لحوم “مجهولة المصدر” تباع في وضح النهار.. وجمعية اللحامين تمتنع عن التوضيح!

لحوم “مجهولة المصدر” تباع في وضح النهار.. وجمعية اللحامين تمتنع عن التوضيح!

أخبار سورية

الأحد، ١٦ أبريل ٢٠٢٣

انسحبت مادة اللحوم الحمراء والبيضاء، على ما يبدو، من على موائد الغالبية العظمى ممن وجدوا بإضافة مكعبات الدجاج وسيلة للتحايل على طعام أطفالهم، وذلك بعد أن لامس سعر الكيلو منها أجر الموظف الشهري، الأمر الذي استغلته فئة قليلة من تجار وهميين افترشوا، في أغلب المحافظات، بسطات مؤقتة لبيع لحوم “مجهولة المصدر”، مقطعة وجاهزة للبيع، بسعر يقل عن سعر المحال التجارية بعشرة آلاف ليرة، لجذب المستهلكين الذين وجد البعض منهم ضالته بهذه البسطات.
تنظيم ضبوط
وعلى الرغم من وجود هؤلاء التجار في وضح النهار في شوارع دمشق وريفها، وفي أرياف باقي المحافظات، إلّا أن دوريات الرقابة والتموين – حسب ما أكده مصدر في الضابطة التموينية بريف دمشق –  لم تستطع ضبط  جميع هؤلاء الأشخاص، لعدم استقرارهم في مكان معيّن خشية توقيفهم، في حين تم تنظيم عدد من الضبوط المخالفة ببيع لحوم “مجهولة المصدر”، تحت أشعة الشمس، وبعيداً عن الرقابة الصحية، لافتاً إلى أن عددا من البسطات التي تم ضبطها كانت تشهد إقبالاً على الشراء، من مواطنين غير آبهين بالمخاطر الصحية الناجمة عن تناول هذه اللحوم، وغيرها من المواد والسلع المنتهية الصلاحية أو المجهولة المصدر، والتي تباع عن طريق هذه الفئة.
امتناع!
وفي محاولتنا التواصل مع جمعية اللحامين لمعرفة مصدر اللحوم المُباعة على البسطات، امتنع رئيس الجمعية، أدمون قطيش، عن الإدلاء بأي تصريح. وفي المقابل تحدث رئيس الجمعية في دمشق، محمد يحيى الخن، عن انخفاض نسبة الاستهلاك إلى أكثر من النصف لأسباب كثيرة، أهمها انعدام القدرة الشرائية للمواطنين في ظل ارتفاع سعر المادة بشكل كبير، وعدم التزام التجار بالتسعيرة الموضوعة منذ أكثر من عام كونها بعيدة عن التكلفة الكبيرة التي يتكبدونها. ولم يخف الخن أن ارتفاع سعر اللحوم سيستمر خلال فترة عيد الفطر، كونه “موسما” بالنسبة للمربين والتجار، مبيناً أن التهريب وارتفاع سعر الأعلاف يأتي في مقدمة أسباب ارتفاع اللحوم. وشدد الخن على أن  اللحوم المباعة على البسطات هي لحوم مذبوحة خارج المسالخ،  وتباع في غير المحلات المرخصة، بالتالي هي  لحوم مخالفة.
تدهور سابق
ومن وجهة نظر عبد الرحمن قرنفلة، المستشار الفني في غرف الزراعة، فإن تدهور الثروة الحيوانية في بلدنا ليس وليد عام أو عامين، خاصّة وأن القضاء على الثروة الحيوانية السورية كان واحداً من أهم  أهداف الحرب على بلدنا، كما ساهم الحصار الاقتصادي المفروض من قبل الغرب على البلاد، والاحتلال الأمريكي  لمساحات من البادية السورية  التي تشكل مورداً مهماً جداً للمراعي الطبيعية، في تدهور واقع الثروة الحيوانية، وكان هناك انخفاض حاد بأعداد الحيوانات، بشكل عام، نتيجة حرمان قطعان الأغنام والماعز من ارتياد المراعي الطبيعية المجانية وتهريب أعداد كبيرة من الغنم إلى دول الجوار من قبل المسلحين وذبح إناث القطعان ومنع وصول الأعلاف والأدوية البيطرية  إلى مناطق تواجد الثروة الحيوانية بالأرياف، وكذلك منع نقل منتجاتها إلى مناطق الاستهلاك بالمدن فضلا عن قيام العصابات الإرهابية بتدمير عدد كبير من مصانع الأعلاف ونهب مستودعات العلف وتدمير أماكن إيواء الأبقار. وهذا الواقع أدى إلى تراجع كبير في حجم المتاح للاستهلاك من منتجات الحيوانات (حليب ومشتقاته ولحوم وصوف وشعر وجلود..)، وبذلك تراجع نصيب الفرد من تلك المنتجات قياسا لما كان قبل الحرب.
تذبذب السعر 
ولفت المستشار الفني إلى أنه، ورغم استقرار الوضع العام نسبياً بالبلاد، لم تعد الثروة الحيوانية قادرة على تلبية الطلب المحلي على منتجاتها، هذا في ظل استمرار ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج متأثرة بتغير سعر صرف العملة المحلية تجاه سلة العملات الأجنبية التي يتم استيراد مستلزمات الإنتاج بها، وفي مقدمتها الأعلاف. ولفت قرنفلة إلى وجود تناسب طردي بين ارتفاع أسعار لحوم الأغنام والأبقار وبين حجم الطلب على لحوم الدجاج، فكلما ارتفع سعر اللحوم الحمراء ازداد الطلب على لحوم الدجاج، ما يزيد من الضغط على قطاع الدواجن، وكل ذلك في ظل خروج أعداد كبيرة من مربي الدجاج من حلقات الإنتاج نتيجة عدم قدرتهم على تمويل تكاليف الإقلاع بدورات إنتاج جديدة، بفعل ارتفاع أسعار الأعلاف بشكل خاص.
وفيما يتعلق بتذبذب سعر اللحوم الحمراء، أشار المستشار الفني لغرف الزراعة إلى خضوع أسعار اللحوم بالأسواق إلى اتجاهين، إما التسعير الحكومي وهو السائد في مراكز المدن، أو قوى العرض والطلب في القرى والمدن التي لا يوجد فيها تسعير حكومي، مشيراً إلى أن تهريب الثروة الحيوانية أمر خطير جداً على الأمن الغذائي وعلى الاقتصاد الوطني، ويساهم بخفض المتاح من منتجات الحيوانات، ويخلق فجوة في قاعدة الأمن الغذائي يزداد اتساعها بزيادة حجم التهريب. وفيما يتعلق باللحوم المخالفة والمجهولة المصدر، يرى قرنفلة أن مسؤولية معالجتها تقع على عاتق أجهزة الإدارة المحلية والسلطات الصحية لاسيما أنها تعتبر مصدر خطير لعدد كبير من الأمراض المشتركة والمحتمل انتقالها من الحيوان للإنسان، وبعضها قد يسبب الموت.
ميس بركات