15 عاماً على “الخرابات” المهجورة.. سيناريو المشاريع الساخنة يفتح ملف الاستثمار البارد في حفر دمشق العملاقة!

15 عاماً على “الخرابات” المهجورة.. سيناريو المشاريع الساخنة يفتح ملف الاستثمار البارد في حفر دمشق العملاقة!

أخبار سورية

الأحد، ١٩ فبراير ٢٠٢٣

علي بلال قاسم
تحرّض شهور وسنوات الحفر وترحيل التراب في الحفرة العملاقة العائدة لمشروع فندق ومجمع الجلاء التجاري، الذي يفترض تشييده على رماد فندق الجلاء الرياضي المهدّم، شهية الحديث عن مشاريع أخرى مشابهة وقعت في الحفرة الكبيرة نفسها التي اشُتغل سنوات على إنجازها – إن صح تعبير الإنجاز نحو الأسفل – وخير مثال ذلك الموقع الذي يشهد عليه قلب دمشق (البرامكة)، والتي ابتليت بتلك البقعة الغائرة من الأرض منذ حوالي 15 سنة بلا أي استكمال أو متابعة تنفيذ لما اتفق عليه مع وزارة السياحة على أنه سيكون مخاضاً لولادة أبراج سورية والتي على ما يبدو بقيت حلماً عميقاً لا عالياً كما روّج لهما في ميدان الاستثمار السوري الحديث.
 
وإذا كان لسخونة المشهد في منطقة الحجاز (العقار 748) رسائل مشابهة لتلك الحفر الباردة، فإن السير على نهج نبض العمل في المشروع التجاري المؤلف من فندق خمس نجوم ومجمع تجاري، يعدّ ضرورة لاستثمار تصل تكلفته بالحدّ الأدنى إلى أكثر من 25 مليار ليرة سورية، حيث ترى أوساط عقارية واستثمارية أن مشروع “نيرفانا” من المشروعات الاستثمارية الضخمة جداً، والذي تمّ التعاقد عليه خلال ملتقى الاستثمار السياحي بنسخة طرطوس.
 
أثر منسي! 
 
في أجندة المشاريع التي يستحضرها الواقع، هناك مشروع في منطقة كفرسوسة، ومشروع كراج الحجز بالقرب من الـ “فورسيزون” ومشروع موقع خان سليمان باشا، ومشروع تنظيم غربي سوق الهال وتنظيم شرقي المرجة، وجلها استثمارات مصنفة في خانة الدرجة الممتازة والتي لم يكتب لها النجاح، وبقيت مجرد “خرابات” مهجورة، إلا من بعض بقايا اللوحات والمخططات القديمة والأسوار المؤقتة الدالة والراشدة لوجود مشروع هنا، ولكنها باتت مع مرور السنوات أثراً منسياً بلا أي حراك لشركات متعاقدة وأموال وتكاليف مليارية لم ينفق منها شيء سوى بالحفر وترحيل الأتربة دون أن تؤسّس لأي أعمال مقاولات أو خرسانات ولو حتى “صبة عضادة واحدة” تقلع العين، في وقت تعاظمت الأسعار وتضخم الاقتصاد الريعي والاستثماري حتى أصيب بالانتفاخ والتصلب!
 
سنوات الاستعصاء
 
قبل حوالي العام، استيقظت وزارة السياحة على نية إحياء مشاريع سياحية مجمّدة في دمشق، توقف العمل عليها منذ عشر سنوات، منها مشروع أبراج البرامكة (أبراج سورية) في وسط العاصمة، وعقدت اجتماعات بين وزارة السياحة ومحافظة دمشق للتوصل إلى حلول، وخاصة بعد مرحلة الاستعصاء التي رافقت ولادة عدة مشاريع سياحية كانت تحضر للتنفيذ قبل عام 2011، وقتها نستذكر ما أكده معاون وزير السياحة عن معالجة المشاريع المتعثرة من خلال ملاحق عقود ومنح التسهيلات، ليصار إلى توقيعها وإعطاء أمر المباشرة خلال الفترة القريبة القادمة آنذاك لعدد من المشاريع ذات الأهمية الكبيرة كـ “مشروع كفرسوسة”، إضافة إلى مشروع كراج الحجز بالقرب من الفورسيزون ومشروع أبراج البرامكة (أبراج سورية)، ولكن بعد عام لم يتحرك ساكن، و”مطّت” الفترة القريبة القادمة؛ كل ذلك ومسلسل الحفر والترحيل لا يزال سارياً في جبهة مشروع فندق الجلاء لدرجة أن ثمة خوفاً من رؤية هذا المشهد مكرراً في العمق الموغل.
 
