حزب الله يُضيف الأتراك الى لائحة ضحاياه: القصّة الكاملة لتحرير سراقب

حزب الله يُضيف الأتراك الى لائحة ضحاياه: القصّة الكاملة لتحرير سراقب

أخبار سورية

الاثنين، ٩ مارس ٢٠٢٠

لم تعد قيادة حزب الله معنية بالتوقف عند الاصوات المعترضة على مشاركة مقاتليها في الحرب الدائرة على الاراضي السورية، لان الاستمرار في تكرار شرح الاهمية الاستراتيجية لما يدور هناك، بات تضييعا للوقت والجهد في مخاطبة جهات لا تملك الا «الثرثرة» المدفوعة الثمن من جهات اقليمية ودولية تعرف جيدا اهمية ما يقوم به حزب الله على الاراضي السورية وتريد رفع منسوب الضغوط الداخلية عليه لثنيه عن الاستمرار في تغيير المعادلات الميدانية التي سبق وغيرت وجه المنطقة عند حسم معركة القصير الشهيرة قبل نحو ثمانية سنوات، واليوم يتكرر المشهد مرة جديدة في ادلب بعدما نجحت قوات النخبة في الحزب باستعادة مدينة سراقب الاستراتيجية باقل من 12 ساعة تحت «جنح الظلام»، بعدما وضعت تركيا ثقلها في المدينة، فيما بات يعرف في سوريا الان، بانه معركة «القصير الثانية».
وبعيدا عن «الزواريب» اللبنانية الضيقة، فان البعد الاستراتيجي للمعركة وتداعياتها، دفع ثمنها في الميدان الطرف التركي، وسيدفع ثمنها لاحقا بالسياسة، فيما المتضرر الاكبر مما حصل تبقى اسرائيل التي بدأت اجهزة استخباراتها ومنصاتها الاعلامية تتحدث عن القيمة العسكرية او «العبقرية» في قتال مجموعات «الرضوان» في تلك المنطقة المعقدة والتي تضيف الى خبرات الحزب معطى جديدا لا يمكن لاسرائيل ان تهمله او تتجاهله في المواجهة المقبلة.
ووفقا لمصادر معنية بهذا الملف، لم تملك تركيا الوقت الكافي، لاصلاح خطيئتها عندما استهدفت قبل نحو اسبوع مجموعة مقاتلة من حزب الله كانت خارج نطاق العمليات العسكرية الدائرة في ادلب، وسقط منها 9 شهداء، بعد مشاركتها «المحدودة» في المواجهات لتحرير ريف حلب الشمالي..
ووفقا للمعلومات، سارع الاتراك الى ارسال «رسالة» غير مباشرة الى حزب الله، عبر شخصية امنية رسمية لبنانية بارزة، هذه «الرسالة» «الاعتذارية»، تفيد بان القوات التركية لم تستهدف المجموعة المقاتلة عن سابق «تصور وتصميم»، ولا نية لدى انقرة في مواجهة مباشرة مع الحزب او مع الايرانيين في سوريا، وما حصل كان «خطأ» في التقدير، ولا يوجد اي داع للتصعيد…
لكن هذا الكلام لم يجد اي صدى في «حارة حريك»، القرار اتخذ، لقد ايقظ الاتراك «المارد» من «سباته»، كما تقول تلك الاوساط، ولا يمكن التسامح ابدا مع هذا التجاوز الخطير «للخطوط الحمراء»، وتم ابلاغ القيادة السورية ان حزب الله سيتولى قيادة معركة سراقب، وسيكون «راس حربة» في استرجاع هذه المنطقة الاستراتيجية كونها تشكل عقدة رئيسية تربط اوتوستراد حلب ـ دمشق، وحلب – اللاذقية، بعدما وضع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ثقله لاسترجاعها لاستخدامها «كورقة» «مساومة» رابحة في لقائه المرتقب اليوم الخميس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، لكن دخول حزب الله «قلب الطاولة»…
