في عيد المعلم…. التدريس مهنة شاقّة ورسالة سامية!! … مهنة لا يليق بها إلا الكبار من أصحاب العقل والصبر وتقدير الطاقات

في عيد المعلم…. التدريس مهنة شاقّة ورسالة سامية!! … مهنة لا يليق بها إلا الكبار من أصحاب العقل والصبر وتقدير الطاقات

أخبار سورية

الخميس، ١٧ مارس ٢٠٢٢

مايا سلامي
المعلّمون بناة الأجيال ونبراس للمعرفة والثقافة ورمز للعطاء غير المحدود، فالمعلّم رسول العلم وصاحب رسالة سامية ومنارة في درب كل إنسان فهو الذي يرتقي بمجتمعه إلى أعلى وأسمى منازل العلم وهو باني العقول وأكبر مؤثر فيها لذلك فإن تقدم الأمم يقع على كاهله وهو اللبنة الأولى لبناء وتأسيس الحضارة. ولهذا كلّه اليوم هو فرصة لرد جزء ضئيل من جميله وشكره وتقديره ولو معنوياً على كل ما يقدّمه وخاصة في ظل الظروف الراهنة التي زادت من أعباء المعلمين وأبعدت الأضواء عنهم قليلاً.
رحلة طويلة
السيدة سميعة محفوض معلّمة ومربية فاضلة بدأت عملها كمدرّسة لمادة اللغة الإنكليزية منذ ثمانينيات القرن الماضي ولم تتوقف عن العطاء حتى تقاعدت عام 2018، رحلة طويلة أمضتها في الصف بين الطلاب رافضةً أي عمل إداري يبعدها عنهم، وعن سر محبتها لهذه المهنة وتمسّكها بها إلى هذا الحد تقول «لقد أحببت هذه المهنة من كل قلبي لأنها مهنة إنسانية وتربوية قبل أن تكون تعليمية وهذا ما ولّد تفاعلاً ومحبة بيني وبين طلابي وأدّى إلى نتائج إيجابية في وقت لم يكن هناك مرجع للطالب غير المدّرس والكتاب»، وخلال مسيرتها العملية اكتفت بتقديم الدروس ضمن المدرسة فقط رغم كثرة الطلب على مدرسين خصوصيين لمادة اللغة الإنكليزية موضحة ذلك: «خلال مسيرتي التدريسية رفضت إعطاء الدروس الخاصة المأجورة كما أنني رفضت التدريس في المعاهد لقناعتي بأن المدرسة كافية لتقديم المعلومة بالشكل الأمثل للطالب، خاصة عندما تسير العملية التربوية بشكل صحيح ويكون هناك وتفاعل تواصل بين المدرسة وأولياء الأمور»، وحول إذا ما كانت قد نالت التقدير الذي تستحقه في نهاية مسيرتها العملية بينت أن كل ما قامت به خلال مسيرتها العملية كان من واجبها كمربية مدرسية ولقد حصلت على أكثر من شهادة تقدير على ماقدّمته لطلابها ومهنتها، وأضافت: «إن أطرف ما حصلت عليه هو شهادة تقدير بمناسبة عيد المعلم كان يرافقها مبلغ بقيمة 1000 ليرة سورية وكان اسمي مدوّناً على الظرف بشكلٍ خاطئ»!
 
رد الجميل
 
الدكتورة ميسم سلامي أستاذة في جامعة دمشق، كلية الصيدلة بدأت مسيرتها العملية منذ عام 2001، استطاعت خلاها أن تقدّم المعلومة بجرعة عالية من الحب والطاقة وبدا ذلك جلياً في محبة الطلاب والأثر الطيّب الذي غرسته في نفوسهم، وحول أسباب اختيارها لهذا العمل تقول: «لم أختر مهنة التدريس مبدئياً فكان هدفي منذ الصغر متابعة تحصيلي العلمي والحصول على الدكتوراه، ولأن ذلك يتم عبر منحة من جامعة دمشق كان لابد من العمل بالجامعة قانونياً وإنسانياً لرد جميلها، إلا أنني وبعد العمل بالتدريس أحببت المهنة ووجدت متعة كبيرة بإيصال المعلومات الصعبة بطريقة سلسة يستوعبها ويفهمها الطلاب»، كما كشفت عن الجوانب الإيجابية التي تلمّستها في هذه المهنة «الإيجابيات هي البقاء على تواصل مستمر مع الأجيال الشابة الجديدة كذلك ضرورة متابعة كل جديد في مجال الاختصاص والحاجة المستمرة لتطوير المعلومات والأساليب بحيث تواكب ما يحدث من تطورات»، وعن نجاحها في بناء علاقة طيبة مع طلابها وقدرتها على استقطابهم وجذبهم إلى محاضراتها أوضحت « أتعامل معهم كأخوة صغار وأبناء، احترمهم ولا أتذكر أنني أزعجت طالباً يوماً ما وفي الأصل لم يضطروني إلى فعل ذلك، أتعب كثيراً على محاضرتي وأعيد المعلومة بأساليب مختلفة لتصل إلى كل الطلاب على اختلاف مقدراتهم»، وختمت بجملة من النصائح التي دائماً ما توجهها إلى طلابها «عيشوا حياتكم الجامعية بكل تفاصيلها فهي أجمل أيام العمر، واتعبوا وطوروا أنفسكم اجتماعياً ومهنياً لتستطيعوا العيش وإثبات أنفسكم في الحياة الصعبة، حافظوا على مهنتكم (الصيدلة) أمانة في أعناقكم وعليكم صونها ممن يسيء إليها».
 
