هل نمتلك أسس البناء المقاوم للزلازل وكيف يمكن تفادي ما حصل مستقبلاً ولو جزئياً؟.. تساؤلات ما بعد الزلزال وإجابات عن ألسنة خبراء

هل نمتلك أسس البناء المقاوم للزلازل وكيف يمكن تفادي ما حصل مستقبلاً ولو جزئياً؟.. تساؤلات ما بعد الزلزال وإجابات عن ألسنة خبراء

أخبار سورية

الأحد، ١٩ فبراير ٢٠٢٣

 رشا عيسى:
اجتذب الضرر المهول الذي خلفه الزلزال الكارثة، العديد من التساؤلات حول مدى اعتماد أسس البناء المقاوم للزلزال، ولماذا تنهار بعض الأبنية رغم أن الدراسة الزلزالية سليمة والتنفيذ صحيح، وكيف نتفادى مستقبلاً ما حصل ولو بشكل جزئي؟ بينما لاتزال التشريعات القانونية والعقوبات المنضوية تحتها لا تتناسب مع حجم الفاجعة.
 
الأسباب المحتملة
وفي حديث خاص لـ«تشرين» قدم الأستاذ الدكتور علي إبراهيم خيربك – دكتوراه في علوم الهندسة المدنية وأستاذ تكنولوجيا المواد وصيانة المنشآت وتدعيمها في كلية الهندسة المدنية في جامعة تشرين- إضاءة على الأسباب المحتملة لانهيار الأبنية خلال كارثة الزلازل وكيف نتفادى مستقبلاً ما حصل ولو بشكل جزئي؟
وقال خيربك: لن ينسى السوريون فجر يوم الإثنين الواقع في 6 شباط 2023، وقد استفاقوا على وقع أبنية تتأرجح وجدران تسقط ومبانٍ تنهار خلال ثوانٍ معدودة. استغرق الأمر دقائق ليعي الناس أنّ ما حصل هو هزة أرضية ضربت بلدنا الحبيب وأصابت بشكلٍ مؤلمٍ محافظات اللاذقية وحلب وإدلب بشكل كبير وبقية المحافظات بشكلٍ أقل حدة.
 
تقسيم مظاهر الدمار
وقسّم خيربك مظاهر الدمار من الأشد إلى الأضعف، إذ إن هناك أبنية انهارت بشكلٍ كامل تاركةً كتلاً كبيرة من الركام وتحتها ضحايا كثر، أبنية انهارت بشكلٍ جزئي، سقط منها طابق أو أكثر وبقيت بعض الطوابق قائمة، إلى جانب أبنية سقطت فيها بعض عناصرها كجدران البلوك وعتبات النوافذ والأبواب وأسقف القرميد والأسقف المعدنية، وهناك أبنية تساقطت من جدرانها وأسقفها بعض قطع الإكساء من الحجر أو الرخام أو السيراميك أو الطينة الإسمنتية، وكذلك أبنية لم تظهر عليها ملامح واضحة للتخرب.
 
أسئلة متنوعة
يتساءل الكثير من الناس كيف لبناء أن ينهار وبجواره بناء آخر يبقى سليماً، وفي موقع آخر من الحي أبنية تنهار بعض عناصرها بشكلٍ محدود؟
 
تفادي خطر الانهيار من جراء حدوث زلزال في أي بلد من بلدان العالم هو أمر متعذّر، وأقصى ما يمكن إنجازه هو الحدّ إن أمكن من انهيارات كبيرة في عدد محدود من الأبنية
 
