تعدّد الزوجات.. بين الضوابط القانونية والمجتمعية والفتاوى الجديدة!

تعدّد الزوجات.. بين الضوابط القانونية والمجتمعية والفتاوى الجديدة!

أخبار سورية

السبت، ٢٧ أبريل ٢٠١٩

إلهام العطار:
عندما يقال في لغة الأمثال واللهجة العامية بأن «الضرة مرّة» يظن الكثيرون منا بأن هذا المثل سيترجم وقوفاً في وجه قضية تعدد الزوجات، ولكن ذلك لم يتحقق، فلغة الواقع والأرقام تنبئ بأن عدد الرجال المتزوجين من امرأة ثانية خلال السنوات الثماني الماضية بلغ 40 في المئة، حسب مصادر قضائية، وقد اتخذ الرجال في معظم تلك الحالات من ظروف الحرب ومفرزاتها الاقتصادية والاجتماعية ذريعة ومسوغاً للزواج الثاني والثالث وربما الرابع.
يعتقد البعض بأن تعدد الزوجات مسألة فيها نوع من الاستسهال ولا ضوابط لها، كما جاء في مسلسل باب الحارة وغيره من مسلسلات الدراما التي أبدعت في اختراع مسوغات ساهمت في إعطاء التعدد شكلاً مقبولاً، وأدرج العديد منها ضمن قائمة العلاقات الزوجية الناجحة، وهو بالطبع اعتقاد خاطئ ومخالف للحقيقة والواقع، فهناك، وكما بيّن المختصون، الكثير من الضوابط الشرعية والقانونية التي تحكم هذه القضية التي تحولت في أيامنا هذه إلى ظاهرة تجاهل من يدعو إليها أو يقدم عليها تبعاتها ومنعكساتها على الرجل والمرأة والأسرة وتالياً على المجتمع.
«تشرين» في ملفها هذا لم تقف مع أو ضد تعدد الزوجات، بل حاولت ومن خلال عدد من ضيوفها تسليط الضوء على موقف القضاء والقانون وعلم النفس والمجتمع من تعدد الزوجات، وستترك الكلمة الفصل لرأي الشارع بشكل عام، والمرأة بشكل خاص فهي التي تدفع الثمن غالياً في هذه القضية وتبلع «السكين على الحدين» -كما يقال- إن قبلت بالأمر الواقع وسكتت، أو في حال طالبت بالطلاق وتركت بيتها وزوجها وأولادها وذكرياتها للزوجة الجديدة.
 
نرضى ولكن!
من الحزن الذي ملأ قلبها المتشح بالسواد أصلاً بدأت رحلتنا، فتلك السيدة وهي أم لطفلتين أكبرهما في الصف الثاني، وقفت تنتظر في أروقة القصر العدلي وقد اغرورقت عينيها بالدموع، توفي زوجي منذ ستة أشهر بحادث سير، تقول أم راما بغصة وحسرة واليوم سأصبح زوجة ثانية لـ«سلفي» أي «أخو زوجي»، فالعادات والتقاليد في منطقتنا تفرض ذلك، إما القبول بالزواج وإما ترك بناتي والعودة إلى بيت أهلي، وبعد تنهيدة أردفت: الأمر صعب جداً، فمن سيصبح زوجي بعد عدة ساعات كنت أعدّه فيما مضى أخاً وسنداً لي، وكانت زوجته التي تقبلت فكرة أن يكون لها «ضرة» على مضض كأختي وصديقتي، أنا في حيرة من أمري وأشعر بالظلم حتى من أهلي.
على الطرف المقابل جلست سمية مع والدها بانتظار عريس «الغفلة» البالغ من العمر ستين عاماً لتثبيت عقد الزواج، فسمية البالغة من العمر 31 عاماً ارتضى أهلها تزويجها بعقد «براني» وأن تكون زوجة ثالثة، حتى لا يُقال عنها «عانس»، بحرقة تشرح: لم يخطر في بالي في يوم من الأيام أن أكون «ضرة»، ولكن ظروف أهلي المعيشية الصعبة اضطرتني لذلك، ورضى وقبول زوجاته الأولى والثانية المبطن بالكيد والحقد أغشى عيون والدي عما ينتظرني في البيت الجديد.
