قراءة نقدية في دوان من سيرة الغمام والظل للشاعر عباس حيروقة

قراءة نقدية في دوان من سيرة الغمام والظل للشاعر عباس حيروقة

ثقافة

السبت، ١ يونيو ٢٠١٩

نبوغ أسعد

مجموعة شعرية أخذت أشكالا مختلفة وهذه الأشكال لم تتبرأ في حضورها من بصمة الشاعر عباس حيروقة خلال مسيرته الشعرية الدالة عليه وإن كانت هذه المرة النار الحبيسة في أعماقه فعلت شيئا آخر وهذا الشيء بيان ساطع على قدرته الشعرية التي دفعته بالكتابة ليصل إلى حد أو إلى منعطف ذهب إليه بمحض عنفوانه الشعري وظهر ذلك في قصيدة فراغ التي أهداها إلى الشاعر عبد الكريم الناعم ومنها

ورفعت صوتي بالغناء

لعل آفاق البراري

تنحني لتشدني من خنصري

من مزقة الثوب المضمخ بالبيادر . وال تشابه بعض أثواب الشهيد

في هذا النص ثمة دافع عاطفي ووجداني دفعه ليكتب للشاعر عبد الكريم الناعم ولأنه يعرف أن هذا الشاعر هو من عيار ثقيل قررت عفويته أن ترفع مستوى المعمار البنائي لفنية القصيدة والتي تؤدي أكثر من معنى

الشاعر عباس حيروقة تتضامن عنده الموسيقا الأصيلة التي تأتي كجزء مهم في بناء نصه الشعري مع ما يرصفه من ألفاظ أكثرها جمالا التي يأتي بها من الطبيعة وفي هذا الصعود المعنوي تأتي القصيدة كلوحة متكاملة فيها جمال الشكل اللفظي وفيها جمال المعنى الدال على ما يرمي اليه الشاعر وهذا ما نراه ونحس به في قصيدة نشيد الماء

بكى على الماء صفصاف يواسينا

فأجهش النهر وجدا بين أيدينا

والسهل ناح كطفل فوق دميته

والتل تاه كذاك الغيم يبكينا

وفي مسار دلالاته يصل إلى تشبيه حديث غير قابل للتقليد وليس بمقلد كأن يشبه المطر الذي يتفتق به الغيم وقداسته والدمع الذي يأتي مقدسا من أرقى درجات الحزن

في قصيدة القاتل خلف الباب حالة نادرة من التحذير والتخويف مما قد يكون وبقدر ما جاءت مخيلته لتقدمها بعناية فائقة بقدر ما تحمل من هم خفي وبوح ضمير وقاد يعرف أن هناك نتائج ليست قليلة من خلال ولده يخاطب كل أولاد الوطن ..

يا ولدي ..القاتل خلف الباب  كز على أسنانك وامش

علق حقيبتك على كتفك واستعد للركض في كل الجهات

إذا ما سلاك الأمان

عباس حيروقة في مجموعته الشعرية يقرع أجراسا متنوعة وتظهر كلوحات تصويرية انتهت من شيء ترغب أن تقدمه وجاءت في شغف كبير أبي، عالم ينزف بالألم .

في المجموعة عدة أشكال شعرية لا تقل في مستواها واحدة عن الأخرى فهي تؤدي جانبا إنسانيا ووجدانيا يتحرك بالحس الوطني والهم الاجتماعي الذي تملكت نفس الشاعر بحبه وانتمائه لهذا الوطن وما ذاقه في هذه الآونة الحرجة والتي جعلت المشاعر تشحذ بكل مضامين النفس بما تمتلكه من مشاعر الغضب والحقد على كل من أشعل نار الفتن في هذه الأرض التي ستضل تنضب بالحب والعطاء