التقاليد والمهور المرتفعة تسهمان في زيادة العنوسة..عموري: غلاء المعيشة وغياب السكن والبطالة... معوقات أيضاً!

التقاليد والمهور المرتفعة تسهمان في زيادة العنوسة..عموري: غلاء المعيشة وغياب السكن والبطالة... معوقات أيضاً!

أخبار سورية

السبت، ٢٦ أكتوبر ٢٠١٩

رحاب رجب:
فرضت الظروف العامة التي تمر فيها سورية حالها على الجميع ولم يعد أحد بمنأى عن تداعيات الحرب..
«العنوسة» باتت منتشرة على نطاق واسع، وهي تعبير عام يستخدم لوصف الأشخاص الذين تعدوا سن الزواج المتعارف عليه، وبعض الناس يظنون أن هذا المصطلح يطلق على الإناث فقط من دون الرجال، والصحيح أنه يطلق على الجنسين..
قالت «آمال» التي تخطت الأربعين عاماً إنها تفتخر بكونها حققت ذاتها بتفضيلها المكانة التي منحها لها العمل طبيبة، وإنها رفضت الارتباط الذي يمكن أن يحد من طموحها، وحين مرت سنوات العمر من بين أيديها رفضت كل من تقدم طالباً يدها محاولاً فرض شروطه على اعتبار تقدمها بالسن، وأضافت أنها تشعر ببعض الحنين نحو الأمومة، لكنها تتغلب على هذه الفكرة، وتابعت: لست نادمة.
وقررت إيمان سلام (36 عاماً) إرجاء فكرة الزواج حتى تنهي دراستها، لكنها لم تعلم أن رفضها لمن تقدم لها مراراً خلال فترة دراستها قد أدى إلى تأخر زواجها. تقول: «حققت حلمي وتخرجت في الجامعة، لكنني اليوم بلا عمل ولم أتزوج بعد، على الرغم من أن هناك أشخاصاً كثراً جاؤوا وطلبوا يدي أثناء الدراسة، لكنني رفضت خوفاً من أن تمنعني الحياة الزوجية من إكمال دراستي»، وتضيف: «الحرب وتداعياتها أجبرت الشباب على تأجيل الزواج لعدم قدرتهم على تحمل تكاليفه، إضافة إلى غلاء المهور وشروط الآباء المعقدة أحياناً لاختيار أزواج لبناتهم». في حين تقول سلام إنها بدأت تشعر بالقلق بعدما تجاوزت الخامسة والثلاثين، «لكنني في نهاية المطاف أؤمن بقدري وقسمتي».
وترى ابتسام (٣٤ عاماً)، أن العادات والتقاليد المبالغ فيها والمكلفة، تثقل كاهل الشباب المقدمين على الزواج، وتسهم بشكل كبير في زيادة نسبة العنوسة في أوساط الفتيات. وتقول: إنها لم تتزوج حتى الآن، ويبدو أنها سوف تلتحق بركاب العانسات، لأن الكثير من الشبان لا يفكرون بالزواج حالياً، بسبب شروط الأهالي المعقدة والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
بدوره، يقول أنور.م: إنه قرر تأجيل حفل زفافه، بعدما فقد عمله في إحدى الشركات الخاصة، ولم يعد بمقدوره توفير تكاليف الزواج والمهر، وتأثيث شقته الخاصة، وأصيب إثر ذلك بالإحباط الشديد. ويضيف محمد: إن تكاليف الزواج وغلاء المهور يشكلان عائقاً كبيراً أمام الشبان المقبلين على الزواج، ما دفع كثيرين إلى العزوف عنه، لترتفع نسبة العنوسة بين النساء والرجال. كما يقول: «لا أجد عملاً منذ سنوات، وأعيش على مساعدات من أهلي أو من خلال ممارسة بعض الأعمال من حين إلى آخر. كيف يمكن أن أوفر المهر وتكاليف العرس أو متطلبات حياة الأسرة؟». ويلفت إلى أن الكثير من الشبان «فسخوا الخطوبة بسبب فرض مهور مرتفعة من أولياء الأمور». ويوضح أن «عدم قدرة الشباب على الزواج دفع الفتيات إلى الزواج برجال متزوجين وميسوري الحال هرباً من العنوسة»، داعياً أولياء الأمور إلى خفض المهور والشروط المفروضة على الشباب لتسهيل الزواج.