وهنا تكثر التحليلات والتكهنات كما يبين خيربك، فأحدهم يقول: إنه غش متعهدي البناء، وآخر يقول: إن الأبنية لم تصمم لمقاومة الزلازل، وثالث يقبل بقضاء الله وقدره ويقول إنها إرادة الله، ورابعٌ يقول إنه غضب الطبيعة.
ولكن بعد ما حصل من دمار ومحاولات المختصين والباحثين لتحليل المعطيات للوقوف على أسباب أشكال الانهيارات المختلفة، وبعد القيام بجولات ميدانية متعددة على عدد كبير من الأبنية التي تعرضت لأشكال مختلفة من الانهيار والضرر يؤكد خيربك أن الأسباب المذكورة سابقاً مجتمعةً وراء ما حصل من خراب ودمار.
عصي على الفهم
ويرى خيربك أن الزلازل من أكثر الظواهر الطبيعية عصياناً على الفهم، فكثيراً ما يتحدث العلماء والباحثون والمختصون عن التنبؤ بوقت حدوث الهزة، والتنبؤ بالشدة المحتملة للهزة، والتنبؤ بالاتجاه المحتمل للموجة الزلزالية، والتنبؤ بحصول هزات ارتدادية قد تكون أخف أو أشد من الهزة الأساسية، أي إن الأمر يتعلق دائماً بالتنبؤ وأنه من المستحيل الجزم بمعرفة أي حدث من الحوادث آنفة الذكر، ما يجعل تفادي حدوث الأضرار الناجمة عن الزلزال متعذّراً في أي بلد من بلدان العالم مهما بلغت درجة تطوره وتقدمه العلمي، فجميع النماذج الرياضية المستخدمة لحساب القوى والانتقالات الناجمة عن الهزة هي نماذج تقريبية واحتمالية تعتمد على إحصائيات سابقة وعلى تنبؤات قد تصدق أو تخالف الواقع، على عكس ما يحصل عند تصميم المنشآت الخاضعة لأحمال معروفة إذ تكون النمذجة الرياضية عندها دقيقة وتحاكي الواقع بشكل كبير.
أخطاء التنفيذ
من هنا يمكن القول إن تفادي خطر الانهيار من جراء حدوث زلزال في أي بلد من بلدان العالم هو أمر متعذّر، وأقصى ما يمكن إنجازه هو الحدّ إن أمكن من انهيارات كبيرة في عدد محدود من الأبنية.
أما فيما يخص أخطاء التنفيذ فمن المؤكد أنها تزيد في احتمال الانهيار وتسرّع من حدوثه، فاستخدام البيتون ذي المقاومة المنخفضة عن المقاومة التصميمية يزيد من احتمال انهيار العنصر، ونقص تسليح العناصر الحاملة وخصوصاً الأعمدة وجدران القص عن النسب التصميمية يسرّع أيضاً من احتمال الانهيار، وعدم مراعاة بعض التفاصيل الإنشائية عند التنفيذ كتكثيف التسليح العرضاني في مناطق القص الأعظمي يزيد أيضاً من احتمال حدوث الانهيار بسبب الزلزال، كما أن عدم مراعاة الأسس العلمية في اختيار تربة التأسيس وعمق التأسيس وشكل الأساس المستخدم يلعب دوراً أساسياً في ضعف مقاومة البناء للأحمال الزلزالية.
رقابة
ومن هنا وتفادياً لكل ما ذُكر من أسباب محتملة لضعف مقاومة البناء للأحمال الزلزالية نرى أن العامل الأهم والأكثر فاعلية في هذا المجال يتمثل في تشديد الرقابة الهندسية على تنفيذ المباني خاصةً كانت أم عامة، وعدم إعطاء أي إذن للصب قبل زيارة المهندس المشرف لموقع المشروع ومعاينة التفاصيل التنفيذية الخاصة بالقالب والتسليح بدقّة، ومطابقة ذلك للمخططات التفصيلية التنفيذية للمشروع، وأخذ عينات من المواد المستخدمة في أعمال البناء قبل استخدامها في المشروع للتحقق من مطابقتها بشكلٍ دقيق مع المواصفات القياسية الخاصة بها. يحصل هذا الأمر بشكل طبيعي في مشروعات القطّاع العام و يندر حدوثه بشكل كبير في مشروعات القطّاع الخاص.
 
