الحاجة تكسر تقاليد سوق العمل في سورية.. نساء «يتسللن» إلى مهن كانت موقوفة للرجال

الحاجة تكسر تقاليد سوق العمل في سورية.. نساء «يتسللن» إلى مهن كانت موقوفة للرجال

أخبار سورية

الأحد، ٢ أبريل ٢٠٢٣

 بشرى سمير: 
 
لا تزال هناك نظرة مجتمعية قاصرة  لعمل المرأة  تحمل في طياتها الكثير من التناقضات، ففي الوقت الذي أصبحت فيه الأغلبية تتقبل عمل المرأة  للمساهمة في تحمل أعباء المنزل مع زوجها، لا تزال هذه النظرة قاصرة، إذ تحصر عــمل الــمرأة في مهن وأعمال معينة تعدّها مناسبة لأنوثتها.
 
لكن هناك الكثير من الفتيات اللواتي رفضن هذه النظرة، وخضن مجالات عمل كانت حكراً على الرجال.
 
تقول حنان، تعمل نادلة في أحد مطاعم دمشق، إنها لم تفكر كثيراً فيما إذا كان عملها نادلة يناسب أنوثتها أو لا، فيرضيها أنها تكسب قوتها من دون أن تعتمد على أحد، وتشعر بسعادة غامرة عندما ترى وجوهاً سبق أن زارت المطعم.
 
وشعرت بالارتياح والرضا بالتعامل معها، وتشير إلى أن ما كان قبل سنوات أمراً مرفوضاً، بات اليوم حالة طبيعية، والفتيات العاملات كنادلات في ازدياد، لأن العمل ليس عيباً، والفتاة هي من تفرض طريقة التعامل معها، أما الشابة عائشة الموصلي فقد وجدت في قيادة السيارة والعمل سائق ميكرو باص، لتوصيل الأطفال في إحدى الرياض عملاً شريفاً رغم استغراب الكثير من الناس في الشارع لعملها.
 
وتشير حمدة التي تعمل عتالة في سوق الخضار، إلى أن عملها يحتاج إلى قوة بدنية تستطيع معها حمل ونقل البضائع، ولفتت إلى أنها  في البداية عانت من التعب وألم في الظهر، لكن سرعان ما تعودت وهي الآن تعمل مثلها مثل الرجل، فيما اختارت الشابة ريم مهنة التصوير الفوتوغرافي في حارات وأزقة الشام القديمة، والتقاط الصور التذكارية للزبائن من الشباب والشابات، مشيرة إلى أنها في البداية عانت من بعض المضايقات، لكنها بإصرارها وشغفها بالتصوير استطاعت أن تثبت جدارتها، وتفرض احترامها، واليوم باتت معروفة ولها زبائنها، وتشير إلى أن العمل الوظيفي لم يعد حلم الفتاة الطموحة التي تسعى إلى تحقيق التميز، أو إلى تأمين حياة معيشية مقبولة، وآثرت العمل الحر لأن المردود المادي الشهري للعمل الوظيفي ضعيف.
 
ليست  حكراً على الرجال
 
لكن السؤال: هل بات المجتمع يتقبّل عمل المرأة في مجالات كانت حكراً على الرجال، تجيب عن هذا السؤال  الباحثة الاجتماعية  الدكتورة حنان ضاهر، مشيرة إلى أنه عبر العصور ترسخ مفهوم تفوق الرجل على المرأة في المجتمعات، وأسندت إليه الأدوار القيادية في المجتمع، وظل ينظر لنفسه نظرة استعلائية، معتمداً بذلك على قوته الجسمانية وتكوينه العضلي، ما أدى إلى زيادة اتساع الفجوة، بين مكانة الرجل ومكانة المرأة في المجتمع، إلى أن أصبحت المرأة بمكانة المتاع الذي يورث.
 
نفضت غبار التهميش والتبعية
 
وفي ظل سياسات الانفتاح الثقافي والاجتماعي، أضحت المرأة في مجتمعاتنا تعيش في صراع ما بين رغباتها المكبوتة، في تحقيق ذاتها وطموحاتها من جهة، والقيم والأفكار المجتمعية من جهة أخرى، إلى أن تصالحت مع ذاتها وأخذت قرارها بنفض غبار التهميش والتبعية عن نفسها وعقلها، فخاضت معترك الحياة العملية، وأثبتت مقدرتها على التميز والتفوق في كل ميادين العمل من دون استثناء واعتزت بنفسها وبإنجازاتها، وظهر مصطلح المرأة القوية القادرة على  تحمل المسؤولية، وتحدي المجتمع  وكسر القالب الاجتماعي الذي جمدها  في أدوار الأم والموظفة الإدارية والمعلمة، لتصبح فيما بعد الإعلامية والمهندسة والطبيبة والمقاتلة في صفوف الجيش شأنها شأن الرجل، وتبوأت مناصب مختلفة، منها الوزيرة والقاضية ورئيسة تحرير في مجال الإعلام، وبقفزتها النوعية هذه تصالحت مع المجتمع، الذي طالما شكك بأهليتها للقيادة والرئاسة، وقدرتها على إحداث توازن ما بين دورها الأسرى والوظيفي.
 
وللإجابة عن السؤال المطروح في  البداية ترى الدكتورة ضاهر أن  التوعية التي تغرسها الأسرة  في أطفالها منذ الصغر، تلعب دوراً كبيراً في  هذا الأمر، فإذا كانت الأسرة تشجع عمل المرأة  في كل المجالات، ولا يوجد تفرقة بين الذكر والأنثى عندها تكون عملية البناء سليمة للإنسان، وتالياً  بناء المجتمع، ولفتت ضاهر إلى أن المرأة أثبتت قدرتها على العمل في كل المجالات، وأظهرت  تفوقاً على الرجل، لكن للأسف لا تزال هناك بعض القوانين التي  تحتاج إلى تعديل لإنصاف المرأة أكثر وحمايتها.