بعد أن أتم عقد القران خرج أبو محمد 55 عاماً وهو يمسك بيد عروسه البالغة من العمر 25 عاماً، وبعد المباركة لهما أشارت أم ربيع إلى أنها طلبت الطلاق من زوجها الأول بسبب حالته المادية، وها هي اليوم مع ابنها في كنف رجل يعمل سائق «تاكسي»، أصيبت زوجته الأولى بمرض عضال، أما العريس فقال: سأظل أصرف على أم محمد وعلى أولادي وأزورهم، من حقي أن أعيش وأتمتع بحياتي فالشرع قد حلل لي ذلك، وعندما سألته عن العدل في ذلك: استأذن وانصرف.
وفي قصة أبو حسين 48 عاماً الملقب بالمختار في منطقته تسمع العجب، فهو يملك العديد من الشقق وقد ارتأى تأجيرها على العظم لمساعدة المهجرين، وفي إحدى المرات جاءه مستأجر يشكو عدم القدرة على الدفع، فعرض عليه أبو حسين الزواج من ابنته والحجة أنه يريد أن يستر عليها ويساعدهم مادياً، متناسياً زوجته الأولى التي ساندته 14 عاماً، وما إن علمت بزواجه الثاني حتى أخذت أولادها وطلبت الطلاق فوراً، ينوه المختار بأن أهله بشكل عام ووالدته بشكل خاص وأصدقاءه وافقوه الرأي، حتى إن هناك ثلاثة من أصدقائه سبقوه إلى الزواج الثاني من فتيات صغيرات أو أرامل ومطلقات، ويتساءل: أين الخطأ إذا كان الشرع قد حلل «مثنى وثلاث ورباع»، ومشايخنا تبارك تلك الخطوة من أجل «سترة» النساء وعدم وقوع الرجال في فخ المعصية؟!
القاعدة: زوجة واحدة أما الاستثناء فهو التعدد
انطلاقاً من تلك الحجة التي اقتطعها الناس من سورة النساء، تعقد داخل المحكمة وخارجها عشرات الزيجات التي تنضوي تحت عنوان عريض يسمى تعدد الزوجات الذي ساهم بسبب انتشاره في زيادة حالات الطلاق ووصولها إلى ما يقارب الـ٣١ % وهو ما تبينه الدعاوى في القصر العدلي، وفقاً للدكتورة منى إدلبي -الأستاذ المساعد في قسم القانون العام في كلية الحقوق – جامعة دمشق، التي بدأت حديثها لـ«تشرين» عن قضية تعدد الزوجات بذكر الأساس الشرعي لهذا الموضوع وهو سورة النساء، عندما قال الله عز وجل في كتابه الكريم: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، وآتوا اليتامى أموالهم ولا تبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً وإن خِفتم أَلَّا تقْسِطُوا فِي اليتامى فَانكِحُوا مَا طَابَ لكم مِّنَ النِساء مثنى وَثلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تعدلُوا فواحِدَةً أَوْ مَا ملَكَتْ أَيمانكمْ ذلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) لافتة إلى أن الآيات الواردة بدأت بالدعوة لتقوى الله في كل شيء ومنها الأسرة وموضوع تعدد الزوجات الذي لم يأت تشريعه من فراغ، بل بسبب ظروف بعينها، وتشرح د.إدلبي: كلنا يعلم بأن الحياة في الجاهلية كانت عشوائية وتعاني الفوضى في كل العلاقات ومنها علاقة الزواج، حيث كان يمكن للرجل أن يتزوج بالكثير من النساء من دون أي ضابط، وعندما جاءت تعاليم الإسلام وهو نصير للمرأة خطا خطوات جبارة وعمل على تنظيم المجتمع ولكنه لم يطلب التغيير بشكل فج إنما كان متدرجاً وهنا يكمن إعجاز القرآن الكريم، وبالنسبة للآية الكريمة قيل إنها أتت على إثر حادثة غطفان إذ كان بعض الصحابة يكفلون الأيتام وحصل أن أحدهم تزوج بإحدى اليتيمات التي وقعت تحت وصايته ولم يدفع لها مهر مثيلاتها من النساء، أو كان بعضهم يمنعها من الزواج من آخر إذا رفضت الزواج منه منعاً من انتقال أموالها، فنزلت هذه الآية لتؤكد حق اليتامى وخاصة الفتيات ورفع الظلم الواقع عليهن، وجاءت آية التعدد، لتحدد العدد بأربع نسوة فقط وتضع قيوداً غليظة على التعدد تكاد تقترب من المنع بناء على قوله تعالى: ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)، وحيث إن العدل مفهوم صعب المنال بالمطلق وتحقيقه يحتاج جهداً وسعياً من قبل الزوج وأي سعي!!، فعلى الشخص ألّا يقدم على تلك الخطوة إذا لم يلتزم بذلك الشرط فهناك عقاب ينتظره حيث قال رسول الله( ص): «من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما في القسم من نفسه وماله جاء يوم القيامة مغلولاً مائلاً شقه حتى يدخل النار» فأي رجل عاقل ويخشى الله سيقدم على هذه الخطوة بناء على الشرع فحسب، وبذلك نستنتج بأن القاعدة هي زوجة واحدة، أما الاستثناء فهو التعدد الذي يجب تطبيقه في مجتمع تكون منظومته الأخلاقية والدينية مبنية وفق أسس صحيحة كما نصّ عليها الشرع وعلى كل الصعد ولا تقبل التجزئة.
