هل أدّت «السورية للتجارة» دورها خلال الحرب؟ مواطنون يرونها منافساً قوياً لـ«الخاص» على عكس آخرين

هل أدّت «السورية للتجارة» دورها خلال الحرب؟ مواطنون يرونها منافساً قوياً لـ«الخاص» على عكس آخرين

أخبار سورية

الاثنين، ٢٠ مايو ٢٠١٩

ميليا إسبر
في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشها المواطن وسعيه لتوفير ولو «قروش قليلة» يجدها وقت الشدة على مبدأ «البحصة بتسند جرة» كان خيار بعض المواطنين شراء المستلزمات المعيشية من كل السلع والمواد من مؤسسات التدخل الإيجابي لكونها تحميه من جشع تجار القطاع الخاص كما يقولون، بينما البعض الآخر يرى أنها لا تختلف عن أسعار السوق وربما أغلى منه في بعض الأحيان، ولا جدوى اقتصادية من الشراء منها وخاصة لمن يسكن في أماكن بعيدة عن وجود صالاتها كالأرياف مثلاً.
والسؤال: هل أدت «السورية للتجارة» دورها خلال الحرب؟ 
 
يدافع مدير عام« السورية للتجارة»- أحمد نجم عن المؤسسة وما حققته في سنوات الحرب، فيقول: عندما ارتفع الدولار في الفترة القريبة الماضية رافقه ارتفاع أسعار كل السلع والمواد بشكل واضح، بينما لم ترفع «السورية للتجارة» أسعارها ليرة واحدة، وتجلى الفرق واضحاً في الأسعار بين المؤسسة والسوق ما أدى إلى انعكاس ذلك إيجاباً على المستهلك.
في جولة ميدانية قامت بها «تشرين» على بعض صالات «السورية للتجارة» واطلعت على أسعار كل المواد فيها, وبمقارنة بسيطة مع أسعار السوق, وجدنا أن أسعار المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن في معيشته اليومية مثل (السكر– الزيت- السمون– الرز..) أقل من سعر السوق بنحو 10% تقريباً، بينما أسعار الخضر والفواكه كانت مثل السوق, بل في بعض الأحيان مرتفعة أكثر من السوق مثل (الكوسا– الفول– البندورة).
كذلك كان للمواطنين, الذين التقيناهم في مؤسسات التدخل الإيجابي, رأيهم أيضاً حيث يقول «نادر»: إنه لا يشتري من صالات مؤسسة «السورية للتجارة» إلا مصادفة أثناء مروره من مكان قريب من الصالة، ويتابع أنه خلال زياراته القليلة للمؤسسة كان يجد وفي كل مرة أنّ أسعار السوق ولاسيما الخضر والفواكه أرخص من أسعار المؤسسة، ولاسيما أنه يسكن في منطقة القابون حيث الخيارات متعددة أمامه والأسعار مناسبة.
كلما سنحت الفرصة
بينما أوضحت أم حمزة أنها تزور مؤسسات التدخل الإيجابي كلما سنحت لها الفرصة وليس يومياً، لافتة إلى أنّ هناك فرقاً واضحاً في أسعار المواد الأساسية مثل (السكر– الرز– السمنة– الزيت) الموجودة في المؤسسة قياساً بأسعار السوق، مشيرة إلى أنّ الأسعار تختلف من منطقة إلى أخرى فهي مرتفعة في الصبورة, حيث تسكن وتصفها بالأسعار السياحية ولاسيما الخضر والفواكه,إذ تزيد 100 ليرة في كل كيلو تقريباً عما هي موجودة في المؤسسة سواء بندورة أو بطاطا وغيرها لذلك تحاول أن تأتي للصالة مرة أسبوعياً وتأخذ ما تحتاجه لأسرتها.
