الحسكة.. الاشتباكات بين «قسد» والتنظيم تواصلت بمحيط «سجن الصناعة» ومقتل العشرات ونزوح 4 آلاف عائلة

الحسكة.. الاشتباكات بين «قسد» والتنظيم تواصلت بمحيط «سجن الصناعة» ومقتل العشرات ونزوح 4 آلاف عائلة

أخبار سورية

الأحد، ٢٣ يناير ٢٠٢٢

مع تأكيده أن تنظيم داعش الإرهابي هو «منتج أميركي» وأن عدم الاكتراث والتراخي واللامبالاة منه ومن ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» هو ما أوصل المنطقة إلى ما وصلت إليه، وصف محافظ الحسكة اللواء غسان حليم خليل، قصف الاحتلال الأميركي بـ«العشوائي والوحشي»، وأن هناك عمليات تدمير وتهجير ممنهجة.
واستمرت أمس لليوم الثالث المعارك بين مسلحين من التنظيم وميليشيات «قسد»، إثر هجوم للدواعش على «سجن الصناعة» في المدينة والذي يضم آلافاً من مسلحي التنظيم، وأسفرت حتى الآن عن سقوط 89 قتيلاً، من دون أن يتمكن الاحتلال و«قسد» من السيطرة على الوضع.
وحتى ساعة إعداد هذا التقرير ليل أمس، تواصلت الاشتباكات والمواجهات بين مسلحي «قسد» ومسلحي داعش والاستهدافات الجوية من قبل طيران وحوامات الاحتلال الأميركي، وذلك في أطراف حيي غويران والزهور ومنطقة المقابر ومبنى مديرية المحروقات «سادكوب» ومبنى كليتي الهندسة المدنية والاقتصاد والمعهد التقاني الهندسي ومخبز الباسل، والمباني الحكومية الأخرى التي تسيطر عليها «قسد» والمحيطة بسجن «الثانوية الصناعية»، وذلك بعد استهدافه ليل الخميس الجمعة بسيارة مفخخة واقتحامه من قبل مجموعات داعشية وفرار أعداد كبيرة من السجناء الموجودين فيه من مسلحي التنظيم.
وترافق ذلك مع موجات نزوح كثيفة من المناطق المذكورة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية، وإلى المناطق الأخرى في الأحياء المحيطة بمركز المدينة والأرياف القريبة منه جراء القصف الأميركي والاشتباكات الدائرة بين مسلحي «قسد» وسجناء داعش الفارين الذين استولوا على كميات من الأسلحة والذخائر كانت موجودة في مستودعات السلاح بداخل السجن، والتجائهم إلى المناطق السكنية والمباني الحكومية المحيطة به.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن»، أكد محافظ الحسكة اللواء غسان حليم خليل، أن تنظيم داعش هو منتج أميركي، وما يؤكد ذلك ليس قولنا فحسب، بل ما ذكره رئيسا الولايات المتحدة الأميركية السابقان في عدة مناسبات باراك أوباما ودونالد ترامب، ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بأن داعش هو منتج أميركي.
واعتبر أن عدم الاكتراث والتراخي واللامبالاة من الاحتلال الأميركي وميليشيات «قسد» هو من أوصل المنطقة إلى ما وصلت إليه من خراب وتدمير وتهجير ممنهج اليوم.
وبين خليل، أن عدد الأسر التي نزحت لمناطق سيطرة الدولة ودخلت عبر حواجز الجيش العربي السوري، في اليوم الأول نحو ألف أسرة وتجاوز الألفي أسرة في اليوم الثاني، أما عدد الأسر التي نزحت للأحياء التي هي خارج نطاق سيطرة الدولة نحو أقاربهم فبلغت نحو ألفي أسرة أيضاً.
وكشف، أن أعداد النازحين ازداد منذ صباح أمس، بشكل كبير بسبب إبلاغ ميليشيات «قسد» للأهالي وعبر مكبرات الصوت، بترك بيوتهم في أحياء النشوة وغويران والزهور وكل المنطقة المحيطة بـ«سجن الصناعة».
ولفت خليل إلى أن المحافظة شكلت فرق مسح ميداني لتسجيل أسماء النازحين، وتم تقديم سيارات إسعاف وعيادات طبية متنقلة للخدمات الطبية والحالات الطارئة والإسعافية، مبيناً أنه جرى كذلك تأمين وسائط نقل لنقل الأسر ضمن أحياء المدينة للوصول لأقاربهم، وتم تشكيل غرفة عمليات تضم مديرية الشؤون الاجتماعية والجمعيات الأهلية والهلال الأحمر العربي السوري لافتتاح مركز إيواء ومن الممكن فتح أكثر من مركز وتم البدء بتجهيز الصالة الرياضية لاستقبال الأعداد الكبيرة من النازحين، وأضاف: «كما سيجري تجهيز عدد من المدارس إذا لزم الأمر ويبدو أنه سيلزم الأمر لأنه يجري عملية تهجير ممنهجة».
وأشار إلى أنه جرى تقديم الخبز للنازحين الذين وصلوا إلى نقاط الجيش، كما تم إبلاغ المواطنين في حال رغبوا، بالتوجه للجوامع حيث يمكن مساعدتهم ليقيموا فيها بشكل مؤقت.
