اعرف أكثر عن السبات

اعرف أكثر عن السبات

الأزمنة

الجمعة، ١٠ فبراير ٢٠١٢


السبات هو نقص في حالة اليقظة، عدم إدراك المريض لنفسه أو محيطه وعدم التجاوب معهما. وهو حالة من نقص أو عدم الاستجابة للمنبه الخارجي والمريض خلالها يكون غير يقظ أو لديه صعوبة في اليقظة وذلك حسب درجة السبات.
ولمعرفة أسبابه وأعراضه وكذلك أنواعه وكيفية تشخيصه والوقاية منه، كان على الأزمنة التوجه إلى دائرة البحث العلمي في وزارة الصحة والتحاور مع الدكتور أنس جوهر الاختصاصي في الأمراض العصبية والذي ذكر أسباب السبات بأن البعض منها عصبي والبعض الآخر غير عصبي وهي الآفات الدماغية البنيوية، وقد تكون وحيدة الجانب كالاحتشاء، النزف، خراج دماغ، ورم دماغي. أو تكون ثنائية الجانب كالأمراض التي تصيب الدماغ كالآفات، الاحتشاءات، الأورام، الالتهابات، ارتجاج أو اعتلال أو استسقاء الدماغ، الوذمة الدماغية بمختلف أسبابها. وأمراض المخيخ من احتشاء ونزف وخراج وأورام.
وكذلك الاضطرابات الاستقلابية والغدية مثل اضطرابات سكر وكالسيوم الدم، اضطراب شاردة الصوديوم، داء أديسون، قصور الدرق، نقص الأكسجة، التجفاف، القصور الكلوي.
والاضطرابات الوظيفية المنتشرة في القشر الدماغي من الجرعات الزائدة من بعض الأدوية أو التسمم ببعضها، التسمم بغاز CO، في حال الحالة الصرعية غير الاختلاجية، الشقيقة القاعدية. ومن الأسباب أيضاً عدم الاستجابة لأسباب نفسية.  
وأضاف الدكتور جوهر بأن الأعراض المرافقة لحالة عدم الاستجابة تختلف حسب السبب. ومريض السبات يمكن أن يبدي بعض درجات التجاوب أثناء فحصه حسب درجة السبات التي تقاس وفق معايير غلاسكو حيث تضم فتح العينين، الأداء الكلامي، والاستجابة الحركية. وقد تتراوح الأعراض بين فتح العينين للكلام، للألم، أو تعذر فتحها، وبالنسبة للأداء الكلامي ممكن أن يشهد تخليطاً ذهنياً، كلام غير ملائم، أصوات مبهمة كالأنين أو تعذر الكلام.
 ويمكن أن يُظهر المريض درجات متفاوتة من استجابة الأطراف للحركة، تتراوح بين سحب الطرف استجابة لتنبيه الألم، لعدم استجابة بحركة الأطراف بالتنبيه الألمي. كذلك يمكن أن نشاهد أعراضاً مرافقة للسبات توجه نحو السبب كارتخاء شقي، بدء السبات مع صداع شديد مرافق, ثقل في اللسان أو تشوش في الرؤية، زلة تنفسية وغيرها من الأعراض.
 وعن علامات السبات قال بأنه يمكن مشاهدة عدة علامات توجِّهنا لسبب السبات المحتمل وتكون بفحص المريض، وبفحص تنفسه يمكن مشاهدة عدة أنماط تدلنا لمستوى وسبب الإصابة.
ففي نمط تنفس (شاين ستوكس) يزداد عمق النفس تدريجياً ثم يتناقص لينقطع لفترة محددة قبل أن تبدأ النوبة التالية. يوجه هذا النمط لإصابة قشرية مزدوجة وكذلك للآفات العلوية في جذع الدماغ وقد يكون بسبب اعتلال دماغ استقلابي. وفي نمط فرط التهوية (زيادة عمق النفس وسرعته) يشاهد هذا النمط في الآفات العلوية لجذع الدماغ، وكذلك في الحماض الاستقلابي، الهستريا. أما التنفس غير المنتظم فيشاهد في الأذيات السفلية لجذع الدماغ (القسم السفلي من الجسر وكذلك أذية البصلة). كذلك بفحص الحدقات وحركات العين يمكن أن نشاهد علامات كثيرة توجهنا لسبب ومستوى الآفة.
