حسام نصرة: منحوتتي مرآة لذاتي وذاكرتي

حسام نصرة: منحوتتي مرآة لذاتي وذاكرتي

ثقافة

الجمعة، ١٥ ديسمبر ٢٠١٧

يمتلك النحات حسام نصرة شغفا في تقديم منعكسات العوالم الداخلية للإنسان من خلال منحوتته التعبيرية التي تحمل جمال الكتلة وقوة الفكرة بذات الوقت وللتعرف أكثر على تجربته في فن النحت كان لـ سانا هذا الحوار معه.

ما هي علاقتك بمنحوتتك التي تشتغل عليها ؟

تختزل المنحوتة التي أعمل عليها الكثير من ثقافتي البصرية المخزونة في ذاكرتي من الصغر إضافة إلى الاختلاجات النفسية والوجدانية والمشاعر المسيطرة علي بمراحل تنفيذ المنحوتة ، فتتشكل حالة تفاعل وعشق بيني وبينها ويتشكل حوارا متبادلا حتى تظهر بشكلها النهائي ، فهي بذلك مرآة لذاتي وذاكرتي .

ما هي الخامة التي تفضلها عن سواها وتعتبرها الأقدر على حمل أفكارك ولمساتك؟

تحمل خامة البرونز الكثير من القوة والنبل في ثناياها ، وتعتبر من الخامات ذات التأثير الفعال في كينونة المنحوتة ككل، فتلعب دورا تفاعليا وقويا على تكوين العمل النحتي ، فتخدم بذلك قوة التشكيل وهي من أكثر الخامات سيطرة على المتلقي ،ولكن هنالك عوامل تلعب دورا في اختيار نوع الخامة كطبيعة التكوينات النحتية وتوضع الكتلة في الفراغ.

ما رأيك بالملتقيات النحتية في الوقت الراهن ما أهميتها وماذا تحقق؟

تلعب الملتقيات النحتية دورا لا يستهان به في نشر الثقافة الفنية البصرية في المجتمع ، و تأتي أهميتها بالدور التفاعلي الذي تقوم به بالاحتكاك المباشر مع المتلقي ومشاهدته لمراحل تنفيذ العمل ، والنحات بدوره يرى بشكل مباشر تأثير عمله الفني في عيون المتذوقين ، بالإضافة إلى التفاعل الذي ينشأ بين الفنانين ذاتهم ، فالملتقيات تصنع حالة التمازج واطلاع الفنانين على تجارب بعضهم والحوار بين أجيال فنية متعددة.

كيف ترى واقع النحت والتشكيل بشكل عام في سورية اليوم؟

نشطت في الآونة الأخيرة الملتقيات والمعارض الفنية بشكل ملحوظ وعادت عجلة الصالات الخاصة والعامة بالدوران ، وهذا يبشر بالتعافي وعودة الألق إلى الحركة الفنية السورية ولتثبت عودة الحياة إلى المجتمع السوري .

كيف أثرت الحرب على سورية في عملك الفني من جميع النواحي ؟

منذ بداية الأزمة ومشاهدتنا لكم الخراب و الدمار في جميع مناحي الحياة و الانسان في رأس قائمتها ، أخذت أعمالي مسارا جديدا فبدت الأعمال متقوقعة و خائفة و الشخوص منطوية على ذاتها، وظهرت الأجساد بحركات توحي بالعذاب والقهر والقلق والترقب، ولا تخلو بعضها من حركات منطلقة ترمي إلى التفاؤل والأمل.

كيف أثرت الأزمة على النحت والتشكيل السوري بشكل عام برأيك ؟

التشكيل بشكل عام مثله مثل أنواع الفنون الأخرى ، هو ذاكرة تسجيلية للمجتمع والحياة ، حيث انه يعكس روح ونفسية الفنان الإنسان الذي يمثل شريحة من هذا المجتمع ، فهو يوثق للفترة مهما كانت صفاتها وحالها .

