مدارس ريف دمشق.. فوضى ونقص كبير في الكوادر التدريسية ومديرية التربية ما زالت في “يوم الفرح”!!

مدارس ريف دمشق.. فوضى ونقص كبير في الكوادر التدريسية ومديرية التربية ما زالت في “يوم الفرح”!!

أخبار سورية

السبت، ٥ نوفمبر ٢٠٢٢

 بشير فرزان
ما بعد يوم الفرح الذي افتُتحتْ به أيام المدارس قصص وروايات كثيرة تبحث في تفاصيلها المؤلمة عن الوعود والتصريحات التربوية التي ذهبت أدراج الرياح، فالواقع في المدارس يحيل كلّ من له علاقة بالقرار التربوي إلى التقاعد المبكر أو إلى الاستقالة المدعمة بالوقائع والثبوتيات التي تدين وبقوة كلّ من حاول أو عمل على تجميل الواقع واستبدال الحقائق بالخيال حول الجاهزية التامة للعام الدراسي الجديد.
وطبعاً الموضوع ليس مجرد قذف للاتهامات أو التقليل من قيمة الجهود التي بُذلت، بل للتأكيد على أن “الأمل بالعمل” وليس بالتمني فقط، وبرسم واقع خيالي مغاير بكل تفاصيله للواقع الفعلي في أهم مفاصل العملية التربوية، حيث أعادتنا الاتصالات الواردة من الأهالي من مختلف مناطق ريف دمشق، وعلى وجه الخصوص أشرفية صحنايا وصحنايا، إلى اليوم الأول في افتتاح المدارس “يوم الفرح” كما سمّته الوزارة، ولكن المؤسف أن يتلاشى بسرعة غريبة ومع إطلاق جرس الحصة الدرسية الأولى في كلّ المدارس، وفق ما أكدته كما قلنا اتصالات الأهالي، الذين يشكون فيها معاناتهم مع أبنائهم وقد باتوا أكثر بعداً عن التعليم، مع اعترافهم بجزء من المسؤولية عن ذلك تحت ضغط الأعباء الحياتية والمعيشية. وطبعاً المعاناة تبدأ من نقص الكوادر التدريسية في المدارس، وهي ليست حالة جديدة بل متكررة منذ سنوات، إلا أنها في هذا العام تأخذ منحى تصاعدياً يهدّد العملية التربوية، حيث تزداد أعداد الشواغر التي تربك إدارات المدارس والطلاب، وتحرج في الوقت ذاته وزارة التربية ومديرياتها التي تصرّ على أن الأمور تحت السيطرة، وعمليات الترميم تستدرك النقص وتعوض أي فاقد، وأن هناك تضخيماً وتهويلاً في أرقام الشواغر، في حين أن الواقع يؤكد ومن خلال رصد آراء إدارات مدارس عديدة وبعض المدرّسين وبشكل شخصي، نظراً لخصوصية وحساسية الموضوع بالنسبة لوزارة التربية، عدم وجود مدرّسين في مختلف المراحل الدراسية، ولم تسلم مدارس المتفوقين من نقص الكوادر، حيث هناك صفوف كاملة من دون كادر تدريسي منذ بداية العام، إضافة إلى نقل عشوائي وغير مدروس من الموجهين الاختصاصيين والمنسقين على حساب مصلحة الطلاب، وبشكل يعرقل التدريس ويسيء إلى المدارس العامة، هذا عدا عن تراجع الأداء.
وانتقد الأهالي البدائل التي ترفد بها المدارس لكون غالبيتها غير مؤهلة وضعيفة من ناحية المؤهل العلمي والقدرة التدريسية، وخاصة في المواد الاختصاصية في الحلقة الثانية والثانوية، حيث تتمّ الاستعانة بطلاب الجامعات الذين لا يملكون القدرات التعليمية اللازمة، هذا عدا عن أن بعضهم غير مبالٍ ولا يكترث بالعملية التربوية، وفي الحلقة الأولى يتم تعيين الوكلاء دون أي اختبارات تثبت مؤهلاتهم وقدرتهم على التدريس، وبذلك تتكاثر الأخطاء وخاصة في اللغات والرياضيات واللغة العربية، وهذا ما ينعكس على المستوى التعليمي ويجبر الأهالي على اللجوء إلى معاهد المتابعة والدروس الخصوصية لتعويض الفاقد التعليمي عند أبنائهم.
كما نقل لنا بعض الأهالي مشاهداتهم اليومية لحال المدارس، وخاصة لعدم المتابعة أثناء الاستراحات وغياب الموجهات من الباحات، وترك الطلاب دون مراقبة، ما يثير الكثير من المشكلات ويفسح المجال أمام العنف والظواهر غير الجيدة، عدا عن ترك الأبواب مفتوحة، ما يسمح بدخول الغرباء إلى داخل المدرسة والقيام بتصرفات غير مهذبة ومسيئة للجميع، بينما الكادر التوجيهي والإرشادي منشغل في أمور أخرى غير وظيفته الأساسية!. ولعلّ واقع المدارس في أشرفية صحنايا وصحنايا، من ناحية نقص الكوادر التدريسية في مختلف المستويات والترهل الإداري وضعف الأداء التعليمي وتزايد العنف والظواهر المسيئة للعملية التربوية، يقدّم مثالاً واضحاً عن الواقع التربوي العام، ما يؤكد أن “يوم الفرح” كان بداية منهكة بالأخطاء والنواقص وفاتحة غير حميدة للعام الدراسي الجديد.
وبالتواصل مع وزارة التربية ومديرية تربية ريف دمشق، تبيّن أنه من الصعب التواصل مع مديرها عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي، سواء لتحديد موعد أو للاستفسار عن أي حالة موجودة، ويبدو أن هناك ما يشغله دائماً، ولكن يجوز لنا التنبؤ بأن ذلك الانشغال ليس له علاقة بالتربية والمدارس لكون واقع المدارس في ريف دمشق من سيئ إلى أسوأ، ورغم ذلك تعيش هذه المديرية حالة الفرح الدائم!
المهمّ هذه الاتصالات انتهت بضرورة توجيه التساؤلات إلى مديرة المجمع التربوي في صحنايا، للاستفسار والحصول على المعلومات التي نريدها، حيث أكدت نوال دبور مديرة المجمع وجود حالات نقص في المرحلة الأولى، والتي يتمّ تداركها من خلال الوكلاء بعد إجراء اختبارات للمتقدمين، أما في الحلقة الثانية فيتمّ تغطية النقص من خلال المكلفين من خارج الملاك للساعات الاختصاصية، بتكليف طلاب الجامعات بساعات تدريس.
ولفتت دبور إلى صعوبة إعطاء إحصائية، وذلك لتبدل الأرقام من يوم لآخر، هذا عدا عن أن إعطاء الإحصائيات ليس من صلاحياتها، بل من صلاحيات مديرية التربية. كما أشارت إلى متابعة أي حالة تتعلق بالترهل الإداري والفوضى، حيث يتمّ إرسال لجان لمتابعة الواقع في كلّ مدرسة. وما يخصّ العنف المدرسي والظواهر الأخرى بيّنت وجود بعض الحالات التي تتمّ متابعتها من قبل الإرشاد النفسي. وحول الازدحام في الصفوف أكدت معالجة هذه الحالات في بعض المدارس من خلال تسوية الدوامين، حيث وصل العدد في إحدى الشعب إلى 86 طالباً وطالبة. وفي المقابل أكدت استلام الدفعة الأولى من مخصّصات المحروقات في جميع المدارس، وطالبت في الوقت نفسه بإجراء مسابقات خاصة بالتربية لتعيين مدرّسين جدد وتأمين وسائط النقل مجاناً للمعلمين والمدرّسين، وتحسين رواتبهم لما لضعف الدخل من دور في تفريغ المدارس من كوادرها، إلى جاب ضعف العائد الاقتصادي المعيشي الذي دفع بالمدرّسين للبحث عن فرص عمل في المدارس والمعاهد الخاصة أو اللجوء إلى الدروس الخصوصية.
بالمحصلة.. الحلول ليس مستحيلة واستنهاض الهمم عملية بسيطة بالمتابعة وفرض عقوبات على الكوادر المقصّرة، والتشدّد في موضوع المعاهد والتدريس في الجلسات الخاصة دون أن يقع ذلك تحت مسؤولية “قطع الأرزاق” كما يقال في هذه الأوقات العصيبة، ولا بدّ من الاستفادة من جميع الطاقات الموجودة من خلال مرورها من أبواب الكفاءة، وإلزام كافة المدرّسين بإعطاء ساعات في المدارس الحكومية كشرط أساسي لمنح موافقة للتدريس في أي معهد، وكلّ من يخالف تفرض عليه عقوبات وعلى المعهد الذي يدرّس فيه، وهذا أحد الحلول الممكنة لإنقاذ الأجيال والعملية التربوية بالكامل.. فهل هذا الأمر سيبقى مستحيلاً إذا توفرت النيّة للعمل؟!.
البعث