خبرات
في سورية الكثير من المختصين القادرين على تقديم تصاميم خاصّة بالأبنية لمقاومة الأحمال الزلزالية، إلّا أن الخلل يأتي غالباً من ضعف الرقابة الهندسية، الذي يتسبب في مخالفة واقع التنفيذ للمخططات التصميمية وحدوث الانهيار المحتمل.
اشتراطات
بدأ العمل محلياً بالاشتراطات الخاصة بالزلازل منذ عام ٢٠٠٤ و ونُظِّمت اشتراطات وقواعد البناء الحديث وفق اشتراطات معينة خاصة ومأخوذة ومترجمة من «الكودات» العالمية، فصدر الكود العربي السوري لينظم العمل وفق تلك القواعد والأصول ولا يسمح ببناء طابقي برجي ولا يرخص من البلدية ولا من النقابة إلّا بعد التأكد من تحقيق تلك الاشتراطات كما يشرح لـ«تشرين» المهندس المدني منتجب عبد العزيز سلوم.
ويوضح سلوم أنه وفق (الكود) لا يشترط في البناء الذي يتألف من أربعة طوابق أن يحقق التصميم الزلزالي لكفاية بقية الاشتراطات الخاصة والأخذ ببعض القواعد التي تضمن الحد الأدنى لحركة الزلزال من أجل سلامة المنشأ أثناء تلك الحركة، أما أي بناء طابقي من أربعة طوابق فما فوق فلا يسمح ببنائه إلّا وفق الاشتراطات الزلزالية، ويصمم وفق برامج هندسية خاصة معروفة لدى كل المهندسين.
 
توجد عدة جمل إنشائية أثبتت فاعليتها في مقاومة قوى الزلازل والرياح وحتى القوى الناتجة عن اهتزاز القطارات أو الانفجارات العاتية في الحروب
 
احتراز هندسي
وعند سؤاله كيف يمكن تفادي مخاطر الزلازل هندسياً بأقل الخسائر، وما الذي يجعل المنشأ قادراً على تحمل الاهتزاز المتناوب غير المنتظم يقول سلوم: إنه مع حركة الزلزال يتحرك كل شي فوقه ويهتز باهتزازه، وفي الحقيقة توجد عدة جمل إنشائية أثبتت فاعليتها في مقاومة قوى الزلازل والرياح وحتى القوى الناتجة عن اهتزاز القطارات أو الانفجارات العاتية في الحروب منها، جملة الجدران القصية المنفردة والتي هي حوائط خرسانية كبيرة بأبعاد معينة تنتج عن التصميم والبرامج الحاسوبية، ويتم توزيعها حسب الدراسة الإنشائية الزلزالية وهي المعمول بها كثيراً في بلادنا، وتعد كافية ووافية للسلامة الإنشائية وبالتالي سلامة ساكنيها، وطبعاً لأننا لسنا في مناطق نشاط زلزالي كبير كما في اليابان وتركيا وإيران التي كلنا نعرف أنها تتعرض للزلازال بشكل دوري ومتكرر وكبير. ولا ننسى أن الجمل الجدارية القصية كافية إلى حدّ وعدد معين من الطوابق في البناء، وأساس كل شيء الدراسة الإنشائية الزلزالية، إضافة إلى جملة البناء الإطاري التي هي جسور خرسانية ساقطة تصل بين الأعمدة ولها أيضاً أبعاد واشتراطات معينة وفق الدراسة والتي غالباً ما تنتج في الأبنية البرجية العالية وتوجد الكثير من منشآتنا المبنية وفق هذه الطريقة، والجمل المختلطة جدران وإطارات وهي مزيج من الحالتين السابقتين حسب المصمم وما يحكم شروط تصميمه.
مسببات
هناك عدة عوامل ساهمت بشكل كبير في مضاعفة مخاطر الزلزال وسنحددها حسب كل منطقة كما يشرح سلوم، مبيناً أنه في محافظة حلب رأينا أن الأبنية المنهارة كانت في حلب القديمة التي عانت كثيراً ولسنوات من القذائف الصاروخية المتنوعة، ما أدى إلى إضعاف البنية الإنشائية الخاصة بتلك المباني، إضافة إلى عامل الزمن خاصة أن أغلب تلك المباني قديمة جداً وكان أغلبها يحتاج إلى إزالة والبعض الآخر يحتاج إلى تدعيم وترميم، العامل الثالث أن أغلب تلك المناطق هي أبنية عشوائية ولا تحقق الحد الأدنى من السلامة، لذلك لم نرَ أبنية في الحمدانية وحلب الجديدة تنهار وتتضرر بهذا الشكل الكارثي كما في بستان القصر والزهرة والكلاسة وأحياء حلب القديمة بشكل عام.
أما بالنسبة لمحافظه اللاذقية وإضافة إلى عاملي الزمن والبناء من دون ترخيص مع المصالحة عليه فيما بعد مع البلدية، فإن بعض الأبنية في مدينة جبلة واللاذقية كانت قديمة جداً وتحتاج إلى إزالة أو تدعيم وهنا التقصير يعم الجهات كلها، أما عن الأبنية الحديثة فهنا الكارثة الكبرى وفقاً لسلوم.
وأكد أن أهم مادتين في البناء هما الحديد والبيتون، ولا نقصد الإسمنت بل البيتون المجبول، فالحديد يجب أن يكون متوسط المقاومة لا عالي المقاومة ولا منخفض المقاومة، لأنه في الدراسات الإنشائية تتم وفق مقاومة شد خاصة بحديد التسليح وتتم على أساسها دراسة المنشأ، أما البيتون المجبول الذي هو بحص ورمل وإسمنت ومياه فله قياسات واشتراطات خاصة يجب أيضاً تحقيقها في البناء وتتم دراسة المنشأ على أساس مقاومة ضغط محددة في الدراسة الإنشائية.
 