منافس قوي
لأبي عدي رأي آخر فهو يرى أن مؤسسات السورية للتجارة منافس قوي للقطاع الخاص, حيث يضمن المستهلك جودة ونوعية المواد التي يشتريها من المؤسسة، إضافة إلى أنه يجد كل مستلزماته الضرورية، مؤكداً أنّ وجود مثل تلك المؤسسات هو حماية للمواطن حيث تمنع استغلال تجار القطاع الخاص له.
حسم 10% على الخضر
مديرة صالة المزة القديمة السورية للتجارة ميس معلا ذكرت أنّ أسعار الصالة أرخص من السوق أهمها: المواد الأساسية – الرز – المياه – الزيت – السمنة وكل متطلبات المواطن اليومية بنسبة تتراوح من 15-20%، مشيرة إلى وجود حسم 10% على كل أنواع الخضر خلال شهر رمضان.
أما ما يتعلق بإلغاء موضوع تغليف الفواكه والخضر فبينت أنه لا توجد ثقافة التغليف في مجتمعنا حتى الآن، بينما يقول أحد موظفي الصالة : تم إلغاء تغليف الخضر والفواكه بسبب شكاوى الناس على هذا الموضوع ولاسيما فئة الأطباء الذين يرون أن التغليف يلوث المواد والسلع لأنه, وبمجرد تغليفها, يصبح هناك ضغط حرارة, ما يعطي طعمة غير جيدة للمواد، ولفت الموظف إلى أنّ المواطن السوري تعود على شراء الكمية التي يحتاجها من دون أن يفرض عليه كمية مغلفة فمنهم ما يحتاج كيلو غراماً واحداً فقط، ومنهم 2 كيلو، وآخر نصف كيلو لذلك لم تلقَ فكرة التغليف استحساناً عند المستهلكين.
إقبال شديد
بدورها مديرة صالة 29 أيار السورية للتجارة ميناس خليل أكدت وجود إقبال شديد على الصالة لأنّ أسعارها أقل من أسعار السوق، كما تحتوي الصالة على كل ما يحتاجه المواطن من كل السلع وبنوعية جيدة وبأسعار مناسبة، أهمها: السمون – الزيوت- الرز– رب البندورة– الشاي– اللحوم، مشيرة إلى أن حجم مبيعات الصالة جيد.
لم تتأثر بسعر الصرف
ارتفاعات كبيرة في الأسعار شملت جميع السلع والمواد, متأثرة بصعود الدولار لكن الأمر لم ينطبق على صالات «السورية للتجارة» إذ بقيت الأسعار ثابتة من دون أن يطرأ ارتفاع لأي مادة فيها.
مدير عام مؤسسة «السورية للتجارة» أحمد نجم أشار إلى أن سعر المواد في صالات المؤسسة أرخص من السوق و لاسيما بعد رفع سعر الدولار الأخير، في حين لم ترفع المؤسسة ليرة واحدة من سعر أي مادة، موضحاً أن كل العقود التي تم تنفيذها منذ بداية هذا العام تم حصد نتائجها الآن، حيث تم تنفيذ العقود عندما كان الدولار أخفض من ذلك، مبيناً أنه على سبيل المثال سعر الكيلو غرام من السكر في صالات المؤسسة 215 ليرة، بينما في السوق يصل إلى 300 ليرة وأيضاً سعر ليتر الزيت 600 ليرة، بينما في السوق 660 ليرة، علماً أنّ الأمر ذاته ينطبق على المعلبات, حيث إن سعرها أقل عن السوق بما يتراوح بين 25- 50 ليرة، أما أسعار الخضر والفواكه فهي تخضع للعرض والطلب ولا يمكن تخزينها فترات طويلة, لذلك تبقى أسعارها قريبة من أسعار السوق أحياناً، وأحياناً أخفض منها بقليل.
