نقص العمالة أثقل كاهل الجهات العامة والحلول «سلحفاتية» !

نقص العمالة أثقل كاهل الجهات العامة والحلول «سلحفاتية» !

أخبار سورية

الأحد، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٩

وليد الزعبي:  
الموارد البشرية الكافية من جهة، والمتخصصة والخبيرة من جهة أخرى تعد العامل الأساس والأهم لتنفيذ أي عمل بشكل جيد ومتقن وضمن المدد الزمنية المحددة، إذ لا يمكن في أي حال من الأحوال إنجاز أي عمل مهما توافرت له الأدوات والتجهيزات والإمكانات المادية من دون العنصر البشري.
ما خلفته الحرب الإرهابية على بلادنا كانت له تداعيات كبيرة في هذا الجانب، تمثلت في خسارة مختلف القطاعات لحوالي نصف عامليها تقريباً، وقد كان تأثير ذلك محدوداً أثناء سنوات الحرب على بعض القطاعات التي كان عملها غير ممكن أو مجمداً لعدم الطلب عليه بسبب الظروف التي كانت سائدة، لكن في القطاعات الخدمية الحيوية كان تأثيره صادماً وخاصة مع تعرض منظومة تلك القطاعات لأضرار كبيرة وأعطال متكررة وحاجتها إلى إصلاحات وصيانات شبه مستمرة لعدم إمكانية الاستغناء عن خدماتها أو تأجيلها في ظل ظروف استثنائية ولا سيما في مجال الصحة والمخابز والكهرباء والمياه وغيرها.
ومع عودة كامل أرجاء محافظة درعا إلى كنف الدولة بدا جلياً الأثر السلبي الكبير لنقص العاملين على مختلف القطاعات، وذلك نتيجة اتساع حجم الأعمال المطلوب تنفيذها دفعة واحدة ولا سيما على صعيد إعادة تأهيل وترميم البنى التحتية والمنشآت والفعاليات الخدمية التي تضررت بشكل كبير خلال الحرب، من أجل وضعها في الاستثمار مجدداً بناءً على توجيهات الجهات الوصائية بهدف تأمين حاجات ومتطلبات المواطنين الخدمية والمعيشية الأساسية.
 
وللعلم فإن بعض الجهات أعلنت عن مسابقات واختبارات لانتقاء بعض العاملين، لكن ما تم طلبه وتعيينه كان قليلاً ولا يفي بالحاجة الفعلية لتبقى هوّة النقص قائمة، وفي إجراء آخر؛ كان هناك ندب مؤقت لبعض العاملين من جهة لأخرى لتعويض بعض النقص وتخفيف ضغط العمل، بينما تقدم عدد من العاملين المنقطعين لظروف قاهرة أثناء الحرب بطلبات عودة إلى دوائرهم، وعاد قسم بسيط منهم إلى وظائفهم بينما المتبقون رهن الانتظار.
وعلى الرغم من كل تلك الإجراءات التي تعد إسعافية فإنها لم تستطع حل مشكلة نقص الكوادر، وخاصة المتخصصة منها ولا سيما الأطباء والمدرسين في بعض الاختصاصات النوعية وكذلك المهندسون والعمال الفنيون، أضف لذلك المشكلة التي حدثت في بعض الأعمال التي تحتاج طبيعتها ذكوراً مثل السواقة وورش الصيانة والإصلاح الميدانية التي بعضها يتطلب مناوبات وعملاً أثناء الليل، حيث يلاحظ أن معظم من عُينوا بموجب المسابقات والاختبارات مؤخراً من الإناث وهو لا يلبي طبيعة بعض الأعمال الضرورية التي تحتاج ذكوراً كما في الأمثلة سالفة الذكر.
«تشرين» وخلال جولاتها الميدانية على العديد من دوائر المحافظة ومواقع العمل لديها، حاولت تقصي واقع العمالة والاطلاع على النقص الحاصل وأثره السلبي على واقع العمل لعل ذلك يسهم في تشخيص الحالة أمام الجهات المعنية لتنظر في وصف العلاج الناجع لها.
