تحول نوعي… لماذا استهدفت “إسرائيل” مدارج مطار دمشق بالتحديد؟

تحول نوعي… لماذا استهدفت “إسرائيل” مدارج مطار دمشق بالتحديد؟

أخبار سورية

الأحد، ١٢ يونيو ٢٠٢٢

أحدث القصف الإسرائيلي الأخير لمطار دمشق أضرارًا جسيمة، حيث أعلنت وزارة النقل السورية، تعطل مدارج المطار بسبب القصف، ما أدى إلى تعطل الرحلات الجوية القادمة والمغادرة عبر المطار.
وشنت إسرائيل عدوانا جويا استهدف جنوب العاصمة السورية دمشق، وتشن إسرائيل غارات على مواقع عسكرية تقول إنها تابعة لفصائل موالية لإيران في مناطق عدة في سوريا.
وقال مراقبون إن استهداف مدارج المطار يؤكد أن إسرائيل تستهدف البنية التحتية السورية، وذلك ردًا منها على النجاحات التي تحققها الحكومة في تحرير المناطق من أيدي التنظيمات المسلحة، كما يتزامن مع العدوان التركي المحتمل على الشمال السوري.
 
أهداف إسرائيلية
وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية، إن الهدف من الهجوم على المطار، وهو الثاني في غضون أسبوعين تقريبا، كان تقصير مدارج الطائرات، وبالتالي منع طائرات الشحن الإيرانية من طراز “بوينغ 747” من الهبوط فيه.
وأضافت أن “سلاح الجو الإسرائيلي تعمد قصف مدرجين في مطار دمشق الدولي، لوقف تهريب السلاح والمنظومات القتالية عبر الطيران المدني”. وزعمت القناة أن استهداف المدرجين، جاء بهدف إحباط محاولات إيران لتهريب منظومات دقيقة إلى “حزب الله” اللبناني، وضمنها تجهيزات تستخدم في تحويل الصواريخ العادية إلى صواريخ ذات دقة إصابة عالية.
وأضافت أنه ليس بوسع تل أبيب التعرف بالضبط إلى ما تحويه حقائب المسافرين الذين يصلون إلى مطار دمشق في رحلات مدنية، ما يستدعي إرسال رسالة مفادها أنه لا يمكن التسليم باستمرار هذا الأمر.
كما لفتت إلى أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تنطلق من افتراض مفاده أن تجهيزات وتقنيات تستخدم في إنتاج الصواريخ ذات دقة إصابة عالية قد وصلت بالفعل إلى “حزب الله” عبر المطار.
عدوان كيفي
قال أسامة دنورة، الخبير السياسي والاستراتيجي السوري، إن في جوهر الأمر قد يكون صائبًا أن نقول إن هذا العدوان الإسرائيلي يتعلق بالتصعيد من حيث الكم أكثر من الكيف أو النوع، فالعدو الإسرائيلي سبق له الاعتداء على الميناء التجاري في اللاذقية مستهدفًا رصيف الحاويات التجارية، كما سبق له أكثر من مرة أن اعتدى على محيط مطار دمشق الدولي، واستهدف مدارج المطار أكثر من مرة، ضارباً عرض الحائط بكل ما يعنيه هذا العدوان من تعريض حياة المدنيين الأبرياء من عمال ومسافرين على اختلاف جنسياتهم لخطر جسيم، فضلاً عن تعريض حركة الطيران التجاري للخطر الداهم، وإمكانية إصابة طائرات ومسافرين على متن نواقل جوية لدول لا علاقة لها بأي صراع في المنطقة.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، تستهدف إسرائيل بلا شك إكمال حلقة الحصار الاقتصادي على سوريا، وتصعيد الضغط العسكري عليها، والإمعان في الإضرار ببناها التحتية، ما يؤكد أن عداوة الإسرائيلي موجهة ضد الشعب السوري ذاته، كما هي موجهة ضد كل شعوب المنطقة، سواء تجلى ذلك عبر الاحتلال أو العدوان المستمر، أو التعدي على المياه الإقليمية، أو حتى عبر دعم المجموعات الإرهابية.
وتابع: “تزامن العدوان الإسرائيلي الأخير، بما يحمله من تصعيد، مع تهديدات أردوغان باجتياح الشمال السوري يحمل أكثر من مدلول، وإذا ما أضفنا تصعيد الحراك الإرهابي في المنطقة الجنوبية، والتصريحات الأردنية الأخيرة، فسنصبح أمام صورة متكاملة لضغط متكامل الأطراف والجهات يحركه ويستفيد منه المايسترو الأمريكي”.
ويرى أن إسرائيل عبر هذا التصعيد تلعب بالنار، فهو يضاف إلى تعديها على المنطقة الاقتصادية الحصرية اللبنانية في التنقيب عن الغاز، والاستفزازات الأخيرة المتعلقة بمسيرة الأعلام بالقدس، والتهديدات الإسرائيلية فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني التي بلغت هي الأخرى منعطفًا خطيرًا مؤخرا.
واستطرد: “هذه التطورات والاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية الجديدة برمتها تؤكد أن السلوك الإسرائيلي يُعتبر من أكبر أسباب عدم الاستقرار على مستوى المنطقة والعالم، كما يؤكد عقم وإفقار الرؤية الإسرائيلية لأي حل سياسي يجنب الساحات المختلفة احتمالات الحروب التي لا تنتهي، وبذلك يضع الساسة الإسرائيليون اليوم الوضع الأمني في المنطقة فوق برميل من البارود، ويسعون لإشعال الفتيل في كل لحظة”.
استهداف البنية التحتية
بدوره اعتبر المحلل السياسي السوري غسان يوسف، أن استهداف إسرائيل لمطار دمشق الدولي ليس الأول من نوعه، حيث سبق وأن استهدفته في أكثر من اعتداء، لكن هذه المرة طالت الضربات مدرجات المطار على عكس المعتاد في استهداف المخازن، وهو تحول نوعي يؤكد أن إسرائيل تريد تعطيل البنية التحتية السورية والشريان الحيوي إلى خارج سوريا.
 
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، تتذرع إسرائيل دائما بوجود أسلحة إيرانية، أو طائرات إيرانية، أو قوات من “حزب الله” أو الحرس الثوري، لكن هذه كلها ذرائع لضرب سوريا واستهداف الجيش السوري أو البنية التحتية السورية، وضرب الاقتصاد السوري.
وأكد أن إسرائيل لا تستوعب إلى الآن أن الدولة السورية حررت الكثير من المناطق، وأنها تستعيد قوتها، لذلك تحاول اليوم أن تضغط على الحكومة السورية، سواء من خلال دعم الجماعات الإرهابية المتبقية في مناطق متفرقة، ومنها الجنوب، ودعم “داعش” (الإرهابي المحظور في روسيا ودول عديدة) بالتعاون مع الاحتلال الأمريكي في البادية، ودعم المجموعات الإرهابية في إدلب من خلال تركيا.
وتابع: “إسرائيل الآن منخرطة في الحرب السورية، فبعدما كانت تدعم الجماعات الإرهابية بشكل مباشر في السابق، انتقلت الآن إلى التنفيذ العملي المباشر عبر طائراتها في اعتداءاتها المتكررة على سوريا”.
وتكرّر إسرائيل التأكيد على أنها ستواصل تصديها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.