طرطوس في 2030 تضيق بقاطنيها .. والتوسع العمراني يصطدم بضيق المساحات

طرطوس في 2030 تضيق بقاطنيها .. والتوسع العمراني يصطدم بضيق المساحات

أخبار سورية

الخميس، ١٦ أبريل ٢٠٢٠

شهدت مدينة طرطوس نمواً سكانياً لم تأخذه المحافظة ومجلس مدينتها على قدر من المسؤولية والتخطيط الاستراتيجي طويل الأمد، فجاءت المخططات التنظيمية قصيرة المدى، ومراعية لرغبات أصحاب القرار، ومن خلفهم تجار العقارات، بحيث تحققت لهم هذه الطفرة المالية وإن كان ذلك على حساب المواطن المقيم، وما يتطلبه الأمر من خدمات ومرافق خدمية، ومنها وجود شوارع عريضة وساحات كمرائب، بالإضافة لبقية الخدمات الأخرى، وهي حقوق مشروعة للمواطن، حيث تم إحداث الكثير من الأحياء، كما هو الحال في توسع منطقة الصالة الرياضية، والإنشاءات، والفقاسة، وشارع الثامن من آذار، وغيرها، دون الأخذ بعين الاعتبار هذا التحول السكاني وزحمة السيارات على حساب ضيق الشوارع!.
لم تراع
الحقيقة الواضحة أن مدينة طرطوس ضاقت بقاطنيها، وشوارعها باتت شاهد إثبات على تخلف المخططات التنظيمية التي لم تراع طموح سكانها وحقهم بالحصول على خدمات مرافق من شوارع وحدائق ومدارس من جهة، ومن جهة أخرى غياب الدراسات المعنية بالتوسع الشاقولي نظراً لضيق المساحات، وكون أغلب مناطق الزحف السكاني أراضي زراعية خصبة لم تسلم من جشع الطامعين بالاستثمار العقاري، وإن كان على حساب كل شيء، وبات المشهد العمراني المتعارف عليه عبارة عن “صناديق ” سكانية مؤلفة من طبقات أربع أو خمس في أحسن الحالات، وشوارع لا تتسع سوى لمرور سيارة واحدة في مناطق يطلق عليها التوسع الحديث!.
المعاناة
مدير الشؤون الفنية في مجلس مدينة طرطوس المهندس حسان حسن تحدث عن معاناة سكان المدينة حيث قال: إن المخطط التنظيمي الحالي قد صمم ليغطي النمو السكاني حتى عام 2020 وفق البرنامج التخطيطي الموضوع عام 1999، وذلك وفق التزايد الطبيعي للمدينة البالغ 35 بالألف، حيث توقع هذا البرنامج أن يكون عدد السكان في عام 2000 حوالي 110 آلاف نسمة، وفي عام 2010 حوالي 152، وفي عام 2020 حوالي 200 ألف، وفي عام2030/ 258 ألف نسمة تقريباً نظراً لعدم وجود إحصائيات رسمية لعدد سكان المدينة منذ عام 2004، وبالتالي تمت الاستعانة بمؤشرات أخرى تسمح بإعطاء قيمة قريبة من الواقع، واليوم يقارب عدد سكان المدينة 280 ألف نسمة وهو ما يفوق العدد المتوقع في عام 2020 وفق البرنامج التخطيطي، وأضاف بأن مساحة المخطط التنظيمي للسكن متضمناً مساحات المناطق السكنية والحدائق والطرق والمدارس حوالي /2000هكتار، وتشكل البلوكات السكنية حوالي 40% من المساحة المخصصة للسكن، وبموجب دراسة بسيطة نستنتج بأن المخطط الحالي سيمتلئ وفق المعطيات السكنية الحالية من عدد السكان ومعدل النمو خلال الخمس سنوات القادمة، ولدى دراسة مجموعة من المؤشرات الخاصة بالمخطط العام ومقارنتها بالبرنامج التخطيطي لمدينة طرطوس يتبين أن جميع المؤشرات ضمن النسب المقبولة ما عدا المدارس التي كانت تعاني من نقص تم استدراكه عن طريق المدارس الخاصة القائمة أو التي تتم دراسة إنشائها على مواقع متعددة، أما بالنسبة للطرق فإن مساحتها ضمن المخطط تبلغ 455 هكتاراً، وتشكل نسبة 22,8% من مساحة المخطط التنظيمي الذي لن يكون قادراً على استيعاب التزايد الكبير الحاصل، الأمر الذي يتطلب مجموعة من المقترحات التي تلبي طموحنا، ومن ضمن هذه المقترحات إتمام دراسة المخطط الإقليمي للساحل، ووضع معايير تخطيطية للإقليم الساحلي نظراُ لخصوصيته وبشكل يراعي خصوصية مدينة طرطوس الخدمية والسياحية، بالإضافة لدراسة توسيع المخطط التنظيمي شرقاً وجنوباً وشمالاً، بالإضافة لمجموعة من المقترحات التي تساعد على تحسين الواقع الخدمي، لاسيما ما يخص المساحة المخصصة للشوارع في ظل ما تعانيه المدينة من ازدحام مروري وسكاني، ومن أهم هذه المقترحات السماح بإنشاء المرائب الطابقية على جميع المقاسم الواقعة ضمن المخطط التنظيمي المصدق بغرض الاستثمار على ألا يقل عرض الشارع عن 12 م، إضافة إلى إلزام مالكي المقاسم التي تزيد مساحتها عن 650 م2 بإنشاء قبو واستخدامه كمرآب إجباري، كما تم تحديد عدد من المواقع ضمن المدينة التي تحمل صفة أملاك عامة لتتم دراستها كمرائب للسيارات أو مرائب طابقية، ومنها حديقتا المنشية، والجزء الجنوبي من حديقة الباسل، وهذه المقترحات كفيلة بوضع حل مؤقت لمشكلة الازدحام المروري الناتج عن عدم كفاية مساحات الشوارع وعدم تناسبها مع التزايد السكاني، وأشار مدير الشؤون الفنية إلى أنه استناداً لنظام ضابطة البناء المصدق لدى مجلس المدينة يتضمن في الفصل الثالث الفقرة 1-3-3 والفقرة 3-3-3 ما يلي: يتوجب على مالكي المقاسم المطلوب ترخيصها التي تبلغ مساحتها 650 م2 إنشاء مرآب في القبو أو طابق الأعمدة.
لا تلبي الطموح
قد تبدو المقترحات التي عرضها مدير الشؤون الفنية مقبولة لبعض الوقت، خاصة أنه وصفها بالمؤقتة بمعنى ليست طويلة الأمد، وبالتالي فإن أقل ما يقال عنها إنها “تسكيجية ” لا تراعي ولا تلبي طموح أهالي المدينة في ظل هذا التمدد العمراني وضيق المساحات، ومن هنا الحاجة لطرح السؤال الأكثر أهمية المتعلق بنظام ضابطة البناء الحديث الذي تم إقراره على عجل على ما يبدو دون مراعاة مستقبل المدينة، وعدم إلزامية التوسع الشاقولي!.
لؤي تفاحة-البعث