نقص في أعداد الأطباء
الصحة من أكثر القطاعات تأثراً بنقص الكوادر الوظيفية وخاصة منهم الأطباء، وفي هذا الصدد أوضح الدكتور أشرف برمو- مدير صحة درعا أن عدد عاملي المديرية من مختلف الفئات والاختصاصات قبل الحرب 5600 عامل، وخلال سنوات الحرب فقدت المديرية منهم 3588 عاملاً أي تبقّى 2012 عاملاً فقط، ولجهة الأطباء من بشريين وأسنان وصيادلة فتراجع عددهم من 575 إلى 170 أي خسرت المديرية 405 أطباء وصيادلة، وأسباب التسرب للعاملين من مختلف الفئات خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية مختلفة وتتعدد بين مستقيل وبحكم المستقيل والتقاعد والوفاة وكف اليد، وقد تقدم 470 عاملاً من المنقطعين من مختلف الفئات منهم 37 طبيباً بطلبات عودة للعمل، وقبلت حتى تاريخه عودة 48 عاملاً من إجمالي المتقدمين منهم 5 أطباء، بينما المتبقون طلباتهم قيد الدراسة واتخاذ القرارات اللازمة حيالها، وبيّن برمو أن الجهات المعنية بصورة هذا الواقع آملاً أن تسهم المسابقات التي يتم الإعلان عنها في سداد الجزء الأكبر من النقص الحاصل لسداد حاجة مختلف الفعاليات الصحية من مشافٍ وعيادات شاملة ومراكز صحية، وحث الأطباء من أبناء المحافظة على التقدم والتعاقد مع المديرية للإسهام في تقديم الخدمات الصحية المطلوبة وخاصة في المشافي التي تعاني نقصاً حاداً، حيث لا يتوافر سوى طبيب واحد في مشفى بصرى و2 في مشفى جاسم و3 في كل من مشفيي طفس ونوى، باستثناء مشفى إزرع التي استمرت في العمل طوال سنوات الحرب ووضعها مقبول قياساً بالمشافي الأخرى حيث يوجد فيها 21 طبيباً.
وخلال لقاءات «تشرين» مع بعض المواطنين أشاروا إلى أن المشافي والعيادات الشاملة والمراكز الصحية على اختلافها تعتذر عن تقديم العديد من الخدمات العلاجية بمسوغ عدم وجود أطباء باختصاصات معينة، وخاصة في المشافي والمراكز الصحية التي دخلت الخدمة حديثاً بعد التحرير، وأملوا من الجهات المعنية إيجاد الحلول المناسبة لتأمين الخدمات المطلوبة لكون مثيلاتها في القطاع الخاص باهظة التكاليف ولا قدرة لهم على تحمّلها في ظل الظروف المعيشية الصعبة وضعف دخلهم.
نقص المدرسين
التربية أحد القطاعات الحيوية التي تتأثر كثيراً بنقص الكادر الوظيفي وخاصة منه التدريسي لكونه مرتبطاً بتعليم الأبناء في المدارس، حيث إنه عمل نوعي يحتاج تخصصاً ولا يحتمل أي تأخير أو تأجيل أو تقصير -وإن حدث- فإن ذلك سيتسبب في تدني جودة التعليم وحدوث فاقد تعليمي لدى الطلاب لا يمكن تداركه إلا باللجوء إلى الدروس الخصوصية ذات الأجور الباهظة التي لا مقدرة للكثير من الأسر على تحمّل أعبائها. وفي هذا الإطار أوضح مدير تربية درعا- محمد خير العودة الله أن عدد العاملين ولمختلف الفئات والاختصاصات تراجع من 16561 عاملاً في عام 2011 إلى 11312 عاملاً الآن، من بين الأخيرين 2130 عاملاً من الفئات الأولى والثانية والرابعة والخامسة عينوا بموجب مسابقات تمت في السنوات الأخيرة بهدف ترميم جزء من النقص الحاصل، وكشف مدير التربية أن التسرب الوظيفي الذي حدث خلال سنوات الحرب دفع إلى الاستعانة بمدرسين من خارج الملاك (ساعات – وكالة) على أمل أن ترصد المسابقات المستقبلية الاحتياج الفعلي وسد بقية النقص.
