البلاستيك بين خطورة استخدامه على الصحة والبيئة والغياب الكامل لمراقبة انتشاره

البلاستيك بين خطورة استخدامه على الصحة والبيئة والغياب الكامل لمراقبة انتشاره

أخبار سورية

السبت، ١١ يناير ٢٠٢٠

رفاه نيوف:   
شهد النشاط الصناعي في سورية نمواً ملحوظاً في العقود الأخيرة نتيجة التحول الاقتصادي نحو الصناعة وتوسع النشاط الصناعي للقطاع الخاص في محافظة طرطوس خلال العقد الأخير وخاصة في مجال الصناعات البلاستيكية التي تعد اليوم من المواد الأساسية للعديد من الصناعات، فغزت هذه الصناعات كل مناحي الحياة على الرغم من علمنا بخطورتها وانعكاساتها السلبية على الصحة والبيئة، ومع انعدام حملات التوعية وانعدام البدائل يضطر الفرد للجوء إلى المنتجات البلاستيكية غير مخير، ونقف اليوم مكتوفي الأيدي أمام هذه الصناعة التي لم يكن لها وجود في ماضينا القريب، وبتنا نراها في أماكن لا يصح استخدامها فيها مثل الصيدليات التي باتت تستخدم أكياس النايلون السوداء عند شراء الدواء لأنها أرخص الأنواع في الوقت الذي تعمل فيه معظم الدول المتطورة على محاربة البلاستيك والعودة إلى البدائل الطبيعية أو استخدام البلاستيك المتحلل فما المقترحات للحد من استخدام البلاستيك وأين حملات التوعية البيئية منها؟
 