7 صالات لحوم في دمشق
وكشف نجم عن وجود 7 صالات لحوم (غنم– عجل) في دمشق فقط، وهي أرخص من سعر السوق بين 1500- 2000 ليرة للكيلو غرام الواحد، لذلك تشهد إقبالاً كبيراً من قبل المستهلكين للشراء منها، منوهاً بأن تلك الصالات تجربة, لكن تعمل المؤسسة على تعميمها تدريجياً على بقية المحافظات، علماً أنّ موضوع التوضيب انتقل لعدد من المحافظات منها حلب وحمص وفي اللاذقية وطرطوس, والعمل جارٍ على أن تصبح موجودة في كل المحافظات، مؤكداً وجود 1200 صالة في الخدمة على امتداد الجغرافيا السورية، منوهاً أنّ هناك صالات مدمرة بسبب الحرب.
تاجر دولة
وفيما إذا كانت المؤسسة قد أدت دورها خلال الحرب, أجاب نجم أن المؤسسة تشتري مواد بكميات كبيرة لكل صالات «السورية للتجارة» في القطر لذلك هي بمنزلة «تاجر دولة» حيث توجد للمؤسسة نسبة حسم أكبر من أي تاجر جملة، من هنا نحرص على أن تكون تلك النسبة لمصلحة المستهلك، علماً بأن النسبة تتراوح بين 5-10% حسب كل مادة.
مدير عام «السورية للتجارة» ذكر أن المؤسسة تشتري المواد والسلع من المستورد مباشرة أو من المعمل فتلغي وجود وسيط بين المستهلك والمؤسسة، لافتاً إلى أنه يسمح للسورية بالاستيراد وبتسهيلات أكثر من القطاع الخاص، وأن الاستيراد يشمل كل المواد والسلع التي تحتاجها السوق المحلية، كاشفاً أنّ المؤسسة تشتري موادها لفترات متوسطة وقصيرة الأجل تكفي السوق فترة تتراوح بين 3 – 6 أشهر، وهناك بعض المواد تم شراؤها وهي تكفي لنهاية هذا العام، مؤكداً وجود خطة لتصدير 3000 طن تفاح، حيث يتم مقابل تصدير كل 3 كيلوغرامات تفاح استيراد كيلو موز واحد.
يوافقه الرأي معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المهندس جمال شعيب فيقول: تم إعداد خطة للمؤسسة بحيث تكون الأسعار في المؤسسة أقل من أسعار السوق من خلال عمليات التسويق من المنتج أو المستورد مباشرة من دون الوسيط التجاري، لافتاً إلى أن «السورية للتجارة» تقوم بعمليات الاستيراد مباشرة من البلدان المنتجة للمواد كما حصل بالنسبة للبطاطا, حيث قامت المؤسسة ببيع المادة بصالاتها ومنافذ البيع لديها بسعر 300 ليرة، في حين كان السعر في أسواق الهال والأسواق المحلية 350- 400 ليرة، وبمقارنة أسعارها حالياً مع أسعار السوق نجد اختلافاً في الأسعار فهي أقل من أسعار السوق بنسبة تتراوح بين 10- 20% حسب المادة.
نطمح للأكثر
طموح إدارة «السورية للتجارة» عدم التوقف عند رقم مبيعات محدد مهما كان الرقم مرتفعاً، وإنما تسجيل رقم مبيعات أعلى كل سنة عن الأخرى -كما يقول نجم- مضيفاً أنّ حجم مبيعات «السورية للتجارة» وصل العام الماضي إلى 65 مليار ليرة، هذا الرقم جيد، إلا أنّ الطموح في العام الحالي تجاوز هذا الرقم، إضافة إلى تغطية أكبر مساحة ممكنة بحيث لا تبقى قرية أو مدينة إلا وتوجد فيها صالة بيع، مضيفاً أنه يتم العمل حالياً على زيادة وتوسيع عدد الصالات حسب حاجة كل منطقة ومحافظة, لكن هذا الموضوع يخضع للموازنة الاستثمارية وإمكانية الاستئجار، لافتاً إلى أنّ المؤسسة تسعى إلى مواكبة كل احتياجات المستهلك, فهي تعمل حالياً على عرض منتجات الماركات المعروفة في صالاتها، مؤكداً أنه لن يتم شراء أي منتج غير معروف، فالهدف ليس تعبئة الصالات بمواد ذات نوعية غير جيدة أو من الصنفين الثاني والثالث، موضحاً أن الماركات التي يشتريها المواطن من السوق ستكون حاضرة في الصالة ولكن بسعر أقل مثل الزيوت– السمون– المنظفات، علماً أنه عندما يرتفع سعر أي مادة تتدخل المؤسسة مباشرة لتخفيضها.