«الموارد المائية» بلا جيولوجيين
مديرية الموارد المائية طالها النقص أيضاً في عدد العاملين بشكل أثّر في العمل وخاصة لجهة فقدان بعض الكوادر الفنية المختصة، وأشار عدد من المزارعين إلى أنه قبل الحرب، كان هناك العديد من العاملين عند السدود والمضخات والشبكات للوقوف على تشغيل تلك المنشآت لأغراض الري بشكل يساعد الفلاحين ويحقق العدالة بينهم من خلال تنظيم أدوار الري من الشبكات الحكومية، لكن الآن قلّما يُشاهد أي منهم والسبب يعود، وفقاً لمصادر مطلعة، لنقص الكادر الوظيفي.
وبطلب «تشرين» إيضاح الواقع، أشار المهندس محمد منير العودة- مدير الموارد المائية في درعا إلى أن عدد العاملين تراجع منذ مطلع عام 2011 من 956 عاملاً إلى 446 عاملاً مع حلول منتصف شهر أيلول الفائت، أي إن المديرية فقدت 510 من عامليها منهم 243 عاملاً تم اعتبارهم بحكم المستقيل بسبب تغيبهم عن عملهم من دون إجازة قانونية أو عدم التحاقهم بعملهم بعد انتهاء إجازاتهم الخاصة بلا أجر، وكان العدد الأكبر ممن تسربوا من هؤلاء العاملين هم من الفئة الخامسة حيث بلغ عدد المتسربين منها 97 عاملاً تليها الفئة الرابعة بعدد بلغ 70 عاملاً، وبهذا العدد الكبير من المتسربين من الفئتين المذكورتين إضافة إلى بقية الفئات الأخرى حدث نقص حاد في إجمالي عدد العاملين في المديرية، ما انعكس سلباً على أداء عمل المديرية إزاء الأعمال المنوطة بها، ولا سيما من ذوي المؤهلات العلمية والاختصاصات (جيولوجيين- مهندسين- مراقبين فنيين- سائقين -عمال شبكات ري وصيانة)، وإضافة إلى العدد المشار إليه أعلاه من العاملين الذين تم اعتبارهم بحكم المستقيل، هناك 27 عاملاً تم صرفهم من الخدمة و30 عاملاً تم كف يدهم عن العمل، بينما تمت إعادة 8 عمال من مكفوفي اليد إلى عملهم، مع الإشارة إلى أن هناك حوالي 70 عاملاً من الذين تم اعتبارهم بحكم المستقيل تقدموا للمديرية بطلبات لإعادتهم إلى عملهم السابق حيث تمت إعادة 8 عمال منهم إلى عملهم وذلك لتوافر شروط شغل وظائفهم وفق أحكام المادة 129 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004، أما بقية العاملين وعلى الرغم من حصول معظمهم على الموافقات اللازمة فلم يتمكنوا من العودة لعدم توافر شروطها فيهم، وهي شهادة التعليم الأساسي للفئتين الرابعة والخامسة سنداً لأحكام المادة 162 من القانون المذكور والمرسوم رقم 282 تاريخ 1/9/2014 وقرار السيد الوزير رقم 214 تاريخ 18/2/2018 المتضمن الملاك العددي.
«الكهرباء» وتأخر الأعمال
حال شركة كهرباء درعا لا يختلف عن مثيلاتها في بقية القطاعات الأخرى، وخاصة في ورش الصيانة والإصلاح التي باتت أعمالها مضاعفة بعد التحرير لغرض إعادة تغذية مدن وبلدات عديدة في المحافظة بالكهرباء بعد غيابها عنها سنوات، حيث إن النقص يؤخر إنجاز الأعمال ويستدعي أحياناً طلب مساهمة ومشاركة المجتمع المحلي لتنفيذه، وطالب العديد من الأهالي بتدعيم كوادر شركة الكهرباء في أسرع وقت ممكن لتستطيع أداء الأعمال المطلوبة منها بالشكل المطلوب.