صندوق اجتماعي للزواج
وتتابع د. إدلبي: إذا ما أردنا إسقاط ما جاء في الآية والحديث على ظروفنا الراهنة للرد على من يطالبون بتعدد الزوجات نجد من الناحية الشرعية شرط العدالة على الأغلب غير محقق في وقتنا الحالي بسبب ضعف الدين والوازع الأخلاقي من ناحية، وسوء الأحوال المادية من ناحية أخرى.
ومن الناحية الاجتماعية علينا قبل تعميم التعدد دراسة نتائجه في ظل الظروف الراهنة ومعرفة مخاطره، فقد بينت التجارب والدراسات أن التعدد يؤدي إلى ضياع المودة والسكينة والرحمة التي هي أساس الزواج كما جاء في سورة الروم في القرآن الكريم فهذه المشاعر سبب خلق الثقة بين الأزواج والتعدد قاتل لها وفيه هدر لأساس الزواج.
أما من الناحية القانونية فالتعدد يؤدي إلى زيادة حالات الطلاق فيخرج بذاك عن غايته فهو جاء لرفع الظلم والحفاظ على الأسرة والمجتمع من الانحلال الأخلاقي، فإذ به يتحول إلى عامل من عوامل ضياع الأسرة الأولى والثانية.
ولكن إذا ما تعالت الأصوات لتسأل ما البديل في ظل ما يعانيه المجتمع من زيادة حالات العنوسة وكثرة أعداد الأرامل فنردهم إلى الشريعة ففيها ما يسمى بحكم الأولويات فالأهم والأولى أن تظل الأسرة الأساسية متماسكة بعيداً عن أي شرذمة، وإذا كان الشخص مقتدراً وصاحب غيرة على مجتمعه وعلى الشباب، فيمكنه تقديم إعانات أو تتكاتف جهود الجهات الرسمية مع المجتمع الأهلي لإنشاء صندوق اجتماعي يسمى صندوق الزواج يتبع لوزارة الأوقاف أو الشؤون الاجتماعية والعمل، ويتم فرض مبلغ مؤطر بقانون خاص كاشتراك في الصندوق الهدف منه مساعدة الشباب غير القادرين على الزواج والحد نوعاً ما من مشكلة العنوسة، وتقديم دعم مادي للمرأة التي فقدت زوجها.
واجب القانون والشرع حماية الأطفال
ولدى سؤالها عن حق الزوجة الأولى القانوني والشروط التي يضعها القاضي لإتمام عقد الزواج أفادت د.إدلبي: التعدد خطوة موجودة، ولكنها مشروطة بالعدل والمودة وإعلام الزوجة الأولى لتخفيف الأثر النفسي عليها لا أن يكون بأسلوب غدر من قبل الزوج، وقد أعطت التعديلات الأخيرة لقانون الأحوال الشخصية الحق للمرأة في إدراج شرط عدم زواج زوجها بثانية في صك الزواج ولكن ذلك الشرط لا يبطل العقد الثاني ولكنه يسمح للمرأة بطلب الطلاق،وعلى القانون وضع ضوابط قاسية في حال حصل الانفصال وأهمها تأمين السكن الخاص بها وبأولادها وتخييرها بالبقاء أو الانفصال فمن واجب القانون والشرع حماية الأطفال، وبالنسبة للقاضي نتمنى أن يتحرى الضوابط الشرعية والقانونية للتعدد فيسأل عن الملاءة المالية أو شرط الكفاية وعن الأسباب الموجبة أي المسوغ الشرعي للزواج الثاني الذي يرتبط بعدة أمور منها عدم قدرة الزوجة على الإنجاب أو مرض الزوجة من خلال التقارير الطبية، فإذا كانت المبررات مقنعة بالأدلة يكمل معاملة الزواج وإن كان فيها تلاعب وتحايل أو هدر حق الزوجة الأولى بعلمها فيحق للقاضي إيقاف معاملة الزواج.
