تناقض.. معرض للتشكيلية غادة حداد

تناقض.. معرض للتشكيلية غادة حداد

ثقافة

السبت، ٣٠ يوليو ٢٠١٦

ريم الحمش
حزن.فرح..يأس.أمل..موت..وحياة سنوات حرب عشناها وما زالت.. تناقضت فيها الكثير من المشاعر والأحاسيس..و لكن .. رغم جميع هذه التناقضات هناك دائماً لون جديد للحياة.
تقدم الفنانة التشكيلية غادة حداد أربعة عشر عملاً فنياً مختلفة القياسات مشغولة بالألوان الزيتية والإكرليك في معرضها الفردي الأول بعنوان: تناقض بصالة السيد بدمشق.
بأسلوب واقعي تعبيري تستلهم الفنانة موضوعاتها من هواجس وأحوال المرأة لتنجز بذلك خطاباً بصرياً متجدداً يؤلف نماذج فنية فريدة تختزل الكثير من الدلالات العميقة ذات الصلة بأسرار ومتاعب النساء.
في لوحات التشكيلية حداد جولة في عالم المرأة بعمر المراهقة، فلها اهتمام خاص بعوالمها وأحوالها، ترصد همومها، تكشف عن متاعب نفسيتها، تحاول النداء لإنصافها، بحيث تخلق عوالم تجيش بهموم و تأملات، أحزان، وأفراح المرأة، فهي في لوحاتها قلقة ..كئيبة ..شاردة، وقد تبدو سجينة لكثير من الحواجز والسدود، ربما تشتكي من حزن عميق، ربما تطالب بقليلٍ من الفرح لها أو على الأقل لجيرانها من سكان اللوحات الذين تلحظ أكوام الهموم تتكدّس على أكتافهم, وفي بعضها تبدو بملامح القادرة على تخطي ما يقف في طريق تفوقها وإبراز شخصيتها، إنها تقدمها ضمن مناخ عام سِمتُه الكآبة والبحث عن الخلاص ... لوحات بهذه الصيغة تضع للفن التشكيلي رسالة سامية، لتصير أعمالها بذلك نصوصاً بصرية مميزة، من شأنها أن تجعل لها بصمتها الخاصة في مجال التشكيل، وتضيف إلى التلقي والمشهد البصري التشكيلي الشيء الكثير.. إنها وهي الأنثى أقرب إلى تعميق النظر إزاء مشاكل المرأة وطموحاتها وما يحدّ من أمنها وسعادتها، وتقول الفنانة عن الفن التشكيلي: الفن إعادة ترجمة لما يدور حول الفنان برؤيته الخاصة، والرسم يعني لي الحياة طبعاً، اليوم الذي أرسم فيه أفرغ الطاقة إلى المساحة البيضاء، أشعر بسعادة بالغة وأحس بكل الجمال الذي حولي، لأنه عبارة عن طاقة بداخل الفنان تمنحنا جاذبية خاصة تترجم بخطوط وألوان معبرة.
ولأن الفنانة لها خبرة وتجربة في التعامل مع الخامات والألوان، فإنها تتقن وضعية مفردات لوحاتها بعناية تكسبها إيقاعية فنية تزيد من جمالية الملمح، فهي تستبطن أسراراً إبداعية وتركيبية عبرها يمكن للفنانة أن تؤسس لتجربة تستقي خصوصياتها و جاذبيتها من النظرة الخاصة بها إزاء الواقع و إزاء ما يحمله من كائنات متعددة، كما تضفي عليها إيحاءات تشدك إليها متأملاً باحثاً مؤولاً لمقصديتها، والدلالات التي حمَّلتها إياها الفنانة تضفي على لوحاتها صبغة جمالية أساسها ومنبعها العناية بتشكيل الخلفيات واستعمال الألوان الصريحة الصافية لها،
فاعتمدت فيها على التناقض بين الخلفية والموضوع الأساسي للشخصية، لتشعر المتلقي بأن ما حولنا من اتساع وحرية هي مقيدة بالفعل بحركة الإنسان، ولما كانت الفنانة تعيش معاناة العصر الحالي، فقد انعكس ذلك جلياً على لوحاتها، وذلك أمر مفهوم لكون الفنان عاطفة وانفعالاً، وما الفن إلا أداة للتعبير، ومن دون مجاملة استأثرت لوحاتها اهتمام كثير من المثقفين و المبدعين، لأنها خير معبر عما تحمله الأنثى من قيم إنسانية و انكسار اجتماعي كبير يحاور ذاته بصمت عبر مكونات الذات التي تمور في أعماق الشخصيات للبحث عن طريق ما في معرفة ماهية المتناقضات ومعاقل الحيرة التي تكسر كل محاولات الطمأنينة باتجاه التماشي والتعايش مع الأزمة لتجسيد ما نمرّ به لخدمة المجتمع وتوثيق الصلة بين الفن وحركة المجتمع، وبناء ثقافة أقوى، و روابط إنسانية أكثر رقياً.
عالمي...
سيمون فتال تجعل التشكيل سيرة ذاتية
أقامت مؤسسة الشارقة للفنون معرضاً استعادياً للرسامة والنحاتة اللبنانية سيمون فتال.
 ضم المعرض نماذج من أعمالها تسلط الضوء على مجمل المراحل والمحطات في مسارها الفني، أبجديتها الصلصال والزيت والحبر الصيني، وخاصة تجربتها في السنوات الأخيرة: كولاج، رسوم زيتية من السبعينيات، منحوتات، خزفيات، تشكيلات طينية غير تجسيدية محاطة بالغموض من بينها مسلة الحلاج وكولاج على خريطة تكوينات نصية وحروفية، وبالتوازي مع معرض الشارقة، تشارك سيمون فتال ببعض أعمالها الخزفية في معرض سيراميكس الفرنسي بباريس ويحمل عنوان: من رودان إلى شوت في غاليري البيت الأحمر.
 سيمون الفوتوغرافية والرسامة والنحاتة والناشرة والمسافرة أبداً من بيروت إلى باريس إلى كاليفورنيا إلى الجزر الإغريقية... في موازاة أسفارها الداخلية التي تتجلى في أعمالها وتشكيلاتها الفنية الغامضة بيد أن سيمون لم تكن تتحدث عن أعمالها، كانت مأخوذة بالحياة وكيف لا تفعل وهي القادمة من تلك الأرض الكنعانية المريرة، حيث احتفى أسلافها بالفخار في حياتهم وطقوسهم الدينية، استحضرت سيمون في ذاك المعرض أناساً أسطوريين عبروا المحارق كلها، شعوباً غابرة أيقظها منها الطرواديون، جاء أوديسيوس وبينيلوبي، وجاء ديونيزوس... مخلوقات بدائية تنهض من أعماق الماضي المظلمة تقف بإصرار وتحدّ خارج الزمن، أعمال تحمل في آن بصمة البدائي والطفل: قوة التلقائية والمباشرة، أعمال لا تحيل إلى مرجع لا تذكرك بشيء سبق أن رأيته لأنها قادمة من ليل الأعماق كلّ عمل يحمل مبررات وجوده من خلال وجوده نفسه، هو المادّة التي تصدي الروح المتفردة، فجاءت أعمالها مزيجاً إبداعياً من غنائية شرقية وتجريد تعبيري.