“العز للموز” والحمضيات برسم انتظار الخطة الورقية لتسويقها!!

“العز للموز” والحمضيات برسم انتظار الخطة الورقية لتسويقها!!

أخبار سورية

الخميس، ١٣ أكتوبر ٢٠٢٢

مرة أخرى تصدّرت صفحات الأخبار المحلية الحديث عن ارتفاع سعر الموز متجاوزاً في بعض المناطق حائط الـ 25 ألف ليرة للكيلو الواحد، إذ أصبح دخول الموز إلى البلد بشكل غير شرعي في هذا الوقت من العام عرفاً سنوياً وضيفاً خفيف الظل لأبناء بعض الأثرياء وثقيلاً على جيوب باقي شريحة المجتمع ممن لا يكفي دخلهم الشهري لشراء 4 كيلو منه، ومع بدء موسم الحمضيات يترقب الفلاحون ككل عام  بكثير من القلق الإجراءات “اللحظية” وغير الاسعافية التي تقوم بها الجهات المسؤولة عن تسويق محصولهم والتي تتناسب طرداً مع خساراتهم المتكررة لجهة فتح باب استيراد الموز على مصراعيه وانسياب المادة في أسواقنا المحلية ومنافستها في السعر للحمضيات.
محاباة المستوردين
ومع تأكيد تجار أسواق الهال في المحافظات  أن دخول الموز خلال هذا الشهر هو بطرق غير شرعية على شكل صفقات لصالح بعض الأشخاص لتحقيق أرباح خيالية، نجد أن الصمت وعدم النفي أو التأكيد من قبل الجهات المعنية يكون سيّد الموقف، في حين لم ينف محمد العبيد “تاجر في سوق الهال” أن سيناريو الموز والحمضيات لن يختلف هذا العام عن الأعوام السابقة لاسيّما وأنه بدأ ككل عام بطرح المادة بأسعار مرتفعة كون دخوله للبلد بشكل غير نظامي يكلّف مبالغ ليست بالقليلة، ويبقى منظره في رفوف المحال إلى جانب الفواكه الاستوائية حسرة في قلوب المواطن “المعتّر” إلى أن يأتي موسم الحمضيات واستيراد الموز ليصبح سلعة في اليد، ووجد العبيد في هذا الإجراء الكثير من الغبن والظلم بحق مزارعي الحمضيات الذين ينتظرون أي خطوة إيجابية لجهة تسويق محصولهم محلياً وتصديرياً، إلّا أن الجهات المعنية لا زالت تحابي المستوردين على حساب الفلاحين لأسباب غير واضحة للعيان.
تنسيق وزاري
وخلال بحثنا عن القطبة المخفية في تسويق الحمضيات والمأمول من الخطة الحكومية المطروحة الأسبوع الفائت على طاولات الوزارات المعنية وسر العلاقة بين الموز والحمضيات أكد نشوان بركات مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة “للبعث” أن وزارة الاقتصاد هي المعنية بموضوع استيراد الموز ولا علاقة لوزارة الزراعة بهذا الموضوع، لافتاً إلى أن تقديرات إنتاج الحمضيات لهذا العام وصلت إلى 640 ألف طن، في حين متوسط حاجة الاستهلاك المحلي 450 ألف طن، أما الكميات المتاحة للتصدير حسب خطة هذا العام لتحسين الواقع التسويقي فهي 150 ألف طن، وأشار بركات إلى مجموعة من الإجراءات المقترحة والتي ستعمل الوزارات المعنية لتحسين واقع تسويق الحمضيات أهمها قيام هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بإقرار دعم تصديري للحمضيات من خلال تحمل 25% من كلف الشحن البري والبحري وفق التعرفة المعتمدة لدى وزارة النقل خلال فترة ذروة الإنتاج، كذلك إصدار قرار بتحديد السعر الاسترشادي للبراد أو حاوية الحمضيات بمبلغ 2000 دولار، مع تخفيض البدلات المرفئية المترتبة على المنتجات الزراعية المصدرة ذات المنشأ السوري بنسبة 75% من التعرفة المترتبة المحددة بقرار مجلس الوزراء لعام 2015، إضافة إلى إيجاد آلية مراقبة الصادرات الزراعية بالتنسيق مع وزارة الزراعة والجهات الأخرى المعنية، ولفت بركات إلى الإجراءات المقترحة على وزارة النقل لتسويق الحمضيات بإجراء مباحثات مع الجانب العراقي لتخفيض الرسوم المدفوعة على براد الحمضيات والبالغة 1400 دولار لتصبح مماثلة للرسوم المدفوعة على كل براد يصدر إلى دول الخليج والأردن والسماح للبرادات العراقية بالدخول إلى سورية وبالعكس، كذلك العمل على تأمين خط الشحن إلى أسواق الدول الصديقة خاصة روسيا.
