جميلة كاترينا.. عبث اللون وأنوثة الحياة

جميلة كاترينا.. عبث اللون وأنوثة الحياة

ثقافة

الأحد، ٩ أغسطس ٢٠١٥

ريم الحمش
تشكل تجربة الفنانة التشكيلية جميلة معطيات جمالية مدعومة بحنين ملحوظ معطوف على تواضع جميل تمنحها نبضاً أنثوياً يحمل متاعب ومباهج الحياة والقدرة على تنفيذها بجمالية تعبيرية ملموسة على سطح اللوحة الأبيض في ظل نضج فني استطاعت من خلاله أن تنقل أحاسيس الحب والألم والفرح، والحزن في انعكاس تعبيري منجذبة نحو الواقع متخذة من الخيال منحى فنياً تعبيرياً يتواءم مع المفهوم المعاصر،المتحرر من نظم التشكيل وحدود الألوان وتدرجاتها النسبية المنسجمة مع توليفات الحركة المركبة بصرياً كمشهد يحثها على المزج الفني المعاصر نحو الخيال الحالم برومانسية لا حدود لها.
تعتمد كاترينا في أسلوبها الفني على التعبيرية والواقعية التعبيرية، فيبدو موضوع لوحاتها الأساسي هو الإنسان بشكل عام, ولكنها تنتصر للمرأة في سعيها لإثبات وجودها والتعريف بدورها في الحياة، تدخل المتلقي في أجواء تعبيرية وإحساس بصري مختلف, كما أنها رسمت بالزيت والفحم والإكريليك ومواد أخرى، ناهيك عن لوحات رسمتها على الزجاج والقماش والخشب والمرايا والجدران، كما اهتمت برسم الحارة الشامية والمناظر الطبيعية والطبيعة الصامتة والبورتريه والأماكن الأثرية في سورية ترجمت من خلالها تعابير الألوان الحارة والقوية بصياغة تجمع العناصر الفنية مع المفاهيم الملامسة تعبيرياً لتشكيل يحاكي الواقع بتخيلات ذات معانٍ تضج بالحياة، وبرونق لوني ذي علاقات مترابطة مع بعضها من حيث اتجاهات خطوط اللون والميلان مع الحركة الضوئية الانعكاسية، الناتجة عن قوة الألوان وخطوطها.
عن أعمالها تقول: اللوحة بالنسبة لي كائن حي أحاورها وتحاورني إذ إنها تبدأ بخطوط ونقاط لونية غائمة لإيصال دفقة شعورية مغلفة بالمتعة التشكيلية التي يحس بها الفنان في لحظة من لحظات الرؤية فيجسدها وتكون عملاً فنياً مشيرة إلى أن المرأة تمتلك قدرة استثنائية لتحويل المعاناة والآلام إلى أعمال فنية مميزة.
الفنانة التشكيلية جميلة كاترينا حاصلة على إجازة في هندسة الميكانيك، درست الرسم دراسة خاصة في مركز أدهم إسماعيل بدمشق, عضو في اتحاد التشكيليين،
عملت على تصميم الأزياء، شاركت بالعديد من المعارض السنوية الجماعية.
 عالمي...
لوحات التشكيلي كيوان تسائل مفهوم الهوية السورية
صور جواز سفر هو عنوان المعرض الذي تنظّمه حالياً غاليري لاب 44 الباريسية للفنان السوري ربيع كيوان وهو أيضاً العنوان الذي اختاره الفنان لمشروعه التشكيلي الأخير الذي يروي معيش أشخاص في حالة ترحال دائم، ويطرح في معرض هذا السرد أسئلة ثاقبة حول الهوية ومسألة الانتماء إلى فضاء جغرافي محدّد.
عن عمله يقول كيوان: حداثة الفن الذي أمارسه يقودني إلى حالات صريحة من الرغبة في تجاوز الرسم التقليدي، على مستوى طريقة التشييد، في اتجاه رموز تشبهني، رموز تأخذ مكانها غالباً داخل الفراغ الذي أضحى حضوراً واعياً في عملي، وبين الألوان المتباينة، ما يُبرز جماليتها ويعزّزه.
لا يحتاج المتأمّل في أعمال كيوان الحديثة إلى كثير من الوقت لفهم أن ما يتوق الفنان إلى تصويره هو في الحقيقة واقع الحرب الدائرة في بلده، علماً أن المقاربة تسلك طريقاً حميماً.
فكرة هذا المشروع الفريد انبثقت لدى تفحّص الفنان جواز سفره في إحدى المرات وملاحظته أن أختام الجمارك اللبنانية والسورية التي تملأ صفحاته، والحالة المزرية لهذه الصفحات، تشكّل خير شهادة على مسيرة صاحب هذا الجواز الذي يبدو في حالة سفرٍ دائم وهذا ما نراه في لوحات كيوان، أي صفحات من جوازات سفر سورية أو صور شخصية تتجاور على سطح اللوحة الواحدة، وتعلوها أختام دائرية أو مستطيلة، حمراء أو زرقاء، تعزز نظرة الشخص الماثل فيها وتشحن اللوحة بحيوية كبيرة, وفي حال أنعمنا النظر في هذه الوجوه يتبيّن لنا أن معظمها فقد بريق عينيه أو حتى توارى كلياً وحلّت خربشات مكان ملامحه كما لو أن كيوان بذلك يسيّر رسالة مفادها أن التنقلات المستمرة في فضاءات جغرافية مختلفة تؤول حتماً إلى بلبلة الهوية وتلاشي معالمها وما يميّزها.
يسعى كيوان، برصفه وجوهاً مختلفة داخل لوحة واحدة، إلى التأمّل في القيَم الملازمة للهوية.
تتميز أعمال كيوان بأسلوب واقعي تعبره شحنة تعبيرية تذهب أحياناً بالوجوه الماثلة في اللوحات إلى حد التجريد أو التقطيع ومنذ تخرّجه من كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 2008، يشكّل الإنسان في جميع حالاته وتجلياته موضوع كيوان الرئيس، ويشكّل الواقع مصدر وحيه من هنا محاولاته الثابتة للإمساك بهذا الواقع، ضمن معالجة تستحضر جميع مميزاته، واهتمامه بالصراعات الدائرة في بيئة الإنسان الخارجية وأثرها في حياته وعملية تشكّله، مستعيناً في ذلك بشخصيات محلية يجهد في تمثيل واقعها المعقّد.
جميع هذه العناصر تحدّد طريقة تشييد الفنان للوحاته، أشكالاً وألواناً، وتدفعه أحياناً إلى استخدام مواد مرميّة، أو خردة، ضمن توجّه يعزّز من واقعية الموضوعات المقاربة, ومع الوقت، بدأ الحضور البشري يتفكك في عمله لمصلحة مجموعة من الرموز أو أجزاء من جسده، كرأسٍ تحضر في إحدى زوايا اللوحة، أو قامة غير مكتملة، أو لمصلحة أشياء من محيطه أو لها علاقة بحياته، مثل باصٍ قديم خارج الخدمة أو جزء خزّان أو أغلال, حتى الألوان انحسرت لمصلحة الأسود والأبيض أو بعض الألوان البسيطة، أو تلك التي تحملها قصاصات الملصقات التي يوظّفها في بعض لوحاته، وذلك بهدف التعمّق في حالة الصراع المُراد تمثيله والشهادة عليه بواقعية شديدة.