وفي هذا الشأن أوضح المهندس غسان الزامل- مدير عام الشركة أن عدد العاملين تراجع من 1141 عاملاً من مختلف الفئات والاختصاصات إلى 638 عاملاً وذلك بسبب التسرب لأسباب مختلفة خلال سنوات الحرب، مبيناً أن النسبة العظمى من المتسربين هم من الفنيين العاملين في الصيانة والتنفيذ، وهو ما تسبب في تزايد الضغط الكبير على العاملين المتبقين على رأس عملهم، وترتب عليه بطء في تنفيذ أعمال الصيانة وغيرها خاصة أن تناقص العاملين يترافق الآن مع ازدياد حجم الأعمال المطلوبة في مختلف أرجاء المحافظة بعد التحرير، وذكر الزامل أن المطلوب هو العمل على ترميم النقص الحاصل في العاملين وذلك من خلال لحظ المسابقات التي تعلن عنها وزارة الكهرباء للأعداد المطلوبة من الكوادر الفنية في جميع الفئات والاختصاصات، علماً أنه في سنوات سابقة تم تعيين عدد من السائقين وقرَّاء العدادات وغيرهم لكن بقيت الفجوة كبيرة ما بين الواقع والاحتياج، وبيّن مدير عام الشركة أنه تقدم 89 عاملاً من المنقطعين عن العمل خلال سنوات الحرب بطلبات عودة وتم حتى الآن عودة 12 عاملاً منهم، بينما طلبات المتبقين قيد الدراسة واتخاذ الإجراءات اللازمة حيال عودتهم من الجهات المعنية.
«المياه».. نقص فنيين
تراجع عدد العاملين في مؤسسة مياه درعا كانت له منعكساته على واقع العمل المتنامي في كل بلدة وقرية ومدينة، حيث إن النقص خلّف إرباكاً في عملية تشغيل الآبار ومشاريع المياه من الينابيع، وكذلك في تنظيم دور توزيع المياه والتدخل لمعالجة أي مشكلة على صعيد تأمين مياه الشرب للمواطنين.
وبالاستفسار عن واقع العمالة والنقص الحاصل وأثره في هذا القطاع الحيوي، أشار المهندس محمد المسالمة- مدير عام مؤسسة مياه الشرب إلى أن عدد العاملين انخفض بنسبة 50% وبالتحديد من 1600 عامل إلى 800 عامل، وهو ما انعكس على صعوبة إدارة منظومة مياه الشرب في المحافظة وخاصة في الريف، حيث تسبب ذلك في جعل عامل واحد مكلفاً بتشغيل أكثر من مصدر مائي موجودة في عدة تجمعات سكانية، مبيناً أن النقص أكثره في الاختصاصات الفنية من كهرباء وميكانيك وعمال شبكات وصيانة، وحالياً هناك مسابقة لدى وزارة الموارد المائية تغطي جزءاً من النقص الحاصل وبالتحديد بعدد 200 عمال من أصل الاحتياج البالغ 800 عامل.
تعاني مديرية نقل درعا عدم كفاية عدد الموظفين لتلبية حاجة العمل بعد أن تسرب عدد كبير منهم خلال سنوات الحرب لأسباب مختلفة، وأشار المهندس مهيب الرفاعي- مدير النقل في درعا إلى أن عدد العاملين تراجع خلال سنوات الحرب الظالمة على بلادنا من 55 إلى 25 عاملاً، وهذا النقص تسبب في تزايد ضغط العمل على الموظفين المتبقين على رأس عملهم، كما أدى إلى تأخر إنجاز معاملات المراجعين الذين تزايد عددهم بشكل كبير خاصة مع التزايد المستمر لعدد الآليات، حيث يصل عدد المعاملات التي تنفذ يومياً لنحو 400 معاملة وسطياً، وكشف الرفاعي أن المديرية بحاجة ماسة إلى تعويض النقص الحاصل بل وأكثر منه خاصة بعد أن تم افتتاح دائرتين فرعيتين في كل من إزرع والصنمين ما يتطلب عدداً أكبر من العاملين الذين كانوا موجودين قبل سنوات الحرب، وآمل أن تلحظ مسابقات وزارة النقل في أسرع وقت ممكن الاحتياج الفعلي من العاملين والمقدر بنحو 50 عاملاً من مختلف الفئات وفي مقدمتها الأولى باختصاصات المهندسين والحقوقيين.
