زيادة مستمرة في حالات زواج القاصرات في سورية..؟؟!!

زيادة مستمرة في حالات زواج القاصرات في سورية..؟؟!!

أخبار سورية

الثلاثاء، ١ فبراير ٢٠٢٢

عوامل كثيرة ساهمت بزيادة حالات زواج القاصرات أهمها الضغط المادي الذي دفع بالكثير من الأهالي لتزويج بناتهن للتخلص من نفقاتهن، إضافة إلى البيئة الاجتماعية التي لعبت دوراً مهماً في هذا الموضوع، فهناك عائلات ومجتمعات من عاداتها وتقاليدها زواج بناتها في سن مبكرة، ولا ننسى أيضاً أن الحرب ساهمت في ترسيخ فكرة زواج القاصرات.
يكبرها ب 37 سنة
( هبة – و ) البالغة من العمر 15 سنة ويوم واحداً فقط ، جاءت إلى المحكمة الشرعية بدمشق برفقة والديها لإكمال معاملة الزواج من رجل يحمل الجنسية العربية يكبرها ب 37 سنة، هبة قالت إن أهلها انتظروا حتى تكمل سن 15 بيوم واحد فقط لكي تستطيع تسجيل زواجها حيث القانون لا يسمح دون هذا العمر، وكانت تردد ما يقوله أهلها بأنّ هذا الرجل نصيبها، وبدا واضحاً أنها لا تعرف مخاطر هذا الزواج خاصة أنه غير متكافئ من حيث العمر والبيئة والمجتمع، مشيرة إلى أنّ أهلها أقنعوها بهذا الزواج كون الرجل ميسوراً مادياً وأنها سوف تعيش حياة كريمة معه في بلد آخر، وسيأخذ أهلها مهراً عالياً.
عدم انسجام
بينما (علا- ح) أشارت أنه تم تزويجها في الصف الأول الثانوي، ولم يسمح لها أهلها بإكمال دراستها، وأقنعوها بالزواج من شاب يبلغ من العمر 34 عاماً بدافع أن لديه بيتاً وعملاً خاصاً به ويستطيع بناء مستقبل جيد لكن لم يمض على زواجها أكثر من شهر حتى بدأت الخلافات والمشاكل التي وصلت إلى الضرب كما تقول علا، حيث لم يكن هناك انسجام بالتفكير بينهما، كذلك لم تشعر تجاهه بأدنى مشاعر، مبينة أنه وبعد استمرار الخلافات ودون الوصول إلى صيغة تفاهم حاولت الانتحار أكثر من مرة عبر رمي نفسها من شرفة المنزل، لتتعرض لكسور ورضوض، ثم انتهى الأمر بالطلاق.
مسموح .. ولكن بشروط
عن هذا الموضوع تحدث القاضي الشرعي الأول بدمشق مازن قطيفاني لـ “تشرين” موضحاً أن قانون الأحوال الشخصية المعمول به في سورية سمح بزواج القاصرات بين 15- 18 سنة ولكن بشروط أهمها أن تكون الفتاة مؤهلة من الناحية الجسدية، إضافة لوجود وكالة للقاصر حصراً من الأب أو الجد إذا كانوا على قيد الحياة… الخ، علما أن أهلية البلوغ للزواج هي 18 سنة.
وذكر القاضي قطيفاني أنه يوافق في بعض الأحيان على حالات زواج القاصرات في المحكمة الشرعية بدمشق عندما يرى فيها تكافؤاً من حيث العمر والبيئة لأنه في حال رفض القاضي بعض معاملات الزواج للقاصر، فإنهم يلجؤون لعقد زواج شرعي خارج المحكمة (زواج عرفي) أو ما يسمى (بكتاب الشيخ) لتدخل بعدها الفتاة في متاهة الزواج خارج المحكمة من حيث تثبيت زواجها ونسب الأطفال في حال وجودهم، لذلك على الأقل يتم تأمين بعض حقوق الفتاة بموافقة القاضي، بينما هناك حالات زواج يتم رفضها عندما لا يكون هناك تكافؤ أو تقارب بين الفتاة والرجل.
أسبابه
وبين قطيفاني أن من أسباب زواج القاصرات لها علاقة بالبيئة فهناك بيئات متعارف فيها تزويج لبناتها في عمر 15 سنة، لذلك البعض من الأهالي ينتظرون الفتاة حتى يتجاوز عمرها 15 عاماً ولو بيوم واحد فقط، وذلك لأن القانون يمنع الزواج تحت هذا السن، كما أن ثقافة المجتمع بهذا الموضوع ليست على درجة كبيرة من الوعي، مؤكداً أنه في النهاية القرار الأخير يعود للقاضي الشرعي الذي ينظر بمعاملة الزواج وتقديره للأمر، إما يرفضها أو يقبلها ضمن ضوابط معينة.
10 حالات زواج قاصرات يومياً
وكشف القاضي قطيفاني أنه يتم تسجيل حوالي 50 حالة زواج يومياً في المحكمة الشرعية بدمشق بينها 10 حالات زواج للقاصرات وسطياً، فنسبة هذا النوع من الزواج يزداد بشكل واضح ، مشيراً إلى أن مخاطر زواج القاصرات تكمن في بناء أسر غير مترابطة حيث يؤدي مع مرور الزمن إلى إنشاء مجتمع متفسخ أسرياً، كما أن الزوجة تتعرض لمخاطر وهي لاتزال طفلة حيث لا تستطيع أن تطالب بحقوقها مثل الفتاة الناضجة المتعلمة التي تعرف ما لها وما عليها، موضحاً أن زواج القاصرات ينجم عنه حالات طلاق كثيرة وتكون الفتاة لا تزال بعمر صغير، حيث إن عواطف ومشاعر الفتاة لم تكتمل وتنمو بعد بشكل صحيح سواء من الناحية النفسية أو العاطفية أوالجسدية، لكن الأهل لا يدركون خطورة هذا الزواج إلا بعد فوات الأوان.
حرمان عاطفي
بدورها المرشدة النفسية والاجتماعية ميساء دكدوك أشارت إلى أن زواج القاصرات يعتبر سبباً في معاناة كبيرة وكثيرة أولها الحرمان العاطفي من حنان الوالدين، وأيضاً الحرمان من عيش مرحلة الطفولة والتي تحتاج لأمن نفسي وروحي ومعرفي وجسدي، لافتة أن أغلب القاصرات يصبن بأمراض نفسية خطيرة كالهستيريا والفصام والاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية، سواء بقين متزوجات أم وصلن للطلاق، مضيفة إن مثل هذه الزيجات تترك أثراً سلبياً كبيراً على الفرد والأسرة والمجتمع، وذلك لأن أغلب المتزوجات وهن قاصرات حرمن من التعليم ومن الكثير من حقوقهن، ويكفي عدم تكافؤ الزوجين الذي يتسبب
 
بالطلاق وخلق أبناء ناقمين على المجتمع، ما يدفع القاصرات وأولادهن إلى الانحراف بكل أنواعه وإلى اعتناق الأفكار المتطرفة التي من شأنها التنفيس عن طاقة العنف التي بداخل كل منهم، مؤكدة أنّ زواج القاصرات آفة اجتماعية سائدة في بعض المجتمعات، ويجب العمل على الحد منها..
ختاماَ
نقول إنه من الضروري والمُلح تعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية، وعدم السماح للقاصرات بالزواج لأي سبب كان إلا بعد بلوغهن 18 سنة ودون مراعاة لأي شرط بهدف بناء مجتمع حضاري تكون فيه المرأة قادرة على معرفة ما لها من وعماده…ميليا إسبر