لتختم حديثها بالإشارة إلى خطورة بعض الفتاوى الصادرة عن بعض الشيوخ في هذا الشأن وإلى لزوم أخد الأمور بجدية وعدم وضعها في قالب فكاهي لا يتناسب مع رابط مقدس كرابط الزواج وبناء الأسرة، وبالتنويه إلى أن هناك مبدأ يطلق عليه سد الذرائع أي إذا كان الشيء مباحاً ولكنه سيوصل إلى محرم فهو محرم، فإذا ثبت أن تعدد الزوجات سيفكك الأسرة، وسيوصل المجتمع إلى كوارث اجتماعية وإنسانية وجب تقنينه، ففي مصر بين الشيخ محمد عبده والشيخ رفاعة الطهطاوي عواقب التعدد وقالوا: إن الشرع لا يمنع تقنين التعدد، ونحن كذلك علينا أن نصدر قانوناً يبيح التعدد للحالات الضرورية ضمن ضوابط قانونية ومجتمعية تتناسب مع تغير المجتمع وأخلاقياته بناء على قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» لأن الهدف الأول والأخير هو حماية الأسرة وأهم أركانها الأطفال فهم زاد المستقبل وزوادته.
فيه تهديد لنرجسية المرأة
اختصاصية العلاج النفسي- الدكتورة مرسلينا شعبان حسن أشارت إلى أن العلاقة الزوجية علاقة شرعية يهددها موضوع التعدد باستمرار، لأن المرأة لا تقبل المشاركة العاطفية مع امرأة أخرى ما ينعكس على الأبناء من جراء شعور والدتهم بالإحباط واليأس الناجم من وجهة نظرها عن رفض زوجها لها عاطفياً وأنها غير ملبية لرغباته كما يجب، أي إنه يصفها بالنقص أو الدونية، وهذا أمر بالتأكيد فيه تهديد لنرجسيتها الأنثوية، منوهة بأن التعدد لابد أن تنتج عنه مشكلات اقتصادية من جهة توزع الثروة بين الزوجات والأولاد ومشكلات اجتماعية، حيث يكون الرجل مستهلكاً في عدة التزامات أسرية مع أهل زوجاته وأولاده، ما يضيف إليه مسؤوليات ومشكلات ربما لم يكن يدركها أو يهتم بها عند تفكيره بالتعدد.
اضطرابات نفسية في كيان الأسرة
وبيّنت الدكتورة حسن أن زيادة ظاهرة العنوسة وارتفاع الأسعار وهجرة الكثير من الشباب وغيرها من المشكلات الاجتماعية التي ظهرت مؤخراً بسبب الحرب، قد تكون وراء دعوة البعض إلى الزواج الثاني كمخرج وحلّ، ولكن هذا الحل قد يكون فيه نوع من التوازن ولكن في المقابل فيه عبء على الرجل ويتطلب مساندة مجتمعية وليس مواجهة فردية، لذلك لابد من البحث عن حلول بطريقة استراتيجية وليس بطريقة اعتباطية وارتجالية وبدعوات من هنا وهناك ومبادرات تفتقد أحياناً للمنظور الثقافي والاجتماعي وختاماً تعدد الزوجات يلزمه وعي إنساني كبير لتفهمه وعيشه ضمن حدود الضرورة بحكمة ومسؤولية.
