وصول «دواعش» فارّين إلى ريف دير الزور.. سجن الحسكة: لا استِتبابَ لـ«قسد»

وصول «دواعش» فارّين إلى ريف دير الزور.. سجن الحسكة: لا استِتبابَ لـ«قسد»

أخبار سورية

الجمعة، ٢٨ يناير ٢٠٢٢

لم تكد ساعات قليلة تمرّ على إعلان «قسد» سيطرتها على سجن الصناعة في مدينة الحسكة، حتى عادت الاشتباكات لتتجدّد بينها وبين تنظيم «داعش»، في ما أنبأ بأنها لمّا تستعِد كامل مهاجع السجن. والظاهر أن «قسد»، ومِن خَلفها «التحالف الدولي»، استعجلا إعلان استتباب الأمور بهدف التغطية على الفضيحة التي حملتْها الأحداث الأخيرة، وفق ما تشرح مصادر «الأخبار»، مؤكدة أن العشرات، وربّما المئات من عناصر التنظيم، تمكّنوا بالفعل من الفرار
 عادت أصوات الاشتباكات والقصف إلى محيط سجن الصناعة، والأحياء الجنوبية من مدينة الحسكة، بعد أقلّ من ستّ ساعات على إعلان «قسد» السيطرة على السجن، واستسلام عناصر «داعش» كافة، وهو ما بدا لاحقاً أنه غير دقيق، في ظلّ إعلان «قسد» نفسها عودة المواجهات إلى مهاجع داخل المعتَقل. وعاش سكّان المدينة ليلةً (الأربعاء - الخميس) من الرعب، مع عودة الطيران الحربي والمروحي التابع لـ«التحالف الدولي» بقيادة واشنطن، إلى التحليق في الأجواء، وتنفيذه عدّة غارات ورشقات بالرشاشات على مواقع داخل «الصناعة» وفي محيطه، في ظلّ توارُد أنباء عن وجود خلايا لا تزال تتحصّن في الأحياء القريبة منه. وعلى رغم محاولة «قسد»، ابتداءً، إظهار تلك التطوّرات على أنها عمليات تمشيط وملاحقة في الريف الجنوبي الغربي للحسكة، إلّا أن ارتفاع حدّة المعارك أجبرها على الاعتراف لاحقاً بغياب سيطرتها الكاملة على السجن. وفي هذا الإطار، أصدر المركز الإعلامي التابع لـ«قسد» بياناً أكد فيه أنه «بعد سيطرة قوّاتنا، وفرض الاستسلام على حوالى 3500 من المرتزقة المعتقلين، وخلال عمليات التمشيط وجمع المعلومات، كشفت قواتنا عن جيوب إرهابية مموَّهة ضمن المهاجع الشمالية فيها نحو 60 إلى 90 مرتزقاً»، مضيفاً أنه «تمّ توجيه نداء لهم للاستسلام، وستتعامل قوّاتنا معهم بحزم».
كذلك، كانت «قسد» حدّدت عدد الذين أُلقي القبض عليهم بـ3500، مُعلِنةً أن جميع العناصر الفارّين أُعيد اعتقالهم، وهو ما عادت لتُناقضه، من خلال تأكيدها اندلاع اشتباكات معهم في حيّ غويران، واستهداف الهاربين فرقاً إعلامية في محيط «الصناعة». وفي تفسيرها ذلك، تُؤكد مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أن «قسد استعجلت إعلان السيطرة على السجن، قبل دخول كلّ مهاجعه وأبنيته، وذلك على الأرجح بتوجيه من التحالف»، موضحةً أن الأخير «يريد أن يُبرز قدرته على ضبط الأوضاع، ويغطّي على الفشل الاستخباراتي والعسكري لقوّاته، خاصة أنه يتواجد في سوريا بمهمّة رئيسة هي محاربة داعش، بحسب زعْمه». وتلفت المصادر إلى أن «المعطيات تؤكّد أن العشرات وربّما المئات من عناصر التنظيم تمكّنوا من الفرار من السجن، وبعضهم وصل إلى ريف دير الزور»، معتبرة أن «إعلان قسد عن حظر تجوال جزئي في دير الزور يؤكد هذه المعطيات». بدوره، أصدر «التحالف» تصريحاً على لسان قائد المهام المشتركة في «عملية العزم الصلب»، اللواء جون برينان، قال فيه إن «هذه المشكلة ليست داخل الحسكة فقط، إنّما هي مشكلة عالمية تتطلّب تضافُر جهود العديد من الدول لتطوير حلّ دائم طويل الأمد»، مضيفاً أنه «يجب أن نحقّق بدقة في الظروف التي سمحت بحدوث هذا الهجوم، وهناك الكثير من العمل الذي يتعيّن القيام به». وحمَل كلام المسؤول الأميركي إشارات إلى أن «التحالف» سيفتح تحقيقاً مع الجهات التي كانت مسؤولة عن حماية «الصناعة»، وسط أنباء عن وقوع اعتقالات في صفوف «قسد»، للوقوف على أسباب الخرق الأمني الذي نجح التنظيم في إحداثه، على رغم وجود عشرات المقرّات العسكرية في محيط المعتقَل. لكنّ الناطق باسم «الوحدات الكردية»، نوري المحمود، رأى أن «ما حصل يشير إلى تواطؤ بين عناصر التنظيم داخل السجن وخارجه»، مضيفاً أن «أيّ اتهام لعناصر قسد هو تطاول على الأبطال الذين يحرسون السجن، ويَحولون دون هروب عناصر داعش الأخطر في العالم».
من جهتها، كثّفت الحكومة السورية بياناتها التي تتحدّث عن دور أميركي واسع في أحداث الحسكة الأخيرة، مع دعوة الأمم المتحدة إلى اتّخاذ خطوات قانونية في وجه انتهاك الأميركيين للقانون الدولي. وأصدرت النيابة العامّة العسكرية السورية بياناً قالت فيه إن «الولايات المتحدة الأميركية لم تحصل على موافقة الحكومة السورية في هذا الوجود، كما أن مجلس الأمن الدولي لم يفوّضها بذلك، وهي ليست في حالة الدفاع المشروع عن النفس، وبالتالي فإنها تخرق صراحة ميثاق الأمم المتحدة، حيث يصف قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 لعام 1974، سلوكها تجاه سوريا بالعدوان العسكري». وأضاف البيان أن «الوقائع على الأرض أضحت تفْضح وجود علاقة فعلاً بين الاحتلال وتنظيم داعش الإرهابي، وباتت النيابة العامة العسكرية في سوريا تملك من الأدلة المادية والقرائن المباشرة الدامغة ما يكفيها للإعلان عن أن الولايات المتحدة أصبحت تتولّى سيطرة شبه مباشرة على جانب كبير من تحرّكات هذا التنظيم ونشاطاته الإرهابية على الأراضي السورية، انطلاقاً من قاعدتها غير الشرعية في منطقة التنف على المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي». بدوره، شدّد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، بسام الصباغ، على أن «ما جرى ويجري في الحسكة يستدعي من مجلس الأمن النظر بشكل عاجل في تداعيات هذه الأحداث الخطيرة الناجمة عن جرائم تنظيم داعش الإرهابي ومسلّحي قسد الانفصالية»، مُطالِباً «الأمم المتحدة بالعمل على إنهاء وجود قوات الاحتلال الأميركي في شمال شرق سوريا ومنطقة التنف، وإنهاء رعايتها لميليشيا قسد الانفصالية».