توظيفها لشهر رمضان
مدير عام «السورية للتجارة» بين أنّ كل عمليات الشراء الأخيرة تم توظيفها لمصلحة شهر رمضان حيث توجد تشكيلة سلعية ضمن الصالات وبطريقة مميزة جداً سواء كان بالعرض أو بالسعر، إضافة لوجود السلل الغذائية وبسعر مناسب لكل الفئات تتراوح بين 7– 10 آلاف ليرة، إضافة إلى اشتراك المؤسسة في كل الخيم الرمضانية والمعارض الموجودة، كاشفاً عن الاستمرار بموضوع الشراء بالتقسيط منذ بداية شهر رمضان، بحيث يمكن لأي شخص شراء مواد استهلاكية بقيمة 50 ألف ليرة وتقسيطها عن طريق المحاسب في المؤسسة التي يعمل فيها.
بينما يقول شعيب: إن خطة الوزارة في رمضان هي تشديد الرقابة على الأسواق و لاسيما المواد المغشوشة ومنتهية الصلاحية، وكذلك متابعة الأسواق يومياً، وأيضاً الأفران التموينية لتأمين مادة الخبز، إضافة إلى إقامة مهرجانات تسويق رمضانية للمؤسسة السورية للتجارة، مشدداً على ضرورة متابعة موضوع الألبسة والحلويات ومستلزمات العيد، علماً أنه تم عقد اجتماع مع المستوردين والموردين برئاسة الوزير, حيث طلب منهم عدم رفع أسعارهم خلال شهر رمضان وتثبيت أسعارهم وستتم متابعتهم بذلك.
أدت دورها في الحرب
معاون وزير التجارة الداخلية أكدّ أنه خلال فترة الحرب على سورية أدت هذه المؤسسات دورها المنوط بها من خلال توفير المواد الغذائية وتدخلها في السوق في حال ارتفاع سعر أي مادة، كما أنها طرحت مواد الزيوت والسمون والتونة والسردين والرز والسكر بأسعار أقل من أسعار السوق بكثير, فاستوردت هذه المواد عن طريق الخط الائتماني، علماً بأنّ المؤسسة حققت توازناً في أسعار السوق خلال فترة الحرب رغم أنها تشكل حوالي 15% من حجم السوق.
وحتى تكون «السورية للتجارة» مؤسسة تدخل إيجابي يجب أن تقوم باستيراد كل المواد الغذائية وطرحها في السوق والانتشار الأفقي لصالات المؤسسة وتسيير السيارات الجوالة, إضافة إلى تشغيل منشآتها للصناعات الغذائية التي تقوم حالياً باستثمارها ولديها خطة لتطويرها كمنشأة عشتار للصناعات الغذائية حسبما أكده المهندس شعيب، إضافة إلى استمرار تدفق المواد الغذائية من خلال صالاتها، والحفاظ على توازن السوق، وأيضاً تحقيق الأمن الغذائي والحفاظ على مخازينها من المواد الغذائية.
رؤية جديدة
شعيب ذكر أنه من ضمن خطة الوزارة تم وضع رؤية جديدة للمؤسسات من خلال تنوع المواد وعرضها بحلة جديدة وتوفير المواد بأفضل الأنواع والأسعار والتوسع الأفقي لمنافذ البيع, إضافة إلى العمل على تشغيل كل عقارات المؤسسة وسياراتها بما يحقق مصلحة المؤسسة والمواطن إضافة إلى فتح صالات لبيع اللحوم التي بدأت في دمشق وستعمم على كل المحافظات.
تشرين