الميدان السوري والرهان على مساحات المناورة

الميدان السوري والرهان على مساحات المناورة

أخبار سورية

الأحد، ١٥ سبتمبر ٢٠١٩

لم تصل المنطقة في يوم من الأيام إلى ما وصلت إليه في هذا التوقيت، بعد أن باتت مجمل معطيات تحالف العدوان على سورية قائمة على الفائض من الاشتباك السياسي والذي يؤسس للاشتباك الميداني، وفائض من العدوان الامريكي والتركي، والذي يتمترس خلفه الكيان الاسرائيلي بشكل او بأخر.
ويأتي هذا ضمن مغامرة الكيان، و حسابات تمثل منظومة العدوان على سورية ومحور المقاومة، والتي لم تكتف طيلة سنوات الحرب بدعم المجموعات الارهابية بالمال والسلاح والتدريب، بل وصل الى العدوان المباشر على سورية.
المعضلة الحقيقية لا ترتبط بالاحلام التركية والاميركية في المنطقة فقط، بل تصل الى حد الرهان على مساحات مناورة سياسية وعسكرية، تنطلق في شمال وشمال شرق سورية، وتحديدا في الجزيرة السورية، "والتي تسميها قوات التحالف الدولي بشرق الفرات"، من خلال الاعتماد على مجموعات تحجز لها مقعد احتياط بالقرب من السيد الاميركي، وهذا ما يدفع الاميركي لتقوية وتعزيز تواجده في منطقة الجزيرة السورية، وتحديدا في المناطق القريبة من انتاج النفط، بذريعة القضاء بشكل تام على تنظيم داعش والقضاء على كل الخلايا النائمة في المنطقة، ولتحقيق هذا الغرض ترفع واشنطن وتيرة ارسال التعزيزات العسكرية واللوجستية، منها ما يذهب الى مايسمى بقوات سورية الديمقراطية وتتحكم بها وحدات حماية الشعب الكردية، وقسم من التعزيزات يذهب لتعزيز قواعدها ومراكز تواجدها في مناطق شرق الفرات، وقد لوحظ خلال الفترة الاخيرة تكثيف التعزيزات العسكرية رغم اعلان قسد القضاء على تنظيم داعش الارهابي، حيث تتجه كافة التعزيزات الى المناطق القريية من الحدود الفاصلة بين سورية وتركيا وتحديدا في المنطقة الممتدة بين مدينتي الدرباسية وعامودا، بالاضافة الى تل حلف في ريف راس العين.
الميدان السوري والرهان على مساحات المناورة
وتؤكد المعلومات الخاصة ان القوات الاميركية منذ اكثر من سنة، افتتحت معبر بري خاص بالشاحنات الثقيلة، لدخول الدعم العسكري الى شمال وشمال شرق سورية، في منطقة السويدية قادم من شمال العراق الى الارضي السورية وتحديدا الى ناحية اليعربية على الحدود السورية العراقية، بالاضافة الى استخدام قاعدة مطار ابو حجر في منطقة المالكية، وتحديدا ضمن ناحية اليعربية، والتي تشكل صلة الوصل بين القواعد الاميركية شرق الفرات وبين القاعد الاميركية في عين الاسد في العراق ومحطة عبور قريبة من المعبر النهري الرابط بين مدينة المالكية السورية واقليم شمال العراق.
وبحسب المعلومات الخاصة، فقد انشأت الولايات المتحدة الاميركية قاعدة عسكرية جديدة بقرية الغنامية، ومركزا في تل حلف براس العين، وتم تجهيز المركز والقاعدة لتكون مؤهلة لهبوط الحوامات، وتأتي هذه المراكز استكمالا لتوزيع قواتها الممتدة على طول الحدود من قاعدة عين العرب بريف حلب مرورا بمركز القوات الاميركية في عين عيسى وصولا الى مدينة المالكية السورية وعلى طول نحو ٧٠٠ كم من الحدود السورية التركية، حاليا يتم تحضير سجن كبير من قبل القوات الاميركية في منطقة الشدادي الى الجنوب من مركز المدينة وقد يستخدم لتجميع عناصر داعش الاجانب الموزعيين في سجون قسد ضمن بعض القواعد والمراكز الاميركية.
لم تكتف القوات الاميركية بتعزيز تواجدها في القواعد العسكرية، وتمتين العتاد العسكري لحليفتها قسد، حيث تتحدث المعلومات ان القوات الامسركية بدأت بالتحضير لاقامة سجن كبير في منطقة الشدادي الى الجنوب من مركز المدينة، ترجح المصادر انه سيستخدم لتجميع عناصر داعش الاجانب الموزعيين في سجون قسد وضمن بعض القواعد والمراكز الاميركية، بالاضافة الى تجهيز قاعدته في منطقة الشدادي، والتي تتواجد فيها بشكل دائم ٦ حوامات قتالية، بالاضافة الى مبنى مدير الجبسة القديمة شرق الشدادي والذي اقام فيه مهبط حوامات اضافة لسجن .
إن الفهم الحقيقي لما تقوم به الولايات المتحدة الاميركية في شمال وشرق سورية من تدعيم لوجستي، لا يبتعد كثيرا عن مشادات سياسية تحيط بها عواصف سياسية وعسكرية، حيث تحاول واشنطن بالمجمل الابقاء على القواعد العسكرية في المنقطة ضمن منطلق ترتيب الأولويات، ومحاولة تخفيض سقوف المواجهة المفتوحة ان كان مع التركي او مع الدولة السورية والروسي والايراني، وتشير المعطيات ان الاميركي يعمل في سباق مع الوقت، ليثّبت تواجده في المنطقة، على عكس كل التصريحات الاميركية التي تتحدث عن انسحاب من شمال شرق سورية، وعند دراسة المعلومات الواردة من الجزيرة السورية، والتي تؤكد ان الاميركي يعيد تجهيز قواعد قديمة، ويعمل على انشاء قواعد عسكرية جديدة، تتضح الصورة، حيث يبدو المخطط الاميركي ابعد من حدود سقف زمني او جغرافيا، الامر الذي يهدد بشكل فعلي الطريق الواصل بين دمشق وبغداد، وربط محور المقاومة جغرافيا من طهران حتى حدود فلسطين المحتلة، يأتي ذلك كله مع العمل بشكل فعلي على الارض، بالترابط بين تعزيز التواجد الاميركي، وبين تقاسم الدور مع الكيان الاسرائيلي لمنع هذا الترابط الجغرافي، وهذا ما اكدته الولايات المتحدة الاميركية لاكثر من مرة، كان ابرزها في تصريح مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، والمبعوث الخاص إلى سوريا، جويل رايبورن من مدينة إسطنبول التركية، حيث قال إن بلاده "تعمل على تجفيف موارد الحكومة السورية وحلفائها من خلال العقوبات الاقتصادية"، والهدف من الضغط على دمشق، بحسب تعبيره " إجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات"، ما يعني حرمان الدولة السورية من الاستفادة من بوابة اقتصادية جديدة، تساهم في توفير مستلزمات الحياة الكريمة للشعب السوري، وتأجيل تنشيط حركة التصدير البري السوري، والتخفيف من اثار الحصار الاقتصادي الجائر الذي تعاني منه الدولة السورية، وحرمان الشعب من الاحتياجات الملحة لمرحلة اعادة الاعمار.