ووفقا لتلك الاوساط، كان الاتراك قد دفعوا بقوات النخبة من فصائل المعارضة وفي مقدمتهم «متطوعون» اتراك مدربون على يد الجيش، يعرفون «بالذئاب الرمادية» وتمكنوا من استرجاع المدينة وقطع الطريق الدولية، بمساندة الطائرات المسيرة، قبل ان يضع حزب الله خطة محكمة شكلت مفاجئة للاصدقاء والخصوم، وكان «سر» نجاح العملية العسكرية في خطوة تكتيكية «مدهشة» قام بها عناصر النخبة في حزب الله الذين تسللوا الى المدينة ليلا، دون اي تغطية مدفعية مسبقة، ووصلوا الى مواقع المسلحين، وفتحوا النيران من مسافات قريبة، وحققوا انتصارا ساحقا من خلال عامل المفاجئة، وكذلك من خلال الاجهزة والعتاد الليلي الذي منحهم التفوق على المجموعات المسلحة في الظلام الدامس، ولم تتمكن القوات التركية من تقديم العون لمسلحيها جوا او برا بسبب الارباك الكبير الذي ساد في صفوف المقاتلين على الارض بعدما فوجؤوا بقوات «الرضوان» داخل مواقعهم، فقتل من قتل، واضطر من تبقى منهم الى الانسحاب من المدينة دون عتادهم الثقيل…
وقد اثارت العملية «دهشة» الروس الذين لم يصدقوا ان الحزب نجح ليل الاحد-الاثنين في طرد المسلحين من المدينة، فبعدما طلب منه على نحو مفاجىء، عبر غرفة العمليات، وقف الغارات لان قوات «الرضوان» باتت في وسط سراقب عند منتصف الليل، وفجرا جاء الاتصال «الصادم» الى قاعدة «حميميم»، «هل انتم جاهزون ارسلوا شرطتكم العسكرية سراقب باتت تحت السيطرة»…
وقد بدات الاصداء تتردد في اسرائيل بعد ساعات من انتهاء المواجهة، ووصفت الاوساط الاستخبارتية ما تحقق بانه «إنجاز عسكريّ مثير للاهتمام» لان مقاتلي الحزب تمكنوا من طرد المسلحين من المدينة على الرغم من السيطرة الجوية الكاملة للطائرات التركية المسيرة، وهذا ما يفرض على الاجهزة الامنية والعسكرية الاسرائيلية الاستعداد لما هو اسوء في اي مواجهة مقبلة مع حزب الله.
وبعيدا عن اهمية نتائج هذه المعركة استراتيجيا، على «طاولة» المفاوضات في موسكو، فانها كشفت ميدانيا عن جودة مقاتلي حزب الله وادائهم المتطور على الارض، واذا كان الاتراك «ضيوف» جدد على لائحة «ضحايا» الحزب، فان في اسرائيل من بدأ يقرا جيدا طبيعة ما حصل، وبحسب القراءات الامنية التي بدأ يكشف عنها، ان اهمية هذه المعركة تكمن في ادارة حزب الله هجوما واسع النطاق، ومنسقاً في ساعات الليل، وهذا يكشف عن «عقيدة» قتالية جديدة لدى الحزب لمفاجأة إسرائيل عبر اختراق ليلي وسيطرة على مواقع قبل طلوع الفجر من أجل الانتظام للدفاع أثناء النهار، وهذه المعركة بحسب الخبراء الاسرائيليين «تضيف الكثير للقدرات العسكرية المؤكدة لحزب الله عموما، وللقتال الليلي في أطر عسكرية كبيرة خصوصا»، ولذلك لا يجب على القيادتين العسكرية والامنية المرور مرور الكرام على «مفاجئة» سراقب…!
طبعا، ليست هي «الملحمة» الوحيدة التي خاضها مقاتلوا حزب الله سواء في سوريا او لبنان ودول اخرى، انها معركة مفتوحة لحماية محور بكامله يتعرض لحملة غير مسبوقة في المنطقة، طبعا المواجهة مستمرة، وربما بعد ايام سيكشف عن دور «الرضوان» الحاسم في معارك جبل الزاوية، ومرتفعات جبهة ادلب الجنوبية، الرئيس بشار الاسد شخصيا يصر على تواجد حزب الله على جبهات القتال لانه يدرك حجم تاثيرهم، والسيد حسن نصرالله سبق واكد ان المقاومة «ستكون حيث يجب ان تكون»، ولذلك على من يكتب بيانات الادانة في لبنان وخارجه، ان يوفر الحبر الذي تكتب به لانها لا تستاهل القراءة او الرد…
بقلم: إبراهيم ناصر الدين