أين الفكر العربي؟ وأين إعلامه من قضايا الأمة؟

أين الفكر العربي؟ وأين إعلامه من قضايا الأمة؟

ثقافة

الأحد، ٩ سبتمبر ٢٠١٨

 رشيد موعد
 
الإعلام- في يومنا هذا- هو السلاح الأمضى والفاعل في ترسيخ مفهوم الحقائق أو قلبها..
وتعتبر أميركا الدولة الأكثر اشتعالاً وحماساً في تأييد الصهيونية ودعمها إعلامياً على أساس أنها الشريك الأول لبريطانيا في تأسيس الوطن الصهيوني في فلسطين.. وفي الوقت نفسه فإن أميركا هي الدولة العظمى وصاحبة القرار في كل قضايا الأمن العالمية ومن بينها قضية الشرق الأوسط.. والصهيونية تعتبر الجهة الوحيدة المسيطرة على توجيه الرأي العام الأميركي.. وإن الإعلام العربي بشكل عام لا يلتفت إلى الساحة الأميركية عجزاً ويأساً من إمكانيات تحويلها أو تغييرها.
ومع قناعتنا أن أميركا تدعم الصهيونية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من سياستها، وعاملاً فاعلاً في حماية مصالحها الحيوية والوطنية، فإن المجتمع الأميركي ذا الفهم السياسي البسيط، يكون مرتعاً صالحاً لأي قناعات أو أفكار مقبولة من غيرنا أو آراء تُبسط له القضايا المعقدة، وتخاطبه من خلال مصالحه اليومية التي تتأثر بشكل أو بآخر بالمواقف السياسية للحكومة الأميركية، وأن الساسة الأميركيين يحسبون كل الحساب للناخب الأميركي دافع الضريبة الذي يمسك بزمام أمر وصولهم أو عدم وصولهم إلى «الكونغرس» أو حتى إلى البيت الأبيض.
إن الإنسان الأوروبي ذا الحضارة العريقة، والتقاليد الراسخة والمفاهيم المحددة والنظرة الشاملة، المحلية والعالمية، يختلف اختلافاً بيناً عن الإنسان الأميركي حديث الحضارة والتاريخ، والتقاليد الذي يبدي استعداداً واضحاً لتقبل كل شيء يقنع، ما دام منطقياً موضوعياً وعقلانياً، وما دام لا يزيد من أعبائه ومسؤولياته، ولا يرهق كاهله بالتبعات والالتزامات..
يُحاكم القضايا المطروحة أمامه محاكمة حسابية مادية محسوسة بعيداً عن العاطفة والأهواء، يتعامل معها بطريقة ميكانيكية آلية محضة.. هذا الإنسان الذي أدان تدخل أميركا في فيتنام وأسقط نيكسون من أجل تصرفات تبدو للإنسان غير الأميركي طبيعية وعادية.
نحن- العرب- لم نتوجه إلى هذا الإنسان بعد، ولم نخاطب عقله، لم نمس مصالحه، لم نجعله يشعر بالأعباء التي يلقيها عليه تبني حكومته للصهيونية وتجاهلهما لمصالحه لدى 300 مليون من العرب، لم نوضح له حقيقة الصراع في منطقتنا لم نسمعه شيئاً عن الشعب العربي الفلسطيني، وعن حقوقه ومآسيه وآلامه.
علينا أن نتوجه إلى هذا الإنسان بحملة إعلامية بعيدة عن الغوغاء والتهريج، يقودها رجال ذوو ثقافة وعلم ودراية.. يتقنون فن المخاطبة، وأسلوب الحديث ويعرفون كيف يدخلون إلى عقله ثم إلى قلبه..
إن حملة إعلامية كهذه لا توازي بتكاليفها ما يعتمد من نفقات سرية لأي سفارة عربية في أميركا.. ولكنها بالتأكيد ستأتي بأحسن النتائج وأفضل الثمار.
فأين العقل العربي وأين إعلامه؟
يستغل العقل الصهيوني الأميركيين في كل مناسبة.. ولا يترك فرصة تلوح في الأفق، إلا واستفاد منها، وجيّر نتائجها لمصلحة كيانه الصهيوني.. وما زلنا نذكر قضية تزويد الاتحاد السوفييتي بالقمح، والشروط التي فرضت من أميركا في ذلك الوقت.. وقد سُميت شروط أو «مشروع جاكسون» التي تطالب الاتحاد السوفييتي بتهجير اليهود إلى فلسطين مقابل مده بالقمح الأميركي.. وحينما طالبت رومانيا بمنحها بند «الدولة الأكثر رعاية من أميركا».
حاولت هذه الأخيرة أن تفرض عليها شرط تهجير اليهود إلى فلسطين أيضاً.. وهكذا نرى أن أميركا لا تترك فرصة تفوتها من دون أن يستفيد منها «الكيان الصهيوني» وخاصة أنها دولة غنية وكبيرة وتتمتع بإمكانيات ضخمة، وفي الوقت نفسه فإن كثيراً من دول العالم بحاجة إليها.
نحن العرب.. نملك البترول- الطاقة- التي تحتاجها كل دول العالم، بما فيها أميركا.. الطاقة التي لا غنى لأي دولة عنها.. مصانع أميركا.. بيدنا تعمل، أو لا تعمل بيدنا أن تتوقف الحياة أو لا تتوقف في أميركا ودول العالم.
بيدنا أن نجعل أوروبا وأميركا تعاني البرد القارس، بيدنا يمكن أن نجعل مفتاح الحضارة.. نقدمه للعالم مقابل المال.
المال الذي لا نعرف كيف نستثمره ونتصرف به، نعيده ثانية إلى بنوكهم ليستثمروه.. وربما يستغلوه ضدنا ونحن ندري أو لا ندري.
من الدولة العربية التي اشترطت أن تبيع البترول لأوروبا أو أميركا مقابل امتناعها عن تأييد ودعم الصهيونية أو من الدولة التي اشترطت أن تسمح لأوروبا باستغلال أموالها لديها مقابل تأييد قضيتنا الفلسطينية أو قضايانا الأخرى؟
ومن الدول التي اشترطت على السوق الأوروبية، أن تقول كلمة طيبة لمصلحة الشعب العربي الفلسطيني؟
إن سحب مجموعة من أثرياء عرب وليس أموال دولة واحدة أو مجموعة دول، من بنوك أي دولة أوروبية كاف لتعريضها إلى كارثة. وأخيراً من الدولة العربية التي سحبت أموالها أو هددت بسحبها من بنوك دول أوروبية إذا لم تستجب لقضايانا العادلة ولاسيما القضية الفلسطينية أو قضية الجولان المحتل؟
 
قاضي محكمة الجنايات سابقاً