مي زيادة

مي زيادة

نجم الأسبوع

الاثنين، ١١ أغسطس ٢٠١٤

هي ماري إلياس زيادة، فلسطينيةٌ، وُلدت في الناصرة عام 1886 م. وهي ابنةٌ وحيدةٌ من أهل كسروان، لأب من لبنان وأمّ سورية الأصل فلسطينية المولد..
تلقّت الطفلة دراستها الابتدائية في لبنان. وفي العام 1907, انتقلت ميّ مع أسرتها للإقامة في القاهرة. وهناك, عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنكليزية, وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت ذاته, عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها. وفيما بعد, تابعت ميّ دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة.
محطّات:
في القاهرة, خالطت ميّ الكتّاب والصحفيين, وأخذ نجمُها يتألّق كاتبة مقال اجتماعي وأدبي ونقدي, وباحثة وخطيبة. وأسسّت ميّ ندوةً أسبوعيةً عُرفت باسم (ندوة الثلاثاء), جمعت فيها - لعشرين عامًا - صفوةً من كتّاب العصر وشعرائه, كان من أبرزهم: أحمد لطفي السيد, مصطفى عبدا لرازق, عبّاس العقّاد, طه حسين, شبلي شميل, يعقوب صروف, أنطون الجميل, مصطفى صادق الرافعي, خليل مطران, إسماعيل صبري, و أحمد شوقي. وقد أحبّ أغلب هؤلاء الأعلام ميّ حبًّا روحيًّا ألهم بعضَهم روائعَ من كتاباته. أمّا قلب ميّ زيادة, فقد ظلّ مأخوذًا طوالَ حياتها بجبران خليل جبران وحدَه, برغم أنّهما لم يلتقيا ولو لمرّة واحدة. ودامت المراسلات بينهما لعشرين عامًا: من 1911 وحتّى وفاة جبران بنيويورك عام 1931.
ولعلّ رسائلَ ميّ زيادة وأعلام عصرها أبلغ شاهد على الأدب الرفيع الذي امتاز به عصر النهضة، وعلى تألّق ميّ زيادة الفكري والأدبي، ومنزلتها الرفيعة في الأوساط الأدبية والاجتماعية والشعبية. إذ كانت ميّ الأديبة الرائدة التي واكبت النهضة وأسهمت فيها بما قدّمت من روائع الآثار وجليل المواقف والخدمات
- نشرت ميّ مقالات وأبحاثًا في كبريات الصحف والمجلات المصرية, مثل: (المقطم), (الأهرام), (الزهور), (المحروسة), (الهلال), و(المقتطف). أمّا الكتب, فقد كان باكورة إنتاجها العام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية و أوّل أعمالها بالفرنسية اسمُها أزاهير حُلم ظهرت عام 1911 و كانت توقّع باسم إيزس كوبيا, ثم صدرت لها ثلاثُ روايات نقلتها إلى العربية من اللغات الألمانية والفرنسية والإنكليزية. وفيما بعد صدر لها: (باحثة
البادية) (1920), (كلمات وإشارات) (1922), (المساواة) (1923), (ظلمات وأشعة) (1923), ( بين الجزر والمد ) ( 1924), و(الصحائف) (1924). وفى أعقاب رحيل والديها ووفاة جبران تعرّضت ميّ زيادة لمحنة عام 1938, إذ حيكت ضدّها مؤامرة دنيئة, وأوقعت إحدى المحاكم عليها الحجْر, وأودعت مصحّة الأمراض العقلية ببيروت. وهبّ المفكّر اللبناني أمين الريحاني وشخصيّات عربية كبيرة إلى إنقاذها, ورفع الحجْر عنها.
- سافرت في عام 1932 إلى إنجلترا أملاً في أن تغيير المكان والجوّ الذي تعيش فيه ربّما يخفّف قليلاً من آلامها .. لكن حتّى السفر لم يكن الدواء .. فقد عادت إلى مصر ثم سافرت مرّة ثانية إلى إيطاليا لتتابع محاضرات في جامعة بروجية عن آثار اللغة الإيطالية .. ثم عادت إلى مصر .. وبعدها بقليل سافرت مرّة أخرى إلى روما ثم عادت إلى مصر حيث استسلمت لأحزانها .. ورفعت الراية البيضاء لتعلن أنّها في حالة نفسية صعبة .. وأنّها في حاجة إلى من يقف جانبها ويسندها حتّى تتماسك من جديد
توفّيت مي في القاهرة في 17 /10/ 1941 م
آراؤها:
أعطت ميّ زيادة الزواج مفهوم آخر جديد هو العبودية كما قالت في كتابها:
"يرمز المصوّرون إلى العبودية برسم رجل بائس رسفَ في قيوده ولو انصفوا ما كان غير المرأة رمزاً. الرجل عبد مرّة وهي عبدت مرّات. قيمة الرجل في استقلاله وطموحه المرأة إن هي أبدت ميلاً إلى الانعتاق من الأوهام القديمة والعادات المتحجّرة نظر إليها كفردٍ شاذٍّ أو كخيالٍ في دوائر الرؤيا. لأنَّهم اعتادوا استعبادها ليس بالجور والتعذيب بل باللّطف والتدليل والتحبّب، وهؤلاء هنّ اللواتي بعد أن يشترين بالمال والحلي والتملّق وقد يعنى سكوتهن قبولاً ينير العبودية والرضى عنه".
كانت ميّ تؤيد المرأة وتطالب بحقوقها، فقد انضمت إلى الحركة النسائية التي كانت ترأسها هدى شعراوي، وكذلك اشتركت في الاجتماعات التي كانت تعقدها في الجامعة المصرية القديمة. وكتبت ميّ عن شهيرات النساء في عصرها مثل باحثة البادية وعائشة التيمورية. وطالبت بإنصاف المرأة؛ إلى جانب ذلك طالبت المرأة أن تتحرّ، على أن لا تخرج عن حدود المعقول والمقبول، بل يكون تحررها على أساس العلم والتحفظ. وترى ميّ أن يكون موقف المرأة من الرجل، والرجل من المرأة موقف انسجام مع الطبيعة والنفسيّة، في غير تطرف ولا تفريط.
عالجت ميّ زيادة موضوع الحكم في كتابها "المساواة" نثرت آراءها هنا وهناك من شتّى أبحاثها. ودعماَ لموقفها في كتابها فقد استعرضت الأنواع المختلفة من التيارات والنظريات مثل الطبقيّة والأرستقراطية والعبودية وغيرها. فمثلاَ عن العبودية والرّق استعرضت مراحلها عبر التاريخ، وبيّنت العوامل التي عملت على إلغاء ضروب العبوديّة وتدعيم قواعد التحرير؛ وهي ترى أنّ هذه العبودية ما زالت تلاحق الإنسانية بصورٍ مختلفة وأساليب شتّى
ما قيل عنها:
قالت السيّدة هُدى شعراوي في حفل تأبين ميّ: "كانت مي المثلَ الأعلى للفتاة الشرقية المثقّفة".
- وقال فيها شيخ فلاسفة العرب في العصر الحديث مصطفى عبد الرازق :" أديبة جيل، كتبت في الجرائد والمجلّات، وألّفت الكتب والرسائل، وألقت الخطب والمحاضرات، وجاش صدرها بالشعر أحياناً، وكانت نصيرة ممتازة للأدب تعقد للأدباء في دارها مجلساً أسبوعياً، لا لغوَ فيه ولا تأثيم ولكن حديث مفيد وسمرٌ حُلوٌ وحوارٌ تتبادل فيه الآراء في غير جدلٍ ولا مراء".
- أمّا الشاعر شفيق المعلوف شقيق شاعر الطيّارة فوزي المعلوف فقد قال عن الآنسة مي :
بنت الجبــــــال ربيبة الهرم
هيهات يجهلُ اسمَها حيّ
لم نلقَ ســــحراً سال من قلم
إلّا هـــتفنــا هــذه مــــيّ
- قالت جوليا دمشقيّة: "لم أرَ في حياتي خطيباَ اشرأبّت إليه الأعناق، وشخصت إليه الأحداق كميّ، فكانت، وهي تخطب، كأنَّ أجفان سامعيها مشدودة إليها بالأهداب، وما ذلك إلا لأنّه اجتمع في الخطيبة أهم مقومات الخطابة".
مؤلفاتها:
(باحثة البادية 1920)، (كلمات وإشارات 1922)، (المساواة 1923)، (ظلمات وأشعة 1923)، ( بين الجزر والمدّ 1924)، (الصحائف 1924)، (سوانح فتاة)، (كلمات وإشارات)، (نعم ديوان الحب). (ردّ مع الاستدلال )
كُتب عنها:
- ميّ في حياتها المضطربة" لجميل جبر
- حياة ميّ" لمحمد عبد الغني حسن
- محاضرات عن ميّ مع رائدات النهضة النسائية الحديثة ، للدكتور منصور فهمي.
اقتباسات:
- "يحزنني الربيع، يحزنني أن أرى مواكبه الجميلة تسير في الفضاء فلا يراها البشر إلّا من قوى ضيقة نقبت في الجدران الحديدية".
- "لو أبدلنا المرأة بالرجل وعاملناه بمثل ما عاملها فحرمناه النور والحرية دهوراً, فأي صورة هزلية يا ترى تبقى لنا من ذيّاك الصنديد المغوار؟"
- "الإخاء! لو كان لي ألف لسان لما عييتُ من ترديد هذه الكلمة التي تغذت بها الضمائر الحرة, وانفتحت لها قلوب المخلصين. هي أبدع كلمة وجدت في معاجم اللغات, وأعذب لفظة تحركت بها شفاه البشر. هو اللِّين والرفق والسماح, كما أنّه الحِلم والحكمة والسلام. لو كان لي ألف لسان لظللت أنادي بها (الإخاء! الإخاء!) حتّى تجبرَ القلوب الكسيرة, حتّى تجفّ الدموع في العيون الباكية, حتّى يصير الذليل عزيزًا, حتّى يختلط رنين الأجراس بنغمات المؤذّنين, فتصعد نحو الآفاق أصوات الحبّ الأخويّ الدائم".