إسمنت عدرا

إسمنت عدرا".. بين الطويل والقصير... وتوضيحات المدير

نجم الأسبوع

الجمعة، ٢٥ مايو ٢٠١٢

صناعة الإسمنت من الصناعات التي بدأت في القطر منذ أكثر من سبعين عاماً وتطورت خلالها الطاقات الإنتاجية بشكل كبير بلغت حدود 5.8 ملايين طن سنوياً، ومن المعروف أن الطلب يتزايد على هذه المادة عاماً بعد عام، وأصبح لا يغيب على أحد حجم وعدد الأبنية التي شُيدت خلال الأزمة الراهنة التي تمر على القطر والتي أدت بشكل متوازٍ إلى زيادة الطلب على مادة الإسمنت، إذ فاق عدد المباني المشيدة أكثر من 600 ألف مبنى وبالتالي فإن العوامل السابقة جعلت من أسعار الإسمنت تتأرجح ارتفاعاً وانخفاضاً إذ يبلغ سعر الطن حالياً 7200 ليرة سورية في حين كان بحدود 5800 ليرة سورية، ونحن في كلماتنا التالية لن نتحدث عن صناعة الإسمنت في القطر على الرغم من أهمية هذه الصناعة ولكن ما أثار قضية الإسمنت حالياً هي مسألة في غاية الأهمية والخطورة معاً، إذ وردت إلينا العديد من الشكاوى حيال قضية جودة الإسمنت المنتج في معمل إسمنت عدرا وإنه لا يؤدي الوظيفة المطلوبة منه من حيث متانته، عدا عن قضية المخصصات التي توزع على مجابل البيتون وإن هذه المخصصات أخذت بالتناقص تدريجياً والانقطاع في الكثير من الأحيان بحجة تعطل خطوط الإنتاج في المعمل، كما أوردت شكاوى أخرى أن بعض المجابل تحصل على مخصصاتها دون أي نقص، بمعنى آخر فإن الشكاوى تضعنا ضمن نتيجة مفادها أنه يوجد محسوبية في توزيع المخصصات بين مجبل وآخر وشركة مقاولات وأخرى، وخاصة أن أغلبية الطلب على مادة الإسمنت أصبحت تتجه إلى معمل إسمنت عدرا وذلك بعد قلة الكميات الواردة من الشركات والمعامل المتواجدة في المحافظات الأخرى نتيجة الأوضاع الأمنية الصعبة التي تعانيها الطرق الواصلة بين المحافظات، ولكي نكون أكثر موضوعية وشفافية التقينا مع العديد من الأطراف للوقوف على حقيقة الأمر.
مدير مؤسسة الأمة: التوزيع يتم حسب " الطويل والقصير " ولكل نصيب حسب قياسه..
وللتأكد من الشكاوى السابقة توجهنا إلى نقابة المقاولين والإنشاءات والتقينا نظمت عباس مدير مؤسسة الأمة للتجارة والتعهدات الذي أوضح أن نوعية الإسمنت المستجرة من معامل عدرا جيدة وهذا مثبت عبر التحاليل المخبرية للمادة المنتجة وللعمل المنفذ بها عبر تاريخ عملنا والذي يمتد على عقدين من الزمن حيث لم نشهد أي مشكلة تتعلق بصناعة مادة الإسمنت.
وبالنسبة لتوزيع المخصصات قال عباس: التوزيع في الأوقات العادية لا يواجه أي مشكلة، أما في أوقات الأزمة فيكون التوزيع حسب "الطويل والقصير" ولكل نصيب حسب قياسه، وهذه الحالة ليست بجديدة ويمتد تاريخها بقدم هذا المنتج الهام، ومن خلال تعاملنا مع المجابل الخاصة وتنفيذ مادة البيتون تأكدنا في الآونة الأخيرة أن أزمة الإسمنت لها بصمتها على الطبيعة وتتحكم إلى حد كبير في سوق العمل خاصة بعد ارتفاع سعر الإسمنت الذي تجاوز 1400 ليرة للطن الواحد، حيث كان سعر الطن الواحد من الإسمنت 5874 ليرة في حين أصبح الآن 7200 ليرة سورية، وهذه الأسعار هي أسعار مؤسسة عمران، أما في السوق غير البيضاء "السوداء" فإن سعره يتراوح ما بين 10 آلاف ليرة و10500 ليرة مما انعكس ذلك على الأسعار التنفيذية بنسبة تتراوح ما بين 6 و11% حسب مصدر التسوق.