مدير الشؤون الاجتماعية والعمل في اللاذقية- أحمد إبراهيم عرف مصطلح «العنوسة» بأنه تعبير عام يستخدم لوصف الأشخاص الذين تعدوا سن الزواج المتعارف عليه، وبعض الناس يظنون أن هذا المصطلح يطلق على الإناث فقط من دون الرجال، والصحيح أنه يطلق على الجنسين ولكن المتعارف عليه مؤخراً هو إطلاق اللفظ على النساء في الأغلب، ويرى «ابراهيم» أسباب تأخر سن الزواج في اللاذقية بالنسبة للذكور في عدم توفر القدرة المادية لفتح منزل بسبب ارتفاع تكاليف شراء أو إيجار منزل، إضافة لارتفاع تكاليف المعيشة وخاصة فيما يتعلق بالشباب إضافة لدخول عدد كبير من الشباب.
وتؤكد الاختصاصية الاجتماعية- منال عموري أن أهم أسباب العنوسة الحرب التي شنت على سورية وارتفاع المهور وتمسك الأهل بالمهر العالي ومتطلبات الزواج من حفل زفاف ومجوهرات وهدايا من دون مراعاة الظرف الاقتصادي، وهناك أيضاً غلاء المعيشة وصعوبة تأمين السكن المناسب وانتشار البطالة وضعف المردود المالي للشباب والرغبة لدى البعض بمتابعة التحصيل العلمي، وعدم إحساس الشباب بالاستقرار بسبب حالة الحرب، وانخفاض قيمة الأسرة في مخيلة الشباب، واهتزاز صفات الأنوثة والرجولة لدى البعض.
وتضيف «عموري» إن هناك أسباباً داخل الأسرة إذ تعد الفتاة نفسها بطلة وتضحي بنفسها من أجل تربية أخواتها في حال فقدان أحد الوالدين أو تتفرغ للاهتمام بأحد الوالدين إذا كان بحاجة لرعاية.
صندوق للزواج
وأشارت الاختصاصية الاجتماعية إلى أن نظرة المجتمع إلى المرأة التي لم تتزوج ووصفها بالعانس قد يولد لديها العديد من المشكلات الاجتماعية منها: تدني مستوى تقدير الذات، اضطرابات النوم، عدم الثقة بالآخر، فقدان الشهية، الانطواء والعزلة، التوتر، القلق، ضعف الشخصية،الاكتئاب. وعن الحلول لتقليل هذه الظاهرة قالت «عموري»: إن هناك أموراً عديدة منها توفير فرص عمل للشباب وإنشاء وحدات سكنية وشعبية للمتزوجين الجدد بأسعار منخفضة، إنشاء صندوق للزواج يساهم فيه رجال الأعمال والراغبون في السلام الاجتماعي يقدم قروضاً للمتزوجين، إضافة لإنشاء جمعيات تهتم بإجراءات الزواج وإنشاء مراكز إرشاد نفسي وأسري لمساعدة الشباب في حل مشكلاتهم، أما من فاته قطار الزواج فإن معالجة آثار هذه المشكلة حسبما قالت الاختصاصية الاجتماعية تكون من خلال العلاج المعرفي السلوكي التي تنطلق من أن أفكارنا هي التي تحدد سلوكنا ومشاعرنا وتالياً الأفكار الإيجابية تولد مشاعر وسلوكاً ايجابياً، وفي حال تعذر الزواج وهو حالة فطرية للإنسان يمكن إجراء تعديلات على خريطة الحاجات حيث يصل الشخص إلى أقرب حالة من التوازن والإشباع، وللحياة أبواب كثيرة للتعبير عن الذات وإشباعها منها: الاندماج في العمل، العلم، الاندماج في العائلة، الاندماج في الأعمال الخيرية، الفن والأدب.
الأعراس الجماعية
وتحدث مدير الشؤون الاجتماعية والعمل عن الأعراس الجماعية التي انتشرت كوسيلة لتخفيف أعباء الزواج والمساهمة في تيسير الزواج ولكن نجد الشخص بعد الزواج في دوامة الحياة ومتطلبات الحياة الزوجية وخاصة إيجار البيوت الغالية والمعيشة المرتفعة وقد تضاءلت نسبة المشاركة في الأعراس الجماعية لعدة أسباب منها: رفض الكثير من الفتيات المشاركة بسبب النظرة المجتمعية لهذه الأعراس لكونها تتعلق بالأسر الفقيرة فقط، كما إن كل فتاة تحلم بأن تكون ملكة في ليلة زفافها ومع أهلها وأصدقائها وهذا الحلم يختفي في العرس الجماعي،إضافة إلى أن الاعراس الجماعية محددة بشروط وأوقات محددة قد لا تناسب ظروف المقبلين على الزواج، وأخيراً أصبحت الأعراس الجماعية نوعاً من الدعاية لبعض الجهات القائمة عليها.
وعن دور الجمعيات الأهلية في اللاذقية في موضوع تسهيل الزواج، قال مدير الشؤون: لا دور للجمعيات الأهلية في هذه الظاهرة ومعالجتها.
تشرين