يؤذي نفسية الأطفال ويهدد مستقبلهم
كلام توافق مع رأي الباحثة رغداء الأحمد التي قالت: لا نبالغ إذا قلنا إن تعدد الزوجات يؤدي إلى تدمير الأسرة الأساسية شئنا أم أبينا حتى لو أظهرت الزوجة الأولى عكس ما تضمره في قلبها من غيرة وحقد، أما بالنسبة للأولاد فإن التعدد يؤذي نفسيتهم ويهدد مستقبلهم، فإذا كان الأب مقتدراً زادت النزاعات بينهم وفي حالة الإمكانات المحدودة فإن العدالة تنتفي بشكل مطلق، وعند سؤالها عن الحل لهذه الظاهرة وجدت د.الأحمد أن رفع سن الزواج بتمام الأهلية عند الفتى والفتاة سيقف بوجه الاحتيال على القانون أي الزواج خارج المحكمة، أما بالنسبة للمرأة التي يضطرها الحصار والظلم الأسري الذي يقع عليها سواء كانت منتجة أم غير منتجة لقبول خانة الزوجة الثانية فعليها مواجهة ذلك من خلال التمكين الاقتصادي والتعليمي الذي يعطيها وعياً اجتماعياً، ويمكنها من تحديد خياراتها ورفض التعدد، أما المجتمع بدءاً من الروضة والمدرسة وصولاً إلى الجامع والإعلام بكل وسائله، فعليه خلق مجموعة من النظم والقواعد المجتمعية وطرح نتائج وعواقب تعدد الزوجات التربوية والصحية وإعطاء مساحة لحرية الفكر ليتسنى للمتلقي التفريق بين الخطأ والصواب، فمصادرة الرأي تجعل الشخص ينظر إلى التعدد من خلال غريزته ورغبته فيقوم بتركيب هذا القرار الإرادي بالنسبة له على خطاب الله عز وجل، وبالنسبة للمجتمع المدني فدوره التثقيف والمساهمة في توفير مشاريع تنموية تزيد من قدرة المرأة على مواجهة ظروفها، وعن اعتماد تعدد الزوجات كحل لمفرزات الحرب الاجتماعية رفضت د.الأحمد ذلك، عادّة أن التعدد فيه أنانية وليس فيه أي مصلحة للمجتمع، والمصلحة الوحيدة التي تتحقق هي للرجل الباحث عن رغبته، واقترحت على من يرغب بخوض تجربة الزواج الثاني إيماناً منه بالحفاظ على المجتمع من الأمراض والمشكلات الاجتماعية، بأن يساهم في تزويج الشباب لتأمين حياة مستقرة لهم، وعن انتشاره ذكرت د.الأحمد: من خلال الأبحاث والدراسات التي قمنا بها سابقاً عن الطلاق، وجدنا أن التعدد يكثر في الريف الشمالي الشرقي أما اليوم فهذه الظاهرة تنتشر في البيئات الحضرية والمدن الكبرى.
ظلم اجتماعي يقع على المرأة
قد يكون تعدد الزوجات مبرراً عند مرض الزوجة أو عدم الإنجاب أو لاحتمالات أخرى على الزوج إثباتها بالدليل والبرهان، أما عدا ذلك -كما قالت عضو مجلس إدارة جمعية تنظيم الأسرة، رئيسة لجنة الإعلام نور السبط- فتبقى أسباباً مزاجية نابعة من مواقف غير متزنة، ففي تعدد الزوجات ظلم اجتماعي يقع على المرأة، وفيه تشتيت للرجل فتصبح عواطفه غير مستقرة ولابد أن يكون متحيزاً لإحدى الأسرتين، وهنا تنتفي العدالة لذلك عليه قبل الشروع بالتعدد التفكير في ذاته والحفاظ على أسرته عبر البعد عن نزواته، وخلال الحرب زاد عدد الأرامل وقد عدّ البعض الزواج الثاني حلاً، وفي الحقيقة هذا تفكير خاطئ، فبدل التفكير بقضية الزواج نترك للمرأة الحرية في خياراتها ونساعدها على تربية أولادها وفي استثمار قدراتها في مشروعها الخاص، أما العنوسة فهي ليست سبباً في تعدد الزوجات، بل هي عذر غير تبريري وغير قيمي.
سبب للتفكك الأسري
وعن سلبيات التعدد ذكرت السبط أنه يعمّق الخلاف الأسري ويزيد حالات العنف وينفي الحوار بين الزوج والزوجة ويقلل فرص الحل، وهو سبب للتفكك الأسري الذي يعد ناتجاً عن التعدد في الوقت نفسه، وفي حال حصل الزواج الثاني وكان الرجل غير متمكن اقتصادياً فسينتج عن ذلك سوء تربية وتسول وأمراض اجتماعية متعددة وتنتشر قيم الغدر وقلة الوفاء ولاسيما عند الاطفال، وعن دور جمعية تنظيم الأسرة في عرض هذه القضية في جلساتها التثقيفية أوضحت السبط أن التنشئة الأساسية للأسرة السليمة تعتمد على الأب والأم وهذه ثوابت نطرحها في عياداتنا المنتشرة في كل المحافظات وفي المساحات الآمنة ومن خلال الفرق الطبية الجوالة، حيث يتم التركيز في الدقائق الأولى للجلسة على كيفية بناء جدار قوي يحمي الأسرة من التشتت والتفكك الأسري، لتنهي حديثها بالتأكيد على دور الإعلام في هذه القضية كما يجب على الفنانين والكتاب اتخاذ موقف صريح من هذه القضية وعدم تسويق تعدد الزوجات على أنه قصص اجتماعية ناجحة.
تشرين