قطاع النسـيج..يشتكي من نقص اليد العاملة النوعية.. ويتجه لإقامة مجمعات صناعية متكاملة

قطاع النسـيج..يشتكي من نقص اليد العاملة النوعية.. ويتجه لإقامة مجمعات صناعية متكاملة

أخبار سورية

الخميس، ٥ ديسمبر ٢٠١٩

تعرضت الصناعات النسيجية السورية خلال الحرب القذرة التي تشن على سورية إلى انتكاسات حدّت من قدرتها الإنتاجية كحال بقية الصناعات الاقتصادية التي استهدفت بشكل ممنهج ولا شك أن لهذه الصناعة خاصية معينة في سورية بسبب توفر المواد الأولية وبنوعية جيدة والقدرة على التصنيع على مبدأ العناقيد الصناعية وكونها ثاني أهم مصدر للدخل بالنسبة للاقتصاد السوري ونسبة العاملين ضمن الشركات التابعة 35% من العاملين في وزارة الصناعة.
العدوان على سورية انعكس بشكل مباشر على أداء الشركات فبحسب البيانات والإحصائيات الصادرة عن المؤسسة العامة للصناعات النسيجية توقفت /11/ شركة عن العمل وأصبحت خارج العملية الانتاجية نهائيا وشملت شركات حلب الخمسة (السورية للغزل والنسيج- الشهباء للمغازل- الاهلية للغزل والنسيج-العربية للملابس الداخلية- الصناعية للملبوسات) اضافة لمعمل السجاد (ساتكس سابقا) وشركة الفرات للغزل وشركة خيوط إدلب وشركة غزل إدلب وشركة الصناعات الحديثة بريف دمشق وشركة غزل الحسكة والشركة العامة للمغازل والمناسج بالقابون بريف دمشق بالإضافة لشركة واحدة كانت متعثرة وتعمل بشكل جزئي خلال فترة العدوان وهي الشركة التجارية الصناعية المتحدة/الخماسية/ حيث كانت تعمل وفقاً للحالة الأمنية المحيطة بمقرها (منطقة جوبر والقابون)، واستمرت (بدون توقف) في إنتاج القطن والشاش الطبي لتلبية حاجة القطاع العام حصرا من هذه السلع. وهناك شركتان متوقفتان قبل الأزمة لعدم الجدوى من تشغيلهما وهما شركة مصابغ حمص وشركة حرير الدريكيش والشركات العاملة التي استمرت بالعملية الإنتاجية دون انقطاع وعددها/11/ هي (الخيوط القطنية باللاذقية- الساحل للغزل - جبلة للغزل - خيوط حماة - الوليد للغزل) وشركات النسيج (شركة الدبس - نسيج اللاذقية) والشركات المختلفة وعددها أربع شركات وهي (الشرق - وسيم - النايلون والجوارب - والصوف والسجاد).
المؤسسة وفي جردة حساب لأضرارها خلال سنوات الحرب قدرت الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي خلفتها الحرب في المنشآت النسيجية التابعة بـ (203) مليار ل.س منها حوالي /144/ مليار ل.س أضرار مباشرة متضمنة أضرار أصابت المباني والآلات والآليات والأثاث والتجهيزات والمواد الأولية أو المنتجات النهائية ونصف المصنعة و/59/ مليار ل.س أضرار غير مباشرة بالإضافة للأضرار البشرية (وفيات 178 عاملا - إصابات 142 عاملا - خطف 26 عاملا) (وفق احصائيات 2018) وتحملت المؤسسة أعباء العمالة خارج العملية الإنتاجية طيلة فترة الأزمة.
وتجاه هذا الواقع كان لابد من تدخل الجهات المعنية واتخاذ العديد من الإجراءات الصادرة عن المؤسسة والتي اكدت فيها على انه تم بفضل الدعم الحكومي للصناعات النسيجية إعادة تأهيل بعض ما تم تخريبه خلال الحرب برصد مبالغ لمشاريع الشركات كخطة اسعافية من خلال اتخاذ الاجراءات المناسبة لعودة إقلاع العملية الإنتاجية في الشركات المتوقفة عن العمل ولا سيما شركات حلب ففي الشركة السورية للغزل والنسيج مثلاً: تم رصد مبالغ لإيصال الكهرباء للشركة إضافة لتجهيز خطوط إنتاج في احدى صالاتها لصالح الشركة الصناعية بحلب كما تم رصد اعتمادات لإعادة تأهيل الة التسدية والتنشية في الشركة الخماسية, وحالياً تم تجهيز خطي إنتاج ألبسة جاهزة في مقر الشركة السورية للغزل والنســـيج بحلب لصالح الشركة الصناعية للملبوسات بحلب مع الإشارة إلى أن إحداث خطوط إنتاج يمكن أن يكون نواة للمجمع الصناعي المزمع إقامته بحلب بناءً على رؤية المؤسسة الاستراتيجية للمرحلة القادمة وهذا سيكون فرصة لتشغيل عدد من العمال مساهمةً بالبعد الاجتماعي اضافة الى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحل الشركات التي لم يعد هناك جدوى من إعادة تشغيلها كشركة المغازل والصناعات الحديثة وتقديم مقترح الدمج كشكل من أشكال الحل والذي يضمن الحفاظ على الملكية العامة وحقوق العاملين, وتم تشكيل لجان مختصة للمتابعة بهذا الموضوع والعمل على تصميم شبكة ربط داخلية بأساليب برمجية حديثة ضمن المؤسسة العامة للصناعات النسيجية لأرشفة وتبادل البيانات الكترونياً بين المؤسسة وشركاتها التابعة وذلك تمهيداً لتشكيل الحكومة الالكترونية عملاً بتوجيهات الحكومة.
