نحن والثقافة ما لنا وما علينا .. بقلم: محمد خالد الخضر

نحن والثقافة ما لنا وما علينا .. بقلم: محمد خالد الخضر

ثقافة

الاثنين، ٢٥ يناير ٢٠١٦

لقد جاء وزير الثقافة الشاعر عصام خليل بعد أن مضى على الحرب على سورية سنوات ليكون وزيراً للثقافة وفي هذا الحين لا بد له من أن يواجه تراكمات ليست قليلة على كل الأصعدة الثقافية التي فرزت إشنيات مختلفة لا يتحمل مسؤولية وصولها إلى ما وصلت عليه بل حمل نفسه مباشرة شرف التصدي لأي منظومة مبنية على غلط ومركبة على افتراء فهو الوزير الذي تفرد باستمرار التغيرات من دون أن يخجل من زمالة في عمل أو اتحاد أو يراعي معرفة لأن الواجب الوطني يفوق كل هذه الاعتبارات ويتفوق عليها عند أصحاب الضمير الانتمائي والوطني.
سنوات طويلة وطويلة جداً والثقافة تعاني تسرب من ليس له علاقة بجنس أدبي أو فكر وطني، لذلك رأينا كماً هائلاً من جوقة الشعراء العميان والمثقفين المتثاقفين والواصلين إلى المكاتب والمهازل والمراتب الثقافية والقراءات والشؤون التي تحل وتربط، وأمام هذا الاستفحال تبدو المهمة صعبة وهكذا شأن السرطان كلما اكتوى بمضاد ما تفاقم وتزايد، فالذين كانوا متسلقين هم الآن خارج القطر، أما الذين وضعوا أكفهم بين سيقان أولئك المتسلقين ليصلوا لا بد من البحث عنهم فهم في الجحور كالأفاعي وعلى الكتاب والمثقفين والفاعلين أصحاب الوجدان وأصحاب المروءة والنخوة ألا يتوانوا في توضيح أي ظاهرة لوزير الثقافة وفي مقاومة أي غلط فلا يمكن أبدا أن يكونوا أصحاب ميشيل كيلو وخطيب بدلة قد ماتوا، لا بد أنهم ارتدوا أثوابا مختلفة ومتغيرة ولا بد أنهم كما كان يفعل أولئك عندما كانوا يصفقون ويقولون ما لا يضمرون، فالحالة تحتاج إلى ثبات آخر وكلنا يرى أن هناك نزوعاً بنيوياً إلى المقاومة وحب الوطن بدا واضحا ولأول مرة بهذا الشكل في وزارة الثقافة.
فهي كانت ولسنوات طويلة سابقت دائماً تدير ظهرها  بسبب نظرية الاستيعاب ويتسرب من خلالها مثل أولئك الذين يحاولون تلطيخ سورية، وأكبر مثال ودليل هو رياض نعسان آغا الذي يصبغ شعره كل يوم بلون ويتشدق على الفضائيات متناسياً أنه اقترب من السبعين، ليكون وزيرا في العالم الآخر بعد أن أكل كل البيوض في خم الدجاج وهذا المثال والأمثلة الأخرى تجعلنا أمام واجب مهم للتصدي وللبحث ولمقاومة ذيول هؤلاء وفراخهم أو من جعلهم يتسربون إلى ما وصلوا إليه، فمن منا لا يذكر أن خطيب بدلة كان يكتب في أكثر من صحيفة ويشغل أكثر من زاوية وينظر على أكثر من اتجاه، وعندما يذكر أمامه اسم أديب يسارع بتهمته أو بقذفه بحجر أو رميه برمح أو سهم وهذا ما يثير الدمعة، فمن اتهمهم هذا الشخص أين هم الآن وأين هو؟ علماً أنه كان عدوانياً واضحاً ويعمل بأسلوب من ليس معنا فهو ضدنا وها هو الآن بعد أن وصل إلى الستين يفكر بوزارة أو أمارة أو شيء من هذا القبيل ليكون ركيزة لمن كان يدعمه في يوم ما لا قدر الله أن يكون هذا .. وأمام هذا الصدد وخلال هذه الحرب الشنيعة بدأت تنمو صغار الحجوم وقصار القامات وثمة من يدعمها ولن تتأخر كثيراً لتلحق بخطيب أو بميشيل كيلو الذي أخفى رأسه وقد نتفاجأ كثيرا فلا زلت أرى عن كثب الكثيرين وإليكم أمثلة مخفية فهناك من خبؤوا رؤوسهم في بداية الحرب ورفضوا المقابلات الصحفية والتزموا الحياد واستسهلوا الصمت على كرامتهم بعد أن لوحت بشائر النصر في سورية أراهم يتدافعون إلى المنابر والوسائل الإعلامية ويذهبون ليطالبوا بحقوقهم وحقوق أبنائهم تماما كما تفعل الذئاب، وهذا لعمري أشد أنواع الخطر والفتك والغدر.
وأعود ثانية لما تفعله وزارة الثقافة الآن وفي هذا الوقت بالتحديد برغم كل الأسى والأذى والمعوقات والمصاعب فهي حاضرة وماثلة وتتحمل وزر الآخرين وأعباء المتسولين فلا تبخلوا أيها الكتاب والأدباء بجهودكم لأن سورية بلد الجمال وبلد الحضارات والثقافة والفنون، ولم تكن في يوم للمقاهي والملاهي والمراقص ولم تكن للعاجزين أو المارقين أو الخائبين.
وإنني منذ أيام رأيت على صفحات التواصل الاجتماعي الفيسبوك المحترم صورة يقول ناشر الصورة وهو خارج سرب الثقافة ومؤسساتها أنا أتشرف بحضوري مع الشاعرات وعدد أكثر من ست نساء أظهرتهن رواسب الحرب على سورية وكان بينهن وحيداً كذلك الديك الذي عضه القراد مجتمعاً على عنقه فصاح بلا ريش وهو ينتشي متباهياً بتفرده في تلك الجلسة الجميلة والماتعة.. هي هكذا أيها المثقفون تأتي المآسي ثم يكون الحصاد المر على عاتق الشرفاء.. الشرفاء وحدهم الذين يحمون الوطن ويحافظون على كيانه وليس لهؤلاء إلا الاختفاء عند الشدائد وإني لست نادماً ولا باكياً على أحد من الذين خاصموني أو خطفوني ذات يوم أو هددوني فمنهم من هؤلاء ومنهم من قريب، ومنهم من هو تلميذ لهم وحسبي ما قاله أحمد الصافي النجفي:
أنظر لخصمي تعترف بمكانتي .. فترى علائي من وضيع مقامه
فالمرء إن تجهله تعرف قدره .. من صحبه حيناً ومن أخصامه
وحسبي أيضا أن رياض نعسان آغا المتشدق على الفضائيات والذي يدعي أنه الآن بطل الوطنية أخجل أن أذكر تاريخه وأتمنى ألا أحتاج لذلك
ويشرفني أن أقول إن وزير الثقافة عصام خليل عندما ذهب إلى إدلب وزار مديرية الثقافة واجتمع بالأدباء والمثقفين سألهم: أين الشاعر محمد خالد الخضر.
أيقنوا أيها المتنوعون أن الوطن بحاجتكم ولن يفيدكم الندم في المستقبل لأن لعنة الوطن قاسية جدا حاولوا أن تتلافوها.