تركيا تصعّد في محيط عين عيسى: رسائل بالنار لروسيا

تركيا تصعّد في محيط عين عيسى: رسائل بالنار لروسيا

أخبار سورية

الثلاثاء، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٩

شهدت جبهة عين عيسى، خلال الساعات الماضية، تصعيداً عسكرياً تركياً عبر شنّ هجمات واسعة في محيط البلدة، في ما يبدو أنه ضغط تمارسه أنقرة على موسكو حتى تدفعها إلى إلزام «قسد» بالانسحاب من الطريق الدولي «M4». يأتي ذلك وسط جهود روسية لإنجاز تفاهم يسحب الذرائع التركية، ويحمي المنطقة من هجمات إضافية
لم يخرج الهجوم التركي الأخير على مدينة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي عن إطار ما كان متوقّعاً من تصعيد عسكري، لإجبار «قسد» على الانسحاب من طريق «حلب - الحسكة» الدولي (M4)، ومن بلدتَي عين عيسى وتل تمر. ومع أن أنقرة كانت أَمْيل للهجوم على تل تمر التي تُعتبر عسكرياً واستراتيجياً أهمّ من عين عيسى، إلا أن خصوصية البلدة (الآشورية) دفعت بالأتراك إلى التوجّه صوب عين عيسى (الكردية) لتطبيق «تفاهم سوتشي» بالنار. كما أن عين عيسى تشكّل عقدة وصل جغرافية مهمة لانتصافها مناطق سيطرة «قسد» من منبج وحتى الحسكة، فضلاً عن أن السيطرة عليها تمثّل مكسباً ميدانياً مهماً للأتراك، كونها ستخوّلهم فصل مناطق سيطرة «قسد» في الرقة وأريافها عن مناطقها في ريف حلب الشمالي الشرقي، وهي بذلك تُعدّ بوابة للوصول إلى مدينة الرقة، إذا ما صدقت التهديدات التركية السابقة بتوسيع عملية «نبع السلام» لتشمل الرقة ودير الزور.
واستمرّ الهجوم التركي لساعات محدودة، بدا خلالها وكأنه رسالة بالنار، من دون الإصرار على السيطرة على تلك المناطق، ما يفسّر انسحاب الفصائل المدعومة من تركيا من مخيم عين عيسى وقرى الواسطة والخالدية وصيدا التي تقدّمت إليها، بعد ضغط من مركز التنسيق الروسي الموجود في المدينة. وعلى رغم ما نسبته وسائل الإعلام التركية إلى مصدر أمني من أن «أنقرة ملتزمة تماماً بالاتفاقات التي أبرمتها مع روسيا والولايات المتحدة بخصوص شمال شرق سوريا، وأنها لن تستأنف هجومها العسكري هناك»، إلا أن الوقائع الميدانية مختلفة تماماً. إذ أن توقف الاشتباكات في محيط عين عيسى ترافق مع دفع الفصائل المدعومة من تركيا بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى محيط مخيم عين عيسى وقرية الخالدية والريف الغربي للبلدة، ما يكشف عن رغبة تركية في استئناف الهجمات.
وتعتبر مصادر ميدانية مطلعة، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الهجوم على عين عيسى كان هدفه إبراز جدّية التهديدات التركية بخصوص الطريق الدولي، للضغط على موسكو حتى تتّجه إلى إرغام قسد على الانسحاب منه». وتوضح المصادر أن «انسحاب الفصائل المدعومة من أنقرة من المناطق التي دخلت إليها جاء لإفساح المجال أمام موسكو لتطبيق التفاهم سلمياً، وسحب قسد والأسايش من كامل الطريق الدولي حلب - الحسكة»، مضيفة أن «التعزيزات العسكرية الموجودة هي لتطبيق الاتفاق عسكرياً، في حال فشلت الجهود في تطبيق التسوية هناك». وترى المصادر أن «قرار واشنطن الاحتفاظ بقوات لها في محيط آبار النفط أعطى قسد دفعاً معنوياً، وأدى إلى تقاعسها عن تطبيق التفاهمات، والتراجع عن بعض البنود الخاصة بالطريق الدولي». ولم تثنِ الهجمات التركية «قسد» عن الدفع بتعزيزات عسكرية إضافية إلى جبهة عين عيسى لإبراز تمسّكها بالاحتفاظ بنقاط تفتيش على كامل الطريق الدولي من منبج وحتى عين عيسى. ولم تكتفِ «قسد» بذلك، بل أصدرت بياناً حمّلت فيه روسيا «مسؤولية الهجمات التركية الأخيرة على عين عيسى». واعتبر البيان أن «الهجوم يثير شكوكاً حول دور روسيا كضامن للحل السياسي في شمال سوريا». وأشار مصدر مقرّب من «قسد»، من جهته، إلى أن «قيادة قسد أبلغت الجانب الروسي أن مدينتَي عين عيسى وتل تمر تبعدان أكثر من 30 كم عن الحدود التركية، ومن حقنا الاحتفاظ بنقاط عسكرية لنا وللأسايش فيهما». وأضاف المصدر أن «التزام قسد كان واضحاً بكل الاتفاقات، إلا أن الخروقات تأتي من الجانب التركي، الذي يناور بهدف احتلال مزيد من المناطق في الشمال السوري»، مشيراً إلى أن «لروسيا وأميركا دوراً رئيساً في إيقاف الهجمات التركية، لكونهما كانتا ضامنتين ضمن اتفاقَي سوتشي وأردوغان - ترامب».
في هذا الوقت، أدّت التطورات الميدانية في عين عيسى إلى حدوث تأخير في تطبيق تفاهم يقضي بانتشار الجيش السوري على مسافة تزيد عن 25 كم، من قرية الطويلة وحتى غرب طريق عالية، كخطوة إضافية على مسار انتشار الجيش في محيط الطريق الدولي في ريف تل تمر