وزيرة الدولة لشؤون البيئة في لقاء خاص للأزمنة

وزيرة الدولة لشؤون البيئة في لقاء خاص للأزمنة

نجم الأسبوع

الأحد، ١٨ أكتوبر ٢٠٠٩

 

 

البيئة لفظة شائعة الاستخدام يرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها وبين مستخدمها فنقول:- البيئة الزرعية، والبيئة الصناعية، والبيئة الصحية، والبيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية، والسياسية.. ويعنى ذلك علاقة النشاطات البشرية المتعلقة بهذه المجالات، ويتفق العلماء في الوقت الحاضر على أن مفهوم البيئة يشمل جميع الظروف والعوامل الخارجية التي تعيش فيها الكائنات الحية وتؤثر في العمليات التي تقوم بها. فالبيئة بالنسبة للإنسان- "الإطار الذي يعيش فيه والذي يحتوي على التربة والماء والهواء وما يتضمنه كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة من مكونات جمادية، وكائنات تنبض بالحياة. وما يسود هذا الإطار من مظاهر شتى من طقس ومناخ ورياح وأمطار وجاذبية ومغناطيسية.. الخ ومن علاقات متبادلة بين هذه العناصر. هذه العناصر بدأت تظهر عليها العديد من الاختراقات في بلدنا، اختراقات دفعت المراقبين للتساؤل عن أسبابها، لكن الأزمنة حاولت التماس أجوبة لهذه الاستفسارات في الحوار التالي مع الدكتورة كوكب الداية وزيرة الدولة لشؤون البيئة.

 

 

*هل كان لاندماج وزارة البيئة مع الإدارة المحلية أثر سلبي على الوضع البيئي وكيف تقرئين إعادة الفصل بينهما.

 

- لا يمكننا أن نقول: إن اندماج وزارة البيئة مع وزارة الإدارة المحلية هو السبب في تفاقم المشاكل البيئية ولكننا نؤكد بأن المهام الموكلة لوزارة الإدارة المحلية كبيرة لدرجة لا يمكن معها أن تضطلع بقوة بالمهام التي يفرضها التدهور البيئي أو التي تتخذ للتصدي لذلك.

وإن لصدور مرسوم إحداث وزارة الدولة لشؤون البيئة أهمية كبرى مما يؤكد أولاً على الاهتمام بالمواطن وحياته وصحته وكذلك على مواكبة الاهتمام العالمي بأمور البيئة وخاصة التدهور الحاصل عالمياً بأسباب متعددة ومنها التغيرات المناخية ونقص الأمطار وزيادة التصحر والتلوث بكافة أشكاله، إضافة إلى أن وجود وزارة مستقلة تعنى بأمور البيئة سينعكس إيجاباً على البيئة نظراً للاهتمام والتفرغ للموضوع ومنه إجراء الدراسات البيئية وتطوير المعايير ومواءمتها مع المعايير العالمية وتعديل القوانين الحالية وإصدار التعليمات التي تساهم في التخفيف من التلوث، وبالتالي تحسين الوضع البيئي بالتنسيق مع كافة الجهات ذات الصلة.

 

*هل دور الوزارة على المنشآت الصناعية رقابي فقط؟

 

- لقد نص القانون 50 لعام 2002 والذي يتضمن في المادة 34 منه على أن تعطى المنشآت والأنشطة القائمة بتاريخ صدور هذا القانون مهلة سنة واحدة بدءاً من تاريخ إنذارها لتوفيق أوضاعها مع أحكام هذا القانون، ويجوز لمجلس حماية البيئة تمديد هذه المهلة سنتين إضافيتين كحد أقصى لأي من هذه المنشآت والأنشطة بناءً على طلبها ولأسباب معللة.

وبناءً عليه فقد صدر الإنذار في الجريدة الرسمية في الشهر التاسع لعام 2004 وفي بداية عام 2006 تمت المباشرة بتنفيذ القانون من خلال جولات تفتيشية على مستوى القطاعات الصناعية مثل قطاع البتروكيماويات وخاصة المخالف منها وقد تم إلزام المعامل والمنشآت الصناعية والمنشآت الأخرى بإنشاء محطات معالجة مخالفتها ضمن شروط المواصفة القياسية وإعطائها مدة سنة واحدة.