عمل مجاني
 
الدكتور أبي سلمان أستاذ في جامعة دمشق، كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بدأ العمل بالتدريس الجامعي بعد عودته من الإيفاد إلى ألمانيا عام 1997، ليرد جميل الكلية التي احتضنته خلال مسيرته العلمية وليفيض على طلابها بالخبرة والمعرفة التي اكتسبها، وعن رأيه بالمكانة التي يلقاها الأستاذ الجامعي في هذا البلد يقول: «الأستاذ الجامعي في كل دول العالم المتقدّم له ثقل اجتماعي مرموق وله احترام من الجميع وينال راتباً عالياً ليستطيع العيش بكرامة، أما في وطننا الغالي فله تقدير من الشرائح التي تقدر العلم وتحترمه ولكن من أغلبية المجتمع لا ينال ما يستحقه من الاحترام والتقدير»، وحول انعكاس الظروف الراهنة على واقع الأستاذ الجامعي أكد الدكتور سلمان أن الظروف الراهنة من صعوبات اقتصادية ومعيشية زادت من معاناة الأستاذ الجامعي واكتوت حياته بلهيب الغلاء وأدنى متطلبات العيش الكريم إضافة إلى صعوبة تنقله ووصوله إلى قاعات المحاضرات، حيث أضاف: «لدي سيارة عائلية ورفع الدعم عنها طبعاً كغيري من الأساتذة ويكلفني كل مشوار إلى الكلية التي تبعد 25كم عن منزلي بالسعر غير المدعوم شهرياً ما لا يقل عن 200 ألف ليرة سورية وهو مرتبي كاملاً، وهذا القرار ليس عادلاً لأنه إذا قيّمنا الحالة بجدوى اقتصادية يكون الأستاذ يعمل مجاناً بكل معنى الكلمة».
 
مهنة مستهلكة للطاقة
 
أفنان تخرجت من كلية الفنون الجميلة وعملت كمدرّسة لمادة الرسم لمدة ست سنوات، وعن تجربتها القصيرة في مهنة التدريس تقول: «عندما بدأت العمل بالتدريس لم تكن لدي خيارات أفضل حتى إنني لم أن أكن على دراية بالصعوبات التي تواجه المدرسين، وفي البداية كنت أستعين بخبرة المدرسين القدامى كي أستطيع التعامل مع التلاميذ فكل طفل يشكّل حالة خاصة على المدرس استيعابه وخلق طريقة للتواصل معه وترغيبه بالمادة».
 
وأضافت إن خوفها الزائد على الأطفال كان سبباً لتوترها الدائم في المدرسة وعصبيتها أحياناً، منوهةً إلى ضرورة التزام الحيادية في التعامل مع الأطفال حتى يتم خلق الغيرة والحساسيات التي ستؤثر في سلوكهم وصحتهم النفسية، مؤكدة أنها لم تتمتع بصفات ومميزات المدرس المثالي وأنها تشعر بالحزن والأسف والخجل من أولئك التلاميذ الذين لم تتمكن من إنصافهم مع زملائهم بالحب والاهتمام.
 
وعن الأسباب التي جعلتها تتخذ القرار بالابتعاد عن التدريس من دون عودة أوضحت أفنان: «عندما أدركت حجم مسؤولية هذه المهنة توصلت لنتيجة حاسمة هي أنني في الحقيقة لا أليق بها وهي كمهنة مستهلكة ومستنزفة للطاقة لا تناسب طموحي كفنانة تشكيلية، ولهذه الأسباب وغيرها تركت العمل في المدرسة ولا أفكر بالعودة لهذه المهنة رغم أنني أصبحت أكثر وعياً وخبرة في التعامل مع الأطفال، لكن برأيي التدريس هو مهنة الجبابرة وأهنئ كل مدرّس يجدد طاقته كل يوم بحبه لمهنته».
 
مجرد رأي
 
لاشك أن كل شخص وخلال مراحل حياته الدراسية سواء في المدرسة أم في الجامعة يجتمع بعدد كبير من المعلّمين والمدرّسين الذين تختلف طرق وأساليب تعاملهم مع الطالب، والتي تترك بصمة في حياته المستقبلية قد تكون سلبية أو إيجابية. حيث يقول محمد وهو خريج كلية الإعلام: «الإيجابية التي تلمستها من تعامل المعلمين معي ومع زملائي كانت قربهم من جميع الطلاب ومعاملتهم على أساس لا يقتصر فقط على المستوى الدراسي وإنما حتى على الصعيد الشخصي وتقدير الظروف التي يمر فيها كل طالب، أما السلبية كانت محاولة السيطرة على الطلاب وتحديد مستقبلهم ورفض آرائهم بحجة أن الطالب مازال غير واع إضافة إلى محاولة تحجيم قدراته وترديد جملة (أنت شو بفهمك)»، كما أشار محمد إلى الطريقة الأمثل للتدريس من وجهة نظره وهي الطريقة التي تعتمد على المرح أكثر من الجمود بما في ذلك كشف جزء من شخصية المدرس للطلاب.