قصتي مع الإصلاح «الإداري»!! … الوزير يشطب موافقته بعد تدخل «معاونه»

قصتي مع الإصلاح «الإداري»!! … الوزير يشطب موافقته بعد تدخل «معاونه»

أخبار سورية

الاثنين، ٣ سبتمبر ٢٠١٨

عبد اللـه منيني
 
قبل عام من الزمن تناقل السوريون بكل فخر واعتزاز وتفاؤل مصحوب بنسمات الأمل لقاء سيد الوطن مع الحكومة السورية، الذي خُصّص لطرح برنامجه الشامل للإصلاح الإداري، والمتضمن قواعد وإستراتيجيات مهمة من شأنها أن تحدث نقلة نوعية تحتاجها بلادنا تعزيزاً للانتصارات المتتالية التي حققتها سورية بقيادة السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد.
وكمواطن سوري يعتز بوطنه وبقيادته وجيشه وشعبه الذين سجلوا صفحة جديدة في تاريخ العالم بصمودهم وبأسهم وشدتهم ورفضهم لنير الاستعمار ولظلام الإرهاب وكل مشاريع التقسيم، شعرت بغبطة الانتصار ونحن نستحق ما حققناه في ميادين العسكر لنراه في ميادين الإصلاح فكلا الشأنين مهمان وما حققناه ميدانياً يجب أن ينعكس سياسياً وداخلياً واقتصادياً ومعيشياً.. ، ولا أخفي على من يقرأ مادتي هذه أنني بحكم عملي في الشأن العام جهدت خلال سني الحرب لطمأنة من يهتم برأيي المتواضع أن غدنا السوري سيكون الأجمل بل الأفضل، فبعد التضحيات الجسام والإنجازات المتتالية من الطبيعي أن تكون سورية كما ننشدها أيقونة للحياة والإصلاح وتعزيز دولة القانون.
وكحال العاملين في الشأن العام عموماً والسياسي خصوصاً هناك من يقصدني في مساعدة هنا أو هناك، أو نصرة مظلوم أو إنصاف مكلوم ولي في ذلك جولات معظمها، وبطرافة شديدة- يخيب وقليلها يصيب، ويبقى موضع اطمئناني أمام خيباتي أنني أتقدم بما يمليه عليّ ضميري ومناقبي، وخاصة نحن وللأسف الشديد نعاني ما نعانيه من محسوبيات وواسطات (ليست خفية على أحد) ومعظمها (أي الواسطات) ليس من مهامها سوى الالتفاف على القوانين وإيصال اللاكفاءات وفرض الإملاءات، وهذا ما لا أعرفه أو أفعله واضعاً نفسي تحت المحاسبة إن كان هناك ما يدين مقدمتي هذه، والتي وصّفتها لأروي تجربة أحببت أن أشاركها وإياكم وهي التي شكّلت قصة أو رواية ربما تمتعكم أو تؤلمكم وخاصة بما تحمله من مفارقات وعن الإصلاح الإداري أتحدث…
قبل ثلاث سنوات قصدني قريب لي موظف منذ خمس سنوات فقط في إحدى الوزارات المعنية بالشأن المالي، فبعد تعيينه في موقع ما ولمدة خمسة شهور وثلاثة أيام فقط (قضى خلالها ثلاثة أشهر بالخضوع لدورة تدريبية في المهام الموكلة إليه)، ونتيجة ملاسنة مع أحد المديرين المباشرين وتحديداً رئيس لهيئة ناظمة في هذه الوزارة، (وهنا اتوجه بالشكر للقيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تابعت بجدية ومسؤولية، المسؤولين الذين هرّبوا أولادهم خارج القطر من خدمة العلم، لأن مدير الهيئة المذكور وبعد أن وظف ابنه لديه وفرّغه للدكتوراه، ثم قام بتسفيره إلى لبنان لأنه مطلوب للخدمة الإلزامية وأتمنى على القيادة القطرية متابعة ذلك)، قام وبالتنسيق مع معاون الوزير (ب. ع)_موضوع قصتي، بنقل الصديق المذكور إلى مكان جمده فيه وحطم روح العطاء والشباب والإقدام تحت تهمة جاهزة فوراً دون معايير ثابتة وهي (فساد).
نعم أيها السادة (فساااددد)، فتخيلوا حجم الفساد الذي قام به الصديق الشاب المذكور في خمسة أشهر قضى منها ثلاثة أشهر ونيف في دورة تدريبية باختصاص معين…