كما وضعت آلية مراقبة صارمة لتطبيق القوانين والتشريعات المتعلقة بمنع تلوث المياه العامة من قبل الجهات المعنية وخاصة القانون رقم 50 لعام 2002 والقانون 31 لعام 2005 والقانون 49 لعام 2004 وغيرها من القوانين المتعلقة بحماية البيئة والموارد المائية من التلوث، والتشدد في محاسبة المخالفين والمقصرين في تطبيق هذه القوانين، وعليه تم إعطاء مهلة سنة واحدة للمنشآت التي باشرت بتوفيق أوضاعها مع أحكام القانون 50 والتوجيه لأصحاب المنشآت التي يتوجب عليهم إقامة محطات معالجة للمياه الصناعية لمنشآتهم قبل صرفها تنفيذ هذه المحطات خلال سنة من تاريخه، وقد باشرت المحافظات بتنفيذ القانون من خلال إجراءات نظامية حيث يقوم المفتش البيئي بقطف العينات بالتعاون مع مديريات الموارد المائية وبحضور ممثل عن المنشأة الصناعية وإحالة المخالفين إلى القضاء حسب أحكام مواد القانون رقم 50 لعام 2002، ويمكن أن نذكر بعض منشآت القطاع العام والتي تم إحالتها إلى القضاء لمخالفتها لأحكام القانون 50 مثل معمل السماد الآزوتي بحمص والمصفاة- معمل خميرة في ريف دمشق والمجابل الإسفلتية وغيرها، إضافة إلى العديد من منشآت القطاع الخاص والتي تم إصدار قرارات الإغلاق بحقها وإحالة بعضها إلى القضاء لاستمرار وجود المخالفة لديها، حيث يتم الإغلاق حسب المادة 13 من المرسوم 2680 إذا وصل التلوث إلى الحالة الحرجة لأي تجاوز كبير للمواصفة المسموحة.

وأخيراً فإن هدفنا ليس فرض الغرامات وإغلاق المنشآت وإنما هدفنا هو حماية البيئة والموارد الطبيعية المتبقية بما يحقق مفهوم التنمية المستدامة والتي هي مسؤولية مشتركة لا تخص قطاع محدد أو سلطة محددة، وإنما يجب أن تتضافر كافة الجهود لحماية البيئة والإنسان في وطننا الغالي.

 

*تقوم الوزارة حالياً بالحملة الوطنية (لا لأكياس البلاستيك) هل هناك من عوائق تقف أمامكم في تنفيذ هذه الحملة، وهل هي أولوية في وقت توجد فيه الكثير من المشاكل البيئية الشائكة؟

 

 

- إن الحملة الوطنية لا لأكياس البلاستيك هي في الحقيقة نشاط وفعالية من الأنشطة والفعاليات والمشاريع التي تنفذها وزارة الدولة لشؤون البيئة والتي تعتمد على تكامل جهود جميع الجهات المعنية الحكومية والمنظمات الشعبية والاتحادات والنقابات المهنية والجمعيات البيئية الأهلية.

حيث إن العمل من أجل البيئة تكاملي ومستمر وإن هذه الحملة تتناول مشكلة الأكياس البلاستيكية؛ التي باتت تضغط على البيئة وتسبب آثاراً بيئية وصحية تنعكس سلباً على الإنسان أولاً وباقي الكائنات الحية ثانياً، وهذا ما تؤكد عليه الدراسات العلمية الموثقة التي تناولت هذه المشكلة.

وإن المشروع الذي ينفذ من خلال هذه الحملة يسير بالتوازي مع المشاريع وبرامج العمل التنفيذية التي تقوم بها الوزارة والتي تتناول المشكلات الأخرى ومنها حماية الموارد الطبيعية والمكونات المختلفة للنظام البيئي وجميعها تسعى لتحقيق الإصحاح البيئي (صحة البيئة)، ويمكن من خلالها توفير حياة أفضل للمواطنين في بيئة سليمة.

