ماري عجمي

ماري عجمي

نجم الأسبوع

الأربعاء، ١٥ أغسطس ٢٠١٨

تهادتها الجمعيات والأندية والصالونات الأدبية لتلقي على منابرها خطباً جميلة أودعتها صدر «العروس» كانت أول امرأة تدعى لإلقاء محاضرة في المجمع العلمي في دمشق فاستحقت أن تلقب بـ «ريحانة دمشق», وصفها رئيف خوري في تأبينها بقوله «ترهبت للأدب ولم تكن عروساً لغير القلم», وقال الشاعر والأديب أمين نخلة عنها يوماً: «لا أعرف في الأقلام النسوية قلماً كالذي تحمله ماري عجمي فهو شديد شدة أقلام الرجال، لطيف لطف أقلام النساء، في آن معاً». أما فارس الخوري فقال عنها مداعباً: «يا أهيل العبقرية سجلوا هذي الشهادة.. إن ماري العجمية هي ميّ زيادة», في حين تحدث خليل مردم بك عنها فقال: «جمعت ماري بين الصناعتين النثر والنظم، فلها المقالات والخطب والقصائد وعالجت الترجمة كما عالجت الإنشاء».
إنها ماري عجمي التي أنشأت عام 1910 أول مجلة نسائية علمية أدبية صحية فكاهية في سورية استقطبت فيها كبار الأدباء والشعراء العرب في المشرق العربي كما في المهجر من الذين عاصروها أمثال: جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، إيليا أبو ماضي، جميل صدقي الزهاوي، معروف الرصافي، إسماعيل صبري، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، شبلي الملاط، الشاعر القروي، الأخطل الصغير، إلياس أبو شبكة، شفيق جبري، عباس محمود العقاد، إبراهيم عبد القادر المازني، فارس الخوري.. وغيرهم, إضافة إلى بعض النساء ما يدل على أهمية المجلة وانتشارها, وكانت تعد من أرقى المجلات الأدبية العربية التي صدرت في مطلع القرن العشرين في العالم العربي وأرقى مجلة تصدرها امرأة في دنيا العرب, سمتها «العروس» وكان شعارها «إن الإكرام قد أعطي للنساء ليزين الأرض بأزهار الماء». وفي تقديمها للمجلة تقول: «إليكِ «العروس» فرحبي بها غير مأمورة ليذهب عنها شيء من حيائها، فتُسِرُّ إليك بمكنونات قلبها وشعائر موقفها.
كانت أحياناً توقع مقالاتها باسم (ليلى) وكانت جمة النشاط كثيرة المراسلات مع أدباء عصرها وأديباته ومع الصحف والمجلات وقتذاك وكانت قضية «تحرير المرأة» في عهدها أدق القضايا المطروحة على بساط الإصلاح الاجتماعي، وقد خصصت مجلتها لمعالجة هذه القضية ورفع مستوى المرأة الاجتماعي كما كانت أغلبية خطبها تدور في هذا الموضوع وفي مكارم الأخلاق والفضيلة وحب التقدم والتعليم.. فقد أرادت عجمي من إنشاء مجلتها «العروس» أن تجعل منها منبراً للأدب والفكر الإصلاحي والتربية الأخلاقية ‏.
يذكر أن ماري عبدو عجمي( 1888 – 1965 م) دمشقية المولد وحموية الأصل عاشت في حي قديم من أحياء دمشق يسمى «الحارة الجوانية» من زقاق «طالع الفضة» في منطقة «باب توما» وتنقلت بين عدد من الدول العربية وأسست النادي الأدبي النسائي في دمشق، وجمعية نور الفيحاء وناديها، ومدرسة لبنات الشهداء (1920)، وكانت عضو الرابطة الأدبية التي أسست في دمشق أوائل العشرينيات. وقد توفيت في دمشق في 25 كانون الأول عن 77 عاماً بعد أن عاشت في نهاية عمرها في عزلة وبؤس بسبب المرض ولم يشارك في جنازتها سوى نفر من المخلصين لها مشوا وراءها إلى مثواها الأخير في مقبرة الباب الشرقي للروم الأرثوذكس في دمشق وعن ذلك يقول عيسى فتوح: «ماتت ماري عجمي من دون ضجيج أو جلبة حتى أنه لم يرافقها إلى المقبرة سوى 16 شخصاً من أقربائها ليس بينهم أديب إلا فؤاد الشايب». وقد كرمتها دمشق بتسمية إحدى مدارسها على اسمها.