المكاشفة والمعالجة الجدية غائبة… نسخة مكررة للمطالبات العمالية توقع الحكومة في خانة التسويف والوعود المؤجلة

المكاشفة والمعالجة الجدية غائبة… نسخة مكررة للمطالبات العمالية توقع الحكومة في خانة التسويف والوعود المؤجلة

أخبار سورية

الأربعاء، ١٨ سبتمبر ٢٠١٩

باتت المطالبات العمالية المتكررة سمة أساسية من سمات الاجتماع الدوري للمجلس العام لاتحاد نقابات العمال، لا تحمل ضمنها جديداً بقدر التأكيد على المطالبات السابقة وتذكير الحكومة بوعودها المؤجلة لمعالجتها جدياً، وإن حصلت بعضها على قرارات أو تبنٍ شخصي من رئيس المجلس إلا أنه يبدو سرعان ما تتعثر في تفاصيلها، لارتكازها على روتين معقد وسلسلة من الإجراءات الإدارية التي تغير مسارها أو تعيدها إلى نقطة الصفر لتكون دلالة واضحة على غياب المتابعة، في حين يبقى البعض الآخر منها محط جدل لاعتبارات عدة؛ أحدها أنها جزئية من الإشكالية الكلية والتي تبحث الحكومة عن حلول استراتيجية لها فلا أوجدتها ولا عالجت الجزئيات منها، ولعل تحسين مستوى الوضع المعيشي أبزرها وأكثرها إلحاحاً لعمال الوطن الذين تقلصت رواتبهم الشهرية أمام موجة الغلاء بمقدار صمودهم وثباتهم خلال الأزمة، فأضحوا ضحيةً لطمع وجشع التجار وارتفاع الأسعار والدولار من جهة، وتسويف الحلول الحكومية المجدية بالرغم من اعترافها الضمني بواقعهم المزري بعزمها منحهم قروضاً للسلع الأساسية والغذائية من جهة أخرى، بل أوصدت باب الأمل بربط المعالجة بمصطلح “نمو اقتصادي حقيقي” قد يقضي على ما تبقى من قدرتهم على الصمود.
 
صورة مشوهة
لاشك أن أس المعالجة الجدية يكمن في المكاشفة والمصارحة ما بين الحكومة وعمالها، وتوضيح ملابسات الواقع المعاشي والاقتصادي التي زعزعت الثقة وأوهنت قدرة المواطنين على تحمل التغير المفاجئ والتبرير غير المقنع لاسيما بما يتعلق بارتفاع سعر الصرف وكشف قضايا الفساد والتقارير المسربة، مطالبين بتوضيحات مقنعة من الحكومة حول ما يجري والآليات المتبعة في المعالجة، وحقيقة الأرقام المسربة، بالإضافة إلى ضرورة بث جلسات مجلس الشعب على الهواء مباشرة، لنشر الحقائق وحماية الرأي العام من فوضى مواقع التواصل الاجتماعي وإغراقه بالشائعات.
 
قوانين استثنائية
يبدو أن الفترة الاستثنائية التي يمر بها الاقتصاد السوري تستوجب إلزام رجال الأعمال في المساهمة بردم الهوة بين الأسعار والقوة الشرائية للمواطنين، كون الحكومة تقدم لهم كافة المزايا والتسهيلات والدعم المالي لاستثماراتهم، وبالتالي لابد من توجيه بوصلة مساهمتهم عبر قوانين محددة تصب في مصلحة الاقتصاد والمواطنين بحسب المطالبات التي أكدت على تغليب التجار ورجال الأعمال مصالحهم الخاصة على مصلحة الاقتصاد الوطني وأولويات الحكومة.
 
انتظار مستمر
يشي تكرار المطالبات بضعف المعالجة وغياب المتابعة لشؤون وأوضاع العمال، وعجز حكومي عن اجتراح حلول جذرية أو إسعافية من شأنها المحافظة على القوى العاملة في الوطن ولأجل الوطن، إذ لم تقتصر على ضعف الرواتب ومعاناتهم في ردم الفجوة الهائلة بين الأسعار والقدرة الشرائية لدخولهم الشهرية، بل نقلت معاناة تسوية أوضاع العمال المؤقتين والموسميين والمنقطعين عن العمل والانتظار المرير لصدور تعديل القانون العاملين الأساسي الذي طالما تغنى المعنيون بقرب صدروه منذ الدورة الماضية، وإلى اليوم لا تزال مطلباً أساسياً يتصدر الجلسة، الأمر الذي أدى إلى تسرب اليد العاملة والخبرات الفنية من القطاع العام إلى نظيره الخاص، يضاف إليها ضرورة تحسين قيمة التعويضات بما يخص الزوجة والأولاد وإعفاءها من الضرائب، بالتوازي مع العمل على رفع الحوافز وطبيعة العمل، وإعادة منح الوجبة الغذائية وتوفير مادة المازوت مع تشديد المراقبة على آلية التعبئة كونها تفسح المجال للتلاعب بالكمية المستحقة وتشرع باباً للفساد، بالتوازي مع ضرورة اعتماد 15 يوماً لتوزيع مادة الغاز في الشتاء.
 
لا يعلم..!
كشفت المطالبات ممارسات سلبية تنال من حقوق العمال وتفرغ القرارات الإدارية من مضمونها، كقرار التعويض المالي الممنوح لطبيعة عمل عمال المخابز المقدر بـ15 ألف ليرة حيث أكدوا عدم حصولهم عليها؛ مما اضطر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى عقد اجتماع جانبي ليطلع على حيثيات الموضوع، إضافة إلى ضعف الرقابة على أسعار المواد الغذائية ووجود كميات كبيرة غير صالحة للاستهلاك البشري، كما بقيت إشكالية السكن العمالي ترحل من اجتماع إلى آخر دون حلول مرضية وليس آخرها انتظار التسليم وتحصيل قيمة الأضرار الواقعة عليها والدور والاكتتاب وإخراج المهجرين منها في بعض المناطق التي كانت غير آمنة، كما طُرحت إشكالية عمال التبغ الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ ستة أشهر، وتضاعف سعر الدواء المحلي عدة مرات خلال فترات متقاربة، وضرورة مراقبة القطاع الصحي والنظر بالتسعيرة المعتمدة في المشافي الخاصة.
فاتن شنان