قضيّتا جمع أموال شهرياً في محاكم دمشق.. شركات ضخمة أُغلقت فجأة وأخرى احتالت بإفلاسها.!

قضيّتا جمع أموال شهرياً في محاكم دمشق.. شركات ضخمة أُغلقت فجأة وأخرى احتالت بإفلاسها.!

أخبار سورية

الاثنين، ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٢

 ريم ربيع
يبدو أن حدود الطمع والجشع لم تعد تتوقف على الثروات والأموال الباهظة التي تغري البعض لابتكار أساليب جديدة في النصب والاحتيال، فحتى مال الفقير غير الكافي لغذائه وكسائه أصبح “طمعة” بعين المجرمين، وكرمى له تؤسَّس شركات بحالها لتجمع ما أمكن من أموال هي ثمن أرض لفلاح باعها رغبة بتعليم ابنه، أو منزل باعه صاحبه ليطعم أطفاله، أو مصاغ ذهبي باعته سيدة لتدفع أجار غرفة تأويها، فيملأ أصحاب هذه الشركات الوهمية خزائنهم بأموال الفقراء، مقابل بيعهم أحلاماً وأوهام تتبخر لحظة اختفائهم وهروبهم.
موضة
شركات الوهم والاحتيال وجمع الأموال أصبحت “موضة” اليوم في ظل الوضع الاقتصادي السيئ لمعظم الأسر السورية، والذي يدفعهم للتعلق بقشة الأرباح السريعة، فكثيرة أصبحت الحالات التي نسمع عنها إما من مصادر رسمية أو من المعارف والأقارب عن شخص جمع مبالغ باهظة ليسافر فجأة، أو شركة عملت لعدة أشهر وأغلقت دون سابق إنذار، كما أن المحاكم اعتادت على هذا النوع من القضايا، وأصبح التعامل معها بشكل دائم بعد أن كانت بمعدل قضيتين فقط في كل عام، وذلك في سنوات ما قبل الحرب.
تزايد عدد الدعاوى
رئيس محكمة بداية الجزاء السابعة بدمشق القاضي محمد خربوطلي كشف في حديث لـ”البعث” عن تزايد كبير في قضايا جمع الأموال، حيث يرد للمحكمة قضية أو اثنتين بشكل شهري، وتكون غالباً عبر شركات تعتبر وهمية، أي غير ظاهرة وغير مرخصة نظامياً وليس لها نظام داخلي، وهي أشبه بالشركات العائلية مثلاً التي تبدأ كتجارة صغيرة بين الأقارب مع إغراء الضحايا بأرباح بنسب كبيرة.
وبيّن خربوطلي أن عدد الضحايا يجب أن يتجاوز العشرة حتى يعتبر الجرم جمع أموال، فأقل من ذلك يكون جرم احتيال أي ضمن نطاق الجنحة وعقوبته 3-5 سنوات، فيما يعتبر جمع الأموال جناية يعاقب عليها وفق قانون جمع الأموال رقم /8/ لعام 1994 باعتقال مؤقت حتى 7 سنوات، موضحاً أن مرتكبي تلك الجرائم إما يدّعون جمع المال لاستيراد مادة ما، أو لتأمين سفر وإقامة في دولة ما –وهي الأكثر-، أو عبر مكاتب سياحة تعلن عن رحلات وسفر، وسواء كانت تلك المكاتب وغيرها مرخصة أو لا، فالجرم ذاته والترخيص شأن إداري يعود للجهة المعنية به.
أعلى قيمة 4 مليار
وأشار خربوطلي إلى أن أعلى قيمة جمع أموال سجلت هذا العام هي 4 مليار ليرة تقريباً، فيما كانت أعلى قيمة بالمطلق لشركة “شجرتي” التي ضبطت من عدة أعوام وتجاوز المبلغ المجموع فيها 32 مليار ليرة، مؤكداً أن القانون يحمي ضحايا هذا النوع من الاحتيال ويضمن إعادة حقوقهم “إن ضبطت”، ففي معظم الأحيان تكون الأموال المصادرة غير كافية لإعادة ما دفعه الجميع، إذ يعمد جامعوا الأموال لعدم ترك أي أملاك باسمهم، وتهريب معظم أموالهم لخارج القطر، فيصبح من الصعب استرجاعها، علماً أنه وبمجرد إلقاء القبض على المجرم يحجز على أمواله ويمنع من السفر، كما يمكن حجز أي من أملاك اسرته إذا تبين أنه باعها لهم قبيل إلقاء القبض عليه بوقت قصير.
مضاربة
وكشف رئيس بداية الجزاء السابعة أن أغلب جامعي الأموال يعملون بالمضاربة في السوق السوداء للصرافة، وتحويل الأموال بصورة غير مشروعة داخل وخارج القطر، أما عن ربط هذه الشركات بغسيل الأموال رأى خربوطلي أن مصدر الأموال في عمليات الغسيل يكون أساساً غير مشروع، فالهدف يكون التغطية على تلك الأموال وليس جمع المزيد، علماً أنه سبق وقدم للقضاء ادعاءات على شركات ضخمة ظهرت فجأة على أنها جمعيات سكنية مرخصة من عدة جهات، وجمعت أموال المواطنين ليتبين أن هدفها تبييض أموال، لكن هذه الحالات أصبحت نادرة اليوم.
بلا سابق إنذار.!
من جهة أخرى، أشار خربوطلي إلى توجه بعض الشركات لما يعرف بالإفلاس الاحتيالي، أي أن تعلن الشركة إفلاسها فجأة بقصد التهرب من الدائنين والدفع للمكتتبين، وهو جرم من شروط كشفه أن تكون الشركة استهلكت مبالغ باهظة في عمليات الحظ والمضاربات الوهمية على النقد أو البضاعة، أو إذا أقدمت بعد التوقف عن الدفع للمكتبين لشراء بضائع لبيعها بثمن أقل، أو إعطاء قروض وصفقات وهمية، وغيرها من الشروط التي إن تحققت يصبح جرم يعاقب عليه القانون بالاعتقال حتى 7 سنوات.
غير أن اللجوء إلى الإفلاس الاحتيالي قليل –وفق خربوطلي- الذي بيّن أنه في الآونة الأخيرة تكرر كثيراً إغلاق شركات ضخمة فجأة وهروب أصحابها خارج البلاد، حيث سجل أكثر من 8 قضايا في العام الأخير فقط، تاركين ورائهم عشرات ومئات المتضررين.
وشدد القاضي خربوطلي على أهمية الحذر والوعي تجاه كل من يجمع الأموال، والاستفسار عن مصادر هذه الأرباح الكبيرة والسريعة، وطلب الضمانات القانونية عند دفع أي مبلغ لأية جهة حماية لحقوق المواطنين وأموالهم.
البعث