بعد الكارثة.. دمشق الأقل عرضة لخطر الزلازل.. ومهندس معماري يوصي بالحذر ويطالب بلفت النظر للدراسات والبحوث والاشتراطات الآمنة

بعد الكارثة.. دمشق الأقل عرضة لخطر الزلازل.. ومهندس معماري يوصي بالحذر ويطالب بلفت النظر للدراسات والبحوث والاشتراطات الآمنة

أخبار سورية

السبت، ١١ فبراير ٢٠٢٣

بارعة جمعة:
إلى متى ستبقى أبحاث العلماء العرب حبيسة الورق، ومتى ستستفيد المؤسسات العربية من أبحاث أبنائها؟ تساؤلات لم تغب عن بال أحد منذ وقوع الكارثة، جاءت على لسان العديد من خبراء الاقتصاد والهندسة، ولاسيّما أنها كانت الأكثر تأثيراً في وجداننا الإنساني، بعد الوقوف لحظات عند تحذيرات أطلقها عالم الفلك فرانك هوجربتس، الذي أشار في إحدى تغريداته على تنبوئه بالزلزال المدمر، استناداً لبحث عربي للعالم العراقي الدكتور صالح عواضه من جامعة بغداد كلية العلوم، الذي اختبر فرضية المد والجزر والزلازل.
 
قراءة أكاديمية
واليوم تعود إلى الواجهة مجدداً استغاثات المكلومين ممن حصدوا الدمار والخراب، الذي لحق بمحافظات عدة كانت أبرزها حلب وحماة واللاذقية، فيما بقيت دمشق الأقل تأثراً من تبعات هذه الكارثة، التي تجسدت بالكثير من المخاوف والهواجس التي تلاحق قاطنيها منذ أيام.
في وقت مازال المختصّون يؤكّدون بأن ما حدث هو حوادث طبيعية داخل الأرض حسب رواية المهندس في اختصاص العمارة الواثق بالله ضويحي، الذي أرجع الأمر بطبيعته لانزلاقات صخرية وتصدّعات في القشرة الخارجية للأرض، والتي اختصرت بمعنى واحد وهو حركات جيولوجية.
كما أن للضغط والتقلّصات الداخلية أسبابها برأي ضويحي، والتي تأتي من البراكين أحياناً، التي تُحدث ضغوطات غير متناسبة تظهر على اليابسة بشكل انهدامات بالطرق وأساسات البناء غير المدروسة كالأبنية العشوائية، لعدم انتظام حمولاتها الموزعة بين حمولات مركزة وأخرى موزعة بانتظام، تعد أقل خطراً من المركّزة التي تمثل الأعمدة المنفردة المتواجدة بمحافظات حماة وحلب وبعض الأماكن غير المدروسة بشكل صحيح.
 
عكس التوقع
وترتبط منطقتنا جيولوجياً وفق تصريح ضويحي لـ”تشرين” مع مناطق الهزات والزلازل بين تركيا وحلب وحماة، فيما غدت دمشق الأقل عرضة من بقية المناطق، باستثناء مناطق ضمنها تحوي تجاويف أرضية خطرة والتي يمثلها مشروع دمر وبعض الأبنية القائمة بشكل رئيس على مزارع مثل مزارع الصنوبر في منطقة المزة، والتي من المعروف بأن لزراعة الصنوبر ضمنها السبب الأول لحدوث تجاويف بالأرض وبالتالي الانزلاقات.
وتنقسم الهزات بين خفيفة لا تتعدى الـ3 درجات وفق مقياس ريختر وثقيلة كالتي حدثت سابقاً، والغريب بأن لدى البعض هواجس عدة حول مدينة دمشق القديمة وتوقعات بانهيارها نتيجة هشاشة بنائها بمرور الزمن، ولكن الحقيقة وفق تأكيدات ضويحي عكس ذلك تماماً، لكون معظمها تحوي جدراناً موزعة بانتظام وبحمولات منتظمة أيضاً، فيما تبقى الأبنية غير المدروسة وضمن خط الزلازل مهددة أكثر.
ويضيف ضويحي: “نحمد الله أنه لم يحدث وسط البحر حتى لا نقول بأنه من الممكن حدوث تسونامي بالمنطقة الساحلية”، فاليوم لا تزال تتركز المخاوف برأيه ضمن مناطق الهزات في الشمال الغربي لسورية، فيما تبقى علامات تلي الاهتزاز كالشقوق العرضية من الأسفل للأعلى أو بشكل درج تؤكد احتمالية تعرض البناء للانهيار لاحقاً.
 
الاعتماد على الكود العربي في الدراسات الهندسية وتعليمات نقابة المهندسين في سورية، والعمل وفق مبدأ الالتزام بنظام ضابطة البناء
 
وأمام ما حدث مازلنا غير قادرين أن نجزم بأن هناك خطراً- الذي زال برأي ضويحي- فيما تبقى الهزات الارتدادية تتناقص بشكل ملحوظ، إلّا أنه لا يمكننا أيضاً التنبؤ بعدم حدوث حركة أرضية جديدة.
 
دراسات عربية
وفي سبيل الخروج من نفق التوقعات والمخاوف التي سيطرت على الشارع اليوم، خاطب المهندس الواثق بالله ضويحي المعنيين مطالباً الجميع الاعتماد على الكود العربي في الدراسات الهندسية وتعليمات نقابة المهندسين في سورية، والعمل وفق مبدأ الالتزام بنظام ضابطة البناء وعدم تجاوز مخالفات الأبنية، والعمل وفق إستراتيجية دراسة الطرق بشكل صحيح ورص التربة وفق التجارب المخبرية الصحيحة، واللجوء لخطط التوعية وأخذ الحذر من حدوث مثل هذه الهزات، وتفعيل إدارة الكوارث وتخصيص موازنة خاصة بها.
وأمام كل ما تم الحديث عنه والتأكيد عليه من أهمية دراسة المدن والتخطيط العمراني الصحيح، لا تزال محافظة دمشق تتحفظ عن التوضيح عن خططها المستقبلية في مواجهة هذه الكوارث، بالرغم من جهودنا الكبيرة في السعي للحصول عليها، والتي وفق تأكيدات المعنيين بها تُصنّف تحت بند “القضاء والقدر”.