وبين أن سجن «الثانوية الصناعية» يضم نحو 5 آلاف سجين هم من أخطر مجرمي داعش، وهؤلاء من قياديي التنظيم وأغلبهم من الجنسية غير السورية، وهذا السجن عليه حراسة يفترض أنها معززة من قبل ميليشيات «قسد»، لافتاً إلى أنه جرى دخول انغماسيين دخلوا المنطقة بسيارتين إحداهما تم تفجيرها عند مدخل «سادكوب» القريب من موقع السجن ما أدى لاشتعال عدة خزانات من الوقود وحصول عدد من التفجيرات، وفي الوقت نفسه دخل انغماسي آخر على دراجة نارية إلى مدخل السجن حيث جرى تفجيره، الأمر الذي تسبب بوقوع قتلى ومصابين وكذلك فرار الدواعش من السجن، والذين انتشروا في المباني المحيطة في أحياء الزهور والنشوة وغويران متخذين من المدنيين دروعاً بشرية، وعمدوا لارتكاب جرائم ذبح وقتل بصفوفهم وسيطروا على هذه المواقع، مؤكداً أن أعداد الدواعش الذين فروا من السجن غير معروف حتى اللحظة.
وأشار محافظ الحسكة إلى أن «قسد» استقدمت تعزيزات لتطويق المنطقة، وعمد الطيران الحربي والمروحي والمسير الأميركي على التحليق المكثف وقصف مباني المدنيين وتدمير عدد من مباني ومؤسسات الدولة بذريعة وجود داعش.
ولفت إلى احتمالية وجود سيناريوهات أميركية يجري التخطيط لها جراء كل ما يحدث، ولاسيما أن هذه المناطق قريبة من قاعدته اللاشرعية وهناك ربما سعي لإفراغها من سكانها، مؤكداً أن حقيقة ما يجري ستكشفه الساعات والأيام القليلة القادمة، معتبراً أن مجموعة من التساؤلات هي من تدفع باتجاه التفكير بوجود سيناريو ومخطط أميركي من كل ما يجري، فكيف يتم وضع خمسة آلاف سجين من مسلحي هذا التنظيم من جنسيات أجنبية وعربية مختلفة في دار من دور العلم؟ وكيف يمكن لما يسمى ميليشيات «قسد» أن تتساهل في ضبط مسألة أمن «سجن الصناعة» وهو السجن الذي يضم أخطر مجرمي داعش؟! وكيف يمكن حصول هذا التواصل بين الدواعش الموجودين داخل السجن والانغماسيين الذين نفذوا عملية التفجير، واقتحام السجن من الخارج؟! وكيف وصلت السيارة للسجن وعبرت كل هذه الحواجز؟ وكيف وصل الآلاف من الأهالي إلى مناطق سيطرة الدولة، فيما لم يكن مسموحاً حتى للموظفين أن يخرجوا لممارسة عملهم في مؤسساتهم؟! مشدداً على أن الإجابة عن كل هذه التساؤلات سيكشفها سير الأمور في المرحلة القادمة، وقال: «كل الاحتمالات مفتوحة وقريباً سنصل للحقيقة حول ما جرى».
وبخصوص خطورة انتقال أو تسلل الدواعش باتجاه مناطق سيطرة الدولة، أكد محافظ الحسكة، أن هذا الاحتمال قائم واتخذنا إجراءات كافية عبر التشديد في عمليات التفتيش على المعابر وجرى تعزيز الحراسات وسط المدينة، كما جرى اتخاذ إجراءات خاصة خشية محاولة الإرهابيين التسلل بالزي النسائي.
ورأى أنه من غير المعروف حتى الآن إلى أين ستذهب الأمور، ولاسيما أن سجن الصناعة لا يزال خارج سيطرة ميليشيات «قسد» وقال: «الأمور قابلة لكل شيء ونحن جاهزون».
بدوره، قال مدير الشؤون الاجتماعية والعمل في محافظة الحسكة، إبراهيم عواد خلف، في تصريح لـ«الوطن»: إنه تنفيذاً لتوجيهات محافظ الحسكة، أعلنت مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل عن تخصيص أرقام ساخنة لاستقبال اتصالات أهالينا المهجرين من حي غويران والباحثين عن مأوى للسكن في مراكز الإيواء.
وأشار إلى أن مستوصف اليمامة الخيري يستقبل في المستوصف العمالي جميع الحالات الصحية التي تحتاج للمعالجة الإسعافية والدواء، كما يستقبل مستوصف جمعية البر والخدمات الاجتماعية بالحسكة جميع الحالات الصحية الإسعافية التي تحتاج للدواء والمعالجة.
ولفت إلى أن العيادات المتنقلة لجمعية اليمامة والمودة تستقبل الأهالي المهجرين على جسر النشوة وجسر غويران الرئيسي مع تخصيص ٥ سيارات نقل جماعي «فان» لنقل الأهالي من جسري النشوة وغويران إلى منازل ذويهم ضمن المدينة أو إلى مركز الإيواء في حال عدم توفر السكن.
ونقلت وكالة «أ ف ب» عن مدير ما يسمى «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن أن الاشتباكات أدت إلى مقتل 28 مسلحاً من «قسد»، و56 مسلحاً من داعش وخمسة مدنيين منذ بدء الهجوم على «سجن الصناعة».