تقلص في «الزراعة»
تقلَّصَ عدد العاملين في مديرية زراعة درعا أكثر من النصف خلال سنوات الحرب، ما أثر بشكل سلبي في واقع أداء العمل وتغطية احتياج مختلف فعاليات المديرية الموزعة في أرجاء مختلفة من المحافظة، وخاصة منها المشاتل الزراعية التي دخلت الخدمة مجدداً وكذلك المواقع الحراجية وغيرها.
وعلى هذا الصعيد ذكر المهندس عبد الفتاح الرحال – مدير زراعة درعا أن عدد العاملين القائمين على رأس عملهم خلال عام 2011 كان يبلغ 2650 عاملاً من جميع الفئات، أما عدد العاملين اليوم فلا يتعدى 1122 عاملاً، حيث تسرب من العمل خلال سنوات الحرب الظالمة على بلادنا 1528 عاملاً لأسباب الاستقالة وبحكم المستقيل والصرف من الخدمة والوفاة ونهاية الخدمة، وقد تمت إعادة 21 عاملاً ممن كفت يدهم إلى العمل و23 عاملاً ممن كانوا بحكم المستقيل إلى عملهم حتى تاريخه، بينما تقدم إلى المديرية 310 عمال من جميع الفئات بطلبات عودة للعمل وحالياً قيد اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادتهم إلى عملهم، علماً أن التسرب أحدث نقصاً في الكوادر العلمية والفنية المؤهلة من مهندسين زراعيين وأطباء بيطريين وسائقين وغيرهم .
المخابز تستعين بالمياومين
العمل في المخابز حيوي جداً لكونه يؤمّن أهم مادة غذائية للإنسان، وفي بعض مفاصل هذا العمل لا بد من وجود فنيين على خبرة طويلة بالعمل لإتقان صناعة الرغيف، لكن هذا القطاع العام فقد الكثير من كوادره خلال الحرب لأسباب متنوعة، وأوضح المهندس محمد القرفان – مدير فرع المخابز في درعا أن عدد العاملين انخفض خلال سنوات الحرب من 450 عاملاً إلى 239 عاملاً أي خسر 211 عاملاً، وقد تقدم 37 عاملاً من المنقطعين بطلبات عودة وعاد منهم 12 بينما طلبات المتبقين قيد الدراسة وأخذ الموافقات اللازمة، وبين القرفان أن سدّ النقص حالياً يتم بالاعتماد على العمال المياومين وبعدد يصل إلى 150 عاملاً، آملاً إجراء مسابقة أو اختبار لانتقاء عاملين وتعيينهم بشكل دائم.
أخذت أعمال مديرية الخدمات الفنية بالاتساع بعد عودة كامل أرجاء المحافظة إلى كنف الدولة، حيث عاد النشاط لإعادة تأهيل الطرق المحلية والمدارس وغيرهما، بمعنى أن النقص في العاملين يتسبب في ضغط على أقرانهم المتبقين على رأس عملهم، وأوضح معاون مدير الخدمات الفنية للشؤون الإدارية- منذر العقلة أن عدد العاملين في عام 2011 بلغ 868 عاملاً، وخلال سنوات الأحداث تم اعتبار 250 عاملاً منهم بحكم المستقيل لانقطاعهم عن العمل، وتقدم منهم مؤخراً 53 عاملاً بطلبات عودة إلى العمل وعاد منهم بالفعل 25، بينما المتبقون قيد الدراسة، وهناك 164عاملاً أصبحوا خارج الخدمة الوظيفية لأسباب الاستقالة والوفاة والتسريح الصحي ونهاية الخدمة لبلوغ السن القانوني، لافتاً إلى أنه تم التعاقد بموجب عقود سنوية مع 44 عاملاً منهم 14 من ذوي الشهداء، وهم من الفئات الثانية والرابعة والخامسة لترميم جزء من النقص الحاصل، وبذلك يكون إجمالي عدد العاملين الحالي 523 عاملاً، أي إن النقص الحاصل يبلغ 345 عاملاً من مختلف الفئات والاختصاصات وفي مقدمتهم المهندسون والفنيون والسائقون.