وختم عباس قائلاً: من الأحلام التي تراودني منذ عشرين عاماً أن نصل إلى يوم نرى فيه سوقاً واحداً بدون ألوان، خالياً من المستغِلّين "بكسر الغين" بين الفينة والأخرى لما لذلك من آثار سلبية على المجتمع، لاسيما أن هذه المادة تعتبر حاجة شبه عامة يجب الحصول عليها دون عناء كما يجب التخطيط لمنع الاختناقات التي تفتك نتائجها بآمال الناس.
محمد خير سريول: لا يوجد خلل في التوزيع والمعمل يمتلك قدرات هائلة ولكن..!
بالمقابل أوضح محمد خير سريول صاحب شركة الخير للمقاولات والتجارة ورئيس الرقابة والتحقيق في نقابة مقاولين الإنشاءات في سورية أن نوعية الإسمنت المستدرجة من معمل عدرا ذو مقاومة عالية جداً متمنياً أن يكون لون الإسمنت أسود بدلاً من اللون الأحمر ومشيراً إلى أن عملية توزيع المخصصات لا تشهد خللاً وأنه كصاحب مجبل بيتون لم يرَ أيّ شيء يشير إلى وجود خلل في التوزيع.
ورأى سريول أن معمل إسمنت عدرا يمتلك قدرات فنية ومالية وبشرية كبيرة ولكن هذه القدرات مقيدة نتيجة عدة أسباب منها تعدد الجهات المشرفة عليه من النقابة ومجلس الإدارة والرقابة الداخلية وبعض الجهات الرقابية الأخرى ومؤسسة الإسمنت ووزارة الصناعة، وهذا الأمر جعل من الطاقات الإنتاجية تعمل بشكل محدود عدا عن الروتين والأنظمة والقوانين المكبلة لعمل المعمل مثل قانون العقود، مؤكداً على إنه في حال تم إطلاق يد المعمل فإنه سيغلب القطاع الخاص من حيث المنافسة كون الأشخاص القائمين عليه يتمتعون بخبرة كبيرة في عملهم.
مدير معمل إسمنت عدرا: التوزيع لا يتم إلا على المجابل المرخصة أصولاً..
وبعد أن سمعنا ما تقدم توجهنا إلى المؤسسة العامة للإسمنت لمعرفة وجهة نظرهم حيال هذه القضية والتقينا مدير المؤسسة المهندس إبراهيم عباس الذي كان في غاية الشفافية والمصداقية إذ رفض التحدث بالنيابة عن معمل إسمنت عدرا وذلك لكي لا يدافع عن أحد إن كان مخطئاً لذا رأى أن تكون الإجابة من قبل مدير المعمل كون الشكاوى تتعلق بالمعمل بشكل مباشر، وبدورنا أجرينا اتصالاً هاتفياً مع مدير معمل إسمنت عدرا جهاد عبد الغني للاستفسار عن الشكاوى الواردة إلينا وبدوره أوضح أن عملية توزيع المخصصات تتم على المجابل المرخصة فقط وذلك وفق كتاب موجّه من مدير المؤسسة العامة للإسمنت بتاريخ 17/5/2012 ويتضمن الكتاب التقييد لدى البيع المباشر للإسمنت الفرط وأن يكون حصراً للمجابل المرخصة أصولاً وعلى أن تكون الرخصة سارية المفعول بتاريخ البيع، أما بالنسبة لانخفاض نسبة الطاقة الإنتاجية لمعمل إسمنت عدرا فقد أوضح عبد الغني أن السبب يعود لتركيب الفلاتر الحديثة للمعمل منعاً من إحداث تلوث بيئي في المنطقة الأمر الذي أثّر على إنتاجية الخطوط من خلال اختلاف درجات الحرارة واختلاف تكنولوجية الخط، مشيراً إلى إنه يتم حالياً مناقشة عرض مع شركة مصرية خبيرة لمعالجة الخلل في الخطوط وبالتالي ستعود إنتاجية الخطوط إلى ما كانت عليه سابقاً وذلك خلال مدة أقصاها شهرين.