والملفت أن قائمة الفساد (قدّس اللـه سرها) آنفة الذكر ضمت أسماءً عديدة بينهم وبين الصديق المذكور عشر سنوات خدمة في ذات المكان على الأقل، ولأن صديقنا بطل القصة يعلم أنه ظُلِم وبشدة فقد لجأ إليّ راجياً إنصافه بأحد الحلين:
الأول: إن كان فاسداً فعلاً أن يُحال ملفه إلى الرقابة والتفتيش!!
والثاني: أن يعود إلى مديريته فقط وليس إلى مكانه لأن المكان أصبح مشبوهاً، فبالعودة إلى مديريته يعني أمام زملائه أولاً وعائلته ونفسه إعادة الاعتبار إليه وتبرئته من تهمة (الفساد).
وفعلاً بدأنا منذ عام 2016، البحث عن حلول وفق القوانين والأنظمة المرعية متفائلاً بالإصلاح المنشود، فأخذنا بإعداد الكتب أصولاً وخاصةً أن هناك مجموعة موظفين نقلوا بذات الطريقة ولدي وثائق بذلك هم (وسنستخدم الحروف الأولى من أسمائهم): (غ. ح) (أ. ا) (ل. ت) (إ. ه) (م. ح) (ن. ا) (ي. ا)، إلا أن مراسلاتنا التي كانت تغيب أو تُغيّب، والله أعلم، إلا كتاباً وحيداً حمل موافقة الوزير المعني واللون الأخضر يشع على الكتاب بالموافقة على إعادة صديقنا وخاصة أن الجهة المنقول منها أبلغت السيد الوزير حاجتها له، ولو كان فاسداً ما ظننت أنها سترسل مثل هذا الكتاب!!.. ليأتي معاون الوزير (ب. ع) ويقنع الوزير بتغيير كتابه (على ذات الكتاب نرى مطالعته بالموافقة وتم شطبها ونقله إلى الوزارة)، والملفت أنني تشرفت بلقاء المعاون المذكور (بحضور شهود يُشهد لهم بالصدق والنزاهة) ليسوق لي الوعود وراء الوعود ملقياً باللوم على الوزير المسكين! وقبل أيام من تاريخه، طلبت وعلى غير عادتي موعداً من السيد الوزير (لكوني لا أتودد أو أتزلف على أبواب أحدهم)، وهو صاحب المقولة الشهيرة بأنه لا مكان في وزارته للموظف العبوس، فتخيلت طبيعة اللقاء بأنه سيتسم حسب تصريحات السيد الوزير بالاستماع مشفوعاً بالابتسامة، وذهبت معتزاً بنفسي لأني أحمل قضية حق، ويشفع لي أن أبواب الوزير من الطبيعي أن تكون مفتوحة لمثل هذا الشأن، ولأني محسوب على الشأن العام تشهد لي به ساحات الإعلام والسياسة، عدا مسؤوليتي الحزبية، كنت مطمئناً بأني سأصل إلى حل وفق القانون ينصف صديقنا، وحين دخلت في الموعد الموعود، وجدت المعاون المذكور قد سبقني وأعتقد أنه همس في أذني الوزير المعظم، لأفاجأ بأن السيد الوزير وحسب ادعائه، لا يملك وقتاً للاستماع إليّ، ولم يسمح لي حتى بلفظ ثلاث كلمات متتالية! معتذراً عن الاستماع إلي مع وجهٍ عبوسٍ عبوس والله المستعان، فغادرت فوراً وأنا أسأله: لماذا تعطي الناس موعداً إذا لم يكن لديك وقت للاستماع لهم؟ لكن لا جواب! المهم هذه ليست قصتي فقد لفتتني معلومة أن المعاون المذكور (عن الإصلاح الإداري أتحدث) وخلافاً للقانون يشغل هذه المسؤولية منذ عام 2005!
نعم أيها السادة منذ عام 2005 مودعاً أربعة وزراء وهو حتى الآن يشغل معاوناً للوزير في موقعه دون أي تغيير.
وسؤالي، كيف السبيل إلى الإصلاح إذاً؟ ألا نحتاج إلى مراجعة حقيقية في المواقع والمسؤوليات، وربما فتحت لي قضية الصديق العزيز نافذة رؤية جديدة كنت أتمنى ألا أراها في بلدي الذي أحب وأعشق.
صدقوني ثقتنا بوطننا وبجيشنا وبقائدنا ليس لها حدود، وعلينا أن نكون جميعاً أهلاً لهذه الثقة، تعالوا بنا إلى الإصلاح ولنبدأ بمراجعة مثل هذه الحالات، وأعلم أن كلامي هذا سيزعج زملاء وأصدقاء، لكن من أرضى الناس على حساب الوطن فقد خسر الناس وخسر الوطن.