بعين “النحس”
 
وكي لا نصيب حفرة الجلاء بـ “عين النحس”، ثمة أمل بالاستمرارية والبدء بالبند العمراني، عسى أن تلحق العدوى والغيرية باقي الحفر، في زمن يتخوف البعض من حدوث السيناريو نفسه لـ “بئر المزة الفسيح؟”، علماً أن الوقائع تسجل نشاطاً في مزيد من “العمق” فقط، والوقائع كذلك وثَّقت تحولات وتوجهات أصابت شركة أبراج سورية، عندما صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على قرار يقضي بحلّ الشركة بشكل كامل، بعد 12 عاماً، من توقيعها عقداً مع محافظة دمشق لإنشاء برجي البرامكة، مع التذكير أن التكلفة التي كانت متوقعة لإنجاز المشروع، في عام 2008، نحو 15 مليار ليرة، على أن ينجز بمدة تصل إلى ست سنوات.
 
متر فوق الأرض!!
 
ومع أن وثائق وزارة السياحة التي حصلت عليها “البعث” تفيد بالإعلان عام 2018 عن أن شركة “سورية القابضة” باشرت العمل في مشروع أبراج سورية في البرامكة بعد توقف لسنوات، لكن، ورغم ما سبق، استمر التوقف بالعمل، ما أدى لفسخ العقد مع الشركة من قبل المحافظة صاحبة أرض المشروع، ومنذ ذلك التاريخ لم يرتفع فيه أي متر فوق الأرض، ما يعطي صورة بأن قدر منطقة كراج بيروت وتجمع شركات النقل الداخلي والكرنك وسرافيس الريف -التي نقلت فيما بعد إلى كراج السومرية- وما يحيط بها، أن تبقى مجرد شوارع وأرصفة متخمة بالعشوائية وأشكال الفوضى وتجمعات البسطات، ولم تكن الأخبار التي صدرتها محافظة دمشق عن إعادة طرحه للاستثمار وفق نظام  “BOT”بعد أكثر من 10 سنوات من توقف المشروع، لتحويل كراج البرامكة بدمشق إلى منطقة تجارية سياحية، سوى ذرٍ في تربة هذه الأماكن المشوّهة.
 
وحسب المعلومات الموثقة في سجلات التنظيم العمراني لدى محافظة دمشق، فإن مشروع فندق ومجمع الجلاء التجاري يتضمن فندقاً من مستوى 5 نجوم مع فعالياته الخدمية ومجموعة مطاعم وتراسات خارجية، بالإضافة إلى خدمات ترفيهية متنوعة (مسبح، ملاعب رياضية، صالات ألعاب ونشاطات رياضية، سينما، بولينغ، وفعاليات تجارية) بسعة 400 سرير فندقي ومدة الاستثمار 45 عاماً، وتقدّر إيرادات المشروع بـ 100 مليار ليرة وبنسبة بدل استثماري سنوي 24% من رقم الأعمال المحققة، وحصة الجهة المالكة للمشروع 2.250 مليار ليرة سورية سنوياً.
 
أما بالنسبة لمشروع فندق الخمس نجوم والمجمع التجاري “نيرفانا” على العقار 748 في منطقة الحجاز، فتصل تكلفته بالحدّ الأدنى إلى أكثر من 25 مليار ليرة. كذلك بالنسبة للمشاريع السياحية المتوقفة على شاكلة “أبراج سورية” الذي تبلغ مساحته نحو 33 ألف متر مربع، وكانت مدة إنجاز المشروع المقدرة 6 سنوات، وأيضاً فندق مشروع تنظيم كفرسوسة من المستوى خمس نجوم وفعاليات متمّمة، وهناك مشروع كراج حجز المرور ومشروع موقع خان سليمان باشا.
البعث