تعزيزات تركية في ريفَي الرقة والحسكة: استئناف «نبع السلام» ردّاً على إدلب؟

تعزيزات تركية في ريفَي الرقة والحسكة: استئناف «نبع السلام» ردّاً على إدلب؟

أخبار سورية

الجمعة، ٧ فبراير ٢٠٢٠

 تشهد خطوط التماس بين الجيش السوري و«قسد» من جهة، والجيش التركي والفصائل المسلحة التابعة له من جهة أخرى، في ريفَي الحسكة والرقة، حالة من الترقّب، في ظلّ استقدام تركيا المزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة، بما يوحي بنيات هجومية. يأتي ذلك وسط توقعات بأن تردّ أنقرة على التقدّم المتسارع للجيش السوري في ريف إدلب الجنوبي، وعلى المماطلة الروسية في الاستجابة لنداءاتها بوقف العمليات، عبر تحريك الجبهات، وربما التوسّع في شرقي الفرات، المحكوم بتفاهم تركي - روسي.
تحوّلت قرية السكّرية الحدودية في ريف رأس العين، خلال هذا الأسبوع، إلى معبر لإدخال المزيد من التعزيزات التركية إلى ريفَي تل تمر وأبو رأسين في ريف الحسكة، بالتزامن مع تعزيزات مماثلة دخلت إلى المحور المقابل لمدينة عين عيسى في ريف الرقة، في سعي تركي واضح لتعزيز الحضور العسكري في المنطقة. وتصاعد هذا النشاط بعد استهداف الجيش السوري لرتل تركي في ريف إدلب الجنوبي قبل أيام. وتحاول أنقرة الاستثمار في الحدث لاستئناف عملية «نبع السلام»، بعد توقف مستمرّ منذ أشهر أعقب توقيع «اتفاق سوتشي» بين الجانبين التركي والروسي. وعلى رغم أن التحشيد التركي لم يرقَ بعد إلى مستوى عملية كبيرة، إلا أنه يوحي بنيات توسّعية في ريفَي الحسكة والرقة.
ومع أن الشهرين الماضيين سجّلا موجة من الخروقات في المنطقة التي يتخذ فيها الانتشار التركي طابعاً هجومياً، ومن بينها هجمات عديدة باتجاه مدينة عين عيسى وأريافها، إلا أن أنقرة سعت، خلال اليومين الفائتين تحديداً، إلى تظهير استعدادها لخوض عملية عسكرية في المنطقة، من خلال تكثيف استهدافها لمناطق انتشار الجيش السوري و«قسد» في قرى تل الورد وربيعات وخربة الشعير في ريف الحسكة، وقزعلي والخالدية وهوشان والدبس في ريف الرقة. وعلى ضوء تلك التطورات، يمكن القول إن أيّ تصعيد تركي جديد قد يكون باتجاه المناطق المحاذية شمالاً، حتى الحدود، للطريق الرابط بين عين عيسى وعين العرب (كوباني)، وصولاً إلى منبج، في محاولة لإفراغ شمال الطريق الدولي: من تل تمر حتى حلب، من أيّ وجود لـ«قسد».
كذلك لا تبدو بلدة أبو رأسين ومدينة الدرباسية في ريف رأس العين الشرقي خارج التطلعات التركية. وقد يكون التوسّع نحوهما هدفاً مقبلاً للأتراك، في حال تُرجمت عمليات التحشيد إلى هجوم واسع في ريف الحسكة، علماً بأن هجوماً من هذا النوع ربّما تراه أنقرة متاحاً، في ظلّ غياب أيّ وجود أميركي، واقتصار الحضور الروسي على نقاط مراقبة محدودة في تل تمر وأبو رأسين والدرباسية. إلا أن ذلك دونه مخاطر الاصطدام مع الروس، إضافة الى وجود نقاط انتشار عديدة للجيش السوري، الذي يبدي جاهزية لصدّ أيّ محاولة هجوم تركية جديدة في المنطقة. وأمام هذه التحركات، تُظهر موسكو موقفاً صلباً برفض أيّ توسع تركي جديد في الشمال الشرقي، وهو ما يُترجَم بإرسال تعزيزات روسية من القامشلي باتجاه عين عيسى لمنع أيّ هجوم مرتقب، بالتوازي مع تعزيز نقاط المراقبة الموجودة في أرياف الحسكة. وفي هذا السياق، تفيد مصادر مطلعة، «الأخبار»، بأن «الجانب التركي كثّف من جولاته الاستطلاعية في ريفَي رأس العين وتل تمر بهدف اختيار أهداف لعمل عسكري قادم»، متوقعة أن «يشهد الأسبوع المقبل إعلاناً تركياً عن استئناف عملية نبع السلام، عبر شنّ هجمات متزامنة باتجاه ريفَي تل أبيض الغربي ورأس العين الشرقي، حيث شهدت المنطقتان استطلاعاً مكثفاً من الأتراك خلال الأسبوع الفائت». وتوضح المصادر أن تركيا «تسعى للضغط لتحقيق ترابط جغرافي بين مناطق نبع السلام ومناطق درع الفرات، وهو ما يعني تركيز الهجمات على المنطقة الرابطة بين تل أبيض ومنبج».
من جهته، يؤكد مصدر ميداني سوري، في حديث إلى «الأخبار»، أن «نقاط التماس بين الجيش السوري ومناطق انتشار المسلحين والجيش التركي تشهد تحركات متزايدة خلال الفترة الأخيرة»، معتبراً أن التحركات «ربما تظهر نيات هجومية باتجاه مناطق سيطرة الجيش في المنطقة». ويلفت المصدر إلى أن «التنسيق مع الجانب الروسي بشأن انتشار الجيش السوري في المنطقة لا يزال يسير في الإطار الطبيعي»، جازماً بأن «الجيش انتشر في أرياف الحسكة لحماية سكانها من الهجمات التركية، وسيبقى موجوداً في المنطقة حتى استعادة سيادته على كامل جغرافيا البلاد».
وتعرب مصادر مقرّبة من «قسد»، بدورها، عن اعتقادها بأن «الجانب التركي لا يؤمن له، وقد يخرق الاتفاق ويشنّ هجمات على ريفَي الحسكة والرقة في أيّ وقت»، معتبرة أن «انتشار الجيش السوري ووجود نقاط مراقبة روسية قد لا يكونان عاملين كافيين لحماية المنطقة من هجمات تركية إضافية». وإذ تشير إلى أن «التنسيق مع الجانبين الروسي والحكومي عسكرياً مستمر، والهدف منه الدفاع عن المنطقة ضد الأطماع التركية»، فهي ترجّح أن تسعى «تركيا لرفع معنويات المرتزقة الذين يعملون معها، من خلال تصعيد عسكري شمال سوريا وشرقها»، مشددة على أن «المسؤولية الأولى لكبح جماح الأتراك، في حال حصلت الهجمات، تقع على عاتق الجانب الروسي الذي تعهّد بحماية المنطقة من أيّ هجمات تركية جديدة».