سامي الدروبي

سامي الدروبي

نجم الأسبوع

الأحد، ١٧ ديسمبر ٢٠١٧

خصت وزارة الثقافة- الهيئة السورية للكتاب، كتابها الشهري الخاص لليافعة تحت عنوان أعلام ومبدعون للأديب والناقد والمترجم والدبلوماسي السوري «سامي الدروبي»، للكاتبة بثينة الخير، الذي اشتهر بترجمته لجميع أعمال دوستويفسكي وله ترجمات لمؤلفين آخرين كتولستوي وبوشكين وميخائيل ليرمنتوف وغيرهم، ولد في مدينة حمص عام 1921 م، كما عمل مدرساً للفلسفة في حمص، ثم عميداً لكلية التربية بجامعة دمشق فأستاذاً للفلسفة، فوزيراً للمعارف، ثم سفيراً لدى الجمهورية العربية السورية في يوغسلافيا، ومصر، وإسبانيا، ومندوبا لسورية في جامعة الدول العربية، وكانت وفاته في عام 1976 م، ومنح بعد وفاته جائزة لوتس في عام 1978 م.
ليس سهلاً إيجاد حدود فاصلة بين الدروبي الإنسان والمفكر، والدروبي الوطني والدبلوماسي الذي سعى لإحياء مجد أمته العربية، وبعث تراثها، فالدروبي علم من أعلام سورية في العصر الحديث، يستحق منا التقدير والاحترام، وأن نضع نبذة من سيرته بين أيدي أبنائنا اليافعين للتعرف على شخصية نضالية، جعلت من حياتها عملاً وكفاحاً من أجل الوطن، ورفع اسمه عالياً.

مفكر وأديب ومترجم
وذكرت الكاتبة في مقدمة الكتاب: «حين وقع اختياري على الدكتور سامي الدروبي لإلقاء الضوء عليه بوصفه مبدعاً سورياً، كان ذلك عن طريق المصادفة، فقد كان لهذا الاسم وقع خاص، وكان له صدى في ذاكرتي في سنيّ الدراسة، إذ كان اسمه يتردد كثيراً في الأوساط السياسية والأدبية والفكرية في الفترة ما بين الستينيات والسبعينيات، ولما اتخذت القرار فاجأني الأرشيف الذي كتب عنه، فمن طالب إلى مدرس إلى أستاذ جامعيّ، ومن ثم إلى مستشار ثقافي وممثل لسورية في الجامعة العربية فسفير فوزير، إضافة إلى كونه مفكراً وأديباً ومترجماً، فلم أتردد لحظة، وحصلت على ما يكشف جوانب هذا المبدع الموسوعي الذي فرض نفسه على الثقافة والأدب والسياسة التي يجب أن يعرفها الناشئة، ويطلع على بعض ما قدمه هذا الأديب لوطنه سورية وللوطن العربي، وللإنسانية عامة».

الولادة والنشأة
درس الابتدائية والثانوية- قسم أول- في حمص، وأكمل القسم الثاني في مدرسة تجهيز دمشق «ثانوية جودت الهاشمي حالياً».
في المدرسة تميز سامي بين رفاقه بالهدوء والعقلانية، وبعده عن الأحقاد والمنازعات وطيش الشباب، وبمشاركته في العمل الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، وعرف في المدرسة بحبه للغة العربية، وافتتانه بسحر الكلمة وجزالة الأسلوب ما عكس حباً لتراثها الذي غدا مقدساً بالنسبة إليه.
كان محبوباً من رفاقه، وأحبّ دوام الألفة والتعاون بينهم، وكره النزاع والشقاق، ولم يحدث أن تشاجر مع أحدهم مدة الحياة التي عاشوها معاً، وصادف أن حدث مرة نزاع بين طالبين من رفاقه في المدرسة، واشتد اللكم والضرب في قاعة المهجع حيث يبيتون جميعاً، وكان سامي وحده غاضباً، فما أن تدخل الموجهون وحسموا النزاع حتى بادر إلى لوم الطرفين، وانتقد بشدة موقف المتحمسين، وراح يضفي من هدوئه ورقة حديثه ما هدأ ثورة النفوس وأخجل الجميع.

الأب والمربيّ
عرف عنه أنه زرع في أبنائه وطلابه كل الحب، حب المعرفة وحب العطاء، وحب الآخر وحب الوطن، وما ذكرته زوجته قبيل موته يدلّ على عمق أبوّته، وكيف كان يتابع أمور أبنائه، فيزودهم بخبرته في بناء شخصياتهم المستقلة، وتكوين آرائهم ورؤيتهم للحياة، وعمل على توجيههم تاركاً فيهم أثراً يدفعهم إلى تغيير أنفسهم وتطوير ذاتهم، وما ذكره محمود أبو خضور أحد طلابه يؤكد ذلك،: «كان ذلك في العام 1961م، وكان الفحص الشفهي في كلية الآداب بجامعة دمشق لا يجتازه إلا طويل العمر، وكانت المادة علم النفس التجريبي، والأستاذ الفاحص الدكتور سامي الدروبي، دخلت، وأشار إليّ بالجلوس ثم سألني: ماذا قرأت؟
أجبت: المنهاج..
تساءل: المنهاج فقط؟
أجبت: وقليلاً من الروايات والدراسات.
قال: أيّ الدراسات؟
قلت: دراسة حول العواطف الغامضة.
قال: وطبيعي أن هذه الدراسات أشارت إلى أن الموت والحب يصنفان ضمن هذه العواطف، لكن تقسيمهما يندرج تحت مقولتين، عواطف فاعلة وعواطف منفعلة وهذا تصنيف سارتر.. وأنا أريد رأيك أنت..».