اختبارات الحديد والبيتون
من أهم الأمور لدينا كمهندسين هي اختبارات الحديد والبيتون وما من مشروع إلّا تكون من ضمن أضابيره الخاصة الاختبارات على هاتين المادتين لضمان تحقيقهما المواصفات المطلوبة، فأي بناء منشأ يتم تصميمه على مقاومة الأحمال الشاقولية نتيجة وزنه ووزن ما يحمل والذي يقاوم تلك الأحمال هو البيتون القادر على مقاومة «العزوم» الناتجة عن تلك الأحمال فيقاومها الحديد الذي يقاوم الشد والبيتون يقاوم الضغط وبالتالي تعمل هاتان المادتان بثنائية رائعة متكاملة لحماية المنشأ واستمرار حمايته لعشرات السنين.
«ارتكاب» وفقاً للعُرف الهندسي
وانتشر مؤخراً وخلال سنوات الحرب العمل بحديد تسليح لا يحقق المواصفات المطلوبة وغير صالح للاستعمال في المنشآت السكنية وله للأسف الشديد معامل في هذا البلد، وأيضاً الكارثة الأكبر كانت بقيام بعض المقاولين بالعمل بحديد تسليح مستعمل الذي بأقل كلمة نقول إنه خارج عن العمل أي لا يقاوم أدنى قوى الشد في المنشأ، وهذا في عرفنا الهندسي إجرام بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لأنه أولاً لا يحقق المواصفات، وثانياً لا يتماسك مع البيتون كما الحديد وهو معرّض للطرق والتجليس بوساطة آلات معينة انتشرت مؤخراً ما يفقده الكثير من خواصه بل كلها. أما البيتون فلا يجبل وفق الشروط، وذلك بتقليل كمية الإسمنت اللازمة ونوعيات الرمل والبحص السيئة وعدم الالتزام بالنسب المطلوبة للمياه في الخلطة البيتونية، طبعاً هذان السببان جعلا الكثير من الأبنية الحديثة سواء في حلب أم اللاذقية أو حتى في إدلب تنهار عند حدوث الزلزال والهزات اللاحقة التي من المفروض أن تقاومها بكل أريحية وسهولة لو نفذت وفق المطلوب، إضافة إلى تغاضي البعض عن الدراسة الزلزالية الخاصة بالأبنية الطابقية وعدم الاكتراث.
 