 

 

*ما المشاريع البيئية الحالية والمستقبلية بين الوزارة ووكالة جايكا اليابانية؟

 

- يتم حالياً تنفيذ مشروع تطوير قدرات المراقبة البيئية- المرحلة الثانية- بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا)، ويهدف هذا المشروع إلى تطوير قدرات المراقبة البيئة في مديريات شؤون البيئة في سورية وقد استمرت المرحلة الأولى منه من كانون الأول لعام 2004 وحتى كانون الثاني 2007 من خلالها تم إنشاء 14 مخبراً لقياس ومراقبة مؤشرات تلوث المياه الأساسية في 14 محافظة وتقديم تجهيزات لدراسة خصائص الهواء في ثلاث محافظات دمشق- حلب- حمص، كما تم إنشاء مخبر مركزي في مديرية شؤون البيئة بدمشق.

 

*هناك الكثير من الأراضي الزراعية التي تروى بمياه الصرف الصحي، كيف تقوم الوزارة ومديرياتها بحل هذه المشكلة؟

 

- في حال وجود أراضٍ زراعية مروية بمياه الصرف الصحي تتم مخاطبة مديريات الزراعة لتنفيذ قرار وزير الزراعة رقم 2823 تاريخ 29/8/1990 القاضي بإتلاف الخضراوات المروية بمياه الصرف الصحي وتتم مراسلة البلديات لقمع التعديات على خطوط الصرف الصحي.

 

*هناك تلوث بيئي في بعض الأماكن السياحية وخاصة الشواطئ وفي الأنهار والبحيرات، أين دور الوزارة الرقابي، وهل تقومون بإعداد الدراسات اللازمة حول ذلك؟

 

- لا يوجد للوزارة دور رقابي على هذه الأماكن نظراً لعدم توفر شبكات رصد بيئي (هواء، ماء، تربة) حتى الآن، ولكن تتحرك الوزارة نتيجة وجود شكوى أو وصول كتب من وزارات أخرى عن وجود مشكلة ما، وتقوم الوزارة بالتنسيق ومراسلة الجهات المعنية لحل هذه المشكلة، وفي حالة كان التلوث ناتجاً عن منشأة صناعية يتم اتخاذ الإجراءات وفق القانون 50 لعام 2002.

 

*ماذا عن التلوث الذي تحدثه وسائط النقل وهل ثمة تنسيق مع وزارة النقل للحد من هذه المشكلة، وما هي المعاير المعتمدة بالنسبة للتلوث؟

 

 

- تشير نتائج المراقبة المحدودة التي أجريت في المدن الكبرى إلى تدني نوعية الهواء حيث تزيد قيم الانبعاثات في بعض المناطق عن الحدود المسموح بها في المعايير السورية لنوعية الهواء.

والتراجع في نوعية الهواء في معظم المناطق الحضرية ناتج عن:

- الإصدارات الناتجة عن حركة النقل والمرور في المدن الكبرى.

- التلوث الناتج عن الصناعة وحرق النفايات الصلبة والتصحر في بعض المحافظات، هذا وقد حدد قانون البيئة رقم 50 لعام 2002 وتعليماته التنفيذية:

- المعايير الوطنية لجودة الهواء.

- الحدود القصوى المسموح بها لمؤشرات تلوث الهواء عند المصدر.

أما حول التنسيق مع وزارة النقل للحد من هذه المشكلة، فقد شكلت لجنة مشتركة بين وزارة الدولة لشؤون البيئة ووزارة النقل ووزارة النفط بالقرار رقم 360/ت تاريخ 16/8/2009 الصادر عن وزارة الدولة لشؤون البيئة الذي وضح به مهام اللجنة، وهي كالتالي:

- دراسة المعايير الواجب تطبيقها على السيارات الموجودة في السوق السورية ومعايير استيراد المركبات ودراسة معايير الانبعاثات الصادرة عن المركبات والواجب تطبيقها في مسارب الفحص الفني.

- دراسة جدوى استخدام الحفازات وأداءها من خلال مراجعة الدراسة المعدة في وزارة الدولة لشؤون البيئة حول الحفازات.