على المنوال نفسه
حالة النقص الماثلة لدى الجهات سالفة الذكر تقاس على غيرها مثل مديرية الأحوال المدنية (النفوس) التي تعاني عجزاً كبيراً في العمالة ومشاهد الازدحام اليومية تبين مدى حجم معاناة المراجعين الكبيرة للحصول على بعض الثبوتيات، وكذلك مديرية المالية التي تعاني نقصاً في محاسبي الإدارة وبسبب ذلك تجد محاسباً واحداً مكلفاً بثلاث أو أربع دوائر ما يؤخّر العمل المالي ذا الخصوصية والأهمية في تلك الدوائر، والحال يسري على جهات القطاع العام الإنشائي مثل فرع الشركة العامة للطرق والجسور والشركة العامة للبناء ومثيلاتهما، حيث تعاني نقصاً يتجاوز نصف ما كان عليه قبل الحرب، علماً أن حجم المشاريع المطلوبة منها الآن كبير ويحتاج عمالة كافية وخاصة من الفنيين وسائقي الآليات الثقيلة، وإذا عرجنا على البلديات فواقع نقص العاملين فيها سيئ جداً إن لجهة الفنيين أو عمال النظافة بشكل ينتج عنه عجز في تنفيذ الأعمال.
ونأخذ هنا مثالاً من مجلس مدينة درعا، حيث أوضح رئيس المجلس المهندس أمين العمري أن 500 موظف كانوا على الملاك قبل الحرب من مختلف الفئات والاختصاصات عدا عن العمال الموسميين الذين كان يتم التعاقد معهم لسد حاجة بعض الأعمال وخاصة منها المتعلقة بالنظافة، أما حالياً فلا يوجد على الملاك سوى 180 عاملاً أي إن هناك نقصاً كبيراً ينعكس سلباً على واقع الأداء لأعمال النظافة ورخص ومخالفات البناء والشؤون الصحية والجباية وتوسيع التنظيم وغيرها،
هروب الكفاءات إلى «الخاص»
ما أثاره رئيس نقابة عمال المصارف في اتحاد عمال درعا- حسن الشبلاق يستحق التوقف عنده كثيراً، وهو يتمثل في ظاهرة هروب الخبرات والكوادر الكفوءة من فروع المصارف العامة إلى المصارف الخاصة العاملة في المحافظة وذلك لضعف الرواتب والأجور والتعويضات في المصارف العامة بمقابل ارتفاعها بشكل كبير في المصارف الخاصة، وهذا العامل إضافة إلى التسرب لأسباب مختلفة أخرى تسبب في فقدان حوالي نصف العاملين في فروع المصارف العامة، ما يستدعي ضرورة إعادة النظر بالرواتب والأجور في المصارف وغيرها من جهات القطاع العام وتحسينها للحفاظ على الكفاءات من التسرب بموازاة الحاجة إلى مسابقات واختبارات بالسرعة الكلية تردم هوة النقص.
الوقفة الأخيرة كانت مع رئيس اتحاد عمال محافظة درعا- أحمد الديري الذي شدد على أهمية جسر هوّة نقص العاملين في دوائر الدولة من أجل تمكينها من القيام بالأعمال المنوطة بها وتلبية ضغط العمل الذي نتجت بعد عودة كامل مناطق المحافظة إلى كنف الدولة واحتياجها إلى إعادة تأهيل وترميم البنى الخدمية الأساسية للأهالي، وأشار إلى ضرورة تسريع عودة العاملين الذين انقطعوا لأسباب خارجة عن إرادتهم ولم يثبت بحقهم أي جرم وحصلوا على الموافقات اللازمة، مبيناً أن هذا الموضوع تم طرحه في المؤتمرات النقابية وآخرها اجتماع المجلس العام بحضور رئيس مجلس الوزراء، وكذلك تثبيث العمال المؤقتين ما يسهم في استقرار العامل والعمل.
تشرين