يروي العم محمد ابراهيم وهو في نهاية العقد السابع من العمر أنهم لم يعرفوا الصناعات البلاستيكية في الماضي وكان أثاث المنزل يصنع من الخشب والقش حتى الأطباق والملاعق وغيرها إضافة إلى استخدام أكياس الورق وكانت هذه الأدوات إضافة إلى أنها صحية غير ملوثة للبيئة وتعد من التحف الفنية ولا تنتج عنها نفايات وإن نتجت فهي سريعة التحلل وتساءل لماذا غابت هذه الصناعات اليوم وما الأسباب خاصة في ظل ما نسمعه عن مساوئ استخدام البلاستيك على البيئة والصحة.
غياب الوعي
في المقابل، نرى الكثير من السيدات يستخدمن المنتجات البلاستيكية في إعداد المخللات وحفظ الطعام ومياه الشرب إضافة إلى انتشار ظاهرة بيع المواد الغذائية في بعض المحال التجارية بأوعية بلاستيكية مخالفة للمواصفات وكلها تشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان.. تقول السيدة هالة استخدم عبوات المياه والمشروبات الغازية في تخزين المخلل لفصل الشتاء مع إنها قرأت- كما أشارت- عن مخاطر استخدامها وما يمكن أن تسببه من أمراض نتيجة انحلال المواد الداخلة في الصناعة مع الحمض وتالياً إنتاج مادة مسرطنة للجسم كما تُشير العديد من الدراسات لكنها لا تطبق هذا الكلام ومازالت تستخدم العبوات في تخزين الطعام.
أما السيدة هناء وهي مدرسة فمازالت تلجأ إلى تخزين الزيتون في عبوات المياه وعبوات المشروبات الغازية مع علمها أيضاً بمخاطر استخدامه إضافة إلى أن الأغلبية لا تقرأ الإشارة الموجودة في أسفل العبوة إلى أنها لا تستعمل إلا مرة واحدة وهنا يأتي دور التوعية البيئية الغائبة تماماً عن خطط الجهات المعنية في المحافظة بالرغم من خطورتها.
عشرات المعامل في طرطوس
يتسابق المستثمرون في محافظة طرطوس إلى إقامة معامل لإنتاج الصناعات البلاستيكية ويقارب عددها المئة في المحافظة كما بين المهندس عمار علي- مدير الصناعة في طرطوس وأشار إلى أن السبب في التوجه لهذه الصناعات هو شروط الترخيص الميسرة إذ لا يحتاج المعمل مساحات كبيرة إضافة إلى رأسمال مال صغير والطلب المتزايد على الصناعات البلاستيكية لرخصها مقارنة بالصناعات الأخرى الورقية والمعدنية وقد بلغ عدد المعامل المرخصة لصناعة أكياس النايلون والرقائق البلاستيكية /34/ منشأة و/19/ منشأة لصناعة الصناديق البلاستكية و/31/ منشأة لصناعة الخراطيم، ومع هذا العدد الكبير ملأت المنتجات البلاستيكية الأسواق حتى إنها زادت عن حاجة المحافظة.
المهندس وسام عيسى- مدير النفايات الصلبة في محافظة طرطوس أكد عدم وجود إحصائية دقيقة عن كميات النفايات البلاستيكية الناتجة في محافظة طرطوس والواردة إلى معمل وادي الهدة وتالياً عدم وجود أرقام للمبيعات وبين أن جميع النفايات البلاستيكية الواردة من مكبات طرطوس يتم فرزها وتجميعها ومن ثم بيعها لمعامل إعادة التدوير في القطاع الخاص لتصنع منها أكياس النايلون والأنابيب وأقفاص للزراعة وغيرها.
مئات السنين حتى تتحلل
تختلف المواد الداخلة في تركيب البلاستيك تبعاً لاستخدامها كما بين الدكتور علي داؤود- مدير البيئة في طرطوس وتوضع علامات دلالية على العبوات البلاستيكية توضح جودة وكيفية التعامل مع هذه العبوات (آمن وقابل للتدوير – آمن نسبياً – خطر) ومن أهم مخاطر المنتجات البلاستيكية على البيئة أنها مادة لا تتحلل بسهولة إذ إنها تحتاج مئات السنين ما يجعلها عبئاً على البيئة وخطراً على النظام البيئي والأحياء إذ تقتل هذه النفايات العديد من الكائنات الحية سنوياً (طيور أسماك سلاحف…) نظراً لتعدد أنواعها وصغر حجمها وتقدر نسبة النفايات البلاستيكية بنحو 40% من مجمل النفايات المتولدة يومياً.
وأضاف داؤود أن استخدام الأكياس الورقية سريعة التحلل عوضاً عن أكياس النايلون أنسب بيئياً وصحياً أو استخدام الجعب القماشية أو أي بديل آخر آمن بيئياً ومن الصعب حالياً إيجاد بدائل عن البلاستيك في الاستخدام اليومي نظراً لسهولة صناعته وقلة تكاليفه مع ضرورة السعي الحثيث لإيجاد البدائل غير المكلفة والدائمة والصديقة للبيئة من خلال التركيز على الدراسات والبحوث العلمية لهذا الغرض ودعمها.
خلق ثقافة للسلوك اليومي
إن أهم الطرق للحد من النفايات البلاستيكية اليوم تكمن في التقليل من استخدام هذه المنتجات وتالياً التقليل من النفايات من المصدر بخلق ثقافة للسلوك اليومي تحد من استخدامها وضرورة إعادة تدويرها لما لها من أهمية بالغة في الحد من حجم وكمية هذه النفايات بتأمين المواد الأولية من خلال استخدام النفايات البلاستيكية استخداماً جيداً تبعاً لأنواعها المختلفة في الصناعات عوضا عن حرقها أو طمرها وتقليل المساحات المخصصة لذلك ما يسمح باستغلال المساحة لأغراض أخرى (سياحة زراعة خدمات…).
حملات توعية
وبيّن مدير البيئة أهمية حملات التوعية البيئية التي يجب أن تستهدف المجتمع المحلي وتعد هذه الخطوة من أهم الإجراءات التي يجب أن تتخذ للوصول إلى الحد من استخدام البلاستيك وتجنب مخاطره الصحية والبيئية وأهم الإجراءات التي قامت بها المديرية: حملات توعوية بيئية استهدفت المجتمع المحلي بشأن كيفية التقليل من استخدام المواد البلاستكية من المصدر وتسليط الضوء على خطورتها على الصحة والبيئة معاً.
تسليط الضوء على خطورة استخدام المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام مرة واحدة لأنها غير قابلة لإعادة التدوير.
وللحد من استخدام البلاستيك لا بد من وضع ضرائب على استيراد المنتجات البلاستكية والمواد الأولية الداخلة في صناعتها للتقليل من استخدامها، ووضع قيود تهدف إلى الحد من استخدام الأكياس البلاستيكية ودعم الدراسات والبحوث العلمية المخصصة لإيجاد البدائل الأخرى ذات التكلفة القليلة والقابلة للتحلل والآمنة بيئياً، إضافة لحظر استخدام المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام مرة واحدة لأنها لا تصلح لإعادة التدوير وتشجيع صناعة إعادة تدوير النفايات بكل أنواعها، فحماية البيئة وصيانة مواردها تحتاجان تكاتف جهود كل المهتمين بشؤون البيئة من قطاع حكومي وخاص وجمعيات أهلية تحقيقاً للتنمية المستدامة.