رؤى علمية تطويرية ترسم دمشق بحلة جديدة اعتماد التقانة في معالجة القضايا الملحة.. والانتقال إلى مدينة كبرى بتطبيقات ذكية

رؤى علمية تطويرية ترسم دمشق بحلة جديدة اعتماد التقانة في معالجة القضايا الملحة.. والانتقال إلى مدينة كبرى بتطبيقات ذكية

أخبار سورية

الجمعة، ١ نوفمبر ٢٠١٩

ريم ربيع
تاريخياً وحالياً ومستقبلاً حلت دمشق بتفاصيل أحيائها وشوارعها وطبيعة الحياة فيها على طاولة جمعت خبراء اختصاصيين في جميع المجالات من هيئات وجامعات سورية بهدف جعل المعرفة والتقانة أول وأهم أساسات تطوير المدينة مع الحفاظ على عراقتها وأصالتها. ومع التشوه والتخريب الكبير الذي سببته الحرب وما سبقها من توسعات وامتدادات عشوائية بدت بعض مشاريع مستقبل العاصمة للوهلة الأولى حالمة وبعيدة عن الواقع، إلا أنها حسب الخبراء الذين بذلوا الوقت والجهد في دراستها قابلة للتطبيق في حال توفر التعاون والخطط المتينة وإزالة العقبات التي عرقلت تنفيذ خطط سنوات طوال، إضافة لوجود صانعي قرار في المراكز الإدارية يعملون بعقلية غير نمطية تتيح المشاركة والتعاون.
 
استفادة من التجارب
وخلال ورشة العمل التي أقامتها هيئة البحث العلمي بمناسبة يوم المدن العالمي تحت عنوان: “لأجلك دمشق.. تطوير مبني على المعرفة” أكد محافظ دمشق عادل العلبي أن هذا التعاون بين المحافظة والخبراء يؤسس لخطة تهدف لاستدامة دمشق بحيث تكون مدينة ذكية بمواصفات تكنولوجية عالية عبر استطلاع جميع الآراء ومواءمتها مع مخططات المحافظة، وهو ما رآه عضو المكتب التنفيذي في المحافظة مازن غراوي انتقالاً من العمل المرحلي للاستراتيجي، مع إمكانية الاستفادة من التقانة وتجارب الدول المتقدمة، وتذليل الصعوبات المالية والتقنية.
 
المشكلة ليست بالتمويل فقط
فيما استبعد مدير هيئة البحث العلمي د.مجد الجمالي أن تكون المشكلة بالتمويل فقط، معتبراً أن قصور الخطط أول معوقات التنفيذ؛ الأمر الذي دعا لعقد الورشة بغية استعراض مشاريع عملية بحتة، والتحضير لخطة تنفيذية تعتمد المعرفة والبحث العلمي والتطوير لمعالجة القضايا الملحة في دمشق، مهمتها تحديد الشراكات ومعرفة دور كل منها، بحيث يتم صياغة المقترحات الناتجة عن الورشة بخطة تنجز خلال تشرين الثاني الجاري، ليتم مناقشتها خلال الشهر المقبل وإقرارها مطلع العام الجديد.
وبناءً على تقرير المدن العالمية في 2018 توصلت الدراسة إلى أن 68% من السكان سيكون تمركزهم في المدن مع حلول عام 2050، وهو تحدٍّ بحاجة إلى خطة متينة لمواجهته، ومن هنا بدأت مبادرة دمشق أجمل -حسب الجمالي- للوصول إلى مدينة عصرية ذكية ونظيفة تنتظم مكوناتها بشكل أنيق، وتتطور اعتماداً على أساليب البحث العلمي والمعرفة والابتكار.
 
متروبول
وبالنظر إلى التوسع الذي شهدته وستشهده دمشق قدمت د.نتاليا عطفة من المعهد العالي للتخطيط الإقليمي مشروع دمشق الكبرى (مدينة متروبول) باعتبارها تملك المقومات الرئيسية كمدينة رئيسية وأنموذج لمدينة فريدة ومركز سياسي وثقافي واقتصادي هام، مستعرضةً رؤية دمشق الكبرى كمدينة رائدة تقوم على الحوكمة الحضرية تكون متطورة عمرانياً وتنافسية، تعتمد اقتصاد المعرفة، فضلاً عن الأمان والتماسك والابتكار واستدامة الموارد.
وبيّنت عطفة أن أبرز التحديات في هذا المشروع هي الإشكالية المكانية والتوسعات التي حصلت، والغزارات والحركة المرورية ونفوذ المدينة الذي يتجاوز الحدود الإدارية لها، وقوة الارتباط مع التوسعات، فلا يمكن دراسة دمشق بمعزل عن محيطها؛ لذلك اصطلح تعبير دمشق الكبرى، وأما الخطوات المطلوبة اختصرتها عطفة بتشكيل فريق عمل وطني متعدد الاختصاصات، وتطوير آليات وأدوات الإدارة العمرانية وتأهيل الكوادر الفنية والمراقبة والتطوير والتقييم.
 
مشاركات
وتخلل الورشة مشاركات غنية من أساتذة جامعيين وخبراء وباحثين، فيما اكتفى أغلب الحضور الرسمي من معاوني وزراء ومديري مؤسسات بحضور المحور الأول ومغادرة محور النقاش، وتطرقت النقاشات إلى مرض التعقيد الإداري، وانشغال صاحب المنصب بمهامه بعيداً عن التنسيق مع الخبراء، والأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة للباحثين المنعزلين عن بعضهم، وكل منهم “يغني في وادٍ”، فلا منابر للقاء بينهم ولا يتم التشبيك بين دراساتهم، وأكد المحاورون على أولوية تنفيذ مترو دمشق، وتنظيف مجرى نهر بردى، والحفاظ على المدينة القديمة وتراثها الحضاري، والانتقال بدمشق إلى مدينة ذكية مستدامة.
 
لائحة الخطر
ولم تغفل الورشة الحديث عن دمشق القديمة التي باتت على لائحة الخطر، حيث أوضحت د.عبير عرقاوي أن جميع المواقع الأثرية باتت على قائمة الخطر عالمياً بعد انعكاسات الأزمة والضرر اللاحق بها منذ 2010، لافتةً إلى إمكانية عودة دمشق على لائحة التراث وفقاً لبعض الشروط (التوثيق – تقديمها بشكل لائق – إدارة الموقع)، إلا أن الاقتصار على التمويل المحلي فقط يشكل أحد أهم العقبات.
وتطرقت المشاريع المعروضة إلى إحياء نهر بردى، إذ أشارت د.غادة بلال إلى الأضرار الناتجة عن المحاولات السابقة لتنظيف النهر عبر تبليط الأكتاف والأرضية؛ مما ألغى التنقية الذاتية والتنوع الحيوي الذي يقوم به المسطح المائي مما يتسبب بروائح كريهة. وقدم المشروع سيناريوهات عدة للمعالجة، أولها حل مشكلة الصرف الصحي، وثانيها حلول بيئية اقتصادية عبر تحويل الصرف الصحي للحدائق العامة في كل منطقة ومروره عبر محطات معالجة، وثالثها وهو الأكثر تحقيقاً للتنمية المستدامة تحويل أكتاف أفرع النهر إلى أكتاف مزروعة بالقصبيات مما يعالج أية ملوثات.
البعث