قانون الخدمة العامة على طاولة الحوار بعد عطلة العيد.. وإقبال شبابي على الوظيفة العامة؟!

قانون الخدمة العامة على طاولة الحوار بعد عطلة العيد.. وإقبال شبابي على الوظيفة العامة؟!

أخبار سورية

السبت، ٢ يوليو ٢٠٢٢

 بشير فرزان
لم تتبلور حتى هذه اللحظة المعالم والمعايير الأساسية لسياسات التوظيف العامة، بل هي مجرد أفكار ورؤى تطبق لمعرفة مدى قدرتها على تحسين الواقع الوظيفي. ورغم أن وزيرة التنمية الإدارية د. سلام السفاف كشفت عن مناقشة قانون الخدمة العامة، وذلك ضمن رؤيتها لتحديث بنية الوظيفة العامة، ليحل محل القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004، ستنطلق بعد عيد الأضحى المبارك من خلال ورشة عمل أو جلسة حوار مع الجهات المعنية، إلا أن ذلك لا يطلق العنان للتوقعات الإيجابية بأن النتائج ستكون قريبة المنال فيما يتعلق بتحسين الواقع الوظيفي وتنظيمه وجعله أكثر قدرة على العمل.
وضمن ظروف العمل الوظيفي الصعبة التي باتت معروفة للجميع، تثار اليوم  الكثير من التساؤلات حول أسباب الإقبال الكبير على الوظيفة العامة التي تعاني ما تعانيه من قلة الدخل، وضعف الرواتب والأجور فيها، وحالة الفوضى المؤسساتية التي تدين حالة الخلل الموجودة في سياسات التوظيف العامة نتيجة عدم وجود تحليل لسوق العمل أو ربط لمخرجات التعليم بهذا السوق، وغياب الإحصاءات، إضافة إلى خلل بين الملاك العددي في الجهات العامة ومخرجات التعليم، ومن الاختلالات في سوق العمل وجود صراع بين الشهادة والتخصص، وبين الشهادة المطلوبة للعمل والخبرة في العمل، وسوء استثمار القوى العاملة الموجودة، والاختلال بين التوزع الجغرافي للقوى العاملة ومنشآت العمل.
ولا شك أن عدد المتقدمين إلى المسابقة المركزية، التي تم الإعلان عن نتائجها، وصل إلى أكثر من 209 آلاف متقدم بمختلف الاختصاصات المطلوبة، منهم 32160 للفئة الأولى، فيما وصل العدد في الفئة الثانية إلى 106787، إضافة إلى 28340 للفئة الثالثة، و12500 للفئة الرابعة، و32186 للفئة الخامسة، يثبت ويؤكد مدى اهتمام الشباب بالوظيفة الحكومية.
وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين أكد أن التربية الاجتماعية تساهم في توجّه الفرد إلى سوق العمل، وإلى تقدير خبراته وفرصة العمل المناسبة له، لافتاً إلى خلل في توزيع الوظائف، حيث إنها تتوجه نحو قطاع التربية والصحة، رغم أن اقتصادنا زراعي، ومن ثم زراعي صناعي، ومن ثم صناعي تحويلي، وبيّن أن حوالي نصف العاملين من الشهادات من الثانوية فما دون، في حين أن نسبة 24% منهم من حملة الشهادات الجامعية، والبقية من خريجي المعاهد المتوسطة والتقانية والمهنية، وأشار لوجود خلل كبير بين العرض والطلب في سوق العمل يصل لدرجة الندرة في الطلب، وبشكل يعكس الخلل في المؤشرات الاستثمارية.
مدير المرصد العمالي، الدكتور جمعة حجازي، أكد لـ “البعث” أن سوق العمل في القطاع الخاص عبارة عن سوق مشوّه وغير قادر على استقطاب الكفاءات، في حين تكتنف القطاع العام مشكلة البطالة المقنعة، ويعتري هذا السوق الاختلال الجندري والقطاعي، كما يتصف بالعرض أكثر من الطلب، ويعاني الشح في بعض القطاعات، والتخمة في قطاعات أخرى.
