شراء الضروري في العيد للإبقاء على بهجته والراتب فانوس سحري

شراء الضروري في العيد للإبقاء على بهجته والراتب فانوس سحري

أخبار سورية

السبت، ١٨ أغسطس ٢٠١٨

باسمة إسماعيل:
مَن يرى حركة الناس في الأسواق في العيد في محافظة اللاذقية وخاصة في مدينة جبلة وفي بقية المحافظات، يدرك أن الأمل والصمود لم يفارقا روح هذا الشعب الأسطورة، فعلى الرغم من أن الأحوال المعيشية والاقتصادية لم تتغير وإن طرأ تحسن في أسعار بعض المواد الأساسية والألبسة وغيرهما، لكن المواطن لم يشعر فيها في زحمة الالتزامات، فقد أشار أغلب مَن التقتهم «تشرين» من مواطنين وأصحاب محال والمعنيين بمتابعة الأسعار إلى أن هناك انخفاضاً بحدود 20 في المئة عن العام السابق، لكن المواطن لم يشعر بها لأنها إلى الآن لا تتناسب مع دخله.
حيث أشارت إيمان حاج عبيد أم لستة أطفال إلى أن الأسعار ما زالت مرتفعة مقارنة بدخل المواطن، فهي تدوّر الثياب بين أطفالها الأصغر يلبس للأكبر منه، لكن تبقى معاناتها في شراء الأحذية لأنها سريعة العطب، وأسعارها كاوية وتبحث عن أرخص الأسعار لكيلا تحرمهم فرحة العيد، وإن كان على حساب مصروف البيت، ووافقتها أم أحمد ووفاء الراعي بأن المواطنين لا يشترون إلا الضروري، وقالتا: ما يثير الاستهجان تفاوت الأسعار بين محل وآخر، والكل يعوله على اختلاف الجودة، بينما قال عبد الرحمن مصطفى: لقد نسينا في هذه الأزمة الكثير من طقوس العيد المحببة كشراء الثياب والحلويات، واقتصرت حالة العيد على معايدة الأهل، ورأى حيان الهوشي أن الأسعار إلى الآن غالية لا تتناسب مع الدخل، فأنا موظف وكذلك زوجتي ليس بمقدورنا شراء أي شيء إلا الضروري، ومن سنتين لم نشترِ أي قطعة ثياب أو أحذية، والحمد لله طفلتي عمرها سنتان لا تعي العيد كثيراً، لأن بهجة العيد للأطفال ولم تعد موجودة عند الأغلبية.
بينما أصحاب المحال قالوا: إن القوة الشرائية هذا العام أفضل من العام السابق، على الرغم من بقاء الشراء لأشياء ضرورية فقط، فصاحب محال غسان بيريص يرى أن البيع هذا العيد مقبول لأننا نقبل بالربح البسيط فمَن يتجه لهذا السوق إمكاناته محدودة، ويرى فرقاً في السعر مع المحال الأخرى الذي يقارب الضعفين.
وأشار صاحب محل ملبوسات إلى أن الأسعار انخفضت بنسبة 20 إلى 30 % عن العام الماضي، ونأمل انخفاضها أكثر والإقبال مقبول، ووافقه صاحب محل أحذية بنسبة انخفاض الأسعار، مبيناً أن سبب الفرق بالسعر, وهو لايتجاوز 30% , أن نوعية وجودة البضاعة في المحال تختلف عن السوق الشعبي.
في حين قال صاحب محل آخر إن هناك بعض أصحاب محال مازالت أسعارهم عالية على الرغم من انخفاض الأسعار بنسبة 15-20% لأنهم لا يقبلون بالربح القليل، لذلك نرى هذا التفاوت في الأسعار، وهذا التفاوت رأيناه أيضاً في محال الحلويات.
وللاستفسار عن القضايا التي طرحها المواطنون وأصحاب المحال التقت «تشرين» الدكتور فادي عياش باحث وخبير اقتصادي حيث قال: تأثرت القوة الشرائية لليرة السورية بعوامل عدة، أدت إلى تراجعها بشكل كبير منها العقوبات الاقتصادية وتدمير الطاقات الإنتاجية ومصادر الطاقة، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار نتيجة ارتفاع التكاليف وازدياد معدل التضخم بشكل كبير، مع تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار، بالإضافة إلى عوامل الاحتكار والانتهازية والجشع من البعض، ومن جانب آخر نجد الثبات النسبي للدخول (الرواتب والأجور) هذه العوامل مجتمعة ضغطت بشكل مؤثر في مستوى معيشة الأسرة السورية، وأدى إلى تغيرات كبيرة في عادات الشراء والاستهلاك، وإعادة ترتيب الأولويات فتراجعت الكماليات لحساب الأساسيات، فاحتل الغذاء الأولوية المطلقة ثم اللباس ومن بعده السكن، وبعض الخدمات الرئيسة كالتعليم والصحة والنقل وبالحدود الدنيا المتاحة، وأيضاً أثرت هذه الظروف في حركة الأسواق وطبيعة السلع والخدمات، فالهدف هو الأرخص وظهرت حالات الغش والتدليس وإحلال البالة محل الجديد، لكن في المقابل نشأت طبقة جديدة في المجتمع من مستفيدي الحرب، ما أدى إلى بعض السلوكيات الاستهلاكية التفاخرية والتي تشير إلى مؤشرات لا توحي بالواقع الفعلي . ورأى د. فادي أن الحلول تعتمد على الثبات النسبي لسعر الصرف مع محاولة تحسين سعر صرف الليرة، كلما تحسنت الظروف الأمنية ودعم عجلة الإنتاج المحلي وزيادة الإنتاجية، ما يؤدي إلى زيادة العرض الكلي مع محاولة تخفيض أسعار الطاقة، ولاسيما المازوت أو على الأقل توحيد سعره، ما يساهم في تخفيض التكاليف وبالتالي تثبيت الأسعار كمرحلة أولى ومن ثم تخفيضها، وعندها يمكن تقدير الزيادة المجدية في الدخول القادرة على تحسين القوة الشرائية لليرة السورية وبالتالي تحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
وأشار عياش إلى أن الواقع الاقتصادي الراهن الأفضل خلال فترة الحرب، بعدما انتقل الاقتصاد من مرحلة الصدمة في البدايات إلى مرحلة التأقلم، وحالياً بدأنا مرحلة التعافي الاقتصادي مع بوادر النصر الذي يحققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه، فنجد تراجعاً نسبياً لمعدلات التضخم وتراجعاً لبعض الأسعار ولو بنسب خجولة، يؤيد ذلك الثبات النسبي لسعر الصرف مع عودة 65% من الطاقات الإنتاجية للعمل، وإعادة ترميم الاحتياطيات النقدية مع تحسن الصادرات، وإعادة إنتاج النفط والغاز ما أدى إلى توافر المشتقات البترولية، واستقرار عام في وضع الكهرباء وهذا يساهم في ضغط التكاليف.