ولتحفيز العمال تم اعتماد آليات جديدة في سبيل حث العمال على زيادة الإنتاجية من خلال منحهم حوافز إنتاجية شهرية مرتبطة مباشرة بالإنتاج الفعلي المحقق من قبلهم في الشركات التابعة وذلك عملاً بتوصيات الحكومة بربط الأجر بالإنتاج مما شجع العمال على زيادة الإنتاج - كما تم رفع مقترح لمنح تعويض اختصاص لكافة الفنيين (معاهد - ثانويات صناعية) المعينين بعد عام 1986 ومنح تعويض العمل الإضافي المفتوح لبعض العمال الانتاجيين والفنيين وعمال صالات البيع.
الدكتور نضال عبد الفتاح مدير المؤسسة حدد جملة من الصعوبات التي تعاني منها المؤسسة وشركاتها التابعة منها خروج عدد كبير من الشركات التابعة خارج العملية الإنتاجية مما أدى إلى انخفاض الطاقات الإنتاجية بشكل كبير وانعكاس ذلك بشكل سلبي على العملية الإنتاجية ككل وارتفاع سعر المادة الأولية (القطن المحلوج) في شركات الغزل بسبب التسعير الإداري.
وبيّن عبد الفتاح انه نتيجة وجود عمالة خارج العملية الانتاجية وغير المستفاد منها، وأعباؤها المالية كبيرة سنوياً الأمر الذي أحدث تكلفة زائدة لا جدوى منها واستنزاف للسيولة مع العلم أنه يتم استبعادها من الكلفة وتحميلها بحساب الأرباح والخسائر الأمر الذي يعني استنزافا لسيولة هذه الشركات وزيادة الخسائر اضافة الى صعوبة تصدير المنتجات النسيجية خاصة الغزول القطنية إلى الأسواق الخارجية نتيجة الحصار والإجراءات الاقتصادية الأحادية الجانب المفروضة من قبل الدول المعادية على سورية حيث يجد زبون التصدير صعوبات كثيرة في تحويل قيم البضاعة المشتراة من شركاتنا المصدرة بالإضافة لانخفاض سعر الصرف وارتفاع نسبة الرسوم وهذا يدفعه إلى العزوف عن الشراء من سورية والتوجه إلى الدول المنافسة التي تبيع بمزايا وتسهيلات كثيرة في الدفع غير متوفرة لدى شركاتنا.
وقال: هناك نقص في اليد العاملة النوعية حيث تعاني شركاتنا من نزيف العمالة وعدم التحاق عمال جدد بسبب ضعف الدخل والرواتب الشهرية مما يجعل العمال يتغيبون عن العمل عندما تتاح لهم أعمال مؤقتة تؤمن لهم دخلا أكبر مما يحصلون عليه مما يستدعي تحسين الظروف المعيشية للعاملين لتشجيعهم على عدم التغيب عن العمل والتحاق العمال الجدد منوها الى ان خريجي المعهد المتوسط للصناعات النسيجية هم الرافد الحقيقي سابقاً لشركاتنا الا انه تم إنهاء الالتزام بخدمة الدولة بهذه المعاهد مما أدى إلى إفراغ الشركات من هذه الخبرات, بالإضافة إلى ضرورة تطوير نظام الحوافز الحالي بأن يتم تعديل قيمة النقطة في بطاقة الوصف الوظيفي بنسبة مئوية من قيمة المنتج بتطور سعر المنتج بدلاً من قيمة مالية ثابتة وبالتالي سوف يتطور التحفيز لجميع العاملين وفق بطاقة الوصف الوظيفي الأمر الذي سيؤدي وبشكل طبيعي إلى زيادة الإنتاج وتحقيق نسب تنفيذ عالية والتأكيد على فكرة ربط الأجر بالإنتاج علماً أن المؤسسة قامت بتطبيق موضوع ربط الأجر بالإنتاج من خلال نظام الشرائح المتبع في الشركات.