الإسمنت مطابق للمواصفات وتوقف الخطوط يأتي نتيجة الصيانة والأعطال..
وبالنسبة للمسألة المتعلقة بنوعية الإسمنت وعدم أدائه للوظيفة المطلوبة منه قال عبد الغني: يوجد لدينا مخابر مسؤولة عن التحاليل الكيماوية لكل المواد الأولية الأساسية الداخلة في صناعة الإسمنت وصولاً إلى المنتج النهائي ألا وهو الإسمنت، مؤكداً أنه لا يتم تفريغ أي كمية من الإسمنت قبل أن تخضع للتحاليل الفيزيائية والتأكد من مطابقتها للمواصفات والمقاييس السورية ويتم إجراء التحاليل بشكل ساعي وأحياناً فوري في حال وردتنا أي شكاوى عن الإسمنت، وأن توقف بعض خطوط الإنتاج يأتي نتيجة الأعطال التي تطال الخط أو الاضطرار لصيانة الخط بشكل مفاجئ.
تعليق..
نهاية القول نود الإشارة إلى أهمية النهوض بصناعة الإسمنت وخاصة في معامل القطاع العام والعمل على تذليل الصعوبات التي تواجه هذه الصناعة الهامة مع ضرورة توحيد الجهات المشرفة على أي صناعة وإحداث مرجعية واحدة لأي صناعة كانت كما لابد من التنويه إلى أهمية خلق التعاون المشترك بين القطاعات الإنشائية وبين مصادر المواد الأولية وأن تسود العلاقة بين الطرفين الشفافية والمصداقية.
ضوء على صناعة الإسمنت في سورية..
يذكر أن صناعة الإسمنت بدأت في القطر عام 1930 بتأسيس الشركة الوطنية لإنتاج "الشمينتو" ومواد البناء بفرن واحد وطاقة إنتاجية /28000/ طن سنوياً، وتطورت الطاقات الإنتاجية وتم إقامة العديد من المعامل حتى وصلت الطاقة النظرية السنوية إلى 5.8 ملايين طن في عام 1983 وتوقع أحد الخبراء أن يصل حجم الطلب على الإسمنت في عام 2015 إلى 12 مليون طن في حين تتراوح الحاجة الاعتيادية للسوق المحلية من 7- 8 ملايين طن.
وتعرضت مادة الفيول إلى ارتفاع في الأسعار الأمر الذي أدى إلى رفع أسعار الإسمنت، إذ تعتبر هذه المادة من المواد الأساسية في إنتاج الإسمنت، فكل طن إسمنت يحتاج إلى 110 كيلو غراماً من الفيول في المعامل القديمة في حين أن المعامل الحديثة فإن استهلاك الفيول لا يتعدى 85 كيلو غراماً لكل طن من الإسمنت كما تواجه شركات القطاع الخاص بعض الصعوبات المتعلقة بارتفاع تعرفة الكهرباء عليها.
ويشار أيضاً إلى أن سورية تتميز بالعديد من المزايا الداعمة لصناعة الإسمنت وخاصة فيما يتعلق بتوفر المواد الأولية الجيدة لاسيما الحجر الكلسي والبازلت والغضار والمارل والرمال السيليسية والجص والبوزولانا بالإضافة إلى توفر المادة الأساسية في عمليات حرق هذه المواد وتوفر الغاز الطبيعي الذي يمكن الاستفادة منه بصورة فعالة في أفران الإسمنت.