إدلب بين المعركة.. واللامعركة

إدلب بين المعركة.. واللامعركة

أخبار سورية

الأحد، ٥ أغسطس ٢٠١٨

بعد الانتهاء من الجنوب السوري الذي بات تحت سيطرة الدولة السورية بالكامل هو ومحيط العاصمة وغيرها من المناطق الحيوية، باتت العيون والاقلام وتسبقها البنادق تتجه نحو هدف واحد الا وهو ادلب ماذا عنها؟

خصوصا بعد أن باتت هذه المحافظة هي الملجأ لجميع المسلحين الرافضين للتسوية الذين باتوا يشكلون جيوشا وليس جيشا واحدا فيها.

بالبداية يجب ان نفكك الوضع في إدلب حتى نفهم ماهو الوضع فيها الان..

المتواجدون في إدلب ينقسمون الى ثلاثة اقسام:

الاول هم الارهابيون التابعون لجبهة النصرة والقاعدة من سوريين وعرب وأجانب، وهؤلاء لن يتم التفاوض معهم فعليا، وهم أيضا لن يفاوضوا حتى الرمق الاخير لانهم سوف يقاتلون حتى أخر فرصة أمل بالفوز، واذا ما وصلت الحلقوم قد نرى طائرات مروحية “مجهولة” تقوم بنقلهم من سوريا الى دولة أخرى ولا نستبعد ان تكون ميانمار او دولة أخرى أسيوية كما حدث مع “داعش” في الرقة ودير الزور.

اما القسم الثاني فهم المسلحون الذين اتوا من المحافظات السورية الى ادلب من أحرار الشام وجيش الاسلام وأجناد الاقصى والجيش الحر وغيرها من المسميات وهؤلاء تحديدا قد صدموا فعليا بإدلب وما وجدوه فيها، لان هذه المحافظة قد أستقبلت اعدادا اكبر من طاقتها، هذا من هذه الناحية، ومن ناحية اخرى من يرى التركيبة السكانية لسوريا خصوصا في فترة ما قبل الحرب يستنتج أنه من المستحيل أن تعيش كل هذه المكونات في منطقة واحدة خصوصا في ظل المنافسة بين أبناء المحافظات وهي أمور كانت شائعة من قبل الحرب، ولهذا السبب نرى المعارك تدور بشكل يومي بين المسلحين ونرى أيضا عودة المئات منهم الى حواجز الدولة السورية لكي يقوموا بعمليات التسوية والعودة الى منازلهم.

اما القسم الثالث هم أبناء ادلب البعيدون عن النصرة وتوابعها لأنهم سئموا من ممارساتها ضدهم، خصوصا مع قدوم المسلحين الاجانب من (أوزباك، والإيغور) وغيرهم الذين أخذوا قرى بأكملها وأفرغوها من أهلها، لذلك رأينا خلال الفترة الماضية تظاهرات عدة خرجت في مناطق كبرى بمحافظة إدلب تطالب بدخول الجيش السوري.

الان نأتي الى السؤال الرئيسي هل هناك معركة في ادلب؟

الجواب بعد تفكيك معادلة المحافظة يكون نعم هناك معركة ولكن محدودة ضد مفاصل معينة، اي أنها ستكون ضد القسم الاول الا وهو الارهابيين، وهو ما سيدفع القسم الثاني من المسلحين غير النصرة للانضمام للمصالحة، بضغط من القسم الثالث وهو العامل الشعبي. وهذه المعركة ستكون بالرغم من التصريحات الروسية التي أكدت الا معركة في إدلب، لان المواجهة لن تكون شاملة على مساحة المحافظة ككل، وهو ما دفع موسكو لتطلب ممن أسمتهم بالمعارضة المسلحة بالتخلص من النصرة وتوابعها.

عملية إستعادة الشمال السوري لن تكون سهلة لكنها لن تكون أصعب من عملية الجنوب، خصوصا مع التغيرات الجديدة في تركيا وتصريحات الرئيس رجب طيب اردوغان، التي ادلى بها بعد تنصيبه رئيسا مطلقا لبلاده، فقد أكد انه سيسعى لسياسة صفر مشاكل مع دول الجوار وهي السياسة التي نجح بها قبل عام 2011. إضافة الى أن أنقرة ترغب بإعادة تفعيل الخط البري عبر سوريا الى دول الخليج الفارسي وتصدير بضائعها الى تلك الدول الغنية، وإغلاق هذا الطريق اثر اقتصاديا بشكل كبير على أنقرة، وإعادة تفعيله سيدر أموالا كثيرة عليها خصوصا في هذا الوقت.

وهذه الامور قد تجعل الرئيس التركي يتعامل بطريقة براغماتية أكبر مع سوريا والقيادة في دمشق، ولا يستبعد حدوث لقاء على مستويات عليا بين البلدين بدولة حليفة لهما لترتيبات الوضع في الشمال السوري، بطريقة تضمن أمن البلدين وتحفظ استقلال ووحدة الاراضي السورية.

الشمال السوري بات على مفترق طرق ومستقبل المنطقة سيرسم من هناك.