وأكد عبد الفتاح على أهمية إصلاح القطاع العام وفق توجهات الحكومة وان هذا ما يتم العمل عليه حالياً من خلال تشكيل لجان تنفيذية مختصة بما يكفل تجاوز الثغرات في القوانين الحالية وإعطاء القطاع العام الميزات والإعفاءات بما يكفل ضمان مساهمته الفعالة في تعزيز دور الدولة في المجال الاقتصادي والاجتماعي من خلال تعظيم القيمة المضافة للمراحل القائمة في هذه الصناعة من جهة واستكمال المراحل النهائية من التصنيع وخصوصاً أن القيمة المضافة التي تحققها الصناعات النسيجية تصل إلى معدلات جيدة مقارنة مع قيمة المواد الأولية والتوسع في إنشاء الخطوط الإنتاجية في المحافظات ذات التجمعات السكانية الريفية وأن تكون نسبة العمالة من ذوي الشهداء في هذه الوحدات كبيرة وفق دراسات جدوى وخطط معتمدة أصولا» واستبعاد أجور العمالة الفائضة والمريضة والمفرزة الغير مستفاد منها في العملية الإنتاجية من بنود التكلفة وعدم إدراجها في قائمة الدخل وتسجيلها في حساب الإعانات مما يعطي مرونة للشركات التابعة في إمكانية خفض تكاليف إنتاجها ويعطيه فرصة لتسويقه داخلياً وخارجياً.
وبين ان ارتفاع نسبة العمالة الكبيرة بالسن تؤكد على الحاجة الماسة لوجود عمالة شابة مؤهلة ذات محتوى معرفي مناسب لطبيعة العمل ادارياً وانتاجياً و بالأخص للفئات الاولى والثانية ومن هنا تبرز الحاجة للاستفادة الاكبر من كوادر حملة الاجازات الجامعية المختلفة وتأهيلها للقيام بمهامها الإدارية في المستقبل في كافة المستويات الادارية ضمن مشروع الإصلاح الإداري وربط البحث العلمي في بعض كليات الجامعات ومن ضمنها كليات هندسة ميكانيك الصناعات النسيجية لمعالجة مشاكل قطاع النسيج بمختلف أنواعها وذلك بالتنسيق ما بين وزارة الصناعة والمؤسسة النسيجية ووزارة التعليم العالي بالإضافة لإعادة التزام الدولة بتعيين الخريجين من المعهد المتوسط للصناعات النسيجية نظراً لسهولة تعيينهم ودون الحاجة إلى إجراء الاختبارات وهؤلاء الخريجون سيشكلون نواة للخبرات الإنتاجية والفنية التي يمكن أن تعتمد عليها الشركات مستقبلا» مما سيؤدي إلى تحسين الوضع الفني والانتاجي وتحسين جودة المنتج.
رؤية تتبناها المؤسسة للمرحلة القادمة
وتستهدف الرؤية وفق مدير المؤسسة الدكتور عبد الفتاح إقامة مجمعات نسيجية صناعية متكاملة تبدأ مرحلة الإنتاج فيها من الغزول وانتهاء بإنتاج الألبسة الجاهزة وذلك للاستفادة من أعلى قيمة مضافة تحققها هذه الصناعة فقد تم اقتراح إقامة مجمعين صناعيين أحدهما في مدينة حلب على أرض شركتي السورية والشهباء - ويمكن في حال الضرورة الاستعانة بأرض شركتي العربية والصناعية وقد تم إعداد دراسة جدوى اقتصادية لإقامة هذا المجمع وكانت الكلفة التقديرية له 135 مليون دولار ويحتاج إلى /2009/ عمال من كافة الاختصاصات وهذا يضمن تشغيل عدد كبير من اليد العاملة. والآخر في مدينة دمشق على أرض الشركة العربية المتحدة الصناعية / الدبس والخروج من النمطية والدخول بإنتاج سوق يواكب الموضة ومتطلبات المواطن.
وأكد عبد الفتاح على دور شركات المؤسسة التي يجب أن يكون بالتوازي مع القطاع الخاص وأن يتمم القطاعين بعضهما البعض ليكونا رافداً اساسياً في دعم الاقتصاد الوطني في سورية ما بعد الحرب وهذا ما يجب العمل عليه من الآن.
يذكر ان المؤسسة العامة للصناعات النسيجية يتبع لها /25/ شركة متخصصة بالصناعات النسيجية وهي /9/ شركات غزل, تنتج الغزول القطنية 100% من مختلف النمر وحتى النمرة/50/ إضافة إلى وجود شركة واحدة متخصصة تنتج الغزول الممزوجة (قطن/ بوليستر) و/8/ شركات نسيج متخصصة بإنتاج الأقمشة القطنية الخامية والمقصورة والمصبوغة والمطبوعة بالإضافة إلى الأقمشة الممزوجة والصوفية والقطن والشاش الطبي وشركات مختلفة متخصصة بإنتاج (الألبسة الجاهزة - الألبسة الداخلية - الصوف والسجاد - الجوارب).
وفاء فرج