العام الجديد.. نبض في حياة السوريين بانتظار إجراءات تنعش الأمل بالأفضل

العام الجديد.. نبض في حياة السوريين بانتظار إجراءات تنعش الأمل بالأفضل

أخبار سورية

الأحد، ١ يناير ٢٠٢٣

أجراس بابا نويل تُقرع في معظم الأحياء معلنة انتهاء العام الحالي، عام لم يكن سهلاً على السوريين في كافة يومياتهم التي كانت ضاغطة بكل تفاصيلها، وبعيداً عن الواقع المعيشي والاقتصادي الصعب والذي قضم الكثير من تفاصيل فرحة استقبال العام الجديد، إلا أن الأمل يبقى له وقعه في نفوس أبناء المجتمع المتعطشين للفرح وتبادل الابتسامات، حتى وإن كانت خجولة ومغلفة بالكثير من تفاصيل الحزن.
 
واقع جديد
 
الحاجة للنهوض من بين أكوام اليأس المحيطة بهم تجعل من عيد رأس السنة منصة مهّمة للأمل بانطلاق واقع جديد يأخذهم إلى محطات أخرى غير تلك التي كانوا يقفون عندها، عبر  الإصرار على إحياء طقوس الانتقال حتى وإن كان “من قريبو”، كما تقول السيدة نبيلة التي كانت حريصة على اصطحاب أطفالها الثلاثة إلى السوق لا للتسوق، وإنما لالتقاط صور لأطفالها مع بابا نويل وهو الحدّ الأدنى من الفرح لديهم، لعلّ وعسى يساهم ذلك في غسيل الأوجاع وتطهير الآلام والجراح وإنزال السكينة بالنفوس المتعبة لترتاح وتتجدّد.
 
ومن يتجول في السوق يجده مكتظاً بأشباه المتسوقين، ومعظمهم اجتمع في المكان ذاته لا يدري لماذا، ولكن كل ما يجول في الخاطر هو انتزاع بعض لحظات الأمل.
 
بابا نويل الذي تحول إلى شكل من أشكال الدعاية واستقطاب الزبائن عند التجار لم يعد يعني شيئاً للكثيرين وإن كان لوقع جرسه مازال بعض التأثير أقله التذكير بأن عاماً جديداً قد بدأ فجره بالبزوغ.
 
قرارات إستراتيجية
 
وليد الحمود يختصر المشهد فيقول: “عانى السوريون كثيراً خلال الأزمة من قلة الأمان بسبب الإرهاب وتقطع سبل العيش، وعدم وجود مصادر الطاقة الذي أوقف عجلة الإنتاج وجعل من دفع العملية التنموية مجرد شعارات ليس لها نتائج على أرض الواقع، وبعد الحصار الاقتصادي الشديد الذي يمارس عليها في كل مناحي الحياة أصبحت حياة المواطن السوري ضرباً من الخيال، فما يتحمّله اليوم مع انعدام دخله الذي لم يعد يكفي أجور مواصلاته مؤلم جداً وأصبحت الهجرة من الريف إلى المدينة سمة عامة”!.
 
ويضيف الحمود: “يبقى الأمل موجوداً بإيمان المواطن السوري بوطنه ورغبته بالحياة وقدرته على الإبداع والتكيف، لذا نأمل أن يحمل العام الجديد قرارات إستراتيجية تخصّ واقعه المعيشي، وتدفع عملية الإنتاج الزراعي والصناعي والحرفي إلى الأمام، وأن تصبح العملية التنموية عملية حقيقية منعزلة عن القرارات غير المدروسة، وأن يصبح التمثيل المجتمعي الإداري مبنياً على ضوابط إنمائية وعلمية حقيقية”.
 