الجهات المسؤولة عن المراقبة والإشراف ومنح أذونات الصب سواء من البلدية أم غيرها تعد مسؤولة وبشكل كبير عن الأبنية التي توافق بأن تشيّد
 
مسؤولية مشتركة
وبيّن سلوم أن الجهات المسؤولة عن المراقبة والإشراف ومنح أذونات الصب سواء من البلدية أم غيرها تعد مسؤولة عما حدث وبشكل كبير للسماح لهذه الأبنية بأن تشيّد، متمنياً على الجهات المختصة متابعة وملاحقة أصحاب العمل الربحي غير المسؤول وإلحاق أقصى درجات العقوبة بهم أياً كانوا من جهات حكومية أو خاصة لأنهم فاقموا كثيراً آثار الزلزال بجشعهم وطمعهم اللامحدود.
عقوبات لا تتناسب مع الكارثة
قانونياً لا تتناسب العقوبات الموجودة في القانون التي صاغها المشرع مع الكارثة التي عشناها، كما تؤكد المحامية رشا حبيب التي بينت أنه لا يوجد في قانون العقوبات أي نص قانوني يعاقب ويجرم من يقوم ببناء مخالف، لكن المرسوم التشريعي رقم (40) تاريخ 20 أيار 2012 نظّم الحد من البناء العشوائي والمخالف لنظام ضابطة البناء، والقوانين الأخرى التي تحدد وتصف الأبنية داخل المدن والبلدات والقرى من حيث ارتفاعها ومساحتها ومواصفاتها الهندسية اللازمة، ومدى متانتها وملاءمتها للشكل العام، وبطريقة تتوافق مع طاقات البنى التحتية مثل الطرق والصرف الصحي والكهرباء والماء والهاتف، وإمكانية استيعاب المركبات والقيام بواجب النظافة بالشكل اللائق.
وعرّف المشرع في الماد ة (1) من المرسوم التشريعي رقم (40) البناء المخالف بأنه البناء الذي يشيّد من دون ترخيص، أو أعمال البناء المخالفة للترخيص الممنوح.
 
محامية: لا يوجد في قانون العقوبات أي نص قانوني يعاقب ويجرم من يقوم ببناء مخالف
 
ونصّ هذا القانون على عقوبات للمخالفات المرتكبة بعد صدوره من هدم وسجن وغرامة ومصادرة الأدوات المستعملة فيها، إذ نصت المادة الثانية منه على أن تزال الأبنية المخالفة بعد تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي مهما كان نوعها وموقعها وصفة استثمارها أو استعمالها بالهدم، وترحل الأنقاض على نفقة كل من كانت المخالفة لمصلحته، كما فرضت غرامة مالية من ألفي ليرة سورية إلى عشرة آلاف ليرة سورية عن كل متر مربع على كل من تثبت مسؤوليته عن المخالفة سواء كان مالكاً أم حائزاً أو متعهداً أو مشرفاً أو دارساً للبناء أو قائماً بالتنفيذ، ويعاقب بالعقوبة ذاتها العاملون بالجهة الإدارية المقصرون في أداء واجبهم بالرقابة أو قمع المخالفة.
كما نصّ القانون على عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات على كل من تثبت مسؤوليته سواء كان مالكاً أو حائزاً أو شاغلاً أو متعهداً أو منفذاً أو مشرفاً أو دارساً للبناء، أو العاملين في الجهة الإدارية المقصرين في أداء واجبهم بالرقابة أو قمع المخالفة عندما يكون البناء المخالف غير حائز المتانة الكافية بحالة قد يتعرض فيها البناء للانهيار، وذلك بالاستناد إلى تقرير لجنة السلامة العامة بالمحافظة، أو كونه متعارضاً مع نظام البناء.
وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة وضعف الغرامة إذا حصل انهيار كلي أو جزئي في البناء ونجم الانهيار عن الإضافة أو التفريغ أو التعديل، إضافة إلى الحقوق المدنية للمتضررين، ولا تقل العقوبة عن عشر سنوات أشغال شاقة وثلاثة أضعاف الغرامة إذا أدى الانهيار إلى وفاة شخص أو أكثر إضافة إلى الحقوق المدنية لورثة المتوفى.
 
وبالرغم من العقوبات الشديدة التي فرضها القانون لمخالفات البناء، إلّا أنها لم تتمكن من معالجة هذه المشكلة التي تزايدت خلال سنوات الحرب الإرهابية ولأسباب متعددة، لكن يبقى الالتزام بالقانون المحدد وتعليماته التنفيذية الحالة الأسلم للحفاظ على الأرواح والممتلكات.