العديد من دكاترة الجامعة والخبراء في علم الإدارة أكدوا أن هناك توجّهاً عاماً من الشباب الباحثين عن العمل لإيجاد فرص عمل بالقطاع الحكومي عن طريق المسابقات أو العقود الموسمية، وقد يهمل الشاب فرص عمل شاغرة في القطاع الخاص مصمماً في قرارة نفسه ألا يعمل إلا في القطاع الحكومي الذي قد يجد فيه استقراراً مهنياً بخلاف ما هو معمول به بالقطاع الخاص رغم يقينه بروتينية العمل في القطاع الحكومي.
ندى الزير واحدة من بين مئات الفتيات العاطلات عن العمل اللواتي  لم يتركن مسابقة لوظيفة حكومية إلا وتقدمن إليها، فهي على حد قولها ما زالت تبحث عن فرصتها في العمل الحكومي منذ سبع سنوات، مع العلم أنها خريجة علم اجتماع، وهي غير مؤمنة بعمل الفتاة في القطاع الخاص، فالوظيفة الحكومية تبقي على احترامها، وتمنع استغلالها، كذلك الأمر بالنسبة لنورا الريس “خريجة علم نفس” التي فضّلت الالتحاق بالقطاع الحكومي بعد أن جربت العمل في القطاع الخاص لمدة عامين، مبررة ذلك بالميزات التي تميز العمل بالقطاع الحكومي على حساب القطاع الخاص من إجازات منظمة إلى نظام التقاعد والدرجات المالية، إضافة إلى أن القطاع الخاص في ظل الحرب، باتت فرص العمل فيه أقل ومتاحة للخبرات الكبيرة فقط أو للعمالة المهنية، ولا يختلف رأي حسان الأعرج،  خريج “إعلام”، عن رأي الكثير من الشباب، فقد عمل بعقود موسمية كل ثلاثة أشهر في مؤسسة مختلفة، وبعد ثلاث سنوات من العناء حظي بعمل في القطاع الحكومي جعله يشعر بالاستقرار الوظيفي، وهذه الميزة برأيه هي أهم ما يحتاجه الموظف في بداية عمله الوظيفي على الرغم من أن القطاع الحكومي يحد من الإبداع والتميز، حيث تنعدم الفرصة الذهبية وتنصدم بروتين يومي ممل، كما أن الدعم المادي معدوم، ودرجة التحدي بين الموظفين معدومة، لأن الجميع وصل إلى ضمان الوظيفة حتى في حالات الإخفاق الوظيفي.
الدكتورة هبة الأحمد طرحت سؤالاً: هل العمل في القطاع الحكومي أفضل أم في القطاع الخاص؟ وأكدت على أنه ليس بالسؤال السهل، ولكن حتماً هذا يعتمد على نوعية الوظيفة التي سوف يجدها الشباب، حيث إن تفضيل العمل في القطاع الحكومي يكون من ناحية أن فيه استمرارية وضمانات، حتى وإن كانت منافعه المالية قليلة، فبجانب المنفعة المالية يجب أن يكون هناك استقرار وظيفي، وضمانات عديدة، ولابد للشباب من القيام بموازنة بين الفرص المتاحة أمامهم في العمل الحكومي والخاص، ومن ثم الاختيار، وأكدت أن الشباب السوريين يميلون إلى تفضيل العمل الحكومي الذي يوفر لهم الاستقرار والأمان حتى لو كان هذا العمل أقل دخلاً، كما أن الثقافة الشعبية السورية تضفي على العمل الحكومي الكثير من الأهمية والمكانة، ومع تفضيلهم للعمل الحكومي نجد معظمهم يقوم بأعمال إضافية تساعدهم على مواجهة الأزمات الاقتصادية التي يعانون منها.
البعث