- دراسة نوعية الوقود المتاحة في سورية وخطة وزارة النفط المستقبلية ووضع تصور وخطة زمنية لتحسين وضع الانبعاثات الصادرة عن المركبات.

- وقد تم تشكيل هذه اللجنة بعد إجراء دراسة عن تلوث هواء دمشق أجريت في الوزارة مؤخراً ورفعت مع المقترحات إلى رئاسة مجلس الوزراء، كما جرت مراسلات مع كافة الجهات ذات العلاقة، وتم بحث موضوع في اجتماع لجنة الخدمات وكان التنسيق مع وزارة النقل ووزارة النفط لوضع الإجراءات الكفيلة بالحد من تلوث الهواء في دمشق وكافة مدن سورية.

ويتم حالياً في الوزارة تحديث كافة المعايير والمواصفات لمواءمتها مع المواصفات الأوروبية في سبيل الحد من التدهور البيئي بكافة أشكاله.

 

*ما صلاحيات الوزارة في اتخاذ القرارات القطعية تجاه المنشآت المخالفة بيئياً؟

 

 

- إن صلاحيات الوزارة تتمثل من خلال تطبيقها لبنود القانون رقم 50 الصادر عن السيد رئيس الجمهورية الخاص بحماية البيئة.

إن المواد 24-25-26 تحدد العقوبات المالية المترتبة على كل من يلوث البيئة بالماء والهواء والتربة والأحياء النباتية والحيوانية والبيئية البحرية، وذلك من خلال فرض غرامات تتراوح من مئة ألف ليرة إلى مليوني ليرة سورية على صاحب المنشآت ذات النشاط الصناعي أو الاقتصادي أو السياحي أو المسؤول عن إدارتها، وتضاعف العقوبة في حال التكرار للمرة الثانية، وبعقوبة الحبس من شهرين إلى سنتين في حال التكرار للمرة الثالثة.

أيضاً يعاقب بالغرامة من عشرة آلاف ليرة سورية إلى خمسين ألف ليرة سورية في حال الضجيج الصادر عن المنشآت أعلى من الحد المسموح به بيئياً ومخالفاً للمواصفات المسموحة.

أما المادة 29 منه فهي للتعويض عن الضرر الذي سببه الآخرون للبيئة أو للأحياء بفعلهم أو بفعل الغير التابعين لهم، وإن الهدف الأساسي من تطبيق هذه المادة والبنود الأخرى للقانون هو المحافظة على صحة وسلامة المواطنين.

 

*ما الإجراءات المتخذة بحق معاصر الزيتون وما تتركه من تلوث للمياه الجوفية؟

 

تم إصدار قرارات ناظمة للاشتراطات البيئية الخاصة بمنح الموافقة البيئية لمعاصر الزيتون وكذلك الخاصة بآلية تجميع وتوزيع مياه عصر الزيتون على الأراضي الزراعية، وبالتالي يتم قبل كل موسم عصر زيتون سنوياً عقد اجتماعات في المحافظات برعاية المحافظة وبحضور مديرية البيئة ومديرية الزراعة والخدمات الفنية ومديرية الري في المحافظة، ويتم تحديد مسؤولية كل جهة عن تنفيذ القرارات المذكورة واعتماد آليات لتنفيذها، وتتم الرقابة بشكل يومي من قبل مديريات البيئة والزراعة في المحافظات ولمدة ثلاثة أشهر (طيلة الموسم) وأي منشأة تخالف يتم إغلاقها.

 

*هل تتوفر في الوزارة المخابر التقنية اللازمة والمؤهلة لاختبارات التلوث؟

 

- هناك المخابر المركزية وهي مجهزة بأفضل التقنيات والتجهيزات والفنيين وهي تجري التحاليل المتطورة لدراسة وتقييم الوضع البيئي ودراسة ورصد التلوث في المياه والهواء والتربة والنبات، وإن دراسات تلوث هواء دمشق وكذلك تلوث القنوات المكشوفة في دمشق التي تمت في الوزارة مؤخراً تمت من قبل الفنيين في هذه المخابر، وهناك دراسات تتم حالياً لدراسة ورصد تلوث نهر العاصي تمهيداً لوضع واقتراح الحلول.

حوار: علي عبد اللـه الأحمد