رسالة مهمّة
 
إن حلول العام الجديد يشكل رسالة مهمّة، فهو يحيي في الإنسان رغبة الحياة وتجديدها، وكأنك ترى الحياة تبتسم من جديد، هنا تشير الاختصاصية الاجتماعية عهد العماطوري إلى أن الإنسان بطبيعته يبحث عن الفرح ليحقق السعادة، فيحرص على توفير الأسباب التي تؤدي لذلك، لذا ينتظر الناس المناسبات بشوق، وربما هذا العام لهفتهم أكبر مقارنة بالأعوام الماضية لتعويض ما فاتهم في فرح، لافتة إلى أن رأس السنة تحوّل إلى عيد ليشكل مناسبة لإدخال الفرح والسرور إلى قلوب الأطفال وأهل البيت، وأن يصل الشخص رحمه ويزور جيرانه وأقاربه وأصدقاءه، ويتبادل التهاني معهم استشعاراً من الجميع بأهمية طاقة الأمل، وبرأيها أن إشراقه العام الجديد لها وقع في النفس يزيل البغضاء ويجدّد الأمل، على الرغم من الحزن والظروف القاهرة المحيطة بنا، إلا أن هناك رغبة لدى الجميع بالتجديد لتزهو الحياة حيث مازال هناك متسع للجمال والفرح.
 
أدوات الأمل
 
في وقت تجد فيه نبال الشاعر أن تشاؤمها يزداد بالقادم من الأيام، مؤكدة أن الشعب السوري الصامد يستحق العيش بسعادة وأمل، إلا أن لا شيء يبشّر بوجود حلول تعيد الأمل!.
 
أما الإعلامية مها جحجاح فتقول إن الأمل يحتاج إلى إدارة، وهذه الإدارة تحتاج إلى أدوات أهمها تغيير الذهنية القديمة ووجود ذهنية جديدة في الإدارة هدفها المواطن وخدمته وإيجاد حلول لمشكلاته، عندها فقط يكون للأمل معنى في نفوس السوريين.
 
بينما تقول الشابة سبرثا فيلو: دائماً نتمنى أن يكون العام القادم أفضل وندخل للسنة الجديدة متفائلين، ولكن ما نجده من غلاء في المعيشة وتدهور بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تحاصرنا يجعل أحلامنا تتلاشى.
 
الخير والسلام
 
الكنائس لها طقوسها الخاصة لاستقبال العيد، حيث تقام القداديس فيها وترفع الصلوات على أمل زوال الشدة والأيام الصعبة، وأن يحفظ الرب وطننا ويعمّه الخير والسلام والأمن والاستقرار.
 
يقول رئيس دير وكنيسة يسوع الملك للآباء الكبوشيين كاهن الرعية في السويداء الأب فادي زيادة: إن عيد الميلاد هو تجديد عهد محبة الرب للناس وللتقرب من الله ليسكن كل القلوب ويملؤها خيراً وسلاماً ومحبة ورحمة، لافتاً إلى أن ما تمرّ به بلدنا يتطلب أن ينهض كل شخص من موقعه، مواطناً أو مسؤولاً، لخدمة بلدنا وشعبنا بكل ضمير ومسؤولية. ويشير الأب زيادة إلى المعاني والقيم السامية التي يجسّدها عيد ميلاد السيد المسيح رسول المحبة والسلام، حيث يتضرع المصلون لأن يحلّ ويعمّ الخير والسلام والأمان بلدنا وأن تزول عنه الشدة والآلام.
 
أبجدية الأمل
في الختام، لاشك أن الحرب على سورية غيّرت الكثير من تفاصيل حياتنا وقلبت الكثير من المفاهيم والمصطلحات، وجعلت السوريين يعيدون ترتيب بيتهم الداخلي بطريقة تنسجم مع تلك الظروف، ولكن يبقى شيء واحد يجمعنا رغم كل المآسي والويلات، وهو الأمل الذي حاكه السوريون بأبجديتهم الخاصة ليكون البوابة التي تبزغ منها خيوط شمس العام الجديد.
رفعت الديك -البعث