هل يمتلك النحت السوري هوية خاصة به وكيف يمكن المحافظة عليها إن وجدت؟

تعود بدايات الحركة التشكيلية السورية المعاصرة إلى النصف الأول من القرن العشرين , ورغم الكم الهائل من الآثار والحضارات المتعاقبة التي مرت على الانسان السوري فقد توقفت الحركة الحضارية والفنية بشكل شبه كامل زمن الاحتلال العثماني، وكان الفن التشكيلي مقتصرا على تكريس الفنون ذات الصبغة العثمانية الدخيلة على حضارتنا العريقة منذ عشرة آلاف عام.

وفي زمن الاحتلال الفرنسي ظهرت مجموعة من التشكيليين ونشأت ثقافة بصرية متأثرة بالفنون الاوروبية ،حيث إن العديد منهم أوفد للدراسة في فرنسا و بقية دول أوروبا ، وبدأ تأثير المدارس الغربية واضحا بالحركة التشكيلية السورية ، وحاليا هناك خطوات ملحوظة نحو تكوين هوية خاصة ، الا انها حتى الآن ليست كافية.

كيف ترى توجه النحاتين السوريين الشباب نحو الحداثة وهل هذا يؤثر على هوية النحت السوري؟

لا يختلف اثنان على تأثر جيل الشباب من الفنانين بالحداثة الغربية ، ويعود ذلك برأيي إلى غياب الهوية التشكيلية السورية الخاصة والمتبلورة بشكل كامل ، مع وجود كم هائل من الضخ الثقافي وغيره الآتي من الغرب ، بالوقت الذي نمتلك فيه جميع الاعتبارات لتكوين هوية ثقافية بصرية سورية خاصة بنا من التاريخ الحافل إلى التراث الفني وصولا إلى الفنان السوري المتميز.

كيف ترى وجود النحت السوري في الخارج وهل ساعد ذلك على التسويق والتعريف بالتشكيل السوري عامة؟

بالتأكيد ، فهؤلاء سفراء ثقافيون لنا عرفوا بالفن السوري عبر الأماكن التي وجدوا فيها ، وتألقوا بجميع أشكال الفنون وكانوا فعالين ويحصدون الجوائز ويقيمون المعارض أو يشاركون بها.

هل ترى دورا للنحت في إعادة الإعمار في سورية؟

سيعمل الفن ومنه النحت باتجاهين في إعادة الإعمار ، أولا في عودة الملتقيات النحتية التي ستزين طرقات وحدائق بلادنا من جديد ، وثانيا في بناء الإنسان المثقف و الواعي والحضاري والمؤمن بوطنه وإمكانياته .

كيف تقيم تعاطي الصالات الخاصة مع النحت السوري وما هو المطلوب لتنشيط فن النحت وتطويره؟

النحات الذي له تجربة تراكمية ناتجة عن عمله المستمر الدؤوب وامتلاكه بصمة أصيلة تميزه عن غيره ، سيجد الفرصة المناسبة بلا شك وسيفرض نفسه وفنه بقوة على الصالات ، والمطلوب لتنشيط النحت وتطويره الاستمرار بدعم النحاتين من خلال المعارض والملتقيات الداخلية والخارجية ، وتشجيع ثقافة الاقتناء لتحفيز الفنان على الاستمرار بالإبداع.

هل أنت متفائل بمستقبل النحت السوري ولماذا؟

جميع المعطيات تبعث في نفسي التفاؤل والأمل بمستقبل النحت السوري الذي وصل إلى العالمية ، وأرجو من جميع الجهات الخاصة والرسمية العمل على تشجيع وتنشيط عمل النحاتين ، و أن تضع يدها على مكامن الضعف التي تحول دون سير الحركة الفنية قدما إلى الأمام و تعمل على تلافيها .

والنحات حسام نصرة من مواليد عام 1978 درس النحت والفن التشكيلي دراسة خاصة ومن ثم تخرج في مركز احمد وليد غزت للفنون التطبيقية وشارك في ورشات عمل فنية في روسيا، وله عدة مشاركات في معارض جماعية واعماله مقتناة داخل سورية وخارجها.

محمد سمير طحان