تأمين المحروقات
وفيما يتعلق بصعوبات النقل من تأمين المحروقات أكد مدير مكتب الحمضيات أنه جرى الاتفاق مع وزارة النفط والثروة المعدنية على إعطاء الأولوية في تأمين المحروقات لمراكز الفرز والتوضيب من خلال زيادة حصة القطاع الزراعي وخاصة خلال فترة ذروة الإنتاج على أن يتم تحديد حاجة كل مركز من خلال الطاقة الإنتاجية الفعلية، إضافة إلى تأمين المحروقات اللازمة للشاحنات التي يتم اعتمادها من قبل وزارة الأشغال لصالح المؤسسة السورية للتجارة، كذلك جرى الاتفاق مع وزارة الصناعة على إلزام أصحاب معامل العصائر باستجرار أكبر كمية ممكنة من الحمضيات وبما يتوافق مع الطاقة الإنتاجية الكلية للمعمل وتقديم تقارير يومية عن الكميات المستجرة بالتنسيق مع الجهات المعنية، مع منح السورية للتجارة سلفة”10″ مليار ليرة سورية مبدئياً لتسويق أكبر قدر ممكن من الحمضيات.
إجراءات ورقية
في المقابل أطلق نضال شاهين أمين الثقافة والإعلام في اتحاد الفلاحين لقب الإجراءات الورقية الممتازة على الإجراءات الموضوعة من قبل الحكومة لتسويق الحمضيات هذا العام، لكن في حال تم تطبيق 70% منها سيكون الموسم بخير، ولفت شاهين إلى عدم رضا اتحاد الفلاحين عن استيراد كميات كبيرة من الموز ككل عام تزامناً مع موسم الحمضيات لاسيّما وأن ذلك يؤثر على تسويق منتجنا الزراعي محلياً، لذا لا بدّ من وضع ضوابط تحدد كمية الموز المسموح باستيراده بما يسد حاجة السوق المحلية منه، أما في حال تم العكس سيقوم اتحاد الفلاحين بإعداد مذكرة للحكومة لتحديد كميات الموز المستجر، أما عن الموز المطروح حالياً بأسعار خيالية وجد أمين الثقافة والإعلام أن تهريب أي مادة يضرّ باقتصاد البلد في حال كنّا بحاجته أم لا، لكن لا يمكن لأي دولة في العالم ضبط جميع عمليات التهريب.
سوء إدارة
الحكومة بوضعها المخطط الورقي لتسويق الحمضيات لهذا العام اعتبرت نفسها أدّت مهمتها وأزاحت حمل المسؤولية عن عاتقها حسب رأي الدكتور سليم الداوود “كلية الزراعة” فمهمة الحكومة لا تقتصر على وضع الخطط دوناً عن مراقبة وتتبع تنفيذها وحسن سيرها، وما يحصل منذ عقود هو الوقوع في نفس مطب التسويق وعدم استيعاب السوق المحلية للإنتاج مع عدم ملائمة الكثير من أنواع الحمضيات للتصدير، ناهيك عن عدم الخطو باتجاه إنشاء معامل عصائر رغم وجود فائض للعصير في كل عام، ويشي هذا الرفض الحكومي لإنشاء معمل للعصائر بالكثير من الدلالات المؤكدة مصالح الكثيرين باستيراد المكثفات وخلطها بكميات كبيرة من المياه ومن ثم طرحها في الأسواق بأشكال ونكهات مختلفة وبفائدة غذائية “صفر”، وذهب الداوود في حديثه إلى ضرورة الخروج من نمطية التفكير في إدارة مواردنا، فلو تمت بشكل جيد ستحقق عائداً كبيراً على خزينة الدولة لاسيّما في حال عدم حصر التسويق الداخلي للمنتج الزراعي بيد السورية للتجارة التي تستنجد بها الحكومة عندما يضيق الخناق عليها في تسويق المحاصيل، لتقوم الأخيرة باستجرار كميات محدودة لا تحقق ربحاً للفلاح الخاسر دوماً، الأمر الذي يؤكد ضرورة إيجاد رديف للتسويق المحلي إضافة إلى أهمية التوجه الفوري لتصنيع المكثفات مع إيقاف استيراد مكثفات العصائر من الحمضيات السورية والتي لا يمكن الوصول إلى أرقام وإحصائيات دقيقة بالمبالغ الخيالية التي نخسرها على مدى العام لاستيراد هذه المواد المشكوك بصلاحيتها.
ميس بركات-البعث