عند المريض المسبوت يجب تحرّي منعكس عين الدمية لتحري سلامة الأزواج القحفية المحركة للعينين في جذع الدماغ وأليافها وكذلك الحزمة الطولانية الأنسية.
بتأمّل العينين في حال شاهدنا انحرافاً مقوياً للعينين نحو جانب معاً مع خزل شقي عكس جهة انحراف العينين توجهنا لآفة مخربة قشرية. أما انحراف العينين معاً لجهة الخزل يوجه لآفة مخربة على مستوى الجسر. كذلك يجب تحري وجود صلابة نقرة مرافقة توجه لالتهاب سحايا كسبب للسبات.
يمكن البحث عن وجود أذية المريض لنفسه في وحشي اللسان (عضّ على اللسان) وكذلك انفلات مصرات بولية يوجهنا لوجود نوبة اختلاج مرافقة للسبات أو كسبب له.
وعن تشخيصه أجاب بأنه يمكن بعد القصة السريرية والفحص الحكمي والعصبي المتابعة بالاستعانة بالتحاليل المخبرية وكذلك تصوير الأشعة لتأكيد التشخيص للبدء بالعلاج المناسب. حيث إذا توجهنا لآفة عصبية كسبب للسبات يجب طلب CT للدماغ أو MRI للدماغ حسب التوجه السريري.
من التحاليل الدموية التي يمكن أن تساعد في التشخيص تعداد الكريات البيض, سكر الدم، الصوديوم ,الكالسيوم, البولة والكرياتين ,غازات دم شرياني، وظائف الكبد. بزل CSF في حال الشك بإنتان جملة عصبية مركزية. قياس عيار مستوى بعض الأدوية في الدم في حال الشك بانسمام دوائي. ويمكن أن نحتاج لاحقاً لتخطيط دماغ في حال الشك بالحالة الصرعية غير الاختلاجية.
وأضاف أن مدة السبات تختلف حسب السبب ففي حال الأسباب الاستقلابية القابلة للعكس كانخفاض سكر الدم يمكن أن يحدث تحسناً خلال دقائق من تعويض السوائل الوريدية السكرية، ومن الأسباب الأخرى للسبات خاصة الأسباب العصبية المركزية أن يترقّى السبات لدرجات أقل حسب معيار غلاسكو وقد يتحسّن الوعي عند المريض خلال أيام وحتى أسابيع. ويمكن أن تختلف المدة من مريض لآخر حسب درجة معاوضة المريض والتي تتأثر عادةً حسب العمر والأمراض المرافقة السابقة وسرعة البدء بالعلاج.
ففي المريض المسن يمكن أن تنكسر المعاوضة ويدخل المريض بحالة السبات بمجرد حدوث إنتان جهازي أو حالة تجفاف نتيجة صنف المعاوضة خاصة على مستوى الأوعية والجهاز القلبي. كذلك أغلب المرضى المسنين ونتيجة التغيرات المرافقة في العمر سواء التغيرات الطبيعية أو المرافقة للعادات كالتدخين والكحول (كالتقلب العصيدي أو الآفات القلبية) يكونون أكثر عرضة للتعرض للحوادث الوعائية الدماغية أو نقص التروية والاحتشاء القلبي وبالتالي الاختلاطات الناتجة.
وعن الاختلاطات قال: إن السبات التالي للعمل الجراحي كاختلاط غير شائع عادةً، لكن يمكن مشاهدته في بعض الحالات سواءً في العمليات الجراحية العصبية أو العمليات الجراحية الأخرى خارج الجملة العصبية المركزية حيث أن أغلب الاختلاطات التي تؤدي إلى السبات تكون بسبب هبوط الضغط الشرياني وبالتالي نقص التروية الدماغية – فرط التهوية وبالتالي تقبض الأوعية الدماغية – ارتفاع الضغط داخل القحف – اختلاجات حول العمل الجراحي. وهناك اختلاطات حول العمليات الجراحية قد تحدث نتيجة مواد التخدير التي تستخدم في التخدير العام. والاختلاطات بعد العمل الجراحي تكون أشيَع عند الذين لديهم أمراض دماغية سابقة – عند المرضى المتقدمين في السن وعندما يكون العمل الجراحي مختلطاً بهبوط ضغط أو قصور أعضاء. كذلك يجب أن نفكر بتجرثم الدم وقصور الأعضاء، كسبب لعدم الصحو بعد العمل الجراحي.
وبيّن أنواع السبات في قوله بأنه يمكن أن يصنّف السبات حسب السبب إلى أنواع كالسبات بسبب آفة قشرية أو في جذع الدماغ، والسبات بسبب استقلابي، والسبات بسبب سُمي.
وأشار إلى درجة خطورته بأنه كلما طالت مدة السبات كان الإنذار أسوأ حيث يوحي عندها بأذية شديدة كذلك تعتمد الخطورة على السبب وسرعة البدء بالعلاج المناسب وكذلك السرعة في وضع التشخيص المناسب وكذلك يمكن أن يؤثر عمر المريض وسوابقه في خطورة السبات.
وعن علاقة السبات بالإصابة بأحد الأمراض أكّد بأن الاحتشاء الدماغي يعتبر من الأسباب المهمة للسبات في حال أدى إلى أذية التشكل الشبكي المسؤول عن اليقظة والممتد بين الدماغ البيني والجسر وكذلك في حال الاحتشاءات الواسعة ثنائية الجانب أو الاحتشاء الواسع وحيد الجانب مع وذمة محيطة تضغط على مراكز التشكل الشبكي. كذلك التهاب السحايا يمكن أن يؤدي إلى سبات كاختلاط حيث قد تساهم الحالة الالتهابية والسموم في تثبيط التشكل الشبكي وبالتالي اضطراب الوعي عند المريض وخاصة إذا اختلط التهاب السـحايا بالتهاب دماغ مرافق.
وذات الرئة أيضاً يمكن أن تؤدي إلى نقص أكسجة وبالتالي اضطراب الوعي والحالة الإنتانية المرافقة تثبط التشكل الشبكي وتلك هي الآلية أيضاً في بعض الاضطرابات الاستقلابية وكذلك التسمم الدوائي (تثبيط مراكز التشكل الشبكي).
وعن علاقة السبات بحالات التسمم الغذائي أو الكيميائي قال: إنه يمكن أن يسبب التسمم الغذائي وكذلك الكيميائي السبات كاختلاط. حيث أن التسمم الغذائي يمكن أن يؤدي إلى وهط دوراني وبالتالي سبات. وكذلك يمكن نتيجة الإقياءات المرافقة أو الإسهالات خصوصاً عند المسنين أن يؤدي لحالة تجفاف وكسر المعاوضة وبالتالي سبات. التسمّمات الدوائية يمكن أن تختلط بالسبات نتيجة التثبيط القشري. المبيدات الفوسفورية العضوية كذلك قد تسبب السبات نتيجة التثبيط القشري أو اضطرابات النظم القلبية الناتجة عنها.
وأضاف بأن للوراثة دوراً وذلك في بعض الأمراض أو الاضطرابات التي قد تؤدي إلى سبات. كالداء السكري – ارتفاع شحوم الدم – بعض الأمراض المناعية قد تكون ذات تربة وراثية التي تؤدي إلى التهاب أوعية وبالتالي حوادث وعائية دماغية أو اضطرابات دموية وبالتالي نزوف دماغية قد تؤدي لسبات، بعض الأمراض الدموية كالناعور وفقر الدم المنجلي، النوبة الصرعية.
 وعن كيفية تغذية مريض السبات أجاب بأنه يمكن أن يتغذى عن طريق السوائل الوريدية عبر وريد محيطي أو مركزي. أو عن طريق الأنبوب الأنفي المعدي، أو عن طريق تفميم المعدة.
وأشار إلى كيفية الوقاية التي تكون بتجنب عوامل الخطورة التي أدت إلى السبات.سواءً بعكس الحالة الاستقلابية في حال كانت السبب والوقاية من تكرارها، أو بتجنب عوامل الخطورة القلبية الوعائية كسبب للحوادث الدماغية.الضبط لسكر الدم، ايقاف التدخين والكحول, ممارسة الرياضة, غذاء صحي من الخضروات والفواكه مع إحلال الحموض الدسمة غير المشبعة.
والعلاج يكون حسب السبب عادةً إضافة للعلاج العرضي.

  وفاء حيدر