في نجاح عملية التدخل الإيجابي.
 
وبحسب حبزة استطاعت المؤسسة السورية باستجرار المحاصيل كالبطاطا والحمضيات والتفاح والخضار المختلفة من كسر السعر في الأسواق وتخفيف خسائر المزارعين ولو نسبياً، ومن جهة أخرى فإن تلك المنتجات بهذه الخطوة حافظت على استقرار أسعارها وأنصفت الفلاح إلى حد ما من خلال تصريف منتجه مباشرة، وهذا الأمر انطبق على مادة السكر والزيت أيضا عندما تم طرحها عبر البطاقة الالكترونية مما قلص من حدة ارتفاع الأسعار في التوقيت المناسب، لافتاً إلى أن استجرار المنتجات من المزارعين مباشرة  يكسر الحلقات الوسيطة التي تؤثر بشكل سلبي على المنتج والمستهلك في آن واحد، ناهيك عن تقييد استغلال فترة قلة العرض